إن أمن الوطن هو فوق كل مصلحة وهدف وغاية، وهو عينه أمن المواطن، والاعتداء على مواطن واحد هو اعتداء على كل الوطن سلطة وشعبا ،حاضرا ومستقبلا ،هذا الأمن الذي لا بد من تحديد مصادر تهديده وتخريبه الدوافع والخلفيات، الأداة والظروف. لا بد من أن نكون جريئين، واضحين ومنطقيين في تحديد مصادر الخطر، إنه لا يوجد أي مسوغ للإجرام من أي جهة كانت ومن أي شخص كان. إن الإجرام في هذا الزمن الصعب، الذي يعد أخطر ما مرت به سورية منذ وجودها، ونحن نشهد ما يجري لا بد أن نكشف المستور ونرفع صوتنا مدافعين عن أمن الوطن ، بيتنا جميعا ، أمنا ومصيرا، أطفالا ونساء ، رجالا وشيوخا. علينا أن نكون صريحين، واضحين وجريئين في المنطق والعقل والسلوك. إن التزلف والنفاق هو أحد عناصر الخطر، بل أحد ينابيع تهديد سلامة الوطن كله. إن الأغلبية الساحقة من المسؤولين في القيادة والحكومة وكذلك الملايين من المواطنين يعرفون مكامن الخطر وعناصره ، أشخاصه وأياديه. علينا أن نشير إلى هؤلاء جميعا أكانوا عناصر مسلحة من الذين لا يملكون أي تصور لأي قضية أو حتى قدرا صغيرا من العقل ، إنهم ذاتهم يتمتعون بميول إجرامية أي أنهم بطبيعتهم مجرمون أخذوا بممارسة هذه الميول من خلال ركوبهم أمواج الاحتجاجات والمظاهرات أو المصادمات التي تجري بين الجماهير المحتجة الغاضبة وبعض قوى الأمن والجيش . هذا من جهة الأولى، أما الجهة الثانية فهي بعض ضباط وعناصر قوى الأمن والجيش وهو ما أصبح واضحا للجميع مهما حاولنا الإنكار أو إغماض الأعين فالناس يعرفون بالأغلبية الكبرى أن هناك الكثير من ذوي الميول الإجرامية وجدوا مكانا لهم داخل أجهزة الأمن وحتى في صفوف القوات المسلحة وجعلوها غطاء لممارسات إجرامية عمدا ومع سبق الإصرار ضد أبرياء، مستغلين كونهم في أجهزة الأمن كحماة للمواطن والوطن ليثخنوا في أعمال القتل وممارسات أخرى شنيعة أصبحت معروفة للكل وإن كانت غير مدونة أو معرّفة مع العلم أن هؤلاء المجرمين الأمنيين معروفون تماما للناس وللأجهزة نفسها . إن الاعتقال العشوائي أو قتل شخص واحد كاف لخروج المئات منضمين للتظاهر مما يفاقم حركة الاحتجاجات وهذا ما يلاحظه الجميع ويعرفه المجرمون أنفسهم. إنه من الخطأ تماما أن نظن أن هؤلاء يخدمون نظام الحكم أو أمن الوطن بل هم الذين يتسببون في تفاقم الأزمة وكبر حجمها عن قصد أو غير قصد، أما إن كان عن قصد، فهم يخدمون أجندة أجنبية خطيرة مرسومة لمفاقمة الأزمة والسير نحم تخريب الوطن وفيهم من يعمل كمرتزقة وهم داخل أجهزة الأمن، خدمة للأعداء،. والنوع الثاني والذي يعمل عن قصد من هؤلاء المجرمين هو الحمقى من ذو الميول الإجرامية الذين استطاعوا التسلل للأجهزة الأمنية والجيش ووجدوا المكان المناسب لممارسات إجرامية حمقاء لا لشيء إلا الإجرام تحت حجة الإجرام وقد اقتنعوا أن الأجهزة التي ينتمون إليها توفر لهم غطاء لإجرامهم واعتقادا منهم أن أحدا لن يحاسبهم لأنهم يجرمون بالقانون، هؤلاء هم أنفسهم الذين أساؤوا للوضع وجعلوه أكثر إثارة وتعقيدا إنهم ضباط وعناصر معروفون لكل الناس ومنهم من وصل في سلمه الوظيفي إلى رتبة لواء! إذا كانت أجهزة الأمن تلاحق المجرمين الذي ركبوا موجة الأحداث وارتكبوا أعمال قتل ونهب وتخريب فإن المجرمين الذين يمارسون إجرامهم من خلال أجهزة الأمن وبعض قطعات الجيش مع أن عددهم ليس كبيرا لا بد للدولة والقيادة من إلقاء القبض عليهم وإحالتهم إلى القضاء العادل لمحاكمتهم بتهمة استغلال عملهم في الأجهزة الأمنية لممارسة الإجرام والإساءة للدولة والشعب وتشويه سمعة هذه الأجهزة. إن إلقاء القبض على هؤلاء المجرمين سيتيح فرصة كبرى للهدوء وتنفس الصعداء بل سيثير ارتياح الجماهير على امتداد الوطن! وسيوفر فرصة لا بد منها لإعادة الثقة على طريق إيجاد حلول مرجوة من الجميع للكارثة التي يجب علينا جميعا العمل على إخمادها وإعادة الأمن والاتفاق على تحقيق ما يرضي كل أبناء الوطن الحبيب ولقطع الطريق على الأعداء الهادفين إلى تدمير سورية كلها. لعل هذا سيكون أول وأهم خطوة على طريق الإصلاح الذي سيرضي الجميع.