الديهى يكشف تفاصيل عن "خلية هولندا "الإرهابية ويؤكد: شباب مصر الوطني تصدى بكل شجاعة لمظاهرة الإخوان    محافظ الوادي الجديد يعتمد نتيجة الدور الثاني للشهادة الإعدادية    وزير السياحة والآثار يكشف خطط الترويج للوصول إلى الفئات المستهدفة من السائحين    هل يكمل حسن عبد الله عامه الرابع محافظا للبنك المركزي؟.. محطات في حياة رجل المواقف الصعبة    وزير الإنتاج الحربي يشهد حفل تخرج دفعة جديدة من الأكاديمية المصرية للهندسة والتكنولوجيا    مصدر من لجنة الحكام ل في الجول: تقرير الحكم يذهب للرابطة مباشرة.. وهذا موقفنا من شكوى الأهلي    مدرب نانت: مصطفى محمد يستحق اللعب بجدارة    من هو الدكتور صابر عبد الدايم يونس الذي رحل اليوم؟    عاجل - تحديثات سعر الدولار اليوم الاثنين 18-8-2025 أمام الجنيه المصري في البنوك    ارتفاع أسعار الذهب 20 جنيها مع بداية تعاملات اليوم الإثنين 18 أغسطس 2025    عيار 21 الآن بعد تراجع 40 جنيهًا.. سعر الذهب اليوم الاثنين 18-8-2025 (آخر تحديث رسمي)    موعد انتهاء الأوكازيون الصيفي 2025 في مصر.. آخر فرصة للتخفيضات قبل عودة الأسعار    عاجل.. وصول وزيري الخارجية والتضامن ورئيس الوزراء الفلسطيني إلى معبر رفح    4 شهداء بينهم طفلة بقصف إسرائيلى على غزة والنصيرات    إعلام عبري: تقديرات الجيش أن احتلال مدينة غزة سوف يستغرق 4 أشهر    إسرائيل تقر خطة احتلال مدينة غزة وتعرضها على وزير الدفاع غدا    انطلاق امتحانات الدور الثاني للشهادة الثانوية الأزهرية بشمال سيناء (صور)    محافظة بورسعيد.. مواقيت الصلوات الخمس اليوم الإثنين 18 أغسطس 2025    مؤتمر بنزيمة: المواجهة بين اتحاد جدة والنصر وليست أنا ضد رونالدو    «الداخلية»: ضبط 97 ألف مخالفة مرورية و186 سائقًا تحت تأثير المخدرات في 24 ساعة    هل ستسقط أمطار في الصيف؟ بيان حالة الطقس اليوم الاثنين على أنحاء البلاد ودرجات الحرارة    جنايات دمنهور تواصل جلسات الاستئناف في قضية الطفل ياسين بالبحيرة    المصابتان في حادث مطاردة الفتيات بطريق الواحات يحضران أولى جلسات محاكمة المتهمين    التعليم تحسم الجدل : الالتحاق بالبكالوريا اختياريا ولا يجوز التحويل منها أو إليها    إصابة 14 شخصا فى تصادم سيارتى ميكروباص وربع نقل على طريق أسوان الصحراوى    جدول مواعيد قطارات «الإسكندرية - القاهرة» اليوم الاثنين 18 أغسطس 2025    سعر الفراخ البيضاء بعد آخر زيادة.. أسعار الدواجن اليوم الاثنين 18-8-2025 للمستهلك صباحًا    تعرف على مواعيد حفلات مهرجان القلعة للموسيقى والغناء وأسعار التذاكر    دار الإفتاء توضح حكم شراء حلوى المولد النبوي والتهادي بها    محافظ المنوفية يعتمد نتيجة الشهادة الإعدادية الدور الثانى بنسبة نجاح 87.75%    قوات الاحتلال تعتقل 12 فلسطينيا من محافظة بيت لحم    الخارجية الفلسطينية ترحب بقرار أستراليا منع عضو بالكنيست من دخول أراضيها 3 سنوات    نشأت الديهي: شباب مصر الوطني تصدى بكل شجاعة لمظاهرة الإخوان فى هولندا    نشأت الديهى: أنس حبيب