الرئيس السيسي يترأس اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة    رئيس الوزراء يُصدر قراراً بتشكيل اللجنة الرئيسية لتطوير الإعلام المصري    وزارة الصحة تعلن قائمة المستشفيات المعتمدة لإجراء الكشف الطبي لمرشحي مجلس النواب    الأوقاف تعقد 673 مجلسا فقهيا حول أحكام التعدي اللفظي والبدني والتحرش    سعر صرف العملة الخضراء.. أسعار الدولار مقابل الجنيه اليوم الأحد 5-10-2025    بدء حجز 2513 وحدة سكنية ضمن مبادرة «بيتك في مصر».. غداً    توقيع بروتوكول تعاون بين "صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري" و"بنك نكست"    رئيس الوزراء يتابع موقف مشروعات تطوير البُنى التحتية وأنظمة التأمين بالمطارات    وزيرة البيئة تبحث مع محافظ الفيوم الموقف التنفيذي للمشروعات التنموية والخدمية    الهلال الأحمر المصري يرسل قافلة «زاد العزة» ال45 إلى غزة محمّلة ب3600 طن من المساعدات الإنسانية    وزير الدفاع الإسرائيلي: 900 ألف فلسطيني نزحوا من مدينة غزة نحو جنوبي القطاع    تفاصيل تسليم فضل شاكر لنفسه.. رحلة طويلة من التخبط بين الغناء والاعتزال والهروب    جرّوها من شعرها وفعلوا بها كل ما يمكن تخيله.. كيف عذّبت إسرائيل الناشطة جريتا ثونبرج بعد احتجازها؟    اللجنة المصرية بغزة: المخيم التاسع لإيواء النازحين يعد الأكبر على مستوى القطاع    ثلاثي الدوري المصري يُزينون قائمة منتخب المغرب في كأس العرب    أون سبورت تنقل مباراة بيراميدز والجيش الرواندي في دوري أبطال أفريقيا    الأهلي: الشحات لا ينتظر حديث أي شخص.. وهذه كواليس تألقه في القمة    3 عقبات تعرقل إقالة يانيك فيريرا المدير الفني للزمالك .. تعرف عليها    "الجمهور زهق".. أحمد شوبير يشن هجوم ناري على الزمالك    إصابة 14 شخصا إثر انقلاب ميكروباص على الطريق الساحلي بالإسكندرية    وفد من الوزارة لمناقشة ما يخص مدارس التعليم الفني لتطوير البرامج الدراسية    محافظ المنوفية يجتمع بأهالي قرية دلهمو للاستماع لمطالبهم حول أزمة ارتفاع منسوب النيل    طفل يقود سيارة برعونة في الجيزة.. والأمن يضبط الواقعة ووالده المقاول    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يكشف عن لجنة تحكيم مسابقة أبو الحسن سلام للبحث العلمي    قصور الثقافة في الأقصر وأسوان وقنا والبحر الأحمر تحتفل بذكرى نصر أكتوبر المجيد    مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الشرقية    هل قصّ الأظافر ينقض الوضوء؟.. أمين الفتوى يوضح الحكم الشرعي    واعظة بالأوقاف توضح كيفية التعامل مع «مشكلة الخيانة الزوجية»    ألونسو يكشف مدى إصابة مبابي وماستانتونو عقب مباراة فياريال    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام بيرنتفورد.. غياب مرموش    تشكيل يوفنتوس المتوقع أمام ميلان في الدوري الإيطالي    فاتن حمامة تهتم بالصورة وسعاد حسني بالتعبير.. سامح سليم يكشف سر النجمات أمام الكاميرا    ماجد الكدواني يحتفل بعرض «فيها إيه يعني» في السعودية    نجوم المشروع الوطني للقراءة يضيئون معرض دمنهور الثامن للكتاب    الصحة الفلسطينية: 3 جرحى برصاص الاحتلال أحدهم في حالة خطرة    وزير الدفاع الإسرائيلي: نزع سلاح حماس في نهاية خطة ترامب    سوريا تنتخب أول برلمان بعد بشار الأسد في تصويت غير مباشر    نائب وزير الصحة يشيد بخدمات «جراحات اليوم الواحد» وموقع مستشفى دمياط التخصصي    «السبكي» يلتقي رئيس مجلس أمناء مؤسسة «حماة