«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فوازير رمضان الفقهية السمجة !! الصيام بين تيسير الإسلام ورذالة الفقهاء ( 2 )
نشر في شباب مصر يوم 04 - 07 - 2015


د. أحمد صبحي منصور
ما زال الحديث موصول حول موضوع فوازير رمضان السمجة الصيام بين تيسير الإسلام ورذالة الفقهاء ونقول الأتي :-
أولا : المشكلة في ( صيام) أو ( صوم ) رمضان تنبع من عاملين :
1 : إنه ارتبط بحياة اجتماعية استمرت قرونا جعلت لشهر رمضان طبيعة خاصة ، تتشكل على أساسها عقليات ( المحمديين ) وتؤثر على من يعايشهم من المسيحيين .وأن المعرفة برمضان والصيام فيه ليست مستمدة من القرآن الكريم بل من أساطير التراث الفقهي وأعاجيبه و ( فوازيره ) . ولذا فإن شهر رمضان هو شهر الفوازير العجيبة من الفتاوى المتكررة والوعظ المعتاد الذي يقول كثيرا ولا يقول جديدا ، ولا ينتج عنه إصلاح في الأخلاق .
2 أذكر أن أول مقال لي عن الصيام في شهر رمضان نشرته جريدة الأخبار المصرية في أوائل التسعينيات ، وكان فئ تدبر الآية الكريمة ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) البقرة )، وُوجه المقال باستغراب لأنني أوضحت حقيقتين ذكرتهما الآية الكريمة : إن الصيام من ملة إبراهيم وكان معروفا الصيام من قبل ، ونزل التشريع في المدينة بالجديد في رُخص الإفطار وفى تقليل مدة الصيام ، ثم أن الصيام وسيلة للتقوى شأن كل العبادات ، وليس غاية في حدّ ذاته . كانوا معتادين على أن يجترّ الشيوخ نفس الكلام المعتاد البعيد عن القرآن الكريم، فلما جاءهم المقال بحقيقتين من القرآن عن رمضان استغربوا ، لأن القرآن قد اتخذوه مهجورا ، ولا يزالون .
3 وجه الاستغراب كان ولا يزال نابعا من عاملين :
3 / 1 : تجاهل المحمديين أن خاتم النبيين محمدا عليه وعليهم السلام كان متبعا لملة إبراهيم ، ومنها الصلاة والصوم والحج والزكاة المالية ، ولذلك فإن منهج القرآن الكريم في التعرض للعبادات المتوارثة ليس بذكر تفصيلاتها المعروفة من كيفية الصلاة ومواقيتها مثلا ،ولكن بالتذكير بالخشوع فيها والمحافظة عليه لتكون وسيلة للتقوى ، ثم إذا جاء تشريع جديد في ملة إبراهيم نزل مفصلا ، كصلاة الخوف والوضوء والاغتسال ، ورُخص الإفطار في رمضان ، وكل ذلك فى إطار التقوى و التيسير والتخفيف ورفع الحرج .
3 / 2 : اعتقادهم الخاطئ أن العبادات هدف في حدّ ذاتها . وبالتالي فطالما تصوم جوعا فلا عليك من حرج مهما فعلت ، وطالما تصلى بحركات قيام وركوع وسجود فلا عليك مهما فجّرت من قنابل وفجرت في سلوكك ، وطالما تتصدق وتبنى المساجد فلا عليك مهما سرقت ونهبت ، وافعل ما تشاء وقم بالحج فسترجع
كما ولدتك أُمُّك .!!. أي بالتناقض مع دين الرحمن ، ففي دين الإسلام التأكيد على أن العبادات كلها مجرد وسائل للتقوى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) البقرة ) أما في الدين الأرضي السني بالذات تكون العبادات هدفا في حدّ ذاتها ، وبالتالي تصبح وسيلة للفسوق والعصيان والظلم والطغيان . فالطاغية في بلاد المحمديين يحرص على تصويره وهو يصلى الجمعة خاشعا وحوله أعوانه حاشية الفساد ، وعندما كنت مُجبرا على التحقيق معي كل حين في مبنى أمن الدولة في لاظوغلي ، كنت أشاهد الذين يقومون بالتعذيب وهم يقفون في صفوف لصلاة للظهر أو العصر ، وأرى سجادة الصلاة في مكتب الضابط الذي يحقق معي .! .والواقع أنّ أكثر المجرمين والإرهابيين هم الأكثر تدينا بالدين السني الذي يتركز في المظهرية السطحية
