عبد الهادي القصبي: ملف حقوق الإنسان يحظى باهتمام بالغ يتجسد في الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان    بدء مؤتمر الهيئة الوطنية للانتخابات لإعلان نتائج جولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات النواب    بدء امتحانات الفصل الدراسي الأول بجامعة بنى سويف    جامعة بني سويف ضمن أفضل 100 جامعة في التصنيف العربي لعام 2025    استقرار سعر الدولار اليوم الخميس 25/12/2025 أمام الجنيه المصرى عند 47.54 للشراء    بحضور علي جمعة ونبيلة مكرم، "الصديقية" و"أورثوميدكس" تطلقان مبادرة شاملة لتمكين "ذوي الهمم"    وزير التعليم العالي يشهد توقيع اتفاق ثلاثي مع الخارجية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي    وزير التموين: تطوير مكاتب السجل التجاري أولوية لتحسين جودة الخدمات ودعم مناخ الاستثمار    وزير الخارجية يكشف موقف مصر من مطالب بعض الدول بحقوق المثليين    الهلال الأحمر المصري يدفع ب5900 طن مساعدات إنسانية و شتوية عبر قافلة زاد العزة ال102 إلى غزة    قصف إسرائيلى على مناطق متفرقة فى غزة.. جيش الاحتلال يستهدف المخيمات فى جباليا وخانيونس.. مصر تدفع ب 5900 طن من المساعدات الإنسانية إلى الأشقاء.. تل أبيب: لن نخرج من القطاع أبدا وننفذ مناطق أمنية عازلة    صحف جنوب أفريقيا: بروس يجهز مفاجأتين ل الفراعنة.. وصلاح السلاح الأخطر    البوروندي باسيفيك ندابيها حكما للقاء مصر وجنوب أفريقيا في كأس الأمم الأفريقية    رجال سلة الأهلي يصلون الغردقة لمواجهة الاتحاد السكندري بكأس السوبر المصري    سقوط 4 أشخاص بتهمة التنقيب عن الآثار بروض الفرج    الإعدام شنقا لعامل قتل صديقه بسبب خلافات فى المنوفية    المؤتمر الدولي لدار علوم القاهرة يناقش قضايا الاستشراق والهوية    محافظ الوادى الجديد يلتقى المستشار الثقافى للسفارة الهندية بالقاهرة    المؤتمر الدولى لكلية دار العلوم بجامعة القاهرة يناقش قضايا الاستشراق والهوية    وزير الصحة يترأس اجتماع مجلس إدارة الهيئة العامة للمستشفيات التعليمية    بيان عاجل من الخارجية السعودية بشأن أحداث حضرموت والمهرة في اليمن    استشهاد لبنانيين بغارة إسرائيلية في البقاع    محافظ الإسماعيلية يهنئ الأقباط الكاثوليك بعيد الميلاد المجيد    منع التغطية الإعلامية في محاكمة المتهمين بواقعة وفاة السباح يوسف    إصابة عضلية تبعد حمدالله عن الشباب لأسابيع    شوبير يكشف موقف "الشحات وعبد القادر" من التجديد مع الأهلي    مصادرة 1000 لتر سولار مجهول المصدر و18 محضرا بحملة تموينية بالشرقية    مصرع 3 تجار مخدرات وضبط آخرين في مداهمة بؤر إجرامية بالإسكندرية    وزير الخارجية: سنرد بالقانون الدولي على أي ضرر من سد النهضة    قرار هام مرتقب للبنك المركزي يؤثر على تحركات السوق | تقرير    الصور الأولى لقبر أمير الشعراء أحمد شوقي بعد إعادة دفن رفاته في «مقابر تحيا مصر للخالدين»    الكيك بوكسينج يعقد دورة للمدربين والحكام والاختبارات والترقي بالمركز الأولمبي    الصحة تعلن اختتام البرنامج التدريبي لترصد العدوى المكتسبة    من هو الفلسطيني الذي تولي رئاسة هندوراس؟    المتحدث العسكري: قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أبريل 2026    أحمد البطراوي: منصة "مصر العقارية" الذراع التكنولوجي لوزارة الإسكان وتستوعب مئات آلاف المستخدمين    أشرف فايق يطمئن الجمهور على حالة الفنان محيى إسماعيل: تعافى بنسبة 80%    «تغليظ عقوبات المرور».. حبس وغرامات تصل إلى 30 ألف جنيه    «مدبولي»: توجيهات من الرئيس السيسي بسرعة إنهاء المرحلة الأولى من حياة كريمة    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي ويؤكد دعم تطوير المنظومة الصحية    المندوب الأميركي لدى "الناتو": اقتربنا من التوصل لتسوية للأزمة الأوكرانية    25 ديسمبر 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة    بالفيديو.. استشاري تغذية تحذر من تناول الأطعمة الصحية في التوقيت الخاطئ    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    تواصل تصويت الجالية المصرية بالكويت في ثاني أيام جولة الإعادة بالدوائر ال19    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    بشير التابعي يكشف عن الطريقة الأنسب لمنتخب مصر أمام جنوب إفريقيا    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 25ديسمبر 2025 فى المنيا    الأزهر للفتوى: ادعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها خداع محرم    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    طقس الكويت اليوم الخميس 25 ديسمبر 2025    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    هل يجب الاستنجاء قبل كل وضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    بعد غياب أكثر من 4 سنوات.. ماجدة زكي تعود للدراما ب «رأس الأفعى»    بطولة أحمد رمزي.. تفاصيل مسلسل «فخر الدلتا» المقرر عرضه في رمضان 2026    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    صفاء أبو السعود من حفل ختام حملة «مانحي الأمل»: مصر بلد حاضنة    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحكام الصائم في رمضان / أحمد علي سليمان
نشر في محيط يوم 30 - 07 - 2011