الأرض» لبحث أوجه التعاون    بالتعاون مع «الصحة».. مطار القاهرة الدولي يطلق خدمة لتعزيز الجاهزية الطبية    رئيس مجلس الأعمال المصرى الكندى يلتقى بالوفد السودانى لبحث فرص الاستثمار    أسعار مواد البناء اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. عقد 213 مجلس فقه بمساجد شمال سيناء    تركت رسالة وانتحرت.. التصريح بدفن عروس أنهت حياتها بالفيوم    إصابة 9 فتيات في حادث تصادم بطريق بني سويف – الفيوم    تاجيل طعن إبراهيم سعيد لجلسة 19 أكتوبر    «تعليم القاهرة» تهنئ المعلمين في اليوم العالمى للمعلم    الخميس المقبل إجازة للعاملين بالقطاع الخاص بمناسبة ذكرى 6 أكتوبر    وزير الاتصالات يعلن إطلاق نسخة مطورة من منصة إبداع مصر لتمكين الشركات الناشئة    عودة إصدار مجلة القصر لكلية طب قصر العيني    صحة الأقصر... بدء حملة التطعيم المدرسي للعام الدراسي 2024 / 2025    أيقونات نصر أكتوبر    136 يومًا تفصلنا عن رمضان 2026.. أول أيام الشهر الكريم فلكيًا الخميس 19 فبراير    اليوم.. محاكمة 5 متهمين في قضية «خلية النزهة الإرهابية» أمام جنايات أمن الدولة    السيسي يضع إكليل الزهور على قبري ناصر والسادات    «اللي جاي نجاح».. عمرو سعد يهنئ زوجته بعيد ميلادها    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    أبواب جديدة ستفتح لك.. حظ برج الدلو اليوم 5 أكتوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يرعى التطرف
نشر في شباب مصر يوم 22 - 08 - 2011

التصريحات التي أدلى بها (جيفري بوكانن) الناطق بإسم الجيش الأمريكي في العراق مؤخرا خلال مؤتمر صحفي عقده في البنتاغون يعيد الهرم الإعلامي الامريكي المقلوب إلى وضعه الصحيح, فقد ذكر بأن "المليشيات المدعومة من إيران تمثل أكبر تهديد لأمن العراق في الوقت الراهن. وإنها تحظى بالدعم الكامل من إيران من خلال تدريبهم وتمويلهم وتسليحهم, وإن هذه الميليشيات تفوقت في خطرها على تنظيم القاعدة". وهذه أول مرة يوجه قائد عسكري إتهامات واضحة ومباشرة لإيران واصفا الميليشيات المدعومه من قبلها بأشد خطورة من تنظيم القاعدة! ولكن كيف تغيرت زاوية الإتهامات الأمريكية 180 درجة من تنظيم القاعدة وسنة العراق إلى الميليشيات الشيعية؟ لابد أن نرجع قليلا للوراء قبل الإجابة على هذا السؤال.
نستذكر الوصف الذي أطلقه (بول وولفووتز)نائب وزير الدفاع الأمريكي على السنة في العراق بقوله" أنهم نازيون" ويتطابق هذا الوصف مع تصنيف بول بريمر رئيس سلطة التحالف المؤقتة بأن "كل سُنّي بعثي، وكل بعثي صدّامي، وكل صدّامي نازي" حتى يخيل للسامع بأن بريمر أمسى من أتباع آل البيت. ولايفوتنا بهذا الصدد الإشارة الى تصريح الرئيس بوش بأن بلاده في حرب ضروس ضد " الفاشيين الإسلاميين الذين يستخدمون كل السبل لتدمير عشاق الحرية" وهذا الوصف يعني بشكل غير مباشر السنة. لأنه تنظيم القاعدة محسوب على السنة بالرغم من دعمه من قبل النظام الايراني الشيعي. ولاشك إن لفظة(النازية والفاشية) ذات حساسية بشكل خاص للأمريكيين والأوربيين وعندما تطلق هذه الصفة على أية مجموعة فهذا يعني بالنتيجة شحن بطارية المظلومية اليهودية وإستحضار مذابح الهولوكوست في الذاكرة. مما يعني بالتالي إن للصهاينة خيطا خفيا فيها. وقد أستعارت وسائل الاعلام المغرضة مصطلح الفاشية الاسلامية من الرئيس الامريكي ليكون موضوع التداول اليومي في بورصة الأخبار اليومية، بعد أن طورته إلى مفهوم جديد هو الإرهاب الإسلامي.
في الثاني من شهر كانون الثاني عام الغزو الأمريكي للعراق ذكرت صحيفة نيويورك تايمز بأن خطة بوش لإحتلال العراق ذات هدفين فقط : اولهما الحفاظ على وحدة العراق وسلامته الاقليمية، وثانيهما: منع أي تدخل خارجي سواء كان عسكري أو غير عسكري. وهو بمثابة إنذار قوي لدول الجوار- سيما ايران- من التدخل في شئون العراق. كان هذا قبل أن تبزغ شمس الحقيقة وتكشف إن الهدف الحقيقي من وراء الغزو هو السيطرة على النفط وتأمين سلامة إسرائيل وقد إعترف (كنيث بولوك) أحد أبرز مخططي السياسة الأمريكية "إن الإستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط منذ عام 1978 تعتمد على ضمان استمرار تدفق النفط، ومنع هيمنة القوى الأخرى على المنطقة، وضمان بقاء إسرائيل كدولة مستقلة، مع المحافظة على علاقات مستقرة مع الدول العربية المجاورة" وقد حققت الإدارة الأمريكية استراتيجيتها تلك بنجاح تام من خلال تعاون بعض الأنظمة العربية المعادية للعراق في الباطن أو الظاهر معها, وكانت تلك الأنظمة إضافة الى النظام الإيراني الأوكسجين الذي ساعد الشيطان الأكبر على الإشتعال ليخلف رمادا أسودا دعوه العراق الجديد.
في الشهر الأول من الغزو تدفقت سيول العمالة إلى داخل العراق من كل الجهات وكان أعنفها من الجارة المسلمة! و ليست تلك بمفاجأة فتأريخ العلاقات مع جارة السوء مبني على الفتن والحقد والتآمر على سيادة العراق. حتى الأمريكان أنفسهم لم تكن لديهم ثقة بأن أقزامهم العملاء الوافدين من ايران يمكن أن يديروا دولة قلقة ومعقدة مثل العراق حيرت ملوكها وولاتها ورؤسائها منذ فجر التأريخ ولحد الآن بسبب المزاج المتقلب لشعبها وتطرفه في حبه وكراهيته وطاعته. حتى أن أحد الولاة شكى من هذه الحالة بقوله" تبا لكم أيها العراقيون فأنتم متطرفون حتى في طاعتكم".
وقد أحسن السياسي المخضرم (جيف سيمونز) في وصفهم "لا يوجد هناك زعيم عراقي واحد من المعارضة في الخارج يصلح لإشغال منصب رئيس للعراق". لكن إدارة الكيان الصهيوني كان لها رأيا مخالفا بهؤلاء العملاء عبًر عنه(إيهود أولمرت) رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بتاريخ 13/2/2004 خلال زيارته لموسكو بقوله" آمل أن تبقى علاقتنا التي كانت متميزة مع الزعماء العراقيين الجُدد الذين سبق وأن التقيت معهم شخصيا خلال زياراتي إلى أميركا وأوربا وأنهم لن ينسوا ذلك بعد أن أصبحوا زعماء الآن" وبالفعل ردوًا الجميل لاولمرت وكيانه وزيادة.
