التعريف البسيط للحرب العالمية هى حرب تحدث بين عدة دول, وتؤثر بشكل واضح على غالبية الأمم, ويظهر فيها المثل القائل "عدو عدوى صديقى", والذى مِن خلاله تحارب الدولة دولة أخرى فقط لأن تلك الدولة صديقة أو حليفة للدولة المعادية لها, وأيضاً العكس صحيح, فقد تُقيم الدولة علاقات قوية وتحالفات مع دولة لا ترتبط بها جغرافياً ولا إقتصادياً ولا فى أى مجال, فقط لأنها تُعادى عدوها, وحينما يأتى ذكر الحرب العالمية يتبادر إلى الأذهان واحدة مِن الحربين العالميتين الأولى أو الثانية فقط, وكأن العالم والبشر لم يكونوا موجودين قبل 100 عام, ذلك لأن كثيراً مِن الصراعات التى مرت على البشرية ينطبق عليها وصف الحرب العالمية, ولكن ربما لبعدها الزمنى, أو لعدم وصف أحدهم أياها بالعالمية, لم تُرسخ فى أذهاننا على أنها كذلك, ولعل أبرز تدليل على ذلك هو وصف الحرب العالمية الأولى بالحرب العظمى (1914 - 1918), وذلك قبل أن تحدث الحرب العالمية الثانية, وبالتالى عدم وصف أو عدم تدوين حروب ضخمة فائتة على أنها حروب عالمية لا ينفى عنها عالميتها, ومِن أمثلة تلك الحروب ما وقع بين المسلمين وأوروبا فى العصور الوسطى ونعرفها بالحروب الصليبية, وأيضاً الحروب التى وقعت بين الشرق الأقصى والمسلمين بعدها ونعرفها بالزحف المغولى أو التتار, وحروب الفرس مع الرومان كذلك, وغيرها وغيرها مِن الحروب التى وقعت وتركت تأثيراً ملحوظاً على البشرية, سواء على المستوى الجيوسياسى أو العسكري أو الإقتصادى أو غير ذلك, وإذا كانت تلك الحروب أمثلة على ما حدث بعد الميلاد, فقبل الميلاد به أيضاً حروب ضخمة يجب أن توصف بالعالمية, مثل حروب الإسكندر, وسلاسل مِن الحروب وقعت فى غرب آسيا نتج عنها تغير فى الجغرافيا, وإختفت أمم وحضارات وحلت محلها غيرها, ومِن تلك السلاسل سلسة حروب وقعت بين مصر والحيثيين مكونة مِن 12 حرب, بدأت فى عهد الملك تحتمس الثالث, وإنتهت فى عهد الملك رمسيس الثانى, وللأخير 4 حروب مِنها, فقد خاض ضدهم حروباً فى الأعوام الخامس والثامن والعاشر والحادى عشر مِن حكمه, وإستمر التوتر قائم حتى العام ال21, وهو عام المعاهدة. - من هو رمسيس الثانى؟ رمسيس الثانى أو "وسر ماعت رع - ستب ان رع" والذى يعنى قوية عدالة رع - المختار من رع (رع شَكّلهُ), هو ثالث ملوك الاسرة ال19, وهى أسرة من ثلاث أسرات شكلوا عصر الامبراطورية المصرية, فهو إبن الملك العظيم سيتى الأول, والذى يعتبر المؤسس الحقيقى للاسرة ال19, وأمه هى الملكة العظيمة يويا, إشترك رمسيس الثانى فى حكم مصر مع والده لبضع سنين قبل وفاة الوالد, وحكم البلاد بعد ذلك لمدة 67 سنة, وكان جميعها فى القرن ال13 قبل الميلاد, أى منذ ما يزيد على 3300 سنة من الان, تزوج رمسيس الثانى عدة مرات, وأبرز زوجاته هى الملكة العظيمة نفرتارى, والذى يعنى إسمها (أحلاهن / حلاوتهم), وكانت معشوقته ولكنها توفيت فى شبابها, كان لرمسيس الثانى 138 إبن وإبنة, منهم أبناء مِن نفرتارى وغيرها, وتوفى منهم فى حياته 12 ولد كانوا على كرسى خلافة العرش, وأبرزهم الأمير خعمواس, لذلك تولى إبنه ال13 مرن بتاح الحكم مِن