طلب اللجوء لهولندا ب"الشذوذ الجنسي" وإلإخوان رخصوا قضية غزة    رابط نتيجة وظائف البريد المصري لعام 2025    مجرد أساطير بلا أساس علمي.. متحدث الصحة عن خطف الأطفال وسرقة أعضائهم (فيديو)    طب قصر العيني تبحث استراتيجية زراعة الأعضاء وتضع توصيات شاملة    نصائح لحمايتك من ارتفاع درجات الحرارة داخل السيارة    حكيم يشعل أجواء الساحل الشمالي الجمعة المقبلة بأجمل أغانيه    تحرك الدفعة ال 17من شاحنات المساعدات إلي معبر كرم أبو سالم    "2 إخوات أحدهما لاعب كرة".. 15 صورة وأبرز المعلومات عن عائلة إمام عاشور نجم الأهلي    دعه ينفذ دعه يمر فالمنصب لحظة سوف تمر    أسفار الحج 13.. من أضاء المسجد النبوى "مصرى"    قد يكون مؤشر على مشكلة صحية.. أبرز أسباب تورم القدمين    الرئيس اللبناني: واشنطن طرحت تعاونًا اقتصاديًا بين لبنان وسوريا    "لا يصلح"... رضا عبدالعال يوجه انتقادات قوية ليانيك فيريرا    سامح حسين يعلن وفاة نجل شقيقه عن عمر 4 سنوات    أوسيم تضيء بذكراه، الكنيسة تحيي ذكرى نياحة القديس مويسيس الأسقف الزاهد    حدث بالفن | عزاء تيمور تيمور وفنان ينجو من الغرق وتطورات خطيرة في حالة أنغام الصحية    بدء اختبارات كشف الهيئة لطلاب مدارس التمريض بالإسكندرية    رضا عبد العال: خوان ألفينا "هينَسي" الزملكاوية زيزو    حضريها في المنزل بمكونات اقتصادية، الوافل حلوى لذيذة تباع بأسعار عالية    وزير الثقافة ومحافظ الإسماعيلية يفتتحان الملتقى القومي الثالث للسمسمية    أشرف صبحي يجتمع باللجنة الأولمبية لبحث الاستعدادات لأولمبياد لوس أنجلوس    مواجهة مع شخص متعالي.. حظ برج القوس اليوم 18 أغسطس    رضا عبد العال: فيريرا لا يصلح للزمالك.. وعلامة استفهام حول استبعاد شيكو بانزا    تنسيق الثانوية العامة 2025 المرحلة الثالثة.. كليات التربية ب أنواعها المتاحة علمي علوم ورياضة وأدبي    مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية.. والجماعات المتطرفة تحرمه بتأويلات باطلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الشباب" في مغامرة داخل "عزبة الأوتاد" لكشف مافيا المخدرات الصيني
نشر في بوابة الشباب يوم 24 - 09 - 2017

خلال سنوات طويلة تعاملنا فيها مع قضية إدمان الشباب للمخدرات، لم نجد من هذا السبيل مردودا لانقاذهم، كثير من القصص التي سمع عنها البعض من بعيد، واقتربت من أسر البعض الآخر، بل دخلت بيوتهم دون وجود برامج متكاملة تتعامل مع مدمني المخدرات، وكانت النتيجة هي ارتفاع عدد المتعاطين بشكل كبير، وإذا كنا بصدد مشكلة كارثية تستهدف شريحة نعتمد عليها في بناء المجتمع فلابد أن ندرس الموضوع من كافة جوانبه، وأن يكون لدينا تخطيط محكم لكيفية المكافحة، وهو الأمر الذي بدأ صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي يدفع به من خلال حملات توعوية موسعة، بدأت تجني ثمارها منذ العام الماضي، وكان ما بين الرصد والحل العديد من التفاصيل لمواجهة هذا الداء اللعين ندعوكم للتعرف على تفاصيلها من خلال السطور التالية..

