جداول امتحانات صفوف النقل لمدارس التعليم الفني الزراعي التيرم الثاني بالفيوم    "كنترول إس"، مشروع تخرج لطلاب إعلام حلوان يستهدف الحفاظ على الممتلكات العامة    أبرزها الزيوت والألبان.. التموين: انخفاض كبير في الأسعار الفترة المقبلة    بعد تراجع الحديد أمس.. تعرف على أسعار الحديد اليوم الخميس بالأسواق (موقع رسمي)    وزير المالية: نعمل وفقًا استراتيجية لإدارة الدين والنزول بمعدلاته لأقل من 80٪ في 2027    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وتسليم الوحدات السكنية بمبادرة «سكن لكل المصريين»    هيئة البث الإسرائيلية: اجتياح رفح سيتم على مرحلتين تبدأ بإصدار بيانات لإجلاء السكان وإنشاء أماكن نزوح    عالم هولندي يثير الرعب مجددا، تحذير من زلزال مدمر خلال أيام    الجيش السوداني عن احتجاز مصر سفينة متجهة للسودان: معلومات مضللة    موسيماني السبب.. سفيان رحيمي يكشف سر تعثر انتقاله للأهلي    ليفربول يواجه أتالانتا في الدوري الأوروبي    عاجل...غياب حسين الشحات بدء محاكمة لاعب الأهلي في قضية التعدي على الشيبي    استعدادا لامتحانات الثانوية العامة 2024.. 14 إجراء عاجل من التعليم    ضبط 100 طن سكر ودقيق بلدي مدعم قبل بيعها بالسوق السوداء بالمنوفية    3 مصابين في حريق مخبز بقنا    بعد 5 أيام من البحث.. انتشال جثمان غريق الساحل الشمالي بعد ظهوره على سطح المياه    النشرة المرورية.. خريطة الكثافات والطرق البديلة بالقاهرة والجيزة    عضها حصان.. إصابة سائحة سورية في الأهرامات    وزير التعليم العالي يبحث تعزيز التعاون مع منظمة "الألكسو"    ردد الآن.. دعاء للمريض بالشفاء داخل غرفة العمليات    احذروا الذباب الصحراوي، ضيف ثقيل على مصر يسبب لدغات مؤلمة وحكة شديدة    "ريمونتادا" ومفاجآت فى ربع نهائى دورى أبطال أوروبا    كواليس جلسة محاكمة حسين الشحات بتهمة التعدي على لاعب بيراميدز    عاجل.. شوبير يفجر مفاجأة مدوية بشأن فشل انتقال سفيان رحيمي ل الأهلي    إبراهيم صلاح: الزمالك لا يحتاج ل لاعب في مركز 6 بعد تواجد شحاتة ودونجا    مفاجأة أسعار الحديد والأسمنت اليوم 18 أبريل.. عز عامل عمايله    الرعاية الصحية: 10 مستشفيات جديدة ومجمع الفيروز الطبي يدخلون الخدمة 30 يونيو المقبل    8 علامات قد تشير إلى تدهور البصر    هولندا تعرض على الاتحاد الأوروبي شراء "باتريوت" لمنحها إلى أوكرانيا    مجموعة السبع: الإفراط فى تداول العملات الأجنبية له آثار سلبية على الاقتصاد العالمى    بعد ثوران بركان روانج.. إندونيسيا تصدر تحذيرا من تسونامي    فيلم «عالماشي» يحقق إيرادات ضعيفة في شباك التذاكر.. كم بلغت؟    مستشارة وزيرة الثقافة: مصر لديها بصمة تراثية تختلف عن الآخرين.. فيديو    جامعة أسيوط تشارك في مسابقة دولية للبرمجة.. منافسة مع طلاب 111 دولة    بالتواريخ| عدد إجازات الموظفين في عيد العمال وشم النسيم    مجلس النواب يكشف عن مواعيد عقد الجلسات العامة    وزير النقل يشهد توقيع مذكرة تفاهم بشأن بناء وتطوير البنية الفوقية لميناء برنيس البحري    «الرقابة الصحية»: وضع ضوابط ومعايير وطنية لتدعيم أخلاقيات البحوث الطبية    