بعده, توفى رمسيس الثانى فى عامه ال90 على الارجح, بعدما كان يعانى من آلام فى المفاصل, وتلك الآلام تعد من أهم أسباب نفى تهمة أنه هو فرعون الخروج كما سنبين لاحقا, - أعماله : حكم رمسيس الثانى مصر لمدة 67 عام, مُضافاً إليها سنوات إشتراكه فى الحكم مع أبيه الملك سيتى الأول, فمِن آثاره عرفنا بما لا يدع مجالاً للشك أنه ساهم فعلياً فى الحياة السياسية والعسكرية, وشارك بنفسه فى أكثر مِن حرب فى حياة والده, أما إذا تحدثنا عن أعماله بشكل خاص فقد عُين كمسئول عن بعض المشاريع الإنشائية فى عهد والده, كترميم بعض المنشأت وإنشاء غيرها, وعندما إستلم العرش كانت البلاد تنعم بإنتصارات والده التى نجح فى إسترداد مكانة مصر مِن خلالها, وكانت الأمور داخلياً وخارجياً شبه مستقرة, ولكن طبقاً للعرف الدولى السائد آنذاك فقد تلاشت معاهدة السلام التى كانت قد عقدها ملك مصر سيتى الأول مع ملك الحيثيين مواتيللى, وذلك لأن المعاهدات قديماً كانت تُعقد بين الحكام وليست بين الدول, وبالتالى حينما يموت الحاكم يتوقف سريان المعاهدات, وبالتالى أصبح على الملك رمسيس الثانى تأمين حدود الأمن القومى المصرى مرة أخرى, كما فعل والده وأجداده مِن قبله على كافة الإتجاهات, شرقية كانت أو غربية وجنوبية وحتى مع شعوب البحر, ولكن تلك لم تكن كل أعماله, فحاكم إستمر حكمه لنحو 7 عقود بالتأكيد له أعمالاً كثيرة فى شتى المجالات, وهذا ما حدث بالفعل. فقد بنى مدينة "بر - رعمسسو" أى بيت رمسيس وكانت عاصمة سياسية ومركز يتوسط الإمبراطورية المصرية, وأنشأ العديد مِن المعابد الضخمة فى كل أنحاء مصر, كما إستكمل معبد والده فى أبيدوس, بالإضافة إلى إستفلال المحاجر والمناجم إقتصادياً وغيرها مِن الأعمال المدنية التى تعتبر الأضخم فى العالم القديم. - قادش : بادئ ذى بدء فهنالك أكثر مِن معركة وقعت فى منطقة قادش, فقد حارب المصريين الحيثيين فى 12 موقعة منهم موقعة تمت فى قادش, وإنتصر فيها المصريين بقيادة الملك تحتمس الثالث, أما موقعة قادش التى نحن بصددها فكان طرفيها المصريين بقيادة رمسيس الثانى, ضد الحيثيين بقيادة مواتاللى, ووقعت فى العام الخامس مِن حكم رمسيس الثانى, وعلى أكثر مِن يوم, وكان سببها هو إنتهاء معاهدة السلام التى عُقِدت بين مصر (سيتى الأول) وخيتا (مواتيللى), والتى على إثرها قرر أمراء الممالك التى كانت تتبع مصر فى منطقة غرب آسيا الخروج مِن تحت النفوذ المصرى, والخضوع للنفوذ الحيثى. وكرد فعل طبيعى مِن رمسيس الثانى فقد قرر إستعادة نفوذ دولته وتأديب الأمراء العصاه, وبالفعل وضع الخطط وأعد العدة وبدأ فى الزحف شمالاً فى العام الرابع مِن حكمه, ونتج عن هذا التحرك تأمين الساحل الشرقى للبحر المتوسط مِن فلسطين حتى مدينة أوغاريت فى الشمال الغربى لسوريا مروراً بلبنان. وفى عامه الخامس زحف بالجيوش المصرية نحو قادش, وكانت تلك الجيوش تتكون مِن 4 فياليق رئيسية, وهم فيلق آمون وفيلق رع وفيلق بتاح وفيلق ست, كل فيلق يتكون مِن 5000 مقاتل, بالإضافة إلى 2000 مقاتل شكلوا فرقة إنقاذ بها خيرة الشباب, وعرفوا بإسم نعرن أو شباب الناعرونا, فى مقابل