سجلت آخر الإحصاءات التي رصدت نسب تعاطي المخدرات في مصر نسبا مفزعة، حيث اكتشف أن 10 % من المصريين يتعاطون المخدرات وهو الرقم الذي يعد ضعف المعدل العالمي، وسجل الإحصاء أن 27.5 % من متعاطي المخدرات إناث، و 72.5 % من متعاطي المخدرات من الذكور، كما برزت ظاهرة تدخين الشباب المخدرات أمام والديهم داخل المنزل، وكشفت التقارير أن 24 % من متعاطي المخدرات سائقون، وأن 19.7 % من متعاطي المخدرات من الحرفيين، بينما كانت بقية النسب التي تم رصدها من فئات مختلفة من شرائح المجتمع، ورصدت الإحصاءات أن 30.6 % يتعاطون المخدرات من أجل العمل لفترة طويلة، و35.2 % يتعاطون المخدرات من أجل نسيان الهموم، و 34.8 % يتعاطون المخدرات من أجل التغلب على الاكتئاب، و 36.6 % يتعاطون المخدرات من أجل القبول الاجتماعي، و 37.8 % يتعاطون المخدرات من أجل التجربة، و 24.9 % يتعاطون المخدرات من أجل الإبداع، و 29.1 % يتعاطون المخدرات من أجل الجرأة.

وكانت من ضمن المفاجآت المرصودة أن سن تعاطي المخدرات انخفض إلى 10 و11 عاماً ، حيث إن 10 % من متعاطي المخدرات في الفئة العمرية من 12- 19 سنة، و 37.8 % من متعاطي المخدرات في الفئة العمرية من 20- 29 سنة، و 21 % من متعاطي المخدرات في الفئة العمرية من 30- 39 سنة، و 14.2 % من متعاطي المخدرات في الفئة العمرية من 40- 49 سنة، بينما 17% من متعاطي المخدرات في الفئة العمرية من 50- 60 سنة.


بكل التأكيد أن كل تلك النسب السابقة ما هي إلا مجرد مؤشر لرصد حجم الخطر، إلا أن هناك أنواع كثيرة من المخدرات التي لم ترصدها الإحصاءات، بخلاف موضة أنواع المخدرات التي تتغير وتستحدث من حين لآخر، فهناك أنواع تظهر على الساحة لم تكن موجودة من قبل ولا يوجد عنها أي معلومات تفيد بنسب تعاطيها، مثل "الفودو" و "الأكسس" ومثيلاتها من المخدرات التي تستخدم لزيادة الطاقة والنشاط، ناهيك عن المخدرات الرقمية والتي تعد أحدث صيحات موضة تعاطي المخدرات، والتي اكتشفت من حوالي عام ونصف العام، والتي لا يمكن رصدها إلا بحالات الوفاة الناتجة عن "ممارستها" وهو المصطلح الأنسب لهذا النوع تحديدا من المخدرات الذي لا يعتمد على فكرة التعاطي، حيث إن المخدرات الرقمية عبارة عن موسيقي تصدر عنها ذبذبات بترددات معينة ينتج عنها الشعور بالتخدير، ويتم شراؤها من خلال بعض المواقع التي تتاجر فيها، وبعيدا عن الأصناف العجيبة أيضا هناك مخدرات "مضروبة" أو بمعنى آخر مصنعة تحت بئر السلم، والتي تستهدف شريحة لمتعاطين أصناف معينة من المخدرات الكيميائية التي تم إدراجها في قوائم المخدرات نظرا لاكتشاف تأثيرها المخدر على المتعاطين، فهناك من عمل على إنتاج هذه النوعية من العقاقير والتي عرفت لفترة طويلة باسم "المخدرات الصيني".