وزير الري: تحديد مواقع ورسم خرائط مآخذ المياه ومراجعة منحنيات التصرفات    ‫وزارة الزراعة تطلق 10 منافذ متحركة لبيع كرتونة بيض المائدة ب140 جنيها    علي جمعة: الرحمة حقيقة الدين ووصف الله بها سيدنا محمد    قصف إسرائيلي شمالي مخيم النصيرات وسط غزة    «كن فرحًا».. مؤتمر لدعم وتأهيل ذوي الهمم بالأقصر    السفارة الأمريكية تنظم فعاليات لدعم التدفق السياحي إلى الأقصر    مهيب عبد الهادي يكشف مفاجأة صادمة عن كولر    «صحة مطروح» تطلق قافلة طبية مجانية لقرية سيدى شبيب الأسبوع المقبل    طارق الشناوي: «العوضي نجح بدون ياسمين.. وعليه الخروج من البطل الشعبي»    منة عدلي القيعي: بجمع أفكار الأغاني من كلام الناس    أحمد عبد الله محمود يكشف كواليس تعاونه مع أحمد العوضي ومصطفى شعبان    وزارة الطيران المدني توضح حقيقة انتظار إحدى الطائرات لمدة 6 ساعات    مدير أعمال شيرين سيف النصر: كانت عايزة تشارك في عمل ل محمد سامي ( فيديو)    ما حكم نسيان إخراج زكاة الفطر؟.. دار الإفتاء توضح    شاب يتحول من الإدمان لحفظ القرآن الكريم.. تفاصيل    دعاء الرياح والعواصف.. «اللهم إني أسألك خيرها وخير مافيها»    الصين قادمة    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الخميس 18/4/2024 على الصعيد المهني والعاطفي والصحي    إبراهيم نور الدين: كنت أخشى من رحيل لجنة الحكام حال إخفاقي في مباراة القمة (فيديو)    الجزائر تقدم مساهمة استثنائية ب15 مليون دولار للأونروا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فوازير رمضان الفقهية السمجة !! الصيام بين تيسير الإسلام ورذالة الفقهاء ( 2 )
نشر في شباب مصر يوم 04 - 07 - 2015


د. أحمد صبحي منصور
ما زال الحديث موصول حول موضوع فوازير رمضان السمجة الصيام بين تيسير الإسلام ورذالة الفقهاء ونقول الأتي :-
أولا : المشكلة في ( صيام) أو ( صوم ) رمضان تنبع من عاملين :
1 : إنه ارتبط بحياة اجتماعية استمرت قرونا جعلت لشهر رمضان طبيعة خاصة ، تتشكل على أساسها عقليات ( المحمديين ) وتؤثر على من يعايشهم من المسيحيين .وأن المعرفة برمضان والصيام فيه ليست مستمدة من القرآن الكريم بل من أساطير التراث الفقهي وأعاجيبه و ( فوازيره ) . ولذا فإن شهر رمضان هو شهر الفوازير العجيبة من الفتاوى المتكررة والوعظ المعتاد الذي يقول كثيرا ولا يقول جديدا ، ولا ينتج عنه إصلاح في الأخلاق .
2 أذكر أن أول مقال لي عن الصيام في شهر رمضان نشرته جريدة الأخبار المصرية في أوائل التسعينيات ، وكان فئ تدبر الآية الكريمة ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) البقرة )، وُوجه المقال باستغراب لأنني أوضحت حقيقتين ذكرتهما الآية الكريمة : إن الصيام من ملة إبراهيم وكان معروفا الصيام من قبل ، ونزل التشريع في المدينة بالجديد في رُخص الإفطار وفى تقليل مدة الصيام ، ثم أن الصيام وسيلة للتقوى شأن كل العبادات ، وليس غاية في حدّ ذاته . كانوا معتادين على أن يجترّ الشيوخ نفس الكلام المعتاد البعيد عن القرآن الكريم، فلما جاءهم المقال بحقيقتين من القرآن عن رمضان استغربوا ، لأن القرآن قد اتخذوه مهجورا ، ولا يزالون .
