تصوير- محمود شعبان: - الشاب يدفع 50 ألف جنيه .. نصف المبلغ قبل السفر والباقى عند الوصول فى حالة النجاة - الهروب على "شنابر" .. وخريطة الهجرة محددة .. ومافيا السماسرة تسيطر على الأوضاع - كابتن بيبو، والبحار، وأبو فرعون، والشاطر وأبو جهاد أشهر سماسرة الهجرة غير المشروعة فى البرلس - بوتو وجزيرتى المحكرة وسنجار والكوم الأخضر.. مناطق أثرية منهوبة والتنقيب دون رقابة - الجامعيون يهاجرون من خلال معادلة الشهادة والزواج من أجنبية أو تأشيرة ب 30 ألف جنيه - الصيادون: ضيق الرزق يجعل أصحاب المراكب يضحون بها في رحلة الغرق إلى أوروبا - أحمد عبد السميع يكرر تجربة "رجب فوق صفيح ساخن" ... والفلاحون على وشك الانقراض ! - نشرة أخبار المحافظة : أعلى معدلات الإصابة بفيرس سي .. 3 ملايين ونصف المليون يعانون من تلوث المياه والذي تسبب في نفوق كميات هائلة من الأسماك - الدراويش والصوفيون وعشاق الأولياء يعتكفون فى مقام سيدى إبراهيم الدسوقى .. وحجر يقال إن عليه آثار كف الرسول عليه الصلاة والسلام - سعر الشقة يبدأ من 400 ألف جنيه.. والشبكة تصل إلى 50 ألف جنيه.. ولذلك يحجم الشباب عن الزواج - وزيرة الهجرة تعلن: 2500 طفل مصرى وصلوا لإيطاليا عن طريق الهجرة غير الشرعية من برج مغيزل عندما يتم ذكر محافظة كفر الشيخ فأول ما تتبادر إلى الأذهان الهجرة غير الشرعية.. فهي عاصمة الموت التي تصدر الهاربين إلى الشمال على متن قوارب متهالكة .. الشاب يدفع 50 ألف جنيه على مرحلتين، نصف المبلغ قبل السفر والباقي عند الوصول فى حالة النجاة .. والهروب على "شنابر" ، وخريطة الهجرة جاهزة والمافيا مسيطرة على الأوضاع.. هذا هو الحال على سواحل قرى ومدن كفر الشيخ وعلى رأسها البرلس وبرج مغيزل وغيرها .. والتي يخطط السماسرة فيها لرحلة الهجرة الوهمية للشباب الذين يأتون من مختلف المحافظات ليصبح مصيرهم مجرد جثث هائمة في البحر مثلما روى لنا شهود العيان .. وبخلاف الهجرة غير الشرعية تعيش هذه المحافظة تحديدا أوضاعا صعبة بسبب التلوث ونقص الخدمات ، أما الشباب من حملة المؤهلات فيبحثون عن فرصة سفر شرعية عن طريق الشهادات المعادلة.. ورغم كل ذلك تحظى المحافظة بمقام رفيع لأنها وطن سيدى إبراهيم الدسوقى- صاحب الكرامات والأفضال- .. كل ذلك نرصده لكم فى تفاصيل التحقيق التالى . البرلس .. عاصمة الهجرة إلى الشمال تعتبر البرلس هي عاصمة الهجرة غير الشرعية وتشهد سواحلها العديد من حوادث غرق الكثير من المراكب.. توجهنا إلى هناك لنتعرف- عن قرب- على ما يحدث داخل هذه المدينة.. فمنذ أيام تمكنت قوات حرس الحدود من ضبط محاولتى هجرة غير شرعية منفصلتين بمنطقة الشهابية وشرق البرلس، حيث ألقت القوات القبض على 29 شابا من راغبى الهجرة غير الشرعية، 23 منهم في منطقة الشهابية، بجانب ضبط 11 صوماليا و10 مصريين وإثيوبيين وسودانيين، وبسؤالهم أفادوا باتفاقهم مع أحد الأشخاص على السفر لدولة إيطاليا مقابل مبالغ مالية، كما تم إلقاء القبض على 105 أشخاص من جنسيات مختلفة قبض