أتذكّر عندما اصطدم نائب مجلس الشعب بضابط المرور في الحادثة الشهيرة أمام مقر مجلس الشعب ولم يترجل من سيارته ليعتذر له قامت مصر على قدم وساق ولم تهدأ الأحوال إلا بعد تقديم اعتذار رسمي من قِبل النائب لوزارة الداخلية ، فقد أخذت الحادثة العابرة – والتي حدثت عن طريق المصادفة والخطأ غير المقصود - منحنا خطرا عندما وصفها العالم المصري الجليل ( مصطفى محمود ) رحمه الله ، بأنها تعد كارثة أخلاقية ألا وهي عدم احترام السلطة التشريعية للسلطة التنفيذية التي هي يدها الضاربة والمنفذة لقراراتها ، فلولا هيبة السلطة التنفيذية لضاعت هيبة القانون ومن ثمّ الدولة بأكملها ، والحق أقول أن هذا بالفعل ما حدث بعد ثورة 25 يناير ، فقد اختلط الحابل بالنابل ورأينا بأم أعيننا البلطجية وهم أسياد الشوارع بلا منازع ، وتجار المخدرات يبيعون سمومهم جهارا نهارا على رؤوس الأشهاد من دون أدنى خوف أو استحياء ، ورأينا الشباب يسيرون بسياراتهم الفارهة بدون لوحات معدنية ضاربين عرض الحائط بكل القوانين التي كانت تتبع قبل الثورة ، متعللين بفساد صغار رجال الشرطة واستغلالهم السيئ لوظائفهم ، فهل يكون ردنا على الجهل بجهل أكبر ، وهل نجلس مكان القضاة والمحكمين لنحكم على سيادة دولة بأفعال قلة غير منضبطة منها ، وكأننا ننفذ التصريح الإسرائيلي بدقة متناهية ؛ عندما صرحت ( يديعوت أحرا نوت ) بأن مصر بعد الثورة شعب يريد الدولة بدون قانون أو نظام . وليس هذا فحسب وإنما قد نمكن أعدائنا من اختراق صفوفنا كشعب غير مترابط يعيش على شريعة الغاب ، مثلما حدث في غياهب ميدان التحرير بمسجد سيطرت عليه جماعة الإخوان وقامت الشرطة المصرية الباسلة بإلقاء القبض على ضابط مخابرات إسرائيلي يلقي خطبة الجمعة على المصليين هكذا ببساطة تامة ؛ مكنت جماعة الإخوان المجرمين الموساد الإسرائيلي من خطبة جمعة بجوار ميدان التحرير وقد تم تسجيل الخطبة والتي تناول فيها الضابط الإسرائيلي ثلاثة نقاط وهي : - ضرورة دحر القوات المسلحة بالقوة إلى خارج الميدان . - قتل رجال الشرطة طلبا لثأر الشهداء . - إحراق المباني والناقلات الأمنية لشل حركة الأمن . وكلها نقاط ضرورية لتمكين دولة معادية من احتلالنا بسهولة ؛ أي أننا كنا سنقدم على طبق من فضة للصهاينة لولا تدخل اليد الإلهية في الوقت المناسب وفضح المخطط الصهيوني في الجرائد القومية وانتشار حملة توعية إعلامية كبيرة ابتداءا من نفس الوقت الذي تم فيه إلقاء القبض على المخرب الصهيوني وأعوانه . والسؤال الذي يطرح نفسه ، هل قام الضابط الإسرائيلي بتغيير لون بشرته الصفراء وتصحيح مخارج ألفاظه جيدا لينطق بلسان عربي فصيح وقد استظهر القرآن الكريم وحفظ السنة المحمدية ورأته الجماعة أهل للخطابة في مسجد يسيطرون عليه أم لهم رأي آخر في هذا الصدد ؟ قبل عام واحد كان حديث المدينة تواطؤ جماعة الإخوان المجرمين مع تنظيم حسن نصر الله في مصر لمصالح إيرانية ساقطة ، هدفها استغلال عقول البسطاء من العرب لتلميع فكرة الدولة الإسلامية وانحيازهم لها انعكاسا لانبهارهم بالشعارات الطنانة التي تطلقها الجماعة كحديث استهلاكي رخيص لا يكلف شيئا ، وقبلها بأعوام كانت الكارثة الأكبر وهي الضلوع في التخطيط لاستقلال سيناء باسم تنظيم القاعدة ومن ثمّ تتحول سيناء دولة إسلامية سلفية تكون بوابة المجاهدين ( المخربين ) إلى مصرنا الغالية . وحينها لن نمنع نصر الله ولن نملك منعه من إعطاء الفرمانات الإيرانية للمصريين بتدمير اقتصادهم بأيديهم وتقديم دماء أبنائنا كربانا للولاء والطاعة وخوض حرب ضروس - لا يعرف مداها إلا المولى وحده - بدلا من السادة الشيعة لعنهم الله في كل كتاب . وفي العام 2007 كانت المهزلة الكبرى للإخوان عندما تورطوا في علاقة