وبعيدا عن التقارير الإحصائية فبكل التأكيد أن الوضع على الأرض يعطي صورة أكثر قربا من حجم المشكلة، ولذلك قررنا زيارة أحد أوكار تجارة المخدرات لنرصد كيف تجري الأمور هناك، فذهبنا إلى "عزبة الأوتاد" وهي منطقة موجودة في حي عين شمس ولها مداخل خاصة بها حيث لا يصلح الدخول لها من خلال الشارع الرئيسي ومداخلها عبارة عن عدة حواري ضيقة ويوجد بها ساحة يقف بها بعض الشباب من بائعي المخدرات بالتجزئة لمن لا يعرف طريق الدواليب-أماكن بيع المخدرات- الموجودة بالداخل ولكي نستطيع دخول هذا المكان صاحبنا أحد أبناء المنطقة الذي قال لنا: المخدرات تأتي إلى هنا بسعر الجملة لتباع للمتعاطين بأسعار التجزئة وبخلاف التجار أيضا يأتي بعض محيي الأفراح ممن يريدون عمل "الواجب" مع من يحضرون أفراحهم الشعبية فيذهبون لشراء الحشيش بسعر الجملة نظرا لأن ذلك سيكلفه الكثير إذا اشترى بسعر السوق حيث إن كمية المخدرات التي تلبي احتياجات مثل هذه الأفراح تكون ضخمة جدا فمن بضعة أيام كان يوجد بالمنطقة فرح قام صاحبه بشراء 3 كراتين من الحشيش الكرتونة الواحدة تحتوي على 5 فرشات ومعنى هذا أن فرحاً واحداً استهلك 15 فرشة حشيش! والمشكلة الأخطر أن البرشام الصيني المتداول في المنطقة يتسبب في زيادة نسبة الكهرباء في مخ المتعاطي مما يؤدي إلى سقوطهم في حالة إغماء فهناك من شباب المنطقة من متعاطي هذا المخدر يعمل على موتوسيكل لتوصيل الطلبات فاستدعى أحد أصدقاءه وهو أيضا من المتعاطين ليركب معه حتى إذا حدثت له الحالة يقوم بإنقاذ الموقف ولكن الأخير هو الذي حدثت له الحالة وسقط بعد التعاطي.

وهناك قابلنا أحد الشباب المتعاطين والذي روى حكايته مع المخدرات الصينية قائلا: "في إحدى المرات كنت قد تعاطيت التامول وذلك بعد كمية من الحشيش والخمور ولكن بمجرد أن أخذت هذا البرشام سقطت على الأرض وعلمت بعد الذهاب إلى الطبيب أن السقوط حدث بسبب حدوث زيادة كهرباء في المخ حدثت لي ولكني يومها اعتقدت أن هذا بسبب عدم الأكل وتناول جرعات من مخدرات مختلفة بخلاف تأثير الخمور ولكن عندما تعاطيت البرشام مرة أخرى في يوم آخر حدث لي نفس الشيء من زيادة في الكهرباء والسقوط في حالة إغماء".. وهناك أيضا تعرفنا على شخص آخر من أبناء المنطقة والذي حدثنا عن النوعيات التي تباع قائلا: "المخدرات الصينية التي تباع هنا تحمل أكثر من اسم وكلها من مشتقات الترامادول مثل "التراما دول" نفسه و"تراما جاك" و" تي دول" و"تامول" و"تامول اس" و"تامول إكس" ويوجد منهم مادته الفعالة 100 جرام وأخرى مادته الفعالة 200 جرام، والغريب في الموضوع أن المتعارف عليه أن تجار المخدرات عندما يقومون بتوزيع مخدرات على الموزعين لا يعطونهم مخدرات أخرى إلا بعد تسديد سعر البضاعة التي حصلوا عليها أول مرة ولكن ما يحدث مع هذا البرشام تحديدا غير ذلك، حيث يقوم أحد التجار بالمنطقة بالاتصال بالموزعين اللي عليهم فلوس له ويقول لهم أن يأخذوا كميات أخرى ليستطيعوا تعويض الكمية الأولى ودفع ثمنها.