عليهم أثناء محاولتهم الهجرة، وقد غرقت المركب، وغرق حوالي 17 شابا، ورغم أنها مقر الراغبين في الهجرة إلا أنها مدينة عادية جدا لا يظهر على ملامحها وشوارعها أي علامات الثراء، بل يعاني أهلها الكثير من المشكلات، ويعمل معظم أهلها بالصيد، وأكبر المشكلات التي يعانون منها الحوادث التي تحدث على الطريق الدولي- فعلى حد تعبير العديد من الأهالي- أن يوميا تكون هناك صلاة جنازة على أحد ضحايا هذا الطريق. أما عن كون البرلس قبلة المهاجرين.. فقد تقابلنا مع أحد الشباب الذي يحلم بمغامرة الهجرة غير الشرعية.. حيث يقول محمد وهدان: الشباب يعيش ظروفا صعبة بسبب عدم وجود فرص عمل، مما يجعلهم يبحثون عن السماسرة الذين يوفرون فرصا للهجرة غير الشرعية، وخصوصا أن هناك من سافر وعاد بثروات بالفعل، ولكنها حظوظ، فمن الممكن أن يكمل الشاب ويصل إلى إيطاليا أو أن يغرق، ويتجمع كثير من الشباب في البرلس انتظارا للمندوب الذى يأتي إلى البلد يوم الجمعة، وهو يعمل لحساب آخرين، وكل أهل القرية يتجمعون حول هذا الحاوي الذي رأوا فيه صاحب العصا السحرية لتغيير الواقع، ويحكي ما هو مطلوب من الشباب حتى يتمكنوا من السفر إلي أوروبا وبالأخص إيطاليا، وفي الغالب يستخدم المندوبون أسماء حركية، وأشهرهم كابتن بيبو، والبحار، وأبو فرعون، والشاطر وأبو جهاد وغيرها من الأسماء، ويقولون له يا " كابتن " ، أما أشرف عبد الرؤوف فيقول: يؤكد المندوب أن السعر موحد سواء كان السفر من خلال شواطئ بلطيم أو البرلس أو الساحل الشمالي، ولكن الرحلة تستغرق من 7 إلى 10 أيام من داخل مصر، أما عن طريق ليبيا فيختصر الوقت، ولكن الرحلات إلى ليبيا أصبحت نادرة بسبب ما يحدث فيها، ويتفق المندوب مع الشباب على المقابل والذي يبدأ من 35 ألفا ويصل حتى 50 ألف جنيه، ويأخذ مقدما نصف المبلغ والباقي بعد الوصول، ويأخذ شيكا بالباقي أو إيصال أمانة، وهناك من يبيع ذهب والدته وزوجته، وهناك من يرهن بيت والده، وآخر يبيع المواشي التي يملكها، ويؤكد المندوب أن الطريق أمان والمركب جديد وكبير وتسمى" جرافة"، وأن الكابتن الذي سوف يقوم بالرحلة خبير في الوصول إلي الشواطئ ولم يسبق أن قبضت عليه الشرطة الإيطالية، وأنها ليست المرة الأولى التي يقوم بتوصيل رحلات مشابهة، ويأتي بعد ذلك المندوب ويسجل أسماء الراغبين في السفر ويجمع حوالي مليون جنيه المكسب من المركب الواحد، ويأتي الشباب من كل المحافظات، ويطلب من كل شاب تحضير مبلغ بعملة اليورو من أجل المصاريف بعد الوصول إلى إيطاليا وثمن تذاكر القطار إلي ميلانو التي تعتبر عاصمة المصريين، بجانب تحضير ملابس أنيقة حتى يبعد الشك عنه وهو في القطار، وهكذا يكون المندوب وضع خطته لخداع الشباب، ثم يواجهون مصيرهم بعد ذلك، وإما أن يصل الشاب أو يعود جثة لعائلته.. أو يختفي أثره للأبد. خريطة الهروب تنطلق مراكب الهروب من أوكار عديدة داخل كفر الشيخ يكشف عنها الشيخ عبد ربه الجزايرلي- شيخ الصيادين- والذي يقول: كفر الشيخ تعتبر منطقة ترانزيت لراغبي الهجرة غير