- من المؤكد ، ونحن على مشارف الذكرى الرابعة لرحيل الزعيم العراقي السابق صدام حسين ، كلا ، لا يستويان ، أما صدام حسين ، والذين استشهدوا معه دفاعاً عن الأرض والعرض فهم حسب تصوري في روضة يحبرون ، وأما نورى المالكي ، ومن تبعه من الخونة الذين ساندواْ الاحتلال الأمريكي ، وعزروه ، ووقروه ، ومهدواْ له الطريق ، كي يدنس الأرض ويهتك العرض فمأواهم إلى مزبلة التاريخ في الدنيا ، ومأواهم في الآخرة جهنم هم فيها خالدون ، تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ، ذلك لأن الجنة قد حرمت على الديوث الذي يري السوء في أهله ولا يدافع عنهم أو يتكلم ، فما بالنا بالذي يساعد الأجنبي الأعجمي في تحقيق نزواته ورغباته في أعراض أهله ، وتدنيس أرضه ووطنه ، لذا فإن هؤلاء القاسطون هم في تقديري خونة باعواْ أوطانهم وأعراضهم مقابل مناصب لا محالة فانية. - وكالعادة ، فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية حينما تنوي أن تحتل بلداً عربياً ما ، لأسباب ما ، فلا بد لها أن تأتي بالحيل الكاذبة ، والأسباب الخائبة ، والشعارات الزائفة ، وهذا ما قد حدث بالفعل حينما عزمت أن تغزوا العراق الشقيق ، وللأسف فقد كان للخونة من الكتاب ، والمثقفين العراقيين والعرب دور كبير لا يستهان به في بث وإقناع المواطن العراقي والعربي على حد سواء بالأسباب الكاذبة التى فندتها الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفاؤها ، من خلال ألسنتهم المسمومة ، وأقلامهم الضالة. - ومن بين تلك الحجج الكاذبة التي فندتها الولاياتالمتحدةالأمريكية كي تبرر غزوها للعراق أنها زعمت أن العراق يملك الكثير من المفاعلات النووية التي تمثل خطراً على المنطقة بأسرها ، وعلى وجه الخصوص دولة إسرائيل ، وسرعان ما تبدي لنا ، وللعالم أجمع كذب ادعائها حينما أكد مفتشو الوكالة الذرية بأن العراق خالية من أي أسلحة دمار شامل ، ولم تكتفي الولاياتالمتحدةالأمريكية عند هذا الحد ، بل صورت لنا أن صدام حسين ديكتاتوري ، ودموي ، وسبق له أن أصدر تعليماته لنظامه السابق بقتل عشرات الألوف من العراقيين في الشمال والجنوب ، ولا بد من التخلص منه ومن نظامه من أجل إرساء نظام ديمقراطي جديد يحكم العراقيين ، علماً بأن صدام حسين لم يكن دموياً كما وصفوه كذبا وافتراء ، إنما كان حنوناً ، طيب القلب ، بدليل أنه كان يدخل عقر منازل الفقراء كي يطمئن على أحوالهم ، يفتح ثلاجاتهم ، فيحنوا ويعطف عليهم ، لأنه كان واحداً منهم ، لاسيما وأنه قد عاني من الفقر والشدائد في مطلع حياته مثلهم ، وأما عن عشرات الألوف الذين قتلهم في الشمال والجنوب ، فلأنهم يستحقون القتل جزاء خيانتهم للعراق ، وسعيهم لتمزيق وحدته من خلال تقسيمه لدويلات صغيرة ، فالأكراد بشمال العراق وقتها قد أعدواْ لفصل الشمال عن العراق ، حيث البرزاني والطالباني ، وذلك بالتعاون مع إيران وإسرائيل ، وأيضاً الشيعة من المنتمين لأصول إيرانية في الجنوب قد أعدواْ وقتها لفصل الجنوب عن العراق ، وإلحاقه بإيران ، لذا فقد كان من الضروري على القيادة السياسية آنذاك أن تشن الحرب المواجهة ، وتنتقم من مثل هؤلاء الخونة ، سواء في الشمال أو الجنوب ، من أجل الحفاظ على وحدة العراق وقوميته . - وفي الواقع فإن الأسباب الحقيقية وراء الاحتلال الأمريكي للعراق هي إجهاض مشروع القومية العربية من خلال القضاء على رموزها ، لاسيما وأن صدام حسين كان واحداً من أهم رموزها ، بالإضافة لأنه كان يضاهي القسورة في شجاعته ، بدليل أنه تجرأ على أمريكا التي تعتبر نفسها القطب الأوحد المعاصر على وجه الأرض ، وهاجمها بضراوة الأسود ، ولأنه بشجاعته المعهودة قد أطلق تحذيراته مصحوبة بالصواريخ المتطورة على تل أبيب ، ونظراً لذلك فقد كان صدام حسين بمثابة الخطر الحقيقي الذي يهدد أمن إسرائيل والمصالح الأمريكية في المنطقة العربية ، وفي الخليج العربي على وجه الخصوص ، لذا فقد كان التخلص منه ضرورياً بمساعدة الخونة والعملاء من العراقيين والعرب وغيرهم ، ليس ذلك فحسب ، بل إن قرار إعدامه كان رغبة شخصية لعائلة بوش كما أكدت لنا صحيفة نيويورك تايمز آنذاك ، وذلك لأنه أصدر تعليماته بتنفيذ محاولة اغتيال بوش الأب بعد عامين