هشام عميري شكلت وستشكل الزيارة الملكية التي يقوم بها الملك، لدول القارة السمراء والواقعة في شرق إفريقيا (رواندا،تانزانيا، إتيبويا )، حراكا جديدا للاستثمار المغربي بدول القارة من حيث كل الجوانب، إقتصاديا وثقافيا وسياسيا وإجتماعيا ودينيا... ويتبين هذا التنوع في المجالات من خلال الوفد المرافق للملك، وذلك من أجل الإنفتاح على إفريقيا وجعلها بوابة رئيسية للإستثمار وللمبادلات التجارية، وهذا الإنفتاح نصت عليه مجموعة من الخطابات الملكية والتي دعا فيها الملك إلى ضرورة تماسك الدول الإفريقية والتعاون فيما بينها خاصة من الناحية الأمنية،نظرا لما أصبحت تعيشه بعض دول القارة من إنتشار للجماعات المتطرفة. فهذه الزيارة تحمل مجموعة من رسائل القوية لخصوم الوحدة الترابية بصفة خاصة وللعالم بصفة عامة من حيث نشر دين الوسطية والإعتدال. فرسالة الأولى التي يمكن إستخلاصها من هذه الجولة الملكية، موجهة بالأساس إلى البوليساريو والجزائر، خاصة بعدما أعلن المغرب عن نيته في العودة إلى أحضان الإتحاد الإفريقي، وخير دليل على هذه الصفعة الموجهة إلى الخصوم هو زيارة الملك لإقليم زنبجار التابع لتنزانيا والذي يتمتع بالحكم الذاتي و الذي نهجه المغرب من أجل تسوية ملف الوحدة الترابية ومنحه لسكان الأقاليم الجنوبية للمملكة،هذه الزيارة يمهد من خلالها المغرب طريقه من أجل العودة إلى الإتحاد الإفريقي. في حين تتجلى الرسالة الثانية التي يمكن إقتباسها من هذه الجولة هو نشر الدين الإسلامي بدول القارة الإفريقية، والذي إجتاح مجموعة من الدول من خلال الزيارات المتكررة التي يقوم بها الملك، بحيث سبق وأن قام بتزويد المساجد الموجودة بإفريقيا بالمصاحف المحمدية، كما قام بإعطاء الحجر الأساس لبناء المساجد والتي حملت إسم الملك "محمد السادس" ، وهذه الأليات الإسلامية التي يمارسها الملك بإفريقيا يريد من خلالها أن يوضح للعالم بأن الإسلام هو دين الإعتدال والوسطية وينبذ كل أشكال العنف، كما هي رسالة موجهة إلى الجماعات المتطرفة التي تتغلغل بإفريقيا، بكون أن نشر الدعوة الإسلامية يجب أن يكون بهذه الطريقة وليس بطريقة القتل والذبح والإغتصاب... فمنذ أن بدأ جولته الإفريقية ونحن نرى بأن الملك يرتدي الجلباب التقليدي، الذي يحمل مجموعة من الدلالات ورموز الإسلامية والثقافية في الوقت نفسه، فهذه الأخيرة تجلت لنا خاصة من خلال قيام الملك بحركة غير إعتيادية له وهي "دق الطبول " التي أعطى من خلالها الملك الضوء إلى كل شعوب العالم ،بكون أن الثقافة هي رمز من رموز السلام وهي التي تجمع كل العالم رغم إختلاف دياناتهم... أما من جهة أخرى،وهي أساس هذه الزيارة تتجلى في الإنفتاح الإقتصادي على إفريقيا وفتح مجالات الإستثمار فيها، لأن الدول الإفريقية أصبحت شريكا أساسيا في التنمية الإقتصادية للمغرب. بحيث أن المغرب أصبح يعتمد توجها دبلوماسيا إستراتيجيا،يهدف إلى ترسيخ التضامن وتعاون جنوب جنوب فعال،خاصة مع دول الإفريقية، وهذا ما سبق وأن أوضحه الملك،بحيث أصبح الحضور الدبلوماسي للمغرب حاضر وبشكل كبير في إفريقيا. فبعد كل من السنغال والغابون وساحل العاج، لاحظنا بأن المغرب أصبح يبحث عن موطأ قدم إقتصادي جديد في دول إفريقية آخرى. فمنذ أن تولى العرش والملك كان يشير في خطاباته إلى ضرورة تنمية إفريقيا والتعاون جنوب جنوب بين دولها،وذلك من أجل نسيان مخلفات الإستعمار. فزيارة الملك إلى بلدان شرق إفريقيا هي الأولى من نوعها، وذلك منذ توليه العرش سنة 1999، وتهدف هذه الزيارة إلى تعزيز العلاقات الامنية والاقتصادية مع هذه الدول وتحقيق التنمية فيما بينها،بحيث قام المغرب بتوقيع 19 إتفاقية تعاون مع رواندا، و22 إتفاقية مع تنزانيا، و كل هذه الإتفاقيات هي ذات بعد إقتصادي، وذلك في إطار تعاون جنوب جنوب. وبالتالي،فهذه الزيارة ستكون لها نتيجة جد مهمة ،سواء بالنسبة للمغرب أو بالنسبة للقارة ككل.