أخذنا عينات مختلفة من تلك الأقراص المخدرة وذهبنا إلى الدكتور محمود عبد المقصود-الأمين العام لنقابة الصيادلة السابق ورئيس الشعبة العامة لأصحاب الصيدليات بالغرفة التجارية- ليعاينها والذي بمجرد أن رآها قال: هذه العقاقير ليست موجودة بالصيدليات المصرية فهي مهربة وهي أزمة نعاني منها منذ فترة، فالترامادول ومشتقاته لدينا من يستخدمونه كمسكن قوي لمرضى السرطان وهي الدرجة التي قبل احتياجهم للمورفين مباشرة، هذا بخلاف من لديهم أمراض في العمود الفقري وهو ما يجعلنا لا نستطيع منع هذا الدواء من الصيدليات ولكن بدأت استخداماته تزيد فأصبح يتعاطاه من يعمل في أثناء فترة الليل أو من يسافر ليلا ويريد أن يظل مستيقظا، هذا بخلاف أن مدمني الهيروين لا يستطيعون الحصول على الجرعة التي تكفيهم بسبب غلاء سعره فيتناول هذه الأقراص كعامل مساعد للوصول إلى حالة مشابهة للتي يفعلها الهيروين ولذلك طالبنا مؤخرا بإضافة الترامادول إلى جدول واحد بدلا من جدول اثنين حتى يصرف بروشتة من طبيب يحتفظ بها الصيدلي ويتم متابعة ذلك من خلال الوزارة ولكن المصيبة هي العقاقير المهربة التي تأتي لنا من الصين والهند والنسبة الأكبر من الصين لأننا لا نعلم أي شيء عنها والتي تؤدي بالمتعاطي الدخول في نوبات عصبية وزيادة في كهرباء المخ والدخول في إغماءات والتي قد تسبب الدخول في غيبوبة أو الوفاة مباشرة لأنها مليئة بالسموم.


لعب صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي الذي تولت مسئوليته الدكتورة غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي، دورا كبيرا خلال السنوات الماضية في كيفية التعامل مع المدمنين، وبدأت ذروة النشاط منذ العام الماضي بمجموعة من الحملات التوعوية المستمرة والمتجددة التي خاطبت المتعاطين وذويهم، واستهدفت شريحة الشباب من المتعاطين بشكل كبير من خلال الحملات التوعوية التليفزيونية التي خاطبتهم بعدة لغات تتناسب معهم والتي كان أشهرها الحملات التي شارك فيها كل من الفنان محمد رمضان والفنان محمود عبد المغني واللاعب محمد صلاح، وبحسب تقارير صادرة عن الصندوق أن تلك الحملات لاقت استجابة كبيرة تم رصدها من خلال تلقي طلبات العلاج من خلال الخط الساخن للصندوق، والذي تخطي ال 46 ألف اتصال هاتفي لطلب الدعم والعلاج والاستعلام عن الكيفيات لتحقيق ذلك، وهي الأمور التي تم التعامل معها بمنتهي السرية حفاظا على سمعة المتعاملين مع الصندوق والتعامل معهم كمرضى وليس كمجرمين.