أتبع الكيان الصهيوني في العراق إسلوب العمليات الذكية بالتعاون مع النظام الإيراني وهو نفس الإسلوب الذي إنتهجه في لبنان خلال السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي. يوضحه لنا (جوناثان راندل) أحد أبرز المقربين من وكالة المخابرات الأمريكية بقوله "جرت العمليات الذكية من خلال تحريض إسرائيل اللبنانيين الشيعة على زرع سيارات مفخخة تستهدف المسيحيين الموارنة على أمل أن يحتل المسلمون من السنة رأس قائمة المتهمين"! وهو ما يسمى بإثارة الفنتة الطائفية وقد نجح نفس الاسلوب نجاحا باهرا في العراق سواء بالتعاون مع الزعماء الشيعة أو الأكراد. ولا عجب فالتنسيق بين هذه الجهات ليس بالأمر الجديد. فقد كشف (أريل شارون) في مذكراته هذه الحقيقية "توسعنا في حديثنا بشأن علاقات المسيحيين ببقية الطوائف الأخرى الشيعة والدروز, وقد طلت شخصياً طلبت منهم ضرورة توثيق الروابط مع هاتين الأقليتين, والحقيقة أسعدني جدا تقديم اقتراح يتعلق بمنح قسم من الأسلحة الإسرائيلية إلى الشيعة كمبادرة رمزية...الخ" ويستطرحتى يكشف الحقيقة المرًة بقوله" لم أرَ يوماً في الشيعة أعداء إسرائيل على المدى البعيد".
الحقيقة إن شيعة العراق وليس شيعة بوش هم خارج هذا التصنيف, فدورهم البطولي في الذود عن حياض الوطن قبل الغزو دوررئيسي لايمكن أن ينفيه منصف. ذلك قبل أن يحقنهم مراجع فاتيكان النجف بهيروين نصرة المذهب.
كان تحذير الإدارة الأمريكية لدول الجوار العراقي من مغبة التدخل في شأن العراق الداخلي مسرحية تافهة! فدول الجوار ماعدا تركيا كشفت عن سيقانها لتتسلل قوات الغزو بينهما لداخل رحمها وتنطلق منها إلى العراق. أما مفاهيم العروبة والدين والقومية والأخاء والتأريخ والمصير المشترك وغيرها من المعاني التي أفرغت من محتوياتها النبيلة فقد داسها المارينز ببساطيلهم كأعقاب السكائر. لذا لم نستغرب تصريح مدير مكتب السي آي أي في باكستان (ميلتون بيردن) بأن "السعوديون كانوا يدفعون فواتير الحرب مناصفة مع الأمريكيين وبلغ ما يدفعه كل طرف(500) مليون دولارا سنويا, ومارسته ثانية في حرب الخليج عام 1991 حيث دفعت الكويت والسعودية وألمانيا واليابان ثلثي كلفة الحرب ضد العراق" والله عالم بما قدمه الأشقاء العرب للرئيس بوش من دعم مالي لتدمير العراق.
ما إن إستقرت الأمور لإدارة الغزو داخل العراق حتى بدأ النظام الإيراني يحيض بالميليشيات الإجرامية ويغسل نطفته بماء شط العرب. كل ذلك جرى على مرأى ومسمع الأمريكان, الذين سبق لهم أن صنفوا في كانون الثاني 2002 العراق وإيران وكوريا الشمالية بأنهم دول محور الشر! لكنهم لم يحاربوا غير محور واحد هو العراق! بل تعاونوا مع محور شرً ضد محور شرً آخر حسب زعمهم دون أن يكشفوا سرً هذه الأحجية! إنها نفس الإدارة التي طالبت بعد أحداث 11 سبتمبر بتغيير وجه الشرق الأوسط من خلال "تطهيره من الدول الفاسدة كمصر والسعودية وباكستان وفرض قيود جديدة على سوريا وإيران وكوريا" حسبما أورده جونثان رادل.
إنطلق فيلق بدر وميليشيات ثأر الله وحزب الله وجيش فاطمة وتنظيم القاعدة المدعوم من إيران وكتائب الحسين والحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس وغيرها لتدخل العراق بكامل أسلحتها وتجهيزاتها العسكرية. من شمال العرق إنطلقت قوات البيشمركة مع حلفائهم الصهاينة إلى كركوك وديالى وصولا إلى بغداد في تنسيق مثير يؤكد بأن دول الجوار وإدارة الغزو وحلفائها يخضعون إلى إدارة مباشرة وموحدة، توزع عليهم المهام بشكل ذكي بحيث لم يجر أي تصادم في المصالح لا بين المستكبرين ولا بين المستضعفين. كل منهم يساهم في خدمة المحتل بتفاهم مسبق ورؤية واضحة ومصالح مشتركة كأنهم يعملون بنظرية الأواني المستطرقة.