3 وجه الاستغراب كان ولا يزال نابعا من عاملين :
3 / 1 : تجاهل المحمديين أن خاتم النبيين محمدا عليه وعليهم السلام كان متبعا لملة إبراهيم ، ومنها الصلاة والصوم والحج والزكاة المالية ، ولذلك فإن منهج القرآن الكريم في التعرض للعبادات المتوارثة ليس بذكر تفصيلاتها المعروفة من كيفية الصلاة ومواقيتها مثلا ،ولكن بالتذكير بالخشوع فيها والمحافظة عليه لتكون وسيلة للتقوى ، ثم إذا جاء تشريع جديد في ملة إبراهيم نزل مفصلا ، كصلاة الخوف والوضوء والاغتسال ، ورُخص الإفطار في رمضان ، وكل ذلك فى إطار التقوى و التيسير والتخفيف ورفع الحرج .
3 / 2 : اعتقادهم الخاطئ أن العبادات هدف في حدّ ذاتها . وبالتالي فطالما تصوم جوعا فلا عليك من حرج مهما فعلت ، وطالما تصلى بحركات قيام وركوع وسجود فلا عليك مهما فجّرت من قنابل وفجرت في سلوكك ، وطالما تتصدق وتبنى المساجد فلا عليك مهما سرقت ونهبت ، وافعل ما تشاء وقم بالحج فسترجع
كما ولدتك أُمُّك .!!. أي بالتناقض مع دين الرحمن ، ففي دين الإسلام التأكيد على أن العبادات كلها مجرد وسائل للتقوى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) البقرة ) أما في الدين الأرضي السني بالذات تكون العبادات هدفا في حدّ ذاتها ، وبالتالي تصبح وسيلة للفسوق والعصيان والظلم والطغيان . فالطاغية في بلاد المحمديين يحرص على تصويره وهو يصلى الجمعة خاشعا وحوله أعوانه حاشية الفساد ، وعندما كنت مُجبرا على التحقيق معي كل حين في مبنى أمن الدولة في لاظوغلي ، كنت أشاهد الذين يقومون بالتعذيب وهم يقفون في صفوف لصلاة للظهر أو العصر ، وأرى سجادة الصلاة في مكتب الضابط الذي يحقق معي .! .والواقع أنّ أكثر المجرمين والإرهابيين هم الأكثر تدينا بالدين السني الذي يتركز في المظهرية السطحية
( النفاق ) والاحتراف الديني . المجرم العادي يعرف أنه مجرم ، وقد يتوب ، أما من يجعل الإجرام دينا وجهادا وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر ، ويعتقد أنه مبعوث العناية الإلهية لإرغام الناس وإكراههم في الدين فمستحيل أن يتوب ، فقد زيّن له الشيطان سوء عمله فرآه حسنا . وقد قالها رب العزة لخاتم المرسلين : (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8) فاطر )
ثانيا : عودة إلى التدبر في تشريعات الصيام في الإسلام
يقول جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (184) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187) البقرة ) . ونلاحظ الآتي :
1 لم يذكر رب العزة بالتفصيل كيفية الصوم
( الامتناع عن الأكل والشرب واللقاء الجنسي ) مكتفيا بأنه مكتوب علينا بمثل ما كان مكتوبا على من كان قبلنا . وجاءت عنه إشارة في سياق التخفيف من وقت الصيام وبالتالي بمعنى الصيام ، إذ كانوا يصومون قبل نزول القرآن بنفس الطريقة من الامتناع عن الطعام والشراب والعلاقة الجنسية بالزوجة ، وكان الصوم يستمر من بعد العشاء إلى غروب الشمس لليوم التالي فنزل التخفيف ، بأن يكون الصوم من الفجر إلى غروب الشمس . وبغروب الشمس يكون الليل والإفطار. في هذا السياق جاءت إباحة الأكل والشرب واللقاء الجنسي ، من غروب الشمس أي غياب قرصها إلى أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر .
وبالتالي فلا حاجة إلى آلاف الفتاوى التراثية في مبطلات الصوم ، فهي ثلاث فقط: اللقاء الجنسي و ( الأكل والشرب ) اللذان يصلان إلى المعدة ،أما ما يصل من هواء إلى الجهاز التنفسي كالتدخين فليس أكلا ولا شربا ، وبالتالي لا يبطل، ومنشور لنا مقالات بهذا .
كما أنه لا أصل على الإطلاق لما يُسمى ب
( الإمساك ) الذي ابتدعه الفقه التراثي بمعنى الإمساك عن الأكل والشرب واللقاء الجنسي قبل الفجر بوقت اختلفوا في تحديده . هذا ( الإمساك ) المزعوم ينفيه رب العزة جل وعلا بقوله ( فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ) . أي إباحة الأكل والشرب حتى يتبين كذا من كذا .!
2 أرجو من القارئ الكريم أن يقوم بنفسه بالتمعن في الآيات الكريمة السابقة من سورة البقرة ( 183 : 187 ) هي خمس آيات فقط
( بإضافة آية الدعاء رقم 186 ) . هذا هو كل تشريع الصيام في رمضان . وأرجو أن يتذكر القارئ الكريم أن هناك عشرات الألوف من الصفحات ومئات الكتب وعشرات الألوف من الفتاوى صدرت ولا تزال عن صيام رمضان . وأرجو من القارئ الكريم أن يٍسأل نفسه : هل أنزل الله جل وعلا تشريع الصيام ناقصا فتكفل الفقهاء ( الأبرار ) بتكميل هذا النقص ؟ أم أنهم في ثرثرتهم وأساطيرهم وخرافاتهم عن صيام رمضان غفلوا عن الحقائق التي جاءت بها الآيات الخمس في سورة البقرة ؟ !.
3 ونرجو من القارئ الكريم أن يتدبر قوله جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لا يَهْدِيهِمْ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104) إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَاذِبُونَ (105) النحل )، هنا التأكيد على أن من يختار لنفسه عدم الإيمان بآيات الله لا يمكن أن يهديه الله ، خصوصا إذا كان يحترف الإضلال ،ومهما بلغ حرصك على هدايته فلن يهديه الله جل وعلا لأن ذلك الشخص ( مُضل ) ففي نفس السورة يقول جل وعلا للنبي عليه السلام نفسه : ( إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (37) النحل ). ثم ينتظرهم عذاب أليم . هذا مضمون قوله جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لا يَهْدِيهِمْ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104)) . هؤلاء الذين لا يؤمنون حقيقة بآيات الله يلجأون لاستبدالها بافتراءات يصنعونها ينسبونها لله جل وعلا بزعم أنها وحى ، وأحاديث قدسية وللرسول بزعم أنها سُنة وأحاديث نبوية ، ثم يلتفتون إلى تشريع الرحمن في القرآن فيطلقون عليه ما أسموه ب ( النسخ ) الذي يعنى عندهم إلغاء الآية القرآنية بآية قرآنية أخرى . يرتكبون هذا الجرم لأنهم في الحقيقة لا يؤمنون بكتاب الله وما أنزل فيه من آيات. هذا فحوى قوله جل وعلا عنهم : ( إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَاذِبُونَ (105) النحل ). هنا إعجاز و( آية ) تنطبق على أئمة الأديان الأرضية ، خصوصا السنيين ،السابقين منهم واللاحقين ، ومن اتبعهم في الضلال إلى يوم الدين .!! لم يعجبهم تشريع رب العزة في القرآن فيما يخصُّ الصيام فافتروا تشريعا آخر نسبوه للنبي عليه السلام ، وجعلوه دينا بلا قاع وبلا قعر ، يأتي فقيه فيزيد ما يريد ، كما فعل ابن باز وابن عثيمين في فتاوى سمجة يضحك منها الحزين .