جيش الحيثيين الذى تكون مِن 20 جنسية وطائفة بإجمالى 37 ألف مُقاتل. كانت خطة المصريين تقوم على إيهام العدو بأن الجيش المصرى صغير, وتم ذلك بترتيب الفيالق تباعاً, حيث تقرر تقدم فيلق آمون تحت قيادة رمسيس, ثم يلحق به فيلق رع بعد حوالى ست ساعات, ثم يلحق به فيلق بتاح بعد ست ساعات أخرى, وكذلك الأمر بالنسبة للفيلق الرابع فيلق ست, بالإضافة إلى جاهزية فرقة الإنقاذ (ناعرونا) فى أقصى الساحل, وتدخلها فى الوقت المناسب. وكانت خطة الحيثيين تقوم على الإختباء خلف منازل وتلال قادش, وإيصال رسالة إلى المصريين مفادها أن الحيثيين تقهقروا شمالاً حتى حلب, وذلك للإمداد العسكرى لأنهم يهابون ملاقاة رمسيس وجيوشه الجبارة. وبالفعل بدأ التنفيذ مِن كلا الطرفين, فقد سار رمسيس على رأس فيلق آمون, وعَبر به نهر العاصى فى سوريا, وأثناء تقدمه قبضت فرقة الكشافة على جاسوسين مِن جيش الأعداء, وكانت مهمة هذان الجاسوسان إيصال الرسالة التى تحدثنا عنها, وبالفعل نفذا مهمتهما بجدارة, وللأسف صدقهما رمسيس فى إدعاءهما بأنهما هاربين مِن جيش الأعداء, وأنهما يريدا الخضوع لملك مصر, وأن ملك الحيثيين الخاسئ "مواتللى" قد تقهقر إلى حلب خوفاً مِن ملاقاة الفرعون, وعلى خلفية ذلك قرر رمسيس الإسراع فى التمركز عند قادش والسيطرة عليها, وتم ذلك بدون علم باقى الفيالق الأخرى, ما ترتب عليه إتساع المسافة بين فيلق آمون والآخرين, وتعريض الآخرين لهجوم مُفاجئ وهذا ما حدث بالفعل مع فيلق رع, الفيلق الثانى فى الترتيب. وبمجرد ما أن وصل رمسيس بفيلق آمون وعسكر فى غرب مدينة قادش قبضت الكشافة على جاسوسين آخرين, وبعد أن أشبعوهما ضرباً إعترفا بالحقيقة, وحينها عَلِم رمسيس أنه فى مأزق كبير, وطلب إنعقاد مجلس حرب للتشاور. وأثناء إنعقاد المجلس تحرك الحيثيين مِن مخبأهم, ونزلوا جنوباً وهاجموا فيلق رع على غفلة وأثناء سيرهم بإسترخاء تام, ما أدى إلى شطر الفيلق إلى مجموعتين, مجموعة أسرعت إلى الشمال لتلحق بفيلق آمون, والأخرى إنسحبت إلى الجنوب لتلحق بالفيلق الثالث فيلق بتاح, وكنتيجة للمفاجأة حدثت خسائر كبيرة وزعر بين الجنود. وعندما إلتحم الشطر الأول مع فيلق آمون حدث زعر وهرج ومرج, ما نتج عنه إضطراب شديد فى القيادة وبين الجنود, ونجد ذلك مُبيناً فى مُناجاة رمسيس الثانى لآمون فقال: "ما هذا والدى آمون؟! هل مِن شأن الوالد أن يتخلى عن ولده؟ هل أتيت أمراً دونك؟ ألم أمش وأقف تبعاً لقولك, وما تعديت أمرك؟ ما أجل رب مصر العظيم حين يسمح للأجانب بأن يقتربوا مِن حماه . ما الذى غير نفسك آمون؟ وما قيمة هؤلاء الأجانب يا آمون وهم أشرار يكفرون بالرب؟ أدعوك أبى آمون وأنا بين أجانب كثيرين لا أعرفهم, وقد تضافرت الأقطار الأجنبية ضدى, وأصبحت وحيداً وما مِن أحد حولى, وتركنى جنودى الكثيرون, ولم يلتفت إلىَ أحد مِن خيالتى, وناديتهم ولم يستمع واحد منهم إلى ندائى" وبعد هذه المُناجاة إنتهى مجلس الحرب وتقرر إرسال الرسل إلى فيلقى بتاح وست ليسرعا ويلحقا بالمعارك, وبشكل أو بآخر تدخلت فرقة الإنقاذ (شباب الناعرونا), بعدما تم حصار فيلق آمون وعلى رأسه رمسيس بواسطة