أحكام الصائم في رمضان


* أحمد علي سليمان

احمد على سليمان
في البداية يسرني أن أتقدم للقارئ العزيز بخالص التهاني بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك وأدعو الله أن يهيئ لبلادنا أمر رشد، ويمكن فيها لمنهج الله سبحانه وتعالى...

وبهذه المناسبة السعيدة أردت أن أتجول مع القراء الكرام في فقه الصيام؛ لنتعرف على بعض الأحكام التي لا يسع المسلم جهلها، حتى يكون صومنا صحيحا ومقبولا بإذن الله.

وسوف نتحدث في عن عدة أحكام مهمة، على النحو التالي:

النية في الصوم الواجب:

في البداية نؤكد أنه لا يصح العمل إلا بنية، وقد أكد النبي (صلى الله عليه وسلم) على ذلك في الكثير من الآثار، فعن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول:

(إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه) (أخرجه البخاري).

ومن ثم فلا يصح صيام الفرض إلا بنيه مبيتة من الليل، فعن حفصة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: (من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له) (أخرجه النسائي)..

لأن النية هي التي تفرق بين العادة والعبادة.. ويرى جمهور العلماء أنه يجب لكل يوم نية مستقلة، مع الأخذ في الاعتبار أن تناول السحور استعدادا للصيام يعد نية، والنية لا يشترط أن يتلفظ بها اللسان، بل تكون بالقلب، وإن اقترنت نية القلب مع النطق باللسان فذلكم أفضل.. وبالتالي فالأمر جد سهل وميسر..

الصيام قبل رمضان بيوم أو يومين:

يحرم الصيام قبل رمضان بيوم أو يومين إذا قصد الصائم الاحتياط لرمضان؛ لأن في ذلك إذكاء للاختلاف وتمزيقا لوحدة الأمة.. أما إذا وافق ذلك عادة له بصيام أيام يصومها ولا يقصد الاحتياط لرمضان فلا بأس بصيامه.

وذلك كمن يصوم الاثنين والخميس أو له عادة خاصة مثلا، فوافق ذلك آخر الشهر، أو من يصوم صياما واجبا كصوم نذر، أو كفارة أو قضاء رمضان سابق فلا بأس في ذلك..

فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه) (أخرجه مسلم).

وهناك حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول فيه: (إذا انتصف شعبان فلا تصوموا) (أخرجه أبو داود). وهذا الحديث محمول على صيام النفل في النصف الثاني من شعبان، ومحمول أيضا على الاحتياط لرمضان.. أما من كانت له عادة أو يصوم صياما واجبا فإنه لا بأس بذلك كما سبق..

الأكل والشرب بعد تبيُّن الفجر:

يحرم على الصائم الأكل والشرب بعد تبين الفجر، فمن أكل أو شرب عامدا مختارا ذاكرا لصومه من غير عذر فسد صومه، وله الوعيد الشديد من الله سبحانه وتعالى.