( النفاق ) والاحتراف الديني . المجرم العادي يعرف أنه مجرم ، وقد يتوب ، أما من يجعل الإجرام دينا وجهادا وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر ، ويعتقد أنه مبعوث العناية الإلهية لإرغام الناس وإكراههم في الدين فمستحيل أن يتوب ، فقد زيّن له الشيطان سوء عمله فرآه حسنا . وقد قالها رب العزة لخاتم المرسلين : (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8) فاطر )
ثانيا : عودة إلى التدبر في تشريعات الصيام في الإسلام
يقول جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (184) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187) البقرة ) . ونلاحظ الآتي :
1 لم يذكر رب العزة بالتفصيل كيفية الصوم
( الامتناع عن الأكل والشرب واللقاء الجنسي ) مكتفيا بأنه مكتوب علينا بمثل ما كان مكتوبا على من كان قبلنا . وجاءت عنه إشارة في سياق التخفيف من وقت الصيام وبالتالي بمعنى الصيام ، إذ كانوا يصومون قبل نزول القرآن بنفس الطريقة من الامتناع عن الطعام والشراب والعلاقة الجنسية بالزوجة ، وكان الصوم يستمر من بعد العشاء إلى غروب الشمس لليوم التالي فنزل التخفيف ، بأن يكون الصوم من الفجر إلى غروب الشمس . وبغروب الشمس يكون الليل والإفطار. في هذا السياق جاءت إباحة الأكل والشرب واللقاء الجنسي ، من غروب الشمس أي غياب قرصها إلى أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر .
وبالتالي فلا حاجة إلى آلاف الفتاوى التراثية في مبطلات الصوم ، فهي ثلاث فقط: اللقاء الجنسي و ( الأكل والشرب ) اللذان يصلان إلى المعدة ،أما ما يصل من هواء إلى الجهاز التنفسي كالتدخين فليس أكلا ولا شربا ، وبالتالي لا يبطل، ومنشور لنا مقالات بهذا .
كما أنه لا أصل على الإطلاق لما يُسمى ب
( الإمساك ) الذي ابتدعه الفقه التراثي بمعنى الإمساك عن الأكل والشرب واللقاء الجنسي قبل الفجر بوقت اختلفوا في تحديده . هذا ( الإمساك ) المزعوم ينفيه رب العزة جل وعلا بقوله ( فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ) . أي إباحة الأكل والشرب حتى يتبين كذا من كذا .!
2 أرجو من القارئ الكريم أن يقوم بنفسه بالتمعن في الآيات الكريمة السابقة من سورة البقرة ( 183 : 187 ) هي خمس آيات فقط
( بإضافة آية الدعاء رقم 186 ) . هذا هو كل تشريع الصيام في رمضان . وأرجو أن يتذكر القارئ الكريم أن هناك عشرات الألوف من الصفحات ومئات الكتب وعشرات الألوف من الفتاوى صدرت ولا تزال عن صيام رمضان . وأرجو من القارئ الكريم أن يٍسأل نفسه : هل أنزل الله جل وعلا تشريع الصيام ناقصا فتكفل الفقهاء ( الأبرار ) بتكميل هذا النقص ؟ أم أنهم في ثرثرتهم وأساطيرهم وخرافاتهم عن صيام رمضان غفلوا عن الحقائق التي جاءت بها الآيات الخمس في سورة البقرة ؟ !.
