تمر مصر الان باخطر مراحلها التاريخية علي الاطلاق , وهذه المرحلة لم تتعرض لها دولة من دول العالم قط , ليس كونها حالة ثورية كما يحلو للبعض ان يتعلق بها ويتسلق عليها – بل لانه البلد الوحيد الذى به 18 مليون ثائر وهم الذين نزلوا الي الميادين المنتشرة في المحافظات المختلفه . لدينا الان 18 مليون رأى سياسي , و18 مليون اتجاه , و18 مليون مطلب , وهكذا دواليك اى شيء يمكن احتسابه 18 مليون ويحلو لهم تسميتها بالشرعية الثورية . فمن مشي ساعه او نصف ساعة في مظاهره تساوى مع من امضي 18 يوم معتصما في ميدان التحرير – ومن شاهد قناة الجزيرة عبر شاشات التلفزيون اصبح ثائرا , وان سألت شابا ممن تعرف كيف كان يمضوا حياتهم متنقلين من مقهي الي اخر – يقول لك انا من الثوار – انا من شباب ائتلاف الثورة – وهكذا اختلط الحابل بالنابل – ومولد وصاحبه غائب , وعلي من يكذب ذلك فعليه اثبات كذبه وادعائه بالبحث عن شخص ممن ادعوا الثورية في وجوه 18 مليون ثائر. لم يرى الشباب الا انفسهم وانهم اصحاب الحق في الحديث باسمها , وان كل شيء ينسب لهم دون بقية الشعب – لان وسائل الاعلام قد تعاملت في هذا الامر بدون مهنيه – بل كانت الاثارة ومحاولة الالتفاف وتسلق الثورة ايضا اليه من اليات رفع نسبة التوزيع , والمشاهد المتابع الجيد لهذه الاحداث رأى شيوخا وهن العظم منهم , وخط الشيب رؤسهم – واصحاب اعاقه باطراف صناعية , او اعاقه في التكوين – لكنهم كانوا متواجدين – لكن ليس لهم الحق في الحديث كما انه ليس لهم حق الحياة والحصول علي حقوقهم بالتعيين والحصول علي العمل . تناسي هذا الشباب الذى تعالي علي الاباء والكبار وجهودهم علي مر السنين في تربيتهم حسب استطاعتهم – وتضحية الام بالتغلب علي خوفها ودفع اولادها الي الثورة للدفاع عن حق ضائع – بل هناك من شارك قبل ذلك من امهات مصر عقب اغتيال خالد سعيد ومنهم علي سبيل المثال جميله اسماعيل , شاهندة مقلد التي تجاوزت السبعين من عمرها – بثينه كامل ثم عزة بلبع - هذا في الوقت الذى كان هذا الشباب الذى يدعي الثورية خانع وقابع في بيته او في مكان لهوة غير عابئ بما يدور من حولة .بل وشاهدنا في اول وقفه احتجاجية كبار السن من ثوار الزمن المأزوم – مثل ابو العز الحريرى وعبد الرحمن الجوهرى وفتحي فرج وغيرهم ممن جاوزا الستين من عمرهم دون خوف او وجل من امن الدولة وقوات الامن المركزى التي احاطت بنا منذ هذا اليوم وحتي 25 يناير – بل تناسي الشباب بان تليفونات المنازل والموبايل كانت مراقبة وكل انسان كان حاملا مستقبله وما تبقي له من ايام حياته في يد االله ومرهونه بارادة الظالم المستبد المتوحد المتوحش . يجب علينا جميعا الا نبخس حق الاخرين فيما فعلوه – فكل انسان خلق لما يسر له , والانسان قدرات سواء صحيه او عقليه لكن ليس معني الصمت انه كان مع النظام وليس خنوعا – ولكنه صمت المضطر والمغلوب علي امره وكانت شكواه الي الله دائما عسي ان يخصلنا الله من هذا الامر الذى جثم علي قلوب المصريين وارزاقهم – وكانت حصيلة دعائه تلك الثورة. . قد نلتمس العذر لهؤلاء الشباب بانه لم يعلموا او يتعلموا معني الديمقراطية , وقد مر بهم اسوء فترات حكم مصر علي الاطلاق - وتلاشت عندهم القيم والاخلاق والرقي – ومنهم من عاش وهم البطولة الزائفه وتولدت لديه قناعه بانه يجب القضاء علي الكبار والتخلص منهم بل اكثر من ذلك لا داعي لاحترامهم او تقدير رأيهم في الامور – وكانهم علي صواب والاخرين علي باطل . لكن ان الاوان ليتعلموا بان الثورة يجب ان تتماشي مع تعلم الديمقراطية واسلوب الحوار والتخاطب دون الخروج علي حدود الادب – ولا يعتقدون بان ثوريتهم هي الفوز بالضربه القاضيه والا سوف تصبح كل جهودهم هباء منثورا – عليهم التعلم بخوض جولات متعدده ربما يحققون فيها الفوز بنجاح حتي ولو بالنقاط حيت يكتسبون عطف المواطنين والشعب كله – ومساندتهم في قضيتهم طالما هم ااصحاب حق وليس ادعياء بطولة . خيط رفيع بين ثقافة الثورة وثقافة العنف والبلطجية , ولشدة ما اخشي اننا نستيقظ يوما علي بلدنا الحببيه وبدلا من ان نتغني ب18 مليون ثائر – نلعن 18 مليون بلطجي. وللاسف بدأت تظهر بواد هذا الامر في بعض التيارات السياسية وللاسف التيارات الليبراليه وداخل مؤسسات عاشت الحصار الامني كاملا لكن هذا هو قدرها التي ارتضت به وامنت به وعملت له وعليه . خيط رفيع بين هذا وذاك فالحذر كل الحذر حتي لا يتمزق هذا الوطن , ولا اقصد الوطن كبنيان وكيان – فهم قائم رغم كل المؤمرات والدسائس – لكن التمزق بين ابنائه واللعنات تطارد الكل – وحالات الندم تزداد – ويصبح الامر مرهونا بثورة مضادة او ثورة مقابله لتنقض علي الجميع واعادة امر اصحاب المصالح لما كانت عليه سابقا . سامي عبد الجيد احمد فرج