يقول جل شأنه: (وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (البقرة:187) وعليه قضاء ذلك اليوم، والتوبة الصدوق، والندم والإقلاع عن فعل مثل هذا الصنيع مرة ثانية.

مع الأخذ في الاعتبار أنه لو صام الدهر له ما كافئ هذا اليوم الذي أفطره عامدا متعمدا مختارا، وفي ذلك يقول الإمام ابن حزم (رضي الله عنه):

( ذنبان لم أجد أعظم منهما بعد الشرك بالله: رجل أخَّر الصلاة عن وقتها حتى ضاع وقتها، ورجل أفطر عامدا بغير عذر في رمضان) والله أعلى وأعلم..

صوم الرجل الكبير الطاعن في السن، وكذا المرأة الطاعنة في السن، والمريض الذي لا يرجى بُرؤه:

الشيخ الكبير الطاعن في السن، والمرأة الكبيرة الطاعنة في السن، والمريض الذي لا يرجي برؤه يفطرون، ويطعم كل واحد منهم عن كل يوم مسكينا ؛ إذ لا يستطيعون الصيام مستقبلا.

وهذا قول الجمهور قال تعالى: (..وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ..) (البقرة: 184)، وتقدير الكلام (وعلى الذين) لا (يطيقونه) لكبر أو مرض لا يرجى بُرْؤه (فدية) هي (طعام مسكين) أي قدر ما يأكله في يومه وهو مُدٌّ من غالب قوت البلد لكل يوم..

وهناك رأي آخر يرى أنه لا يجب عليه الفدية لأنه ترك الصيام لعجزه. والرأي الراجح هو الرأي الأول بأنه يفطر ويفدي.. ويمكن الجمع بين الرأيين، كما يلي:


إذا كان غنيا يفدي، وإذا كان فقيرا لا يفدي..
إفطار المريض والحامل والمرضع في رمضان:

يجوز للمريض أن يفطر ويقضي الأيام التي أفطرها، وكذلك الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو على أنفسهما وولديهما جاز لهما الفطر، وتقضيان بعد رمضان، ولا فدية عليهما لأنهما في حكم المريض، يقول تعالى: (.. وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (البقرة: 185).

أما إذا كانتا خائفتين على ولديهما فقط فيجوز لهما الفطر، وعليهما القضاء والفدية، وهي إطعام مسكين عن كل يوم تفطرانه، مد من بر، أو نصف صاع من غيره.

والمرض الذي يبيح للمسلم الفطر هو المرض الشديد الذي لا يستطيع الشخص الصوم معه، أو المرض الذي يزيد ويشتد بالصوم، أو المرض الذي يُخشى تأخر الشفاء منه بسبب الصوم أما المرض الخفيف الذي لا يشق الصوم معه فإنه لا يبيح الفطر..

التقبيل للصائم في نهار رمضان : يجوز للصائم أن يقبل زوجته ما لم يخشي تحرك شهوته، أو نزول شيء منه، جاء في صحيح الإمام مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:

(أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يقبل وهو صائم وكان أملككم لإربه). وجاء في موطأ الإمام مالك أن عائشة كانت إذا ذكرت أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقبل وهو صائم كانت تقول: "وأيكم أملك لنفسه من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ".

- أما لو أدت القبلة إلى نزول المني وجب على الشخص أن يترك القُبلة في نهار رمضان..

- ولو قبَّل الصائمُ وخرج منه المني فسد صومه، وعليه قضاء ذلك اليوم، ولا كفارة عليه، إذ الكفارة في الجماع.. والأفضل ترك القُبلة في نهار رمضان، حتى لا تجر إلى المنهي عنه.. والله أعلم

من فكَّر فأنزل المني في نهار رمضان:

من فكر في المرأة فأنزل أو أنزل من نظرة واحدة من غير عمد أو تكرار فلا يفسد.

من أخرج المذي بالتقبيل أو بتكرار النظر:

من أخرج المذي بالقبلة أو بتكرار النظر فالرأي الراجح أنه لا يفسد صومه، بل يجب عليه الوضوء فقط لأن المذي كالبول.. والله أعلم.

هل يجوز للصائم أن يغتسل ويصب الماء على رأسه للتبرد:

نعم يجوز ذلك ولا حرج لأن الإسلام دين الرحمة والتيسير وقد أخرج أبو داود (رضي الله عنه) في سننه (أن النبي (صلى الله عليه وسلم) -كان- يصب على رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر).

