نعم ، لو كنت باحثا عن وظيفة سأقبل بأية وظيفة ، سواء أكانت في خدمات البلدية أو مزارع أو في سلك التعليم ، أو في أي وظيفة حكومية أو خاصة أخرى ، أو حتى عامل في المدينة الصناعية ، لكني لن أقبل ... نعم لن أقبل بمنصب رئيس ، سواء آل لي بالانتخابات الحقيقية أو المزورة ، أو مثل حظ عادل إمام في مسرحية الزعيم بالشبه ، أو مثل واقع كرازاي بالعصا الأمريكية الغليظة ، أو بتعيينات قطر والجزيرة للرؤساء الجدد تحت أسماء ومسميات ثورية ومجالس وطنية انتقالية بطريقة ( حكلي وبحكلك ) ، ليس لأن المنصب لا أليق به ولا يليق بي ، فكلنا خلق وعيال الله ، وكلنا من آدم وآدم من تراب ، أو لأنه بيد الله القوي مالك الملك الذي يأتيه من يشاء وينزعه عمن يشاء ، بل لأنّ نهايته أصبحت خطيرة ودروبه الوعرة التي ينبشها النباشون أخطر ، ولأنّ حبله بات في يد أمريكا التي توصله وترفق به متى تشاء ، وتقطعه عمن تشاء ، وتقول ( ارحل ) متى تشاء ولمن تشاء ، والطامة أنّ الشعب كله أصبح عازفا ومغنيا وراقصا ، أصبح يتقن أغنية ( ارحل) ، ومعزوفة ( الشعب يريد تغيير النظام ) ، ورقصة ( أخر العمر حنجلة ) . أما لو كنت ابتليت أو بليت وكنت رئيسا لسألت أمي عن موطني ، فليس من المعقول أن أكون رئيس بلد ما على الأرض ، ونهايتي ليست بجزيرة سيشيل كما فعلت بريطانيا بمعارضيها حين نفتهم إليها ، أو حتى كمسجوني غوانتينامو ، وفي أسوء الأحول كضحايا أبو غريب ، بل لُخصت واختزلت نهايتي بكلمة واحدة أمريكية الأصل عربية الترجمة ( ارحل ) ، كلمة مجردة عرفت معناها وإن جهلت اتجاهها مع شعوري أنها بعيدا إلى خارج الوطن ، لكن لم يفصح لي شعبي ولا أحبائي ولا أعدائي ولا أقراني ولا حتى الملك جبريل الذي انقطع عن زيارة الأرض إلى أين !!! هل إلى المريخ أم إلى الزهرة أم إلى كوكب الساهرة أم إلى جهنم قبل الموت وقيام الساعة ؟؟؟ . كما لو أني كنت رئيسا وهداني الله الذي هو يد المؤمن حين يبطش ، ولسانه حين يتكلم وعينه التي يرى بها وقلبه المبصر ، ( وما رميت إذ رميت ولكنّ الله رمى ) ، لكنت عدلت بين أبناء شعبي لأنام قرير العين كابن الخطاب تحت شجرة ودون حُرّاس ، أما ما دمت ترابيا كأبناء شعبي لكنت قبلت بدستور فرنسي أو أمريكي أو حتى إسرائيلي كامل النصوص غير منقوص ، خاصة تلك التي تحدد صلاحية وفترات حكم الرئيس ، وتضمن فترة نقاهته وعزته بعد خروجه من الحكم إلى التبعية ، ولم لا ما دمت رضيت كما كل غيري بأمريكا ربا ، وبدستور الغرب وجهة وقبلة . ولو كنت رئيسا لبكيت على صدر أمي وأمتي ولرحلت من داخل القصر إلى جواره البعيد أو القريب لا يهم ، قبل أن يقولوها ( ارحل ) مكرهين أو راغبين أو مرغمين أو مقلدين وهو المهم ، لتركت القصر إلى الذي يجب أن يشغله من بني شعبي بالانتخاب والشورى وفق نص الدستور والقانون ، وليس بالعسكرة والقتل