3 ونرجو من القارئ الكريم أن يتدبر قوله جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لا يَهْدِيهِمْ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104) إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَاذِبُونَ (105) النحل )، هنا التأكيد على أن من يختار لنفسه عدم الإيمان بآيات الله لا يمكن أن يهديه الله ، خصوصا إذا كان يحترف الإضلال ،ومهما بلغ حرصك على هدايته فلن يهديه الله جل وعلا لأن ذلك الشخص ( مُضل ) ففي نفس السورة يقول جل وعلا للنبي عليه السلام نفسه : ( إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (37) النحل ). ثم ينتظرهم عذاب أليم . هذا مضمون قوله جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لا يَهْدِيهِمْ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104)) . هؤلاء الذين لا يؤمنون حقيقة بآيات الله يلجأون لاستبدالها بافتراءات يصنعونها ينسبونها لله جل وعلا بزعم أنها وحى ، وأحاديث قدسية وللرسول بزعم أنها سُنة وأحاديث نبوية ، ثم يلتفتون إلى تشريع الرحمن في القرآن فيطلقون عليه ما أسموه ب ( النسخ ) الذي يعنى عندهم إلغاء الآية القرآنية بآية قرآنية أخرى . يرتكبون هذا الجرم لأنهم في الحقيقة لا يؤمنون بكتاب الله وما أنزل فيه من آيات. هذا فحوى قوله جل وعلا عنهم : ( إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَاذِبُونَ (105) النحل ). هنا إعجاز و( آية ) تنطبق على أئمة الأديان الأرضية ، خصوصا السنيين ،السابقين منهم واللاحقين ، ومن اتبعهم في الضلال إلى يوم الدين .!! لم يعجبهم تشريع رب العزة في القرآن فيما يخصُّ الصيام فافتروا تشريعا آخر نسبوه للنبي عليه السلام ، وجعلوه دينا بلا قاع وبلا قعر ، يأتي فقيه فيزيد ما يريد ، كما فعل ابن باز وابن عثيمين في فتاوى سمجة يضحك منها الحزين .
ثالثا : نماذج من الفوازير السمجة لأراذل الفقهاء
1 حرموا صيام الحائض وصلاتها وقراءتها للقرآن واختلفوا في صحة طوافها . وقد رددنا على ذلك كله بأن آية المحيض تمنع فقط اللقاء الجنسي وقت الحيض
( البقرة 221 : 222 ). وأنه لو كانت المرأة محرم صومها فى وقت الحيض فكيف يفترض رب العزة صيام شهرين متتابعين على من يقتل مؤمنا خطأ :
( النساء 92 )، فلو افترضنا أن امرأة قتلت مؤمنا خطأ فكيف تصوم شهرين متتابعين إذا كان ممنوعا صيامها في الحيض ، ولا بد أن تحيض خلال الشهرين ؟
2 وشرعوا عقوبات لمن يفطر باللقاء الجنسي رجلا كان أم امرأة هي عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا . والفزورة المضحكة هنا : كيف تصوم المرأة شهرين متتابعين وهى عندهم محرم صومها في الحيض ؟ ثم نفترض أن شخصا أفطر بالجماع الجنسي كل أيام رمضان ، هل يصوم ستين شهرا في العام ؟ ولنفترض أنه ظل يفطر بهذه الطريقة فكيف يصوم ؟ نتكلم عن فقير لا يستطيع إطعام ستين مسكينا على قول الفزورة .!
3 وقالوا بالاستتابة في الصوم أسوة بما قالوه في بقية العبادات ، يعنى أن تصوم عن أبيك أو أمك ، أو أن تحج عنهما . وهذه فزورة مضحكة ينفيها قوله جل وعلا فى الصوم (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) وفى الحج (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ ) الحج ) .
( شهد ) هنا يعنى حضر بنفسه وكان موجودا بنفسه ، وليس غيره . سماجة هذه الفزورة في الصوم عن الغير في أن العبادات هي لتزكية الشخص نفسه ولتدعيم التقوى في قلبه هو ، وبالتالي فمن اهتدى فلنفسه وليس لغيره ، ولا تزر وازرة وزر أخرى ( الإسراء 15 ، الأنعام 164 فاطر 18 ، النجم 38 ) ، ومن وقع في إثم فإنما يكسبه على نفسه ( النساء 111) أي من يصوم عن الغير إذا وقع في معصية وقت صيامه فمن يتحملها هو أم الغائب ؟ . في هذه الفزورة السمجة وضعوا حديثا يقول : (من مات وعليه صوم صام عنه وليه)، وإفتروا أن امرأة قالت يا رسول: إن أمي ماتت وعليها صوم رمضان، أفصوم عنها؟ قال: (صومي عن أمك).