ثالثا : نماذج من الفوازير السمجة لأراذل الفقهاء
1 حرموا صيام الحائض وصلاتها وقراءتها للقرآن واختلفوا في صحة طوافها . وقد رددنا على ذلك كله بأن آية المحيض تمنع فقط اللقاء الجنسي وقت الحيض
( البقرة 221 : 222 ). وأنه لو كانت المرأة محرم صومها فى وقت الحيض فكيف يفترض رب العزة صيام شهرين متتابعين على من يقتل مؤمنا خطأ :
( النساء 92 )، فلو افترضنا أن امرأة قتلت مؤمنا خطأ فكيف تصوم شهرين متتابعين إذا كان ممنوعا صيامها في الحيض ، ولا بد أن تحيض خلال الشهرين ؟
2 وشرعوا عقوبات لمن يفطر باللقاء الجنسي رجلا كان أم امرأة هي عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا . والفزورة المضحكة هنا : كيف تصوم المرأة شهرين متتابعين وهى عندهم محرم صومها في الحيض ؟ ثم نفترض أن شخصا أفطر بالجماع الجنسي كل أيام رمضان ، هل يصوم ستين شهرا في العام ؟ ولنفترض أنه ظل يفطر بهذه الطريقة فكيف يصوم ؟ نتكلم عن فقير لا يستطيع إطعام ستين مسكينا على قول الفزورة .!
3 وقالوا بالاستتابة في الصوم أسوة بما قالوه في بقية العبادات ، يعنى أن تصوم عن أبيك أو أمك ، أو أن تحج عنهما . وهذه فزورة مضحكة ينفيها قوله جل وعلا فى الصوم (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) وفى الحج (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ ) الحج ) .
( شهد ) هنا يعنى حضر بنفسه وكان موجودا بنفسه ، وليس غيره . سماجة هذه الفزورة في الصوم عن الغير في أن العبادات هي لتزكية الشخص نفسه ولتدعيم التقوى في قلبه هو ، وبالتالي فمن اهتدى فلنفسه وليس لغيره ، ولا تزر وازرة وزر أخرى ( الإسراء 15 ، الأنعام 164 فاطر 18 ، النجم 38 ) ، ومن وقع في إثم فإنما يكسبه على نفسه ( النساء 111) أي من يصوم عن الغير إذا وقع في معصية وقت صيامه فمن يتحملها هو أم الغائب ؟ . في هذه الفزورة السمجة وضعوا حديثا يقول : (من مات وعليه صوم صام عنه وليه)، وإفتروا أن امرأة قالت يا رسول: إن أمي ماتت وعليها صوم رمضان، أفصوم عنها؟ قال: (صومي عن أمك).
4 وقلنا إن المقطرات للصوم في الإسلام هي ثلاث فقط ( الجماع الجنسي والأكل والشرب ) . هذا التشريع القرآني لم يُعجب شياطين الإنس فأضافوا له مبطلات أخرى في الماضي ، وجاء شياطين الإنس في عصرنا فأضافوا مقطرات أخرى . بعضهم مثلا يُفتى ( بالتاء لا بالسين ) بأن مبطلات الصيام هي : الحُقن والبخور والدخان وتعمد القيء والنفاس . ويلاحظ الآتي : إضافة الحقن والتدخين في تشريع جديد لم يكن معروفا في عصور أئمة السنة من مالك إلى ابن تيمية ،وإن تشريع هذه المبطلات مُختلف فيه بينهم وقد تبارزوا بالأحاديث كل منهم يخترع حديثا يؤيد وجهة نظره . ففي القيء كمبطل للصوم ، ترى أحاديث تؤيده مثل حديث نسبوه لأبى هريرة : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ((مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ ، وَمَنِ اسْتَقَاءَ عَمْدًا
فَلْيَقْضِ ))ويعارضه حديث آخر نسبوه لأبى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ – أنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ((ثَلاَثٌ لاَ يُفْطِرْنَ الصَّائِمَ الْحِجَامَةُ ، وَالْقَيْءُ ، وَالاِحْتِلاَمُ ). هنا ترى فوازير سمجة لزجة كالقيء ، جعلوها أحاديث نبوية في دينهم الأرضي ، افتراءا على خاتم المرسلين عليه وعليهم السلام .
