ماذا لو صفعت مشرفة الأمن بجامعة الفيوم، النائب منجود الهواري، عضو مجلس النواب عن دائرة مركز سنورس بمحافظة الفيوم، على وجهه؟ الإجابة معروفة بالطبع.
لكن على الجهة الأخرى، تبدو الصورة مغايرة تماما، النائب اعتدى على موظفة أثناء تأديتها مهامها الوظيفة في مقر عملها، وهي جريمة متكاملة الأركان مثبتة بالصوت والصورة، وحتى الآن لم يحدث أي شيء، سوى انتقادات إعلامية، وهجوم جارف على صفحات التواصل الاجتماعي، وتعاطف مع الموظفة المسكينة التي لم نسمع لها صوتا.
طوال الأيام الماضية، ومنذ أن حدثت واقعة صفع النائب منجود الهواري، لموظفة أمن جامعة الفيوم على وجهها، بعد منع ابنته من دخول الجامعة لعدم حيازتها لكارنيه الكلية، استدعت بعدها والدها ليصفع الموظفة، فيحطم الطلاب سيارته، طوال هذه الأيام، لم نجد من يتخذ إجراءً ضد النائب أو ينصف الموظفة المسكينة أو يعطيها حقها بعيدا عن كلمات "الطبطبة"، و"قعدات الصلح"، كل ما حدث هو تنازل الأمن الإداري بجامعة الفيوم عن المحضر الذي تقدم به مديره ضد النائب في قسم شرطة أول الفيوم.
السؤال الذي طرحته في بداية المقال، يحتاج لإجابة من الدكتور خالد حمزة، رئيس جامعة الفيوم، الذي بدا سلبيا تجاه موظفة مسئولة منه، فلم يحرك أي ساكن ليرد لها اعتبارها.
وأعيد عليه السؤال.. ماذا لو صفعت الموظفة النائب؟، هل كان سيرضى النائب بالصلح والاعتذار، وهل تدخلك سيكون بالمثل؟
الأمر المخزي، هو البيان الصادر من الجامعة على لسان رئيسها الدكتور خالد حمزة، والذي قال فيه، "إنه تم احتواء المشكلة واعتذر النائب لمشرفة الأمن وقبل رأسها أمام الحضور"، ولكن في نفس البيان أصر على محاسبة الطلاب الذين حطموا سيارة النائب وقال "ترفض الجامعة كل أشكال العنف المبالغ فيها والاعتداء على سيارة منجود الهواري، وأنها ستقوم بتفريغ الكاميرات والتحقيق فيما تم لمعاقبة المخطئين"، ألم يكن من الأولى أن يعتذر الطلاب لمنجود بالمثل.
إذا كان الطلاب قد أخطأوا، فما قاموا به هو رد فعل، ونلتمس لهم العذر في أن حماسة الشباب، هي التي حركتهم، لكن ليس من المقبول أن نلتمس العذر لنائب الشعب، الذي يفترض فيه العقل والحكمة والقيادة، كيف نأتمنه على تشريعاتنا ومستقبل بلادنا.
السؤال أكرره مرة أخرى ولكن هذه المرة للنائب منجود الهواري.. ماذا لو صفعتك الموظفة على وجهك أمام مبنى البرلمان وسط زملائك من أعضاء مجلس النواب؟ هل كنت ستقبل بالصلح والتراضي وتقبيل رأسك؟
لا أعرف لماذا يناقض النائب نفسه، ويتباين في تصريحاته، ففي مداخلة هاتفية له ببرنامج "يحدث في مصر" مع الإعلامي شريف عامر، على قناة "إم بي سي" مصر، قال "إنه لم يعتد على موظفة الأمن الإداري بالجامعة"، رغم أن الصفعة مثبتة بالفيديو، ولا يستطيع أحد إنكارها، حتى النائب نفسه الذي عاود بعد ذلك وقدم اعتذارا لكل سيدات مصر عن الصفعة، ببرنامج "القاهرة اليوم" المذاع على قناة "اليوم" وهو اعتراف واضح بأنه اعتدى على موظفة الأمن، وقال إن الموظفة هي من اعتدت أولا على ابنته بالضرب، وأن الكاميرات تم التلاعب فيها.
القصة كلها تسير في اتجاه اللاشيء، ففي الوقت الذي سحبت فيه جامعة الفيوم المحضر المقدم ضد النائب، تخرج وزارة التعليم العالي، لتؤكد في بيان رسمي، أن إدارة الجامعة تقوم بتقديم بلاغ للنيابة العامة وفق المحضر الإدارى بشأن هذه الواقعة، إضافة إلى تحويل الطالبة ابنة النائب للتحقيق الإداري لما بدر منها من مخالفة للوائح القانونية، وهنا نحتاج من يجيب، هل هناك أم محضر سارٍ أم أنه تم سحبه؟
نفس القصة في التناقض، الدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي قال في بيان رسمي أنه تقدم بطلب للدكتور على عبد العال رئيس البرلمان للتحقيق مع النائب فى الواقعة المنسوبة إليه، ليخرج النائب حسن خليل، عضو لجنة القيم بمجلس النواب، مؤكدا إن البرلمان وأعضاء اللجنة لم يتسلموا أي طلبات للتحقيق مع النائب، ولكن اللجنة ستقوم بواجبها، وستعقد جلسة مع النائب للاستماع إلى ملابسات الواقعة.
كل معطيات القضية، تؤكد أن القصة كلها تتجه نحو سكوت موظفة الأمن الإداري عن حقها لمصلحة النائب وابنته.
لكن تبقى نقطة مهمة نعرفها جميعا، وهي أن الاعتداء على السيدات ليست نخوة، ولا من شيم الرجال، ويبقى ذنب الموظفة المسكينة في رقبة البرلمان ووزارة التعليم العالي، وجامعة الفيوم.
حاسبوا المخطيء، حتى لا تتكرر المأساة.
أعيدوا للموظفة حقها حتى تستطيع أن ترفع رأسها مرة أخرى.
ارفعوا الظلم عنها، رحمة بأهلها الذين يقفون مكتوفي الأيادي، غير قادرين على رد اعتبار ابنتهم أمام سلطان سيادة النائب.