4 وقلنا إن المقطرات للصوم في الإسلام هي ثلاث فقط ( الجماع الجنسي والأكل والشرب ) . هذا التشريع القرآني لم يُعجب شياطين الإنس فأضافوا له مبطلات أخرى في الماضي ، وجاء شياطين الإنس في عصرنا فأضافوا مقطرات أخرى . بعضهم مثلا يُفتى ( بالتاء لا بالسين ) بأن مبطلات الصيام هي : الحُقن والبخور والدخان وتعمد القيء والنفاس . ويلاحظ الآتي : إضافة الحقن والتدخين في تشريع جديد لم يكن معروفا في عصور أئمة السنة من مالك إلى ابن تيمية ،وإن تشريع هذه المبطلات مُختلف فيه بينهم وقد تبارزوا بالأحاديث كل منهم يخترع حديثا يؤيد وجهة نظره . ففي القيء كمبطل للصوم ، ترى أحاديث تؤيده مثل حديث نسبوه لأبى هريرة : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ((مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ ، وَمَنِ اسْتَقَاءَ عَمْدًا
فَلْيَقْضِ ))ويعارضه حديث آخر نسبوه لأبى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ – أنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ((ثَلاَثٌ لاَ يُفْطِرْنَ الصَّائِمَ الْحِجَامَةُ ، وَالْقَيْءُ ، وَالاِحْتِلاَمُ ). هنا ترى فوازير سمجة لزجة كالقيء ، جعلوها أحاديث نبوية في دينهم الأرضي ، افتراءا على خاتم المرسلين عليه وعليهم السلام .
أخيرا :
بعد نماذج من فوازير فقه النكد السني نحتاج إلى تلطيف الجو بذكر نادرتين :
1 في الثانوي الأزهري كان مقررا علينا في الفقه الشافعي كتاب ( الإقناع في حل ألفاظ أبى شجاع ) ولا يزال مقررا . وكانت حصة الفقه هي المجال الذي أشاغب فيه مدرس الفقه ، وفى باب الصيام وقف المدرس يقرأ من الكتاب المذكور أن من جامع قبيل الفجر فسمع أذان الفجر فنزع ( أي نزع عضوه الذكرى ) فصيامه صحيح ، حتى لو أنزل بعدها لأنه أنزل عن مباشرة ( جنسية ) . رفعت يدي أسأل ، وقلت : أنا لا أوافق على هذا لأنه كلام غير واقعي ، كيف له وهو مستمتع بالجنس أن يسمع الأذان ، المفروض أن يسمع الأقرب إليه وهو ما تقوله الزوجة ، ثم لو افترضنا أنه سمع فهل يستطيع أن ينزع ؟ وهل لو أراد أن ينزع هل ستسمح له الزوجة ؟ كان هذا تهريجا من طالب أزهري مراهق .
2 في نفس الكتاب ( الإقناع ) كانت هذه ( الصورة) الفقهية الخيالية تقززنى : ( من زنا بأُمّه في جوف الكعبة في نهار رمضان : ما عليه من الإثم ؟ ) . هذا الفقيه المنتمى للعصر العثماني مؤلف كتاب ( الإقناع ) مريض نفسي . وكتابه لا يزال مقررا ومفروضا على الثانوي الأزهري بفضل شياطين الإنس .
3 في أوائل التسعينيات تقريبا عام 1991 نشرت جريدة الأهرام بداية سلسلة من المقالات للمفتى وقتها ، وقد كان كالعادة جهولا . ونشر في مبطلات الصوم مقالا نقله من تراث الفقه البذيء ، ولأنه جهول كالعادة فقد ذكر في مقاله أن
( أُصبع الصديق إذا دخل في دبر صديقه
فلا يفطر ) . كان هناك اختلاف فقهي هائل في قضية خطيرة هي دخول الأصبع في الدبر، هل يفطر أم لا ، اختلف كالعادة فيها العلماء ، وكان الرأي الأرجح أن أصبع الصديق فقط إذا دخلت في دبر صديقه لا تفطر .! . المفتى الجهول كالعادة ذكر هذا الرأي الراجح يحسب أنه يحسن صنعا ، وأحدث مقاله فضيحة مدوية ، ترتب عليها أن منعت ( الأهرام ) نشر المزيد من مقالات المفتى الجهول كالعادة .! . انتهز الفرصة الصديق الراحل الدكتور فرج فودة فكتب في جريدة ( الأحرار ) مقالا ساحرا ساخرا يتهكم فيه بهذه الفتوى ، واذكر أنه جعل عنوانه بيتا شعريا يقول : أنا كنت واقف على الكوبري ... حسّيت بأصبع في دبري .. صيامي راح .!!
إياكم والوقوف على الكوبري ..!!
وللحديث بقية
-------------------------
بقلم الدكتور/ أحمد صبحي منصور
من علماء الأزهر الشريف سابقا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.