في مساء اليوم التالي ألف جهاد وريهام وبوسي سيارة عمر فى طريقهم إلى مصطفى هبطوا أمام العمارة وصعدوا سلام الدرج إلى شقة صديق عمر طرق الباب ، فتح لهم محمود على وجهه ابتسامة هادئة قائلا : تفضلوا تفضلوا . دخلوا الردهة وبادرته ريهام : ما الأخبار وصل أم لا ؟ محمود : لا يصل قبل نصف ساعة من الآن . بوسي : نحن نعتمد على الله وعليك . محمود : إن شاء الله كل شىء يصير على مايرام تفضلوا تفضلوا إلى الفرندة للانتقال . اتجهوا صوب الفرندة ، وتقدمت بوسي تطل على الشارع فتملكتها رهبة المساحة مرتفعة جدا عن الأرض ، ولحقتها جهاد وريهام يحدقان نحو الأرض بأعين زائغة والذعر أمتلكهن وخفق قلبهن رهبة وقالت ريهام : من يسقط سوف ينتهي أجله . ضحك عمر ضحكة عالية قائلاً : لا لاأنتن أبطال . جهاد : نحن، أنت لم تأت معنا . عمر : لا البركة فيكن . محمود : يالّه ياجماعة لا تضيعوا وقت . بدأت بوسي تضع قدمها على السور فى ثبات متشبثة فى الجدران تنتقل إلى شرفة مصطفى وقد ارتعدت أناملها أمتلك الهلع والوجل صفحات وجهها حتى هبطت فى حرص استدارت وراحت تأخذ أنفاسها وأمسكت بيد ريهام تسندها للحاق بها يليها جهاد التي كادت أن تسقط فسحبتها بوسي مسرعة فوقعن في الشرفة ، ضحك عليهن عمر قائلا: انهضن يا أبطال . نهضن يزلن الأتربة قائلات : فور وصول مصطفى أعطنا إشارة صوتية . ورفعت كل منهن الأكمام قائلات : لنتأهب لا ستقباله أحسن استقبال . دخلن صفا واحدا في خطا وئيدة ثابتة وقالت بوسي وأن تهدج صوتها خوفا : أنا سوف أبحث عن ورقة الزواج في الدولاب واتجهت جهاد وريهام يبحثان فى الإدراج الكوميدينو والشفونيرا ، وبوسي مازالت تقلب في الدولاب إلى إن وجدت علبة مجوهرات كبيرة مزخرفة من الخارج فتحتها وحدقت فيها منبهرة ، علبة مليئة بالمجوهرات وقالت متلعثمة : كل هذه مجوهرات ! وقالت جهاد : كل هذه المجوهرات ورثها مش معقول . ضحكت ريهام ساخرة : ورثها أكيد مجوهرات البنات التي ضحك عليهن ربنا بعثنا لكي نخلص حقهن . بوسي أغلقت العلبة قائلة : المجوهرات هذه لم يرها على الإطلاق نأخذها رهن إلى أن ينتهي من تنفيذ مطالبنا . دلفت الفتيات إلى الردهة وضعت ريهام العلبة على المنضدة الأنترية وقمن ينقلن السفرة والمقاعد حتى أصبحت الردهة خواء لا يوجد بها غير مقعد واحد فى المنتصف بدأن يخرجن من الحقيبة حبلا طويلا ، في حين تقدم مصطفى متجها إلى مدخل العمارة ، شاهده عمر فبادر بالإشارة الصوتية ( صافرة) ترددت على مسامع الفتيات ارتبكن واتجهت ريهام تطفئ النور ، وبوسي تنظر من العين السحرية ، وهو يتقدم في خطا ثابتة حتى وضع المفتاح في طبلة الباب وبدأ يديره وأسرعت جهاد بفصل الكهرباء عن المنزل من خلال الكبل الداخلي بالشقة ، فتح الباب وهو غاية السعادة يدندن بأجمل ألحان الغناء وضع يده على الزر لإضاءة المنزل ، زفر فى ضيق متمتما : إيه الحظ ده ! وفتح الكشاف المتواجد في المحمول وتقدم في الردهة ، يدور عما حوله لا يجد أثاث المنزل زاغت عيناه فزعاً وقال: مين.. مين .. هنا ؟ وفى هذه اللحظة أنقض عليه الفتيات كالذئاب المفترسة وسحبنه نحو المقعد يحاول الصراخ والصياح ولكنهن كتمن أنفاسه بمنديل وبدأن يطوقن حوله الحبل حتى لا يحدث حراكاً حدق نحوهن واتسعت عيناه هلعا ولكن لم يحدد ملامحهن قائلا: أنتم مين .. أنتم مين .. عاوزين أيه خذوا كل النقود كل الأشياء الموجودة في الشقة ولكن اتركوني أنا عاوز أعيش . ريهام : عاوز تعيش الحياة حلوة . جهاد : ولما الحياة حلوة عندك بتسودها فى وجه غيرك لي . وأخرجت بوسى سكيناً من الحقيبة واقتربت منه قائلة : عاوز تعيش لي عشان تضحك على بنات الناس . مصطفى : بنات مين أنتم مين ؟ ريهام : عاوز تعرف أفتحي يا جهاد الكهرباء . مصطفى قال فى دهشة : جهاد . فاتجهت جهاد ناحية كابلات الكهرباء وقامت بتشغيلها على الفور وأضاءت الشقة فتجولت عيناه بينهن فى دهشة قائلاً : أنتن !! ريهام : طبعا نحن ومن غير ما نجهد أنفسنا فى الكلام أكيد فهمت ما نريد ؟ مصطفى : من أبلغكم ؟ جهاد : لا يهمك كل ما نريده ورقة الزواج . مصطفى حاول الإنكار قائلاً : الورقة مع سوزان وأظن أنها لم تشكِ لكم بأي شيء فما شأنكم ؟ وضعت بوسي السكين حول رقبته فارتعدت فرائصه وأخذت أسنانه تصطك هلعا وقلبه يقفز بين ضلوعه في ذعر وقال فى حسرجة وهو يموت وجلا : فى درج المكتب . اتجهت بوسي تبحث عنها حتى أخذتها من الدرج وعادت وضعت السكين مرة أخرى حول رقبته ، ورفعت ريهام علبة المجوهرات إمام عينيه وقالت : وهذه العلبة عندنا إلى أن تنفذ ما سوف نتفق عليه . مصطفى نظر إليهن فى ضيق وقال : هذه العلبة لست أملك فيها شيء . ريهام : أكيد لا تملك فيها شيئا لأنها ملك الفتيات المنصوب عليهن من حضرتك . مصطفى : لا لا هذه العلبة عندي أمانة . جهاد تضحك ساخرة : ونحن أيضا سوف نأخذها أمانة . مصطفى : ما طلبكم ؟ ريهام : طلب بسيط جدا سوف تذهب إلى والد سوزان وتطلبها للزواج . اتسعت عين مصطفى متقززه : أتزوجها ! جهاد : مالك تقولها في نفور مش أنت بتحبها ! تلعثم قائلاً : طبعاً طبعاً . بوسي : لا أصل حكاية الزواج جديدة ليست معتادة معلش المضطر يركب الصعب . وضعت جهاد الورقة فى جيب البنطلون وأخذت ريهام العلبة تحت إبطها واتجهن إلى الفرندة للرجوع ولكن ريهام التفت نحوه محذرة بأن ينفذ الاتفاق غدا على الفور ، وبصقت أمامة على الأرض واستدارت نحو الشرفة وهى تترنح ، عض مصطفى على شفتيه من الغيظ المكبوت بين دروبه وعدن إلى شرفة محمود فى فرحة عارمة استقبلهن عمر متسائلا عن حالة مصطفى الان قالت بوسى : مربوط فى المقعد وسط الردهة لا حول له ولا قوة . انفجر عمر ومحمود في الضحك قائلين : لا لا أنتن رجالة رجالة ... هندمن ثيابهن قائلات : الرجالة تتعلم مننا . واتجهن نحو الباب يترنحن في دلال ويبادرن عمر قائلات : هيا نريد الذهاب إلى سوزان . ودلفوا في السيارة إلى المستشفى هبطوا مهرولين صعدوا سلالم الدرج متجهين نحو الغرفة تسبقهم أعينهم بابتسامة مشرقة وقلبهم ينبض بالفرحة والانتصار وتقدموا خطوات والتفوا حول سوزان يتساءلون عن حالتها الصحية نظرت نحوهم سوزان في أسى تكاد تجهش بالبكاء وسارة بجوارها ترتب على ظهرها فى مواساة يبدو أنها قصت عليها الأمر ، دنت منها ريهام يلوح في عينيها عطف وناولتها ورقة الزواج العرفي فأشرق وجه سوزان باسما وضمتها ريهام في حنان حدق عمر نحوهن قائلا : أظن أن مهمتي قد انتهت . قدمت سوزان إليه الشكر ، ووقفت ريهام بجواره قائلة : لا طبعاً . عمر : أي شيء يكون ؟ ريهام : من الذي يشهد على عقد الزواج ؟ حدقت نحوها سوزان وهزت رأسها في أسى وبادرها عمر : إذا كان هذا الأمر أذن لا استطيع الاعتراض كل شيء من أجل إرضاء سوزان . رفت بسمة على ثغر سوزان وانصرف عمر معتذراً ، وبادرتهن سوزان قائلة : أنا خائفة أكون ظلمت مصطفى ! الفتيات صرخن في وجهها ، وفتحت جهاد أمامها علبة المجوهرات قائلة : كل هذه المجوهرات مسروقة من فتيات مثل حضرتك .. بوسي : فوقى من هذه السذاجة التي تملكت تفكيرك وتسيطر على شعورك لا يوجد حب يوجد نصابين فقط . فبادرت سارة قائلة : دعونا من هذا الحديث وقولي ياسوزان سوف تسمى البيبى إيه ؟ سوزان : بيبى أنا أفكر أتخلص منه . جهاد لا داعي من هذه الفكرة فيها خطورة على حياتك . ريهام : لا تقلقي مصطفى سوف يذهب غدا لوالدك ويطلبك لزواج . سوزان يلوح فى عينيها الدموع قائلة : ولكن أنا لا أريد هذا الطفل لا أريده . بوسي : دعى الأمور تسير كما أعددنا لها ولا تشغلي بالك غير بصحتك الآن . وظلت الفتيات يتسامرن محاولات إخراجها من حالة الوجد التي تملكت على مشاعرها حتى جاء ميعاد الانصراف ، عادت الفتيات إلى الدار ، وسوزان تكورت شاردة في هذا القدر المظلم والحب الذي هدر قبل أن يولد هل في النفوس الإنسانية شيء الهي اسمه الحب تدركه الحواس ولكن ينفر منه العقل قاتم أبله عنده تعاقب الأيام بالمال والثراء هي الأسمى من كل معاني الود والحب التي تنبض وكل غير ذلك فان قدرا أحمق ولكن أيماننا لا تنتهى .