وكان لذلك أثر طيب على أعداد كبيرة من الشباب الذين تخطوا أزمتهم مع الإدمان مع الخط الساخن الخاص بالصندوق، "م . أ" 38 سنة، متعافي منذ سنتين و5 أشهر، يقول: الحكاية بدأت معي حينما كان عمري 17 سنة، وبدأت بتدخين السجائر العادية، ثم بدأت تجربة التخدير بأدوية الكحة، ثم تجربة البانجو، مرورا بالبرشام والكحوليات، حتى تخطيت كل ذلك بالوصول إلى مرحلة تعاطي الحشيش والهيروين، وكنت أتعاطي الهيروين على مدد طويل، تقريبا مرة كل 10 أيام، حتى بدأت أعراض إدمانه تظهر عليّ، وبدأت أحصل على جرعات خلال مدة زمنية أقل، حتى أصبحت أتعاطاه 4 مرات يوميا، وبدأ تسلسل المشاكل الطبيعية من احتياج المال، فكان لدي محل ملابس قمت ببيع كل ما فيه لألبي مصاريف التعاطي، وبعد أن قضيت على المحل أصبحت أسرق المال من أمي وشقيقاتي البنات وهو ما جعلهم يطردونني من البيت، حتى تم القبض علي في إحدى المرات حينما ذهبت لشراء جرعتي، وكانت تجربة السجن بداية مرحلة تفكيري في العلاج من الإدمان، فاتصلت بالخط الساخن، ولم يكن معي المال للعلاج، فوجدتهم يوجهونني لأقرب مستشفي للعلاج وكان مستشفى المطار، وبدأت المتابعة مع العيادة الخارجية حتى صدر قرار حجزي، وبدأ العلاج من خلال جلسات فردية وجماعية، وبعد فترة أصبحت أتمكن من الخروج إلى إجازات، وكان خلالها يتابعني مشرف كان يضع لي برنامج متكامل خلال الإجازة حتي تمكنت من الشفاء، وبعد عام من خروجي من الأزمة تمكنت من الزواج، بل ورزقني الله بطفل لأشعر أن مازال هناك أمل في حياة جديدة بعيدة عن المخدرات، فقررت أن أعمل على تخليص غيري من مرض الإدمان، واليوم أعمل كمدير علاجي في أحد المراكز الخاصة لعلاج الإدمان، وساعدني صندوق مكافحة وعلاج الإدمان في الحصول على قرض لافتتاح محل الملابس من جديد، وبعد أن تمت الموافقة على القرض بدأت توضيب المحل بأول دفعة من القرض، واشتريت البضاعة بالدفعة الثانية.

ويضيف "أ . ك"، 28 سنة، متعافي منذ سنة و 11 شهرا، قائلا: بدأت تدخين السجائر منذ كان عمري 15 سنة، وعرفني أصدقائي طريق المخدرات بعدها بعامين عن طريق مجاملات الأفراح وحب الاستطلاع مع الصحبة، وبدأ الموضوع من تدخين الحشيش ثم الترامادول ثم البودرة التي استمررت في تعاطيها حتى بدأت الشعور بالضياع واقتراب أجلي، ووصل بي الأمر أن أعمل في تجارة السلاح التي جنيت منها الكثير من المال وصرفتها كلها على البودرة، وتعرضت أكثرة من مرة لاقترابي من الموت بسبب عملي في هذه التجارة، ولكني فجأة قررت العلاج حينما رأيت أحد أصدقائي أخذ جرعته بطريقة خاطئة مما تسبب في بتر ذراعه، فدخلت مستشفى خاص مرة واحدة وبقيت به 15 يوما ولم أستفد بثقافة علاجية وكدت أعود مرة أخري للتعاطي، فتوجهت للخط الساخن وقابلوني هناك، وبرغم أني لم أكن مقتنعا بأني سأجد فرقا بين الخط الساخن والمستشفى إلا أني وجدتهم يقابلونني بشكل جيد، وفهموني بأنه يوجد ثقافة علاجية، وأني سوف أتعلم وأفهم كيفية التبطيل، وأصبح لدي ثقافة علاجية كسلاح أحارب به الانتكاسات، واليوم أنا سعيد ومرتاح في التبطيل ومستمتع بالحياة وأمارس عملي بشكل جيد وأنام مثل أي إنسان طبيعي وسوي، وابتعدت عن أي شيء يغضب ربنا.