أفرغت ترسانة الجيش الخامس في العالم من أسلحتها بالكامل وتحول المستودعات والمعسكرات في العراق إلى خرائب ليسكنها المشردون! وسارت القوافل المحملة بالأسلحة العراقية بإتجاهات متغايرة. القافلة الأولى إتجهت إلى شمال العراق وأفرغت شحناتها في مستودعات البيشمركة. والقافلة الثانية إلى الشرق لتفرغ شحناتها في مستودعات الرئيس نجادي. والقافلة الثالثة توزعت لقوافل صغيرة مبعثرة توجهت لبقية الدول المجاورة. القافلة الرابعة حملت الصواريخ بعيدة المدى وقاذفاتها وبقية الأسلحة التي طورها العراق والصالحة للإستخدام وبيعت كخردة للأمريكان بسعر خمسمائة دولار للطن واحد! يا بلاش! وما تبقى من أسلحة كانت من حصة الميليشات رغم ان فريضة الجهاد معطلة بموجب فتاوى مراجع البيت الأبيض! فما الحاجة أذن للسلاح؟ هذا ما تكشف خلال أحداث عام 2006 بعد تفجير ازلام النظام الايراني العتبات المقدسة في سامراء لتندلع الحرب الاهلية غير المتكافئة فالامريكان والحكومة والميليشيات جميعهم ضد طرف واحد منزوع السلاح وفرض مبدأ "ما ننطيها" – أي السلطة وهي مقولة للمالكي بأنه يتمسك بالسلطة ولا يتخلى عنها- علما إنه لم يطالب احد بها!
الإدارة الأمريكية التي تحارب الفاشيست الإسلامي هي نفسها التي سمحت لقوات التطرف الإسلامي بالتوافد على العراق وباركته! لأن التطرف الإسلامي في أساسه صناعة امريكة بدأت بضخ أول إنتاجها للسوق الافغانية خلال الغزو الروسي بماركة تجارية مميزة سميت تنظيم القاعدة. ونستذكر بهذا الصدد تصريح الرئيس الامريكي رونالد ريغان في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي بأن "كل المقاتلين ضد الغزو السوفيتي في أفغانستان هم مقاتلون من أجل الحرية". وسبحان الله فقد تحول المقاتلون من أجل الحرية إلى مقاتلين من أجل الإرهاب وأعدم أبرز قادة التحرر! فعلا! لا توجد في السياسة صداقات دائمة ولا عداوات دائمة بل مصالح دائمة. وهذا ما لا يدركه العملاء رغم كثرة التجارب.
الإدارة الأمريكية أدرى من غيرها بحكم ثقلها المخابراتي والإعلامي بإن الميليشيات الإيرانية أو المدعومة من إيران كفيلق القدس وتنظيم القاعدة وفيلق بدر وجيش المهدي وميليشات عصائب أهل الحق حزب الله والحزب الإسلامي والبعض المتستر بأغطية أخرى ممن تموله دول الجوار هي التي تقوم بالتفجيرات التي تستهدف السكان الأبرياء. في حين كانت المقاومة العراقية الباسلة مسئولة عن الخسائر التي تكبدتها قوات الغزو في المعدات والأرواح. وخلط الأوراق في هذه المسألة بات لعبة مكشوفة ومملة!
