تتلخص مشكلة الباعة الجائلين لدى الحكومة ولدى محافظ القاهرة الدكتور جلال السعيد.. فى انهم افترشوا ارصفة شوارع وسط القاهرة..ووسط القاهرة..بالنسبة للحكومة وبالنسبة للمحافظ هو الحى الراقى..الذى يقصده السياح..وابناء الطبقة الراقية..والسادة الاكسلنسات اصحاب السلك الدبلوماسى والقنصلى من الاجانب ومن العرب ..سواء للتنزه او للتبضع.. او للجلوس عل المطاعم والكافتريات الشهيرة... او لدخول دور السينما..العريقة..فى وسط البلد.. ولذلك كان شغل الحكومة الشاغل..هو كيف تخلى هذه الاحياء الراقية.والتى بنيت فى عهد الخديوى اسماعيل أى منذ اكثر من قرن ونصف..من هؤلاء الباعة.الجائلين..لتعيد على حد قولها..للقاهرة وجهها الحضارى.. بمعنى اّخر لو كان الباعة الجائلين قد افترشوا ببضاعتهم فى اى من احياء القاهرة الاخرى... لما كانت هناك اى مشكلة بالنسبة للحكومة..ولا بالنسبة للمحافظة..ولما حدثت اى مواجهة مع الباعة.. غير.ان هؤلاء الباعة للاسف لم يجدوا فى القاهرة شوارع فى احياء اخرى لها ارصفة تتسع لهم ولفرش بضاعتهم البسيطة عليها ليتعيشوا..منها.. ولو كانت هناك غيرها..لكانوا وفروا على انفسهم مخاطر التعرض للحكومة...ومداهمة..قواتها.. وبالتالى فقد اضطروا لذلك..حلا لمشاكلهم الاجتماعية والاقتصادية..التى تسببت فيها اخطاء الحكومات المتعاقبة.. من بيع.. شركات القطاع العام....وخصخصة هيئاته ومؤسساته... الى وقف تعين خريجى الجامعات والمؤهلات المتوسطة..منذ اكثر من ربع قرن.. اى من اوائل تسعينات القرن الماضى.... ولذا..حينما يسعى عشرات الالاف من الشباب الذين لم توفر لهم الحكومة.. وظيفة ما يتعيشوا منها.. ولم تدفع لهم ضمان اجتماعى ضد البطالة.. وفى ظل اقتصاد واقف ومتعثر منذ سنوات.. خاصة فى السنوات الاخيرة...حيث بلغ عدد المصانع المغلقة والشركات المتوقفة عن العمل اكثر من الف وسبعمائة مصنع وشركة...لم يعاد اى منها للعمل والانتاج الى الان.. لما يسعى هؤلاء الشباب..الذين لم يتمكنوا من الخروج للعمل بالخارج سواء..عن طريق الفيزة والتعاقد.. او عن طريق الهجرة الشرعية..او الغير شرعية..وحوادث البحر المتكررة..دليل على ذلك.. . ويسعوا الى..ان..ينسحبوا من كم البطالة المتراكمة....ويحلوا مشاكلهم الاجتماعية المتفاقمة بسبب البطالة.. باكتساب رزقهم من فرش بعض البضائع المستعملة..مثل ملابس البالة..والاحذية الرخيصة..على الارصفة.... ليتكسبوا العيش..واسرهم.. تقوم الحكومة بمطاردتهم..بدلا من تكريمهم...ومعاقبتهم على ان تولوا ببساطة حل مشاكل الاف العاطلين واسرهم.. والتى فشلت الحكومة..طوال ربع قرن فى حلها.. بتوفير اى من الوظائف البديلة.. لهم... وبدلا من ان تتولى الحكومة تطوير هذه الفكرة البسيطة.. التى ابتكرها هؤلاء الشباب.. من عرض البضائع على الارصفة..امام المارة..دون ما فاترينات..وديكور ...وخلافه.. وذلك بمدهم بالسلع الراكدة لدى الشركات المتعثرة مثل شركات النسيج فى المحلة وكفر الدوار... وغيرها من الشركات التعدينية ومصانع المواد الغذائية..مستفيدة بذلك من امكانات عشرات الالاف .. من العارضين..وبلا مقابل..سوى فقط رضاء الحكومة.. قامت الحكومة ممثلة فى محافظ القاهرة بنقلهم بالقوة.. الى جراج الترجمان فى اقصى اطراف القاهرة.. حيث لا يوجد اى .. من المارة.. وبدون ان تعوضهم..عن..اى خسائر قد تلحق بهم...او تضمن لهم...اى دخل لهم يتعيشون منه.. فى حين ان ارض.. جراج الترجمان.. لم يسع سوى الف وثلاثمائة بائع متجول... فى حين ان اعداد.. الباعة الجائلين...يبلغ عشرات الالاف... شعب يريد ان يعمل.. ولو على الرصيف... وحكومة للاسف...تصر..على..منعه..لانها..تريد..ان. تتجمل... بالوجه الحضارى..الذى بناه..الخديوى اسماعيل... وليتها وليت من سبقها...ان بنى مثله..لالتمسنا. لها العذر..فى..ان..تتجمل.. لكنها..تحيل..ميدان الاسماعلية..التحرير..الى جراج..فأين..التجمل.. ولو توقع الخديوى اسماعيل.. هذه المشكلة..لخصص..وخطط حديقة الحرية وحديقة الاندلس.. لتكون..اكشاكا جميلة.. للباعة الجائلين.. الذين لهم..وجه..حضارى..بريئ...يضيئ الرصيف..بسماره المصرى.. يعشق السائح..ابتسامة الرضا..على وجهه..وخفة..دمه.. .دون ان يلفت انتباهه..شيئ..من تكلف الحكومة.. كلماتى وبقلمى محمد جادالله محمد الفحل