"ك . س"، 21 سنة، متعافي منذ 7 سنوات، يقول: سبب دخولي المخدرات وفاة والدي والذي كنت متعلقا به في سن صغيرة وقتها عمري 5 سنوات، وبدأت أدخن السجائر وأنا عمري 7 سنوات، وبدأت أجلس مع أولاد عمي المدمنين، وكانت تلك الأجواء تعجبني، وبدأت أتعاطى الحشيش معهم وأنا سني 9 سنوات، وبعدها لم يعد هناك قدرة لشراء الحشيش فأصبحت أتعاطي البانجو، وبدأ تفكيري ولياقتي تضعف، فأحد أبناء عمي أعطاني ترامادول واستمررت في تعاطيه 6 أشهر، ثم تعاطيت ماكس، وبعدها تطور الأمر إلى البودرة، واستمر مشوار التعاطي لمدة 5 سنوات، حتى سن ال 14 سنة، وبالطبع خسائري كانت كل أموالي، بخلاف مشاكل البيت وعدم الثقة والكذب، والماديات، فكنت آخذ أي فلوس أمامي بغض النظر كانت ملكى أو مدى احتياجه لها، والدتي شعرت بالمشكلة ولكنها لم تدرك أني مدمن مخدرات، ووجهتني لأطباء نفسيين، ولكن لم يتوقع أحد أنني مدمن، وفي إحدى المرات كان لدينا محل نقوم بتأجيره فذهبت للمستأجر لتحصيل الإيجار، وأخذت المال لشراء المخدرات، وبعدها رجعت لأمي وعرفت أنها اكتشفت ما فعلته، فقلت لها "عايز أقولك حاجة ومتزعليش أنا بشرب مخدرات" فقالت لي: كنت حاسة، وسألتني إذا كان لدي استعداد للعلاج، فاتصلت بالخط الساخن، وذهبت مستشفى الدمرداش واكتشفنا مصاريف العلاج بالنسبة للخط الساخن مقارنة بالأماكن الأخرى لا تذكر لأن العلاج مجاني، وموضوع السرية كان مصدر قلقي في البداية، ولكن بعدما تعاملت مع أخصائي الخط الساخن شعرت بالاطمئنان، فأخصائي الخط الساخن نقلني من دنيا لدنيا، فلم أكن أتصور أن أسلوب الحياة الذي كنت فيه من الممكن أن يتغير.

ويقول "ط . أ"، 37 سنة، متعافي منذ سنة وأربعة أشهر: بدأت التعاطي في سن مبكرة، تقريباً في مرحلة الإعدادية، بدأت مع الأصدقاء في المدرسة والأفراح والمناسبات مثل وقفة العيد وشم النسيم، وأي مناسبة سعيدة أو حزينة، بدأت بتعاطي البانجو وتدرج الموضوع إلى أدوية الكحة ثم الأقراص بجميع أنواعها إلى أن انتهى الأمر إلى الهيروين والكوكايين، وفي بداية الأمر لم أحس بأي خسارة مادية أو معنوية، أنا كنت أعمل مهندسا في إحدي الشركات الكبرى وكان الراتب الشهري يصل وقتها إلى 4200 جنيه شهريا، فكان سعر المخدرات في متناول يدي، وكنت أشعر أني مميز ومختلف عن أي أحد في سني، إلى أن أصبحت مدمنا، وبدأت الخسائر المادية والمعنوية، تركت العمل بسبب السرقة وبدأت بداية الضياع الأسري، وبدأت الدنيا تتقفل في وجهي، حتي لم يعد أمامي أى خيار عن التبطيل، وكنت في بادىء الأمر غير مقتنع من إمكانية حدوث ذلك إلا أن شقيقي اتصل برقم الخط الساخن وتم توجيهي إلى أقرب مستشفى تابع له، وبدأت سلسلة العلاج والتعافي وبدأت أجلس مع أخصائي نفسي ووجدت الاهتمام والرعاية، وبدأ الأخصائي ينقلني من مرحلة إلى مرحل في التعافي ومتابعتي حتى داخل الأسرة وفي جميع جوانب حياتي إلى أن أصبحت متعافيا الآن بفضل الله.