كما يجوز للصائم أن يتمضمض ويستنشق، مع عدم المبالغة حتى لا يتسرب الماء إلى حلقه، وحتى لا تضيع رائحة (خلوف) فم الصائم التي هي أفضل عند الله من ريح المسك..

الحقن للصائم:

الحقن نوعان: حقن مغذية و حقن لمكافحة المرض

فالحقن المغذية تفطر الصائم لأنها خلاصة الطعام والشراب، ومن يحتاج إلى هذه الحقن يعد مريضا ومن ثم يباح له الفطر.

أما الحقن المعدة لمكافحة المرض فلا يفطر الصائم بها سواء كانت في الوريد أو العضل، لأنها ليست أكلا أو شربا، ونرى أن الأفضل للمسلم تأخير الحقن في رمضان إلى الليل، إلا إذا كانت هناك ضرورة لأخذها بالنهار..

القطرة للصائم:

القطرة في العين لا تفطر الصائم عند جمهور العلماء حتى لو وجد الصائم طعمها من الحلق؛ لأن العين ليست منفذا مفتوحا، والمنافذ عندهم (الفم والأذن والأنف والقبل والدبر)..

بينما يرى بعض العلماء أن قطرة العين تفطر.. والله أعلم.

صوم الحائض والنفساء: الحائض والنفساء لا يحل لهما الصوم ويجب عليهما أن تفطران وتقضيان ولو صامتا لم يجزئهما الصوم وهذا بإجماع العلماء..

ومن رحمة الله بالنساء أن الصيام فقط هو الذي يجب أن تقضيه الحائض والنفساء، بخلاف الصلاة؛ لأن الصيام عبادة سنوية بخلاف الصلاة فهي عبادة يومية...

القيئ للصائم:

إذا استقاء الإنسان عامدا بإدخال يده في فمه أو بشمه ما يقيئه أو غير ذلك يفطر وعليه القضاء، أما إذا غلبه القيء دون عمد منه فلا يفطر، ويكمل صومه، وصيامه صحيح.. والله أعلى وأعلم...

المسافر في شهر رمضان:

يجوز للمسافر أن يفطر مدة سفرة ثم يقضي عدة الأيام التي فطرها قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (البقرة: 185).

والمسافر في رمضان مخير بين الصيام، وبين الإفطار مع القضاء، وفي البخاري عن أنس بن مالك (رضي الله عنه) قال (كنا نسافر مع النبي (صلى الله عليه وسلم) فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم).

ونرى أن من وجد قوة فصام فذلك أفضل لأنه أخذ بالعزيمة، ومن وجد ضعفا فأفطر فذلك أفضل لأنه أخذ بالرخصة، وأما إذا شق على المسافر الصيام كره له أن يصوم، كما جاء في البخاري عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) قال:

(كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في سفر، فرأى زحاما، ورجلا قد ظلل عليه، فقال: ما هذا؟ فقالوا: صائم.. فقال: ليس من البر الصوم في السفر).

والحديث محمول على من لا يقدر عليه، وإذا صام المسافر أياما من رمضان، جاز له أن يفطر وهو مسافر..

والخلاصة:

يجوز للصائم المسافر أن يصوم، أو أن يفطر ويقضي عدة الأيام التي أفطرها، وإن كان به قوة فالأفضل له الصيام (وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة184)، وإن كان به ضعف فالأفضل له الإفطار مع القضاء..

من أكل أو شرب ناسيا في نهار رمضان:

من أكل أو شرب ناسيا في نهار رمضان فصومه صحيح ولا قضاء عليه، وهذا ما عليه جمهور العلماء، لقوله (صلى الله عليه وسلم): (إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)(أخرجه ابن ماجة) وقال (صلى الله عليه وسلم): (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) (أخرجه مسلم).

وهذا هو الصحيح والصواب الذي عليه جماهير المسلمين، بينما هناك رأي آخر يرى عكس ما سبق، حيث يرى أنه يبطل صومه، ويجب عليه القضاء. ولعل صاحب هذا الرأي لم يبلغه هذا الحديث، ولو وصله الحديث لما قال بهذا الحكم..

هذا ويجب على من يرى الشخص وهو يأكل ناسيا في نهار رمضان أن يعلمه بذلك، ولا يجوز له السكوت، لأنه من باب الأمر بالمعروف..