والتمرد كما هو حال الوقع العربي الثوري هذه الأيام ، وحتى لا أجر شعبي المسكين للصدع بأغنية ( ارحل ) ، ولعزف معزوفة الشعوب الجديدة التي سمعنا منها أجزائها الأربعة ( الشعب يريد إسقاط النظام ) ، ولرقصة آخر العمر مصيبة على الطريقة الغربية التي مُلحن جميعها وعازفها هو القدير الصهيوني الفرنسي برنارد ليفي ، ملهاة أدفع بنهايتها ثمنا كبيرا ومؤلما أنا وأولادي ووطني وشعبي . نعم لكنت أرحل إلى جانب القصر بإرادتي وبنهاية فترة خدمتي المحددة بفترة حكم أو فترتين حسب الدستور والقانون ، أسكن بعدها بمكان ما جميل بطول الوطن أو عرضه لأجد بعدها التقدير والحب والبسمات ، أرحل تاركا لشعبي الخيار حتى لا يدخله الأغراب والأشرار الغربيين المتأهبين لدخول الوطن العربي غصبا وبأي حجة ، وحتى عبر أجواء الفوضى الثورية ببطاقة أفراح من مجموعة الراقصين والمغنيين والطبالين وأهل ( العرس ) من الجانبين ، ويعود وطني ويا حيف كما العالم العربي أيام الاستعمار الخبيث البائد الذي ما زلت أذكره حتى لو مات شوقي ( أحَرَامٌ عَلَى بَلاَبِلِهِ الدُّوْحُ حَلاَلٌ لِلْطَّيْرِ مِنْ كُلِّ جِنْسِ ؟ ) . و( بيني وبينكوا ) ، كمان الشعوب لم تعد وطنية كعهدي بها كما الماضي القريب المقبور رحمه الله وأعاده أنه سميع قدير ، ماضي ( والله زمن يا سلاحي ) ، وواقع ( الله أكبر فوق كيد المعتدي ) ، وزمن ( يا حبيتي يا مصر يا مصر ، وبلاد العرب أوطاني ) ، وأيام ( الأرض بتتكلم عربية ) ، وطرب (بساط الريح يا أبو الجناحين مراكش فين وتونس فين ) ، وعهد ( أحلف بسماها وبترابها ، وبحي حي على الفلاح ) فالناس اختلفت كثيرا ، وهي بصحيح العبارة أضحت من سيء إلى أسوء ، حتى قد يكونون من شرار القوم اللذين لا تقوم الساعة إلا عليهم كما أخبر رسولنا الكريم ، فالثقافة الغربية منهلهم ، والبعد عن الله والدين ديدنهم ، والبيت الأبيض والإليزيه وداوننج ستريت قبلتهم ، والناتو جند الله الأبابيل الجدد يستنجد بهم ، وأمريكا الرفيقة بالحيوان والإنسان إلا بالعربي انتقلت بقدرة الفضاء الإعلامي في قطر من خندق الأعداء ومزبلة التاريخ إلى خانة الأصدقاء وصانعته ، والرئيس بفضل البندقية والفوضى والصليب والقوة الناعمة انتقل من الرئيس الشرعي إلى زاوية الرئيس الذي ترفع عنه أمريكا الشرعية والغطاء ، ومن موقع الأب والأخ والصديق ، إلى حالة الأب المقبور والأخ المقهور والصديق اللدود ، وبات بقرار سواء أكان برقم أو بلا هو القاتل لأفراد شعبه الغافل بدوره حتى عن ذكر الله ، والذي بعد أن استبدل لسانه العربي المسلم الحامد الشاكر المهلل المسبح بلسان غربي فصيح بعد تذوقه الهمبرغر والكنتاكي ، استبدل خائبا خاسرا سبحان الله وبحمده ( بسبحان أمريكا وبفضلها ، وتعظيمه لله أبدلها صاغرا ( بلا قوة إلا بالناتو العلي العظيم . [email protected]