لكن كل الأعمال الإرهابية والجرائم التي جرت في العراق وإستهدفت المدنيين سواء كان مصدرها دول الجوار أو الكيان الصهيوني أو الميليشيات والعصابات العراقية تتحمل وزرها في المحصلة النهائية إدارة الغزو لأنها المسئولة أولا وآخيرا بموجب القانون الدولي عن أمن وسلامة وإستقرار الدولة المحتلة. وكل أعمال الأرهاب تمت بمعرفة إدارة الغزو وربما باركتها. وللعلم لم تجر أية عملية إرهابية في العراق منذ الغزو لحد الآن دخل الأمريكان فيها كطرف في التحقيق وكشف الملابسات رغم كفائتهم التقنية وخبرتهم البارعة في هذا المجال! إذن ما السبب؟
هل هناك ميليشيا لا تعرف الإدارة الأمريكية شيئا عنها كمصادرها وتمويلها وتسليحها وتحركها وطبيعة نشاطها؟ إذن لماذا لم توجه إليها الإتهامات مباشرة وتطفأ فتيلها قبل أن يستعر؟ لماذا إقتصر الأمر على تصريحات خجولة على مستوى قادة عسكريين ميدانيين فقط لا تقدم ولا تؤخر.
الا تعرف الإدارة الأمريكية بإن العديد من قادة تنظيم القاعدة مازالوا موجودين حاليا في ضيافة الخامنئي في طهران؟ ما الغرض من وجودهم هناك؟ ولماذا لا تطالب بهم وبعضهم مطلوب بالإسم في لوائحها الإرهابية؟
ألم تذكر مصادرها الإستخبارية بإن الزرقاوي كان في إيران قبل أن يتوجه إلى العراق وينفذ عملياته الإرهابية ضد الأبرياء؟ لماذا أهملت جانبه قبل أن يستفحل أمره؟
ألا تعرف بإن هناك ما لايقل عن(30) ميليشيا مدعومة من إيرن تعمل في العراق؟ وماهي نشاطاتها؟ ولمن توجه تلك النشاطات؟ بالطبع ليس ضد القوات الغازية وإلا لإتخذت الإجراءات المناسبة ضدها!
الم يتسلم عملاء إيرن جميع المراكز الحساسة في وزارات الدفاع والأمن الوطني والداخلية والمخابرات بموافقة قوات الاحتلال؟ ومعظمهم متطرفون اسلاميون!
ألم يتأسس جيش المهدي- في ظل وجود القوات الأمريكية؟ وكانت الطائرات الأمريكية تتولى حماية قطعاته جوا خلال إستعراضهم الأخير في بغداد! وقوات المالكي تؤمن الحماية الأرضية لهذه الميليشيا الإرهابية التي وصفها المالكي خلال صولة صبيانه في البصرة بأنها أشد إرهابا من القاعدة؟
إذن ما هذه الفقاعات الإعلامية التي أطلقها(جيفري بوكانن) ولماذا في هذا الوقت بالذات؟ الجواب نستشفه من المصدر نفسه. فقد صرح احد المسئولين في إدارة الغزو بأنهم عثروا خلال إحدى الهجومات التي إستهدفت قواتهم الغاشمة على مواد إيرانية الصنع بحوزة المهاجمين. وأكد المصدر بأنه بعد جمع الأدلة تبين لهم إستخدام القوة المهاجمة لحاويات معدنية زرعت في داخلها حشوات متفجرة من نفس النوع الذي تستخدمه كتائب حزب الله التي وصفها المصدر بأنها "تتلقى التمويل والتدريب من إيران".
إنها المرة الأولى التي يعلن فيها(ليون بانيتا) وزير الدفاع الأمريكي بأن "العراق أمسى في حاجة ضرورية لإتخاذ إجراءات صارمة ضد فصائل مسلحة تستهدف القوات الأمريكية المنتشرة في العراق بأسلحة إيرانية". ولكن هل سيلي هذه التصريحات إجراءات عملية أم هي مجرد فقاعات هوائية ما تلبث أن تنفجر دون أن تخلف شيئا ورائها؟ وهل فعلا الحكومة العراقية التي يؤتمر رئيسها الطالباني بأوامر العميد سليماني قادرة على إتخاذ إجراءات ضد الميليشيات المدعومة من إيران؟ هل نسى المصدر الأمريكي الإستعراض الأخير لميليشيا المهدي في بغداد؟ وهي ميليشا إرهابية تدار من قبل الخامنئي! وكيف تمت حمايته من قبل حكومة المالكي والقوات الأمريكية نفسها؟ كفاككم إستغفالا لنا وإستهزاءا بعقولنا. فقد أنضجت خيبة العراقيين بكم عقولهم جميعا
[email protected]
علي الكاش


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.