ولدت من جديد
أما "ت . ي"،39 سنة، متعافي منذ سنتين، فيقول: بدأت تعاطي المخدرات وعمري 15 سنة، فكان والدي يجلس مع عمي الذي يعيش في الشقة المجاورة لنا، وكانوا يتعاطون المخدرات معا، وفي إحدى المرات وجدت الحشيش أمامي على المنضدة، وعمي دخل للتحدث في التليفون، فأخدت قطعة من الحشيش كنوع من حب الاستطلاع، وهذه كانت أول مرة، وبدأت أكرر الموضوع، ثم تعاطيت بعد ذلك البرشام بكل أنواعه، وجميع أنواع الأدوية الكيميائية، وبدأ سلوكي يتغير تماما، وخسرت كل الناس أهلي وأقاربي بسبب تصرفاتي وأفعالي، المخدرات حولتني لحرامي ونصاب، وفجأة اكتشفت أني خسرت سني، وأن عمري راح، واتفاجأت أني كبرت بدون ما أحقق أشياء كان من المفروض أن أحققها، فحينما كنت أرى طفلا صغيرا كنت أشتم المرض الذي حرمني بأن يكون لدي طفل مثله، فكرت في العلاج بعدما رأيت أناس مرت بمثل تجربتي ووجدت طريقها للتعافي، فوجدت في ذلك الأمل في أن ألحق ما تبقى من عمري لأبدأ حياة جديدة أعيشها الآن منذ عامين والحمد لله، فبعد أن تعاملت مع الخط الساخن وتابعو معي خطوة بخطوة، وعلموني كيفية التعامل مع كل مرحلة من مراحل التعافي، أصبحت أشعر وكأنني ولدت من جديد.

وتختتم د. سهير لطفي-رئيس المركز المصري لمكافحة الإدمان سابقا وأستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية- قائلة: أسباب استمرار المريض في تعاطيه المخدرات برغم معرفته ويقينه بخطورته فهذا لأن المدمن حدوده الاجتماعية والنفسية والحسية في تلاشي مستمر، حتى حدود الحياة والموت، ولذلك تجدهم مهما يحدث لهم بعد تناول جرعات عالية أو موت أصدقائهم أمام أعينهم يعود مرة أخرى ويتعاطى فأهم شيء بالنسبة له هو تلبية الرغبة الصارخة التي لديه في تناول الجرعة ولذلك نعتمد في العلاج على تهدئة هذه الثورة التي بداخل المدمن وتفريغ المادة المخدرة من دمه وإعطائه أدوية تدفن شهيته لهذا المخدر، وأنا لست مع من يأخذون قضية المخدرات بفكرة المؤامرة حيث إني أرى أن المخدرات نشاط اقتصادي أسود وأي نشاط اقتصادي خاضع لمسألة العرض والطلب ولذلك فالمصدر يدرس السوق ومن خلال دراسته يجد أن الشباب بكل قطاعاته من أبسط البسطاء إلى أغنى الأغنياء هم زبائنه الأول لأنهم لديهم خاصية التجربة والمشكلة أننا نختصر مكافحة الإدمان في جهاز الشرطة التي دورها الوحيد هو مكافحة عرض المخدرات في الشارع وهذا ليس حلا لمشكلة الإدمان لأن ما زال هناك طلب على المخدرات ، فالمكافحة هو كيفية أن نجعل الشباب يقول لا للمخدرات، والأرقام الموجودة لدينا عن نسبة متعاطي المخدرات هي الأرقام المسجلة من قبل وزارة الداخلية والحالات التي تعالج في المستشفيات فقط ولذلك لا يوجد لدينا رقم دقيق عن عدد المدمنين في مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.