الشرعية، حيث يصل طول سواحلها ل 118 كم، وتتعامد مع دولة إيطاليا حيث تكفي رحلة لمدة 3 أيام للوصول إليها، هناك العديد من المناطق التي تهرب من خلالها المراكب التي تحمل الشباب الذي يحلم بالهجرة لأوروبا، وتلك المناطق هي برج مغيزل وبرمبال ورشيد، ومطوبس، وهناك من يأتي من بلطيم من منطقة الشهابية، وبجانبها الجزيرة الخضراء، كما توجد منطقة المعدية البحرية التابعة لمركز البرلس، وأبو خشبة، فكلها مناطق بعيدة عن العيون، والسماسرة من نفس المناطق، ويتفقون مع أصحاب مراكب من أجل السفر عليها بمقابل مادي، وفي الغالب تكون مراكب قديمة والقليل منها يعود مرة أخرى، ومعظم هؤلاء الشباب يأتون من المحافظات الأخرى، ويتم الاتفاق معهم عن طريق مندوبين للسمسار، ويحصلون على أموالهم والشباب في النهاية يموت في البحر، وإما أن يكون السفر عن طريق ليبيا، أو تسافر المركب من كفر الشيخ وتأخذ طريقها لقرب شواطئ إيطاليا أو اليونان، ويحصل السمسار على 50 ألف جنيه عن كل شاب، وزاد هذا المبلغ في الفترة الأخيرة، وخصوصا بعد سيطرة داعش على كثير من المناطق بليبيا، فالصعوبة والمغامرة زادت، ولكن الظروف الصعبة هنا تجبر بعض الشباب على خوض هذه المغامرة. الطريق إلى الموت يبدأ من برج مغيزل الطريق السريع للموت يبدأ من هذه القرية التى تسمى "برج مغيزل"، والتى تمتلك أسطولا بحريا من مراكب الصيد يتخطى عدده 700 مركب .. طبيعتها الجغرافية جعلت منها محطة سرية للهجرة غير الشرعية إلى إيطاليا، حيث تقع على البحر المتوسط وتمتد إلى داخل المياه على شكل رأس السهم المدبب، غالبية سكانها يعملون فى مهنة الصيد، وترتفع بها نسبة الأرامل نظرا لأن الكثير من الصيادين يلقون حتفهم فى مياه البحار نتيجة تحطم مراكبهم المتهالكة أو وقوعهم فريسة للميلشيات الليبية المسلحة التى تحتل المياه الإقليمية .. ملف القرية الساخن فى حاجة لاهتمام وتعامل رسمى وأمنى، خاصة أن هذه القرية تحديدا تعد الأولى فى تصدير المهاجرين غير الشرعيين، حيث كشفت الدكتورة نبيلة مكرم- وزيرة الهجرة وشئون المصريين بالخارج- فى تصريحات سابقة أن هناك 2500 طفل مصرى وصلوا لإيطاليا عن طريق الهجرة غير الشرعية، وذلك بحسب إحصائية صادرة من السلطات الإيطالية، وأن قرية برج مغيزل بمحافظة كفرالشيخ، أنها الأولى فى رحلات الهجرة غير الشرعية لدول الأتحاد الأوروبى. ويكشف عبد الله أحمد- محام وأحد أصحاب المراكب فى برج مغيزل- عن حقائق مثيرة حول استغلال هذه القرية فى أعمال كثيرة مخالفة للقانون، حيث يقول: فى أواخر فترة حكم مبارك بدأت ظاهرة الهجرة غير الشرعية تزداد من سواحل برج مغيزل، وهناك أباطرة جمعوا أموالا طائلة من هذا اللون من البيزنس غير الشرعى، حيث يقوم هؤلاء السماسرة باستئجار المراكب المتهالكة من أصحابها مقابل مبلغ مالى كبير، ويتم حشر عشرات الشباب به، ويسير هذا المركب فى عرض البحر، وعادة لا تصل هذه المراكب ويغرق الشباب، وهناك رحلات كثيرة غرقت وآلاف من الشباب المفقودين، ويأتى القرية بعض الأهالى من مناطق