تصاعدت حدة التوتر بين لبنان وإسرائيل في الآونة الأخيرة بسبب الخلاف على الحدود البحرية بين البلدين اللذين يحاول كل منهما إثبات ملكيته لمنطقة يعتقد أنها غنية بالغاز. وبدأ التوتر حول هذه القضية الشهر الماضي بعدما أقرت الحكومة الإسرائيلية خارطة للحدود البحرية مع لبنان وقدمتها إلى الأممالمتحدة. وتتعارض هذه الخارطة مع خارطة سبق أن قدمها لبنان للأمم المتحدة في العام المنصرم، تظهر حصة اكبر له في حدوده البحرية. وتقول السلطات اللبنانية أن الخارطة التي قدمتها إلى الأممالمتحدة تتوافق مع اتفاقية الهدنة الموقعة بين الدولتين في 1949 ولا يمكن بالتالي لإسرائيل أن تطعن بها، كما تعتبر أن الاتفاق الذي وقعته إسرائيل مع قبرص في 2010 لتحديد حدودهما البحرية يخالف الاتفاق الموقع بين لبنان وقبرص في 2007. ويبدو أن كلا الطرفين غير مستعد للمساومة على هذه القضية، لا سيما بعد اكتشاف حقول كبيرة للغاز قرب المنطقة المتنازع عليها في قعر البحر المتوسط قد تدر المليارات من الدولارات. وقال وزير الطاقة اللبناني جبران باسيل لوكالة فرانس برس أن الحكومة اللبنانية الجديدة ستصدر مرسوما تحدد بموجبه المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة للبنان. والمنطقة الاقتصادية الخالصة لدولة ما هي المنطقة البحرية التي يحق للدولة أن تمارس عليها حقوقا خاصة في الاستغلال واستخدام مواردها البحرية. وأضاف باسيل "لا يمكن لإسرائيل أن تضرب عرض الحائط بالقانون الدولي وان تعتدي على لبنان من خلال خلق منطقة نزاع في مياهنا". وتابع "لا يمكنهم أن يرسموا خطا ويقولوا بكل بساطة هذه حدودنا". وكان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله حذر الأسبوع الماضي إسرائيل من التنقيب عن النفط في المنطقة البحرية المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل. وقال نصر الله في خطاب في "مهرجان الكرامة والانتصار" بمناسبة مرور خمس سنوات على الحرب التي اندلعت بين حزبه وإسرائيل في تموز/يوليو 2006 "نحذر الإسرائيلى من أن يمد يده إلى هذه المنطقة والقيام بأي عمل يؤدي إلى سرقة ثروات لبنان". من جهة أخرى، حثت الأممالمتحدة ودبلوماسيون الطرفين على ضبط النفس وحل هذه المسألة على طاولة المفاوضات. وتبلغ مساحة المنطقة المتنازع عليها 854 كيلومترا مربعا. وقال مسئول رفيع في وزارة الخارجية الأميركية لوكالة فرانس برس أن "هذا النوع من الخلاف على الحدود البحرية شائع جدا بين الدول المتجاورة". وأضاف هذا المسئول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن "هناك العديد من الوسائل المتبعة لحل هذا النوع من الخلافات بشكل سلمي". وتابع أن "هذه الوسائل تتراوح بين التفاوض المباشر وصولا إلى طلب التحكيم". ويرى هذا الدبلوماسي إلى جانب عدد من الدبلوماسيين الذين استطلعت فرانس برس آراءهم انه رغم الجدل المتصاعد حول الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، لا مصلحة لأي من الطرفين في الدخول في نزاع في ضوء المصالح الاقتصادية الموضوعة على المحك. وأوضح أن الشركات التي تعمل في مجال التنقيب عن الغاز ستتجنب العمل في المنطقة في حال كانت مرشحة للدخول في توترات أو نزاع. وقال المسئول الأميركي أن "الشركات التي تعمل في هذا المجال تفر من إنشاء مشاريع لها في مناطق متوترة". وأضاف "أنهم يتجنبون الدخول في نزاعات قانونية أو أن يكونوا في قلب نزاع قانوني". وقال دبلوماسي غربي في بيروت لفرانس برس انه رغم أن الحق في القضية يميل إلى لبنان، إلا انه "من غير المرجح أن تحل هذه القضية في القريب العاجل". ومن العوامل التي تعيق التوصل إلى حل سريع هو أن البلدين ما زالا رسميا في حال حرب منذ إقامة دولة إسرائيل في 1948، إذ انه لن يكون بالإمكان إجراء مفاوضات مباشرة بينهما. كما انه يتعين على لبنان أن يبدأ في مسح مياهه، على الأقل في المناطق غير المتنازع عليها، لمعرفة ماذا لديه من ثروات. وقال الدبلوماسي الغربي في بيروت "ما زال لبنان متأخرا في هذا الشأن مقارنة بإسرائيل". وأضاف "يتعين على لبنان أيضا أن يقر الأطر القانونية التي تجري على أساسها عمليات البحث والتنقيب". ورأى الدبلوماسيون أن الحل الأفضل للطرفين في الوقت الراهن يقضي بان تترك المنطقة المتنازع عليها للتحكيم الدولي، وأن يبدأ البلدان في التنقيب عن النفط والغاز خارج هذه المنطقة. وقال الدبلوماسي الأميركي "إلى أن يتوصل لبنان وإسرائيل إلى حل لهذه القضية، يمكنهما أن يقوما بكل حرية بالتنقيب عن الغاز والنفط خارج هذه المنطقة المتنازع عليها".