من المتعارف عليه أن الدعاء بين الأذان والإقامة مستجاب، فهل هذا خاص بمن كان في المسجد؟ أم أن المرأة في بيتها إذا دعت في هذا الوقت يكون دعاؤها مستجابا أيضا؟ ثبت عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الدُّعَاءُ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ. رواه الترمذي وصححه، وأبو داود، وصححه الألباني، ورواه الإمام أحمد وزاد في روايته الأمر بالدعاء ولفظه: إِنَّ الدُّعَاءَ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فَادْعُوا. قال الشيخ شعيب الأرنوؤط: إسناده صحيح. والأصل عدم تقييد ذلك بمن كان داخل المسجد، فالحديث أخبر أن هذا الوقت من أوقات الإجابة فمن جمع شروط الدعاء المستجاب ودعا في هذا الوقت ترجى له الإجابة سواء أكان داخل المسجد أم لا وكذلك يستجاب للمرأة في بيتها إذا دعت في هذا الوقت، قال الشوكاني: الحديث يدل على قبول مطلق الدعاء بين الأذان والإقامة وهو مقيد بما لم يكن فيه إثم أو قطيعة رحم، كما في الأحاديث الصحيحة. فلم يقيد ذلك رحمه الله بمن كان في المسجد وعمل بالحديث على إطلاقه. ويؤيد هذا ما ورد عن أبي إمامة أن رسول الله قال: إذا نَادى المُنَادِي فُتِحَتْ أبْوابُ السماءِ واستُجِيب الدعاءُ. رواه أبو عوانة في مسنده، والحاكم في المستدرك، وصححه الألباني. قال المُناوي: إذا نَادى المُنَادِى أي أذن المؤذن للصلاة استجاب الله دعاء الداعي حينئذ، لكونها من ساعات الإجابة. وما زال العلماء يذكرون عند كلامهم على الأوقات التي يستجاب فيها الدعاء أن منها: ما بين الأذان والإقامة، ولا يفرقون في هذا بين من كان في المسجد أو المرأة في بيتها. وقال الشيخ محمد المختار الشنقيطي عضو هيئة كبار العلماء وقد سُئل عن امتداد ساعة الإجابة بين الأذانين للنساء في بيوتهنَّ، هل هي إلى إقامة أول المساجد أو آخرها؟ فقال: ظاهر الأصل يدل على أنَّ كل قومٍ مُقيَّدون بمؤذنهم، فتكون العبرة به أذاناً وإقامةً ولا عبرة بغيره متقدماً أو مُتأخراً. والله أعلم. وبعض العلماء يرى أن الذين يصلون في بيوتهم من الرجال لا يدخلون في هذا الحديث، ولكن المرأة داخلة في عموم من يستجاب لهم في هذا الوقت، فقد سئل الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين رحمه الله سؤالا يتعلق بهذا الموضوع السؤال: الدعاء بين الأذان والإقامة مستجاب، ما المقصود بالإقامة، هل هي إقامة المسجد؟ أم أن وقت الاستجابة لمدة صلاتي أنا في البيت يعني: هل وقت إقامة الصلاة التي في المسجد أم إلى إقامتي أنا لصلاتي تستمر مدة الاستجابة؟. الإجابة: يُراد بالإقامة هاهنا إقامة المؤذن عندما يحضر الإمام لأداء الصلاة، فالدعاء تُرجى إجابته بين فراغ المؤذن من الأذان وابتدائه في الإقامة، ولا يدخل في ذلك الذين يُصلون في بيوتهم ولا يحضرون إقامة المؤذن للصلاة في المسجد سيما إذا كان تخلفهم من باب الكسل والتثاقل والتهاون بصلاة الجماعة، فقد تُرد دعواتهم لارتكابهم هذا الذنب إلا إذا كان الرجل معذورًا، وأما المرأة فإن اشتغالها بالصلاة وإقامتها لها تكون قُرب إقامة الأئمة للصلاة في المساجد، فيكون الدعاء في حقها مُقيدًا بما بين أذان المؤذن وإقامته، فلا يدخل في ذلك ما إذا تأخرت عن الصلاة، حيث يفوت وقت الاستجابة بإقامة المؤذنين. فنرجو للمرأة إذا جمعت شروط الدعاء المستجاب أن يستجاب لها في هذا الوقت الفاضل بين الأذان والإقامة.