مشبوهة مع قطر الشماء والتي لا تعادل مساحتها الجغرافية مساحة مدينة المنصورة أو شبرا أو حلوان ولا يتجاوز عدد سكانها 300 ألف نسمة ، وبها قاعدة عسكرية تضم أكثر من نصف مليون مقاتل أمريكي ، بحسبة بسيطة هي ولاية أمريكية صهيونية على أراض عربية ، تدفقت أموال قطر على مصر لحسابات الجماعة المحظورة ومازالت عن قلوب المصريين الشرفاء ، وخاصة بعد أن أرسل المرشد العام للجماعة الشيخ عاكف ابنته بثوب الزفاف زوجة لولي العهد القطري بمفردها وكأنها مسافرة إلى رحلة وليست عروس وكأنه إتباع لسياسة الثقة التامة والسمع والطاعة . وبعد كل هذا التاريخ المشرف يأتي الإخوان المجرمين راكبي الموجة ليعلنوا عن تأسيس حزبهم الداعي للحرية والعدالة بأمر من الله في رؤية مولانا ، ويعلنوا عن سيطرتهم على الشارع المصري بطرقهم المتبعة من قديم الأزل وهي سياسة الجنزير وقنابل الميليتوف ، ولكن هذه المرة بصورة أبشع من الصور التي اعتدنا عليها وهي حمل البنادق الآلية التي سرقت من الشرطة في تجمعات إخوانية بحتة تحت مسميات كثيرة مثل : لجان إسلامية شعبية ولجان الأمر بالمعروف .. الخ وكانت بلطجتهم هذه المرة تتعدى كل حدود يقبلها العقل ، فمن سرقة أموال إلى تفتيش النساء في الشوارع بغرض التحرش الجنسي إلى تفتيش سيارات وأصحاب السيارات وخاصة الملاكي كتعبير عن الحقد الطبقي لدى زبانية الجماعة الأغنياء بإيمانهم وتقياهم حتى أننا ظللنا أسابيع طويلة لا نخرج إلى الشارع إلا للضرورة القصوى وعندما نخرج لا نصطحب معنا نساء أو أموال أو أي شيء ذو قيمة ، وقد عبرا الأخوان نجلي الزعيم الإخواني الكبير في الزقازيق عن سيادتهم بدليل قاطع وهو النزول من سيارتهم الخاصة لأنهم أبناء زعيم طبعا ، والتعدي بالضرب والسب على ضابط مرور وسب دينه ودين أبائه فقط لأنه حاول منعهم من ضرب سائق سيارته الميري لأنه لم يخلي لجانبهما الطريق فما كان من المارة إلا أن لفظوا هذه التصرفات الحمقاء وقاموا بتأديبهم ، ولكن انظر إلى المفارقة ضابط المرور هو الذي حماهما بإدخالهما في سيارته لمنع الناس من ضربهم ، وهكذا قابل الضابط المصري الشريف بلطجة الإخوان ، ذكرني هذا الضابط الكبير بأخلاقه بضابط المرور الذي استشهد بالعام الماضي عندما افتدى امرأة وأولادها الثلاثة بنفسه في حادث سير بمكان خدمته ، ضربا الرجل وهان عليهما ولم يهونا عليه لطيب أخلاقه وعراقة أصله الكريم ، أما من قاما بالبلطجة وسب الدين الذي هو مصدر رزقهم الوحيد وسبيلهم للبلطجة والتخريب فأصولهم أيضا معلومة لا تخفى على أحد فالشعب المصري أعقل وأكبر من أن تنطلي عليه حيلهم الرخيصة وطرقهم الملتوية وركوبهم لموجة الثورة باسم الدين . " يا موطني لا تأمن الإخوان إن هم بايعوك عشية في الصبح يرتد النصاب يساومون على الفتاتْ من كان مرشدهم يرى نيل العلا في سب موطنه العظيم أو نصره بحجاب بعض الغانيات ْ جل المصاب بفرقة قد غشيت أبصارهم باسم الإله تراهمُ فعلوا جميع السيئاتْ " وكلي أمل في الله أن تخرج مصر من هذه الأزمة رافعة رأسها كما العادة وسنخرج بالفعل بمكاسب كما كنا دوما بدون جماعة محظورة كبدت مصر والمصريين الكثير والكثير من الخسائر البشرية والمادية والمعنوية ، فمن قام بتدمير بلاده لن يأخذ على عاتقه مسألة بناءها ولكن يبنيها المعنيون بذلك وهم من لا مطمع لهم في سلطة أو سلطان ، هم الشباب المصري المكافح الذي واجه رصاصات الغدر في ميدان التحرير ليقولوا للعالم أجمع بأننا ها هنا نقاتل من أجل كرامتنا ، من أجل سيادتنا ، من أجل حقوقنا المنهوبة ، ولن نرضخ لأي ظالم مستبد يحكم بأمره ، ولن نمكن منا بلطجية الإخوان ولن يكون بمصر حزبا سلفيا يدعو إلى الفتنة والرجوع إلى العصور السالفات البائدات . [email protected]