من انتهاء حرب الخليج الثانية ، بالإضافة أن صدام حسين كان يصف بوش الابن بأنه ابن الأفعى ، مما جعل بوش الابن يقول أمام جماهيره :- صدام حسين يكرهنا ، وذلك أثناء تجمع جمهوري لجمع تبرعات حملته الانتخابية ، وبذلك فإن كل المبررات الكاذبة التي أطلقتها الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفاؤها من العرب والعجم ما هي إلا ذريعة ومطية لغزو واحتلال العراق ، وليس لها أي أساس من الصحة . - والحقيقة أن القاصي والداني ، والأصم والسميع ، والأعمى والبصير ، قد عرفوا ، وأيقنوا بأنه لا يستوي حاكم وطني منتخب ، نهض بوطنه إلى عنان السماء ، واستشهد من أجل الدفاع عن ترابه ومقدساته بحاكم وضعه المحتل الأجنبي صورة كالكاريكاتير الذي نجده على صدر صفحات الجرائد ، فلا يخفي على أحد ما قد حدث بالعراق وأهله منذ أن دنسته القوات الأمريكية بمساعدة الخونة من أمثال نورى المالكي حتى يومنا هذا ، فالنشرات الإخبارية يومياً نراها تبث لنا حمامات الدم التي تدمي القلب في شتي بقاع العراق ، رجال قتلي ، ونساء ثكلي ، وأطفال تقتل بكل وحشية ، وأعراض تنتهك بالقوة والهمجية ، بالإضافة لتدهور المرافق الأساسية ، وتدمير البنية التحتية ، واشتعال لهيب الفتنة الطائفية ، وكل هذا للأسف هو بعض من كل مما آل إليه حال العراق تحت قيادة العميل الخائن نورى المالكي. - أما العراق في عهد الرئيس الوطني الراحل صدام حسين فقد شهد أعلي معدلات النمو الاقتصادي على مستوى المنطقة ، فالمواطن العراقي الذي كان دخله ثلاثمائة وسبعون ديناراً عندما تسلم الرئيس صدام حسين السلطة ، قد ارتفع ليصل إلى ثلاثة آلاف ومائة دولار عام 1980م ، أضف إلى ذلك أن صدام حسين هو الحاكم الوحيد الذي استطاع أن يوحد العراق ويحافظ على قوميته ، وهو الذي قضي على الأمية كاملة في العراق بشهادة منظمة اليونسكو العالمية ، وهو الذي نجح في بناء أكبر قاعدة علمية تضم أكثر من عشرين ألف عالم في كافة المجالات والتخصصات ، وهو الذي أحيا حضارة العراق ودعمها بعد أن باتت ملقاة على فراش الموت ، وهو الذي أنشأ أفضل نظاماً صحياً في المنطقة بشهادة منظمة الصحة العالمية ، وهو الذي طور المؤسسة العسكرية العراقية ، وبني أكبر الجيوش في المنطقة . - ذلك لأنه صدام حسين ، الذي اتهمه وتجني عليه بعض المرتزقة المتخاذلين من كتاب السلطة والنفاق في العالم العربي ، زاعمين بأنه كان عميلاً لأمريكا ، وهم يعلمون علم اليقين بأنه لو كان كذلك لكان رئيساً للعراق حتى يومنا هذا ، إنه صدام حسين الذي عرض عليه الاحتلال كل المغريات من خلال كونداليزا رايس ، وبوساطة روسيا وهو في السجن قبل أن يعدم ، ومن بين تلك المغريات أن يصدر بياناً يطالب فيه المقاومة بالتخلي عن العنف ، والدخول في العملية السياسية مقابل تأمين سفره للخارج ، مع توفير المال اللازم الذي يكفيه لأن يعيش عزيزاً كريماً في أي بلد يختاره ، لكنه أبي ورفض كل المغريات ، بل وأصر على أن يعيش رجلاً ويموت رجلاً ، إنه صدام حسين الذي حينما علم بنبأ استشهاد ابنيه ، وفلذة كبده ، عدي وقصي قال في صبر الأبطال ، وجلد الأوفياء ، وعيناه تذرفان بالدمع:- لو كان لصدام حسين مائة من الأولاد غير عدي وقصي لقدمهم صدام حسين على نفس الطريق ، إنه صدام حسين الذي لم يبع فلسطين ، ولم يتخلي عن ثوابته ، ولا عن القومية العربية ، ولم يقبل بسلام الصهاينة ، ولم يسجد لأمريكا ، أو يفرط في التراب. فيا أيها المجاهدون العراقيون ، من البعثيين وغير البعثيين ، ويا رنا ، ويا رغد ، كونواْ جميعاً على قلب رجل واحد كالقنبلة الموقوتة التي تنفجر في وجه المحتل الغاصب وعملاءه فتنسفهم نسفاً ، واثأرواْ لمن قاتل ، واستشهد ، وقدم رقبته من أجل حريتكم وكرامتكم ، اثأرواْ لعدي وقصي ، الشابان اللذان لم يفضلا الهرب للخارج ، وفضلا أن يقاتلا المحتل حتى استشهدا ، اثأرواْ لشباب ورجال العراق الأوفياء ، اثأرواْ لشيوخ ونساء وأطفال العراق الذين قتلهم المحتل الغاصب دون أدني ذنب اقترفوه ، اثأرواْ وخاصمواْ سنة الكرى ، حتى تستردواْ كل الثري ، اثأرواْ فإن موتكم في سبيل تحقيق ذلك الهدف المقدس هو حياة لكم ، ولنا ، وللأمة جميعها ، ... فلتحيا المقاومة ، ولتحيا فلسطين .