د. ناهد زيان وائل إبراهيم الدسوقي في روايته الأولى "إليا" والمنشورة إلكترونيا PDF هو حكاء خرج من عباءة مؤرخ ولتخصصه حضور قوي وتأثير واضح على روايته واحداثها المتدفقة. فيستهل روايته باستشهاد لبنيامين فرانكلين أحد أبطال حرب الاستقلال الأمريكية الذي يرى أن الإسرائيليين خطر على الولاياتالمتحدةالأمريكية لما يجرونه ورائهم من تدهور في المستوى الأخلاقي. يبدأ وائل الدسوقي حكايته من داخل قاعة الفنون بالمتحف الحربي بالقدس بعد أن تحررت وعادت من جديد بثوبها العربي فيصدمنا بذلك الحدث الحلم او الأمنية في البداية الأمر الذي يجعلك لا محالة في حالة ترقب وشغف لترى كيف حدث ذلك أخيرا؟؟ في روايته يسافر بنا المؤلف عبر الزمان والمكان ذهابا وإيابا برشاقة وسلاسة مؤثرة فيعود بطريقة الفلاش باك فيؤصل ويوثق لنا بحسه كمؤرخ سلسلة المؤامرات التي حيكت في الخفاء بهدوء وصمت منذ أواخر القرن التاسع عشر لانتزاع فلسطين واغتصاب قدسها من قبل الصهاينة بدءا من مؤتمر بازل بسويسرا عام 1897 وما قام به هرتزل من جولات مكوكيه هنا وهنا باحثا عن مناصر لمشروعه ومؤيد له. ثم ينتقل بك المؤلف عبر المستقبل في خفة وسرعة ليروي لك قصة التحرير والكرامة كما يسميها على لسان الجد "صلاح الدين" أحد أبطال تلك الملحمة الحلم إلى حفيده فيما يشبه الاسقاط لما يجب أن يكون عليه ميراث الأجداد لأحفادهم من عزة وكرامة حتى تستمر المسيرة ويتواصل بناء الوطن واستشراف المستقبل. يروي لك وائل الدسوقي كيف وقعت فلسطين في أنياب الصهاينة مفرقا لك منذ البداية بين الصهيونية كفكر وسلوك واليهودية كديانة وشعب، وكيف استمرت جراح فلسطين تتسع وتتزايد حتى تحقق الحلم الذي طال انتظاره وذلك من خلال ترسيخ فكرة أن فلسطين لن تعود إلا باتحاد العرب جميعا واصطفافهم ولذا يعمد إلى استخدام مصطلح الجنود العرب في معركة تحرير فلسطين بديلا عن مصطلح الجنود الفلسطينيين. في تلك الراوية تعجب من قدرة الكاتب على وصف الأماكن وتضاريسها ومسمياتها كما لو أنه عاش هناك من قبل. نعم أعمل مخيلته وأطلق لها العنان ولكن المؤكد ان قدرته على وصف المناطق المختلفة ومسمياتها الدقيقة هو أمر يستحق التوقف عنده والاعجاب به دون شك. وربما بل من المؤكد أن تخصصه الأول كمؤرخ وقراءاته الجغرافية قد وظفهما توظيفا ناجحا في هذا الشأن. للمرأة في رواية "إليا" دور وحضور قوي في صورة غير تقليدية من خلال شخصيات "سلمى" و"جهاد" و"سوسن" و"ليئة". كما وأن الوجود العربي ماثل بقوة في الرواية من خلال شخصيات كالرائد طارق وعامر وسوسن وريمون وحسام وغيرهم ومن خلال تأكيده المستمر على أن وحدة الصف العربي في النهاية ووحدة القوات العربية هي الحل وهي في النهاية من أوجدت المخرج وصنعت الحلم. لا تخلو الراية من تشويق وإثارة فيعمد المؤلف إلى ذكر حادثة ما تبدو اعتراضية حتى تفاجئ بعد قليل أنها قد وظفت في مكانها الصحيح وتجد نفسك قد حصلت على إجابات لأسئلة عدة راودتك منذ قليل. ولأن الرواية هي تجربة المؤلف الأولى ولأنه الأديب الخارج من عباءة مؤرخ فإنه بعد لا يزال في طور المحاولة والتجريب فتجده يستخدم تعبيرا بشكل مكرر في نفس العبارة مثل قوله: "وكانت السماء تمطر مطرا خفيفا وهي ملبدة بغيوم ثقيلة تنبئ عن قرب سقوط امطار ثقيلة" ففي رأيي كان عدوله إلى قول أمطار غزيرة أكثر توفيقا وتعبيرا عن قوله أمطار ثقيلة. وأخيرا ينهي المؤلف روايته بعبارة يخاطب فيها قراءه فيقول: "لعلها أعجبتكم وداعبت أحلامكم في وطن حر". أترك لكم الإجابة كل حسب رأيه بعد قراءتها فهي في رأيي تستحق القراءة.