أخيرا :
بعد نماذج من فوازير فقه النكد السني نحتاج إلى تلطيف الجو بذكر نادرتين :
1 في الثانوي الأزهري كان مقررا علينا في الفقه الشافعي كتاب ( الإقناع في حل ألفاظ أبى شجاع ) ولا يزال مقررا . وكانت حصة الفقه هي المجال الذي أشاغب فيه مدرس الفقه ، وفى باب الصيام وقف المدرس يقرأ من الكتاب المذكور أن من جامع قبيل الفجر فسمع أذان الفجر فنزع ( أي نزع عضوه الذكرى ) فصيامه صحيح ، حتى لو أنزل بعدها لأنه أنزل عن مباشرة ( جنسية ) . رفعت يدي أسأل ، وقلت : أنا لا أوافق على هذا لأنه كلام غير واقعي ، كيف له وهو مستمتع بالجنس أن يسمع الأذان ، المفروض أن يسمع الأقرب إليه وهو ما تقوله الزوجة ، ثم لو افترضنا أنه سمع فهل يستطيع أن ينزع ؟ وهل لو أراد أن ينزع هل ستسمح له الزوجة ؟ كان هذا تهريجا من طالب أزهري مراهق .
2 في نفس الكتاب ( الإقناع ) كانت هذه ( الصورة) الفقهية الخيالية تقززنى : ( من زنا بأُمّه في جوف الكعبة في نهار رمضان : ما عليه من الإثم ؟ ) . هذا الفقيه المنتمى للعصر العثماني مؤلف كتاب ( الإقناع ) مريض نفسي . وكتابه لا يزال مقررا ومفروضا على الثانوي الأزهري بفضل شياطين الإنس .
3 في أوائل التسعينيات تقريبا عام 1991 نشرت جريدة الأهرام بداية سلسلة من المقالات للمفتى وقتها ، وقد كان كالعادة جهولا . ونشر في مبطلات الصوم مقالا نقله من تراث الفقه البذيء ، ولأنه جهول كالعادة فقد ذكر في مقاله أن
( أُصبع الصديق إذا دخل في دبر صديقه
فلا يفطر ) . كان هناك اختلاف فقهي هائل في قضية خطيرة هي دخول الأصبع في الدبر، هل يفطر أم لا ، اختلف كالعادة فيها العلماء ، وكان الرأي الأرجح أن أصبع الصديق فقط إذا دخلت في دبر صديقه لا تفطر .! . المفتى الجهول كالعادة ذكر هذا الرأي الراجح يحسب أنه يحسن صنعا ، وأحدث مقاله فضيحة مدوية ، ترتب عليها أن منعت ( الأهرام ) نشر المزيد من مقالات المفتى الجهول كالعادة .! . انتهز الفرصة الصديق الراحل الدكتور فرج فودة فكتب في جريدة ( الأحرار ) مقالا ساحرا ساخرا يتهكم فيه بهذه الفتوى ، واذكر أنه جعل عنوانه بيتا شعريا يقول : أنا كنت واقف على الكوبري ... حسّيت بأصبع في دبري .. صيامي راح .!!
إياكم والوقوف على الكوبري ..!!
وللحديث بقية
-------------------------
بقلم الدكتور/ أحمد صبحي منصور
من علماء الأزهر الشريف سابقا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.