فى ثنايا قلب العاصمة،تحديدا فى منطقة عزبة خيرالله الكائنة بمنطقة الجبل بمصر القديمة, يقع أحد أبرز وأجمل الأماكن الأثرية والتاريخية فى مصر, وهو " جبخانة محمد على التى قام المخرج يوسف شاهين بتصوير بعض مشاهد فيلمه الشهير "الناصر صلاح الدين" بها .. والحقيقة التى رصدتها "الشباب" عند زيارتها للمكان هى أنه مقلب زبالة تسكنه الحيوانات الضالة .. موقعها أعلى الجبل .. وكلما تقدمنا أكثر زاد ضيق الطريق الذى نسير فيه ليتحول إلى حوار ثم أزقة ثم جحور مهجورة, وعندما وصلنا وفتحت أبواب الجبخانة أمامنا وجدنا حارسين برتبة صول قاموا بمنعنا عندما طلبنا الدخول لتصوير المكان لأننا صحفيان, وقالوا "هذا ممنوع", وعندما أصررنا علي التصوير فوجئنا بهما يتراجعان سريعأً وقال أحدهما "طيب عايزين الشاي والدخان بتاعنا", فأجبنا " طيب نصور الأول بس ونخلص شغلنا وبعدين نتكلم"، ودخلنا إلى الجبخانة لنجد المشهد هناك تتوسطه أكوام القمامة التى تغلق الأبواب وتتخللها العقارب والحشرات, كما وجدنا قافلة من الكلاب الضالة أخذت من المكان ملاذاً لها, وليس ذلك فحسب فقد تحولت جدران الجبخانة إلى حالة من الفوضى, حيث يستغلها زبائن المقهى وسكان المنطقة في لصق الإعلانات والكتابة عليها، فضلا عن انتشار العشوائيات حول الجبخانة, وهو ما أفقده بريقه التراثي والمعمارى الكبير، وعندما داخلنا إلى الجبخانة ونزلنا إلى الأنفاق التى شيدت تحته وجدنا رائحة الأتربة طاغية على عبق التاريخ، والأخطر أن الجبخانة في هذه الحال المزرية اصبحت وكرا للخارجين على القانون وتجار المخدرات .. خاصة مع قلة الحراسة واتساع مساحة المكان. ويروى لنا خالد حمودة أحد أهالى المنطقة حكاية المكان ويقول: " ولدت فى هذه المنطقة, ولم أكن أعرف هوية هذا المكان, وفي عام 2010 زار زاهى حواس المنطقة وقال إن هذا المكان بناه محمد على فى عام 1829 على الطراز العثمانى, وسمى بالجبخانة, وأنه كان عبارة عن مخزن للبارود , وأن محمد على لم يستخدمه فى تخزين البارود فقط بل استخدمه أيضا كسجن لأعدائه". واستطرد حموده حديثة قائلا:" عندما كنت صغيراً كانت الجبخانة يحرسها أشخاص سودانيون لقبوا أنفسهم بالهجانة، وكانوا يعيشون بداخلها بأسرهم, وكانت المنطقة لاتحتوى على المياه بينما الجبخانة بها آبار هى مصدر المياه بالنسبة لأهالى المنطقة, وعرفت بعد ذلك أن الآبار كانت موجودة لترطيب درجة حرارة المكان, وذلك لتجنب اشتعال بارود المخزن، والمنطقة كلها أثرية, وكانت الناس تحفر على أمل أن تستخرج الآثار, وكان هناك ممثلون ومخرجون مشهورون يزورون المكان مثل فريد شوقى وأحمد مظهر ويحيى الفخرانى ويوسف شاهين وغيرهم". وفى إطار الإهمال بهذا المكان الأثرى أوضح خالد حموده لنا أن سور الجبخانة كان محجوباً عن الرؤية بفعل أكوام الزبالة الهائلة التى كانت تحيط به ، لكن أهل المنطقة أرسلوا إلى وزارتي الآثار والأوقاف ليطالبوا بضرورة إرسال من يهتم بالمكان، ولكن بلا جدوى وكأن المكان لم يعد فى حسابهم , ويضيف: هنا لم نلتزم نحن الصمت وقمت بدعوة أهل المنطقة من خلال الجمعية التى أشرف عليها للتكاتف لإزالة هذه القمامة ، وبالفعل تمت إزالتها مرتين وكلفتنا نحو 22 ألف جنيه ، ولكن للأسف يقوم البعض بإعادة رمى القمامة على سور الجبخانة مرة أخري