الجماع في نهار رمضان:

من جامع أهله في نهار رمضان وهو صائم بطل صومه إذا كان عالما وعامدا، ووجب عليه الآتي:

1- قضاء ذلك اليوم
2- التوبة النصوح مع الندم والإقلاع

3- وجب عليه الكفارة وهي:

أ- عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد
ب- فصيام شهرين متتابعين فإن لم يجد
ج- فإطعام ستين مسكينا

فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: (بينما نحن جلوس عند النبي (صلى الله عليه وسلم) إذ جاءه رجل فقال يا رسول الله هلكت قال: ما لك قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال: رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هل تجد رقبة تعتقها؟

قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟، قال: لا، فقال: فهل تجد إطعام ستين مسكينا؟
قال: لا، قال: فمكث النبي (صلى الله عليه وسلم) فبينا نحن على ذلك أتي النبي (صلى الله عليه وسلم) بعرق فيه تمر -والعرق المكتل- قال: أين السائل؟، فقال: أنا، قال: خذ هذا فتصدق به

فقال الرجل: أَعَلَى أفقر مني يا رسول الله، فوالله ما بين لابتيها -يريد الحرتين- أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي (صلى الله عليه وسلم) حتى بدت أنيابه، ثم قال أطعمه أهلك) (أخرجه البخاري). وفي الحديث دلاله على أن الكفارة على الترتيب الوارد في الحديث الشريف.

وأما من جامع زوجته ناسيا، فصومه صحيح علي رأي الجمهور ولا قضاء عليه ولا كفارة ؛ لقول النبي (صلى الله عليه وسلم): (إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) (أخرجه ابن ماجة) والله أعلم.

نوم الصائم جميع النهار:

بداية نقرر أن الإسلام يحب العمل والتوكل، ويكره الكسل والتواكل، بل جعل العمل صنو العبادة، فالعمل والعبادة في الإسلام وجهان لعملة واحدة، ومن ثم فلا يصح الإسلام بالعبادة فقط دون العمل، كما لا يصح بالعمل دون العبادة.

بل بلغ من حرصه على العمل أن جعله كالعبادة يؤجر عليها العبد، كما جعل الإسلام العمل مكفرا لذنوب خاصة لا تكفرها الصلاة ولا الصيام ولكن يكفرها السعي على المعاش..

ولقد انتصر المسلمون في معارك عديدة في شهر رمضان، ولا شك أن الجهاد في سبيل الله تعالى من أعظم الأعمال.. إذن فشهر رمضان هو شهر العمل وليس شهر التواكل والكسل.. ومن نام جميع النهار صح صومه لأن النوم لا يزول به الإحساس، بيد أن أجره ليس كأجر من يعمل ويكد ويجتهد وهو صائم، أما من أغمي عليه سائر النهار فإنه يقضي ذلك اليوم لأن الإغماء يزول الإحساس.. والله تعالى أعلى وأعلم.

احتلام الصائم في نهار رمضان:

إذا احتلم الصائم وهو نائم في نهار رمضان فإنه لا يضره ذلك؛ لأنه ليس بإرادته أو اختياره، بل يجب عليه الغسل ويكمل الصيام، وصيامه صحيح لقوله تعالى (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا) (البقرة: 286)، والله أعلم

الصائم إذا أصبح جنبا:

إذا أصبح الصائم جنبا، بأن طلع عليه الفجر وهو جنب من جماع أو احتلام وكان ذلك قبل الفجر فصيامه صحيح ولو لم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر.

للحديث الذي رواه البخاري عن عائشة وأم سلمه (أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يدركه الفجر، وهو جنب من أهله، ثم يغتسل ويصوم). وهذا وإن كان الصيام صحيحا إلا أنني أري استحسان الاغتسال قبل الفجر لا سيما في ظل الحمامات التي يوجد بها ماء ساخن، أما إذا تعذر فيجوز أن يصبح الشخص جنبا..

الحائض والنفساء:

إذا انقطع دمها قبل الفجر، يجب أن تصوم، وإن لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر صح صومها.. والله تعالى أعلى وأعلم. فاللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أكرم الأكرمين..


* الباحث والمحاضر في الفكر الإسلامي- خطيب مسجد السراج
المدير التنفيذي لرابطة الجامعات الإسلامية
www.ahmedalisoliman.com


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.