الحيثيين, وبتدخلهم تم كسر الحصار وإنقاذ الملك. ومِن ناحية أخرى وصل فيلقى بتاح وست إلى أرض المعركة, وأحدثا خسائر فادحة فى جيش الحيثيين, لأنهم صنعوا إحكاماً (كماشة) مع فرقة الناعرونا وما تبقى مِن فيلقى آمون ورع, (بتاح وست مِن الجنوب, والناعرونا وآمون ورع مِن الشمال) وإنتهى اليوم الأول بخسائر كبيرة لدى الحيثيين والمصريين, وفى اليوم الثانى تقول المصادر المصرية أن جيوشنا أحرزت إنتصارات عظيمة, وعلى إثرها طلب ملك الحيثيين الصلح, وقال لرمسيس ضمن ما قال: "هل مِن الخير أن تبطش بعبيدك؟!, تذكر ما فعلته بالأمس حين أتيت وقتلت منا الألوف, أتأتى اليوم أيضا ولا تبقى مِن رجالنا باقية؟! لا تكن قاسياً فى حكمك أيها الملك الهمام, فالسلام خيراً مِن الحرب". ولما عرض رمسيس الأمر على قادته رحبوا وقالوا فى صوت واحد: "إن الصلح خير عظيم جداً, ومَن ذا الذى لا يهاب يوم نقمتك؟". وعليه قَبل رمسيس عرض مواتللى ملك الحيثيين, وعاد بجيوشه إلى مصر, ولكن تقول المصادر الحيثية أنهم هم مَن أحرزوا الإنتصارات, وأنهم تعقبوا الجيش المصرى حتى فلسطين, وهنا تنتهى أحداث قادش, ولكن علينا ألا ننسى أن الحروب تجددت فى العام الثامن والعاشر والحادى عشر, ولم تتوقف المناوشات إلا بعقد معاهدة سلام فى العام ال21 مِن حكم رمسيس الثانى. - معاهدة السلام: معاهدات السلام كانت معروفة قبل رمسيس, بدليل أن والده عقد معاهدة مع مواتللى وإنتهت بوفاته, وترتب علي إنتهاءها كل تلك الأحداث, هذا بالإضافة إلى عقد تحتمس الثالث معاهدة سلام مع نفس الدولة قبل رمسيس ووالده بعقود, وبالتالى لم تكن معاهدة السلام التى أبرمها رمسيس هى أول معاهدة, ولكن ما يميزها عن سابقيها أنها بين دولة ودولة, وليست بين حاكم وحاكم وتنتهى بوفاة أحدهما, فصفة الإستدامة هى ما جعلت بعض الناس تُغالى فى وصفها وشأنها. أما بالنسبة للأجواء والظروف التى أدت إلى عقد تلك المعاهدة فكان بعضها كالآتى: 1- حدوث صراع على الحكم بين إبن مواتللى وعمه خاتوسيلى أو حاتوتشيلى, نتيجة لوفاة مواتللى ولجوء الإبن إلى مصر لطلب العون مِن رمسيس. 2- تكرار الحروب أنهك الطرفين, وسبب خسائر فى البشر وفى الإقتصاد. 3- حدوث جفاف شديد فى غرب آسيا, ما أدى إلى حدوث مجاعات 4- تفشى وباء الطاعون, وإنتشر فى دول غرب آسيا ووصل إلى مصر. 5- ظهور الاشوريين فى شمال العراق كقوة عسكرية صاعدة, قضاءها على دولة مجاورة تسمى دولة الميتانيين. 6- ظهور شعوب البحر وهجماتهم على مملكة خيتا وغيرها, وتصدى رمسيس لهم فى بعض المعارك, بالإضافة إلى زحف بعض القبائل الآرية إلى دول المنطقة. وعليه وصل الطرفين إلى أن الحل الأمثل هو عقد مُعاهدة سلام تواجه تلك التحديات, وتُحافظ على طرق التجارة, وتجعل كل منهما يبنى بلاده بدلاً مِن ضخ الأموال فى الحروب, وبالفعل بدأت المراسلات تتبادل بين مصر وخيتا, وكان مِن ضمنها رسالة نقشها الفنان المصرى فى طابع درامى عام يُمجد فى رمسيس الثانى وكانت كالآتى: "إن الخاسئ خاتوسيلى أرسل لى رسالة يقول فيها أن الإله بعل غاضب علينا, وأن السماء لا تُمطر, ونحن نعيش فى بؤس ونعيش فى حزن مُنذ أن غضبت علينا يا جلالة ملك مصر العليا والسُفلى, فلترضى عنا يا صورة ست يا صورة آمون يا صورة رع, إنى سآتى بنفسى وأخضع لك لكى تمنحنى نَفَس الحياة, سأهدى إليك إبنتى لكى تتزوجها, ولكى تمنحها نَفَس الحياة" ثم تم الإتفاق على بنود المعاهدة وشروطها, ودونت على ألواح مِن الفضة بإسم البلدين, كما دونت بالخط المسمارى على ألواح مِن الطين فى خيتا, وعلى جدران المعابد المصرية بالخط الهيروغليفى, كمعبد الكرنك والأقصر والرمسيوم وأبو سمبل وغيرها مِن المعابد, ومِن ضمن ما جاء فيها: "الملك الحيثى أخاً للملك المصرى, لقد إيقن الملك الحيثى أن السلام خيراً مِن الحرب, سيشهد على هذه المعاهدة ألفي إله مصرى وألفي إله حيثى" بنود معاهدة السلام: 1- إذا حدثت مجاعة فى مصر أو فى بلاد الحيثيين يتفضل ملك مصر أو يتفضل ملك الحيثيين بإرسال قمح لدرء خطر المجاعة. 2- إذا إعتدى عدو على بلاد الحيثيين, وإذا إعتدى عدو على مصر يتدخل الملك الآخر لحماية الملك أخوه. 3- لا يُمنح حق اللجوء السياسى لأى مُعارض, إلا شرط وهو ألا يتأذى أو تُساء معاملة طالب اللجوء حينما يُسلم إلى بلده. بعض المؤرخين يعتبرون أنه لا فائز فى هذه الأحداث, لا مصر ولا خيتا, بل ويُفالى البعض وينسب النصر إلى خيتا متعللاً بتضخيهم النص المصرى للأحداث والأرقام, بحجة أن ما ورد على جدران المعابد ما هى إلا دعاية سياسية وتمجيد فى شخص الملك رمسيس الثانى, ولكن يبدو أنهم تغافلوا عدة أمور منها: 1- رغبة إفناء طرف للآخر لم تكن موجودة فى ذهن الدولتين, لأن كل منهما يعلم جيداً حجم وقوة الطرف الآخر. 2- التعادل العسكرى يصب فى صالح المصريين, لأن الجندى المصرى حارب فى ظل خطة عسكرية متواضعة, وتعرض للخديعة والإجهاز المفاجئ, بالإضافة إلى أن ميزان العدد لم يكن فى صالحه, فقد كان جيشنا يتكون مِن 22 ألف مُقاتل, فى مواجهة جيش الحيثيين الذى كان يتكون مِن 37 ألف مُقاتل, وبعض التقديرات تشير إلى أنهم كانوا 50 ألف حيثي. 3- قادش حققت لمصر أهداف جيوسياسية تمثلت فى الحفاظ على الأمن القومى, وإنهاء الطموحات الحيثية فى التوسع جنوباً, وتأجيل طموحات آشور لعدة قرون لاحقة, وبالتالى لو لم يكن تحقيق تلك الأهداف إنتصارات فما هى الإنتصارات إذن؟! 4- ترتب على عقد معاهدة السلام تحويل وضخ أموال التجهيز العسكرى إلى بناء الدولة مِن الداخل, كما تم بها تأميل طرق التبادل التجارى بين مصر وباقى الأمم, بالإضافة إلى خسارة عدو لدود وكسب صديق مُعاون وهم الحيثيين. هكذا كان رمسيس الثانى الذى إستحق أن يُلقبه خلفاؤه برمسيس الأكبر حامى مصر, وأعظم البناءين فى التاريخ, رمسيس الذى مدحه أمير الشعراء أحمد شوقى قائلاً: مَن كرمسيس فى الملوك حديثاً .. ولرمسيس الملوك فداء بايعته القلوب فى صُلب سيتى .. يوم أن شاقها إليه الرجاء تحيا مصر .. تحيا مصر .. تحيا مصر سليل الفراعنة - Hesham Nady المراجع: 1- موسوعة مصر القديمة - سليم حسن - الجزء السادس - الصفحات مِن 198 إلى 332. 2- الشرق الأدنى القديم مصر والعراق - عبد العزيز صالح - الصفحات مِن 292 إلى 348. 3- المرأة المصرية القديمة - محمد فياض - ص