لا يوجد أجمل من أن تتحول الموهبة إلى مهنة وطريقة لكسب العيش،وخاصة عندما تكون تلك الموهبة تتعلق بفن لا يحتاج سوى الحرية وترك الخيال للإبداع لتتحول حوائط صامتة مملة تخلو من أى جذب إلى لوحات يقف بجانبها البعض ليلتقط صور تذكارية، بحروف وزخارف عربية تجعل أمنية خضر الجدران و الأبواب و جذوع الأشجار والقولات أكثر بهجة باستخدام ما يعرف بفن الكاليجرافى. والكاليجرافي هو فن تصميم الكلمات والإبداع في تشكيل الحروف وزخرفتها في أشكال هندسية غير مألوفة وبطريقة حرة دون دراسة أى خطوط وهو فن يعود للقرون الوسطى حيث كان الملوك والأمراء يستعينوا بالخبراء لكتابة الرسائل وتزيين الحوائط عن طريق طابعات وأدوات خاصة لإخراج فن الكاليجرافي وهو لا يرتبط بلغة معينة ولكن المعروف أن الكاليجرافي يعتبر الأجمل عندما يستخدم باللغة العربية. تقول أمنية خضر (25 عام) بدأت أعمل في مجال الرسم في أواخر عام 2016 بعدما تخرجت من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة حيث بدأ شغفى نحو الرسم وأنا في المرحلة الثانوية وخاصة رسوم الزخارف الإسلامية، مُوضحة أنها لم يكن لديها اى علاقة بالرسامين ولا تعرف من أين تبدأ أو تأخذ النصيحة ، ورغم أنه بعيد تمامًا عن دراستها قررت أن تترك مجال دراستها وتعمل فيما تحب، وكانت قبل ذلك تحلم بدخول كلية الفنون الجميلة أو الفنون التطبيقية ولم يسمح مجموعها في الثانوية العامة بذلك لكن لم تمنعها موهبتها أيضًا من المُضى في طريق الرسم. وبعد أن وجدت أمنية شغفها نحو فن الكاليجرافي يكبر بدأت تبحث بنفسها عبر الانترنت عن أى معلومات تجعلها تقف على أول الطريق وبالفعل علمت أمنية نفسها بنفسها من خلال الانترنت وخلال ثلاثة أشهر كانت قد تعلمت الكثير عن هذا الفن، وتحكى أمنية لمجلة " الشباب" بدأت أتابع رسامين وأشوف فيديوهات بينزلوها وأحاول أعرف الأدوات المستخدمة وبدأت أرسم وأقوم بمشاركة رسوماتى من خلال الفيسبوك فوجدت تفاعل ومع أنه كان قليل في البداية إلا أننى شعرت بالتشجيع وتلقيت دعم كبير من أهلى وأصحابي. الروتين يقتل الحياة هذا ما أكدته أمنية حيث تقول حاولت بعد التخرج أن أعمل في عمل تقليدى غالبا ما يلجأ إليه الشباب في هذه المرحلة وهو "الكول سنتر" ورغم أننى قررت أن أحافظ على موهبتى وأستمر في ممارستها إلا أن روتين العمل قتل رغبتى في الإبداع و أهدر طاقتى لذا اخذت قرار أن لا أعمل إلا في شيء أحبه يؤثر في نفسي معنويا كما، مؤكدة أن الأعمال الروتينية تسبب الاكتئاب الا إذا كان هناك وقت لفعل شيء نحبه فالموهبة لابد منها. وتحكى الرسامة أنها عملت فى أحد شركات التدريب الهندسي والتى ترتبط بالديكور والفنون التطبيقية حيث كانت تقدم ورش عمل في الكاليجرافى وكذلك قامت بتصميم ديكور للمكان كله لكنها تعرضت للاستغلال ولم تحصل على أجرها كامل و بعد فترة تركت الشركة وعملت في شركة أخرى وكررت أمنية التجربة وقامت بعمل تصميمات في المكان ثم فوجئت بأنها تتعرض للاستغلال مرة أخرى وجدت أن تلك الشركة مبنية على وهم وكان من الصعب أن تحصل على مستحقاتها لتقررأمنية بعدها أن تبدأ مشوارها بعيدا عن الشركات وإنما بشكل حر حيث فقدت الثقة في الوسط التى عملت فيه و رفضت أن تتعرض للاستغلا مرة اخرى، فقررت أن يكون لها عملها الخاص وأخذته تحدى مع نفسها لتثبت بعد ذلك ان الحرية هى مُتنفس الفن. وتقول بدأت أتلقى طلبات برسم جدرن وأبواب و غالبًا ما يترك لى صاحب الشأن المساحة لاختيار الألوان التى أستخدمها والتصميم الذي أقوم به و أصبحت مهنتى التى أحبها وتكمل "اخترت الكاليجرافى بالتحديد لأنه رسم حر غير مرتبط بقواعد دراسة الخطوط كالخطوط الكلاسيكية التى مبنية على القواعد ولكنه له قاعدة وحيدة وهى أن يستطيع من يراها أن يفهم الجملة أو الحروف المكتوبة. وتضيف "عندما أتعرض للملل أو الاكتئاب أحاول التجديد ولكن داخل الكاليجرافي، فى مرة قررت أن أرسم على قولة صغيرة لأنى أحب أن أجعل من الأشياء العادية أشياء جميلة بمجهود بسيط و تحول شكل القولة وصارت مبهجة وانتشرت بعد ذلك الفكرة بعد أن قمت بمشاركتها على صفحتى الشخصية و أصبحت تُطلب منى كثيرًا". عندما يتعلق شخص بأحد الفنون يتعلق أيضًا بالأحلام، وحلم أمنية هو أن يكون لها معرضها الخاص التى تعرض فيه رسوماتها باستمرار وأن تستطيع الابتكار والتجديد في هذا الفن، وتنصح كل من يريد يتعلم أى فن أن يبحث بنفسه و يبذل جهد في الحصول على المعلومات التى تساعده لأن ذلك ينمى الشغف والتحدى لدى الأشخاص ويجعل للموهبة قيمة أكبر في حياتنا.