إن مبررات الحب كلها تقف فى منطقة الشك، وعدم القطع بتفسيره داخل الإنسان ، لأن الإنسان كائن معقد ،وعاطفة الحب أكثر تعقيدا؛ لأنها ترتبط بالنفس والوجدان الأكثر غموضا فى البشر . ولكن هذا ما لم أرد قوله , إنما أردت تناول الحب تناول التشريح اللغوى المرتبط بالجانب النفسى إنطلاقا من كون اللغة نتاجا نفسيا له أطره الفكرية المجردة ، ومن هنا فهذا التوجه يدخلنا فى منطقة التفسير السيكولغوى المجرد للكلمة .
فالكلمة مكونة من حرفى الحاء والباء ، والحاء حرف يخرج من عمق الحلقوم أسفل مخارج النطق ، والباء على النقيض يخرج من الشفاة ، وفيه صوت الفحيح ليس فحيح الأفاعى وإنما فحيح إمتزاج اللذة بالألم فالحب لذيذ مؤلم .
أما الباء فهو حرف إنفجارى يخرج من الشفاة بعد إنغلاقها وفتحها مخزنة طاقة هوائية تنفجر بمجرد فتح الشفاة والباء هو الحرف الإنفجارى الوحيد فى اللغة ولعل هذا الملمح النفسى فى الباء – والتى هى شطر كلة الحب - يشير إلى أن هذا الإنفجار الحرفى ليس إلا نتاج ما فى العاطفة من لوعة وإحتراق يعقبه ذلك الإنفجار النفسى الذى تجسد فى إنفجارية هذا الحرف. وهكذا يكون ما بين الحاء والباء مساحة تجمع كل مخارج الحروف ، وكأن المسافات بين الحاء والباء تجمع فى جهاز النطق كل حروف اللغة وكأن حروف اللغة كلها تشارك فى إنطلاق كلمة الحب فى المساحة ما بين الحلقوم وأطراف الشفة فى صوت يجمع ما بين إنفجارية الباء وعنفها وحنين الحاء ورقتها .