مختلفة من محافظات الجمهورية للاستفسار عن ذويهم من المفقودين، الجديد أن الميلشيات الليبية المسلحة تخطف مراكب الصيد المصرية ويطالبون بدفع كفالات وفدية كبيرة للإفراج عنهم. ويضيف عبد الله: إن مافيا التهريب لا يعيشون فى القرية، وإنما يمارسون أعمالهم من أماكن أخرى ويقومون بابتزاز أصحاب المراكب وسرقة مراكبهم واستخدامها بالقوة فى الهجرة غير الشرعية، وسبق تقديم عشرات البلاغات حول سرقة واختفاء مراكب بهذا الشكل، ويصل الحال أحيانا لدرجة دفع مبلغ قد يصل لمليون جنيه مقابل تأجير المركب فى رحلة هجرة غير شرعية، واللافت للنظر أيضا أن الهجرة لم تعد مقصورة على المصريين فقط، وإنما هناك متسللون من السودان وسوريا وغرباء يأتون للفرار من بوابة برج مغيزل. ويكشف على المرشدى- أحد شيوخ الصيادين- عن خيوط الهجرة غير الشرعية، حيث يذكر أن السماسرة يقومون بشراء المراكب من ترسانة دمياط البحرية أو أى صياد، ثم يقومون بنقل هذه المراكب إلى سواحل كفر الشيخ وخاصة برج مغيزل، ويتولى هذا السمسار الاتفاق بشكل رسمى على نقل عدد 5 أفراد للعمل فى قطاع أو شركات الصيد باليونان أو قبرص أو تركيا، ويتقاضى عن كل فرد مبلغ 30 ألف جنيه، عند هذا الحد يتمتع هذا السمسار بموقف قانونى سليم، لكن ما يحدث بعد ذلك هو الكارثة، حيث إنه يقوم بالتأمين على المركب، وفى نفس الوقت يكون قد أخذ قرضا من البنك لشراء هذا المركب، ووفقا للقانون فإنه فى حالة غرق المركب يتم دفع مبلغ التعويض لصاحبه ويعفى من بقية الأقساط أو الديون، ومن هنا يقوم سمسار الهجرة غير الشرعية بتحميل المركب بحمولة زائدة ويتجاوز عدد المسافرين عليه أكثر من 50 فردا، وبالتالى فهو يجمع ثمن المركب من الحمولة، وبعد أن يصلوا إلى البر الآخر يتم إغراق المركب وإثبات حالة الغرق، حتى يحصل صاحب المركب على التعويض ومبلغ التأمين، وهذه عملية دنيئة جدا وللأسف أساءت للصيادين وأصحاب المراكب.. وهذه الظاهرة بدأت تزداد بشكل واضح جدا بعد عام 2007 عندما تراجعت قبضة الحكومة وازدادت أحلام الشباب فى الهجرة. يذكر أن محافظة كفر الشيخ تمتد بطول 118 كم على ساحل البحر المتوسط، وامتدادها الكبير جعل من الصعب السيطرة تمامًا على تلك المساحات الكبيرة لمنع الهجرة غير الشرعية. شباب كفر الشيخ .. عايشين إزاى؟ معظم من يلجئون إلى الهجرة غير الشرعية من كفر الشيخ هم من غير المتعلمين.. ولكن ما الذي يفعله خريجو الجامعات..أحمد المصري- طالب بكلية الطب البيطري ومسئول مؤسسة صوت طلاب مصر بكفر الشيخ- يقول: مستوى المعيشة هنا صعب وفرص العمل محدودة جدا، فطلاب هندسة يجدون فرص في الإنشاءات الجديدة التي تقام بالمحافظة أو اللجوء إلى الهجرة الداخلية، وأصحاب المؤهلات العليا لا يهاجرون بطرق غير شرعية، ولذلك يلجأ الخريجون إلى الهجرة ولكن الشرعية سواء داخل مصر أو خارجها، والهجرة الشرعية تتكلف من 25 إلى 30 ألف جنيه والسفر يكون لدول عربية، ونحاول في مؤسسة "صوت طلاب مصر" تأهيل الشباب لسوق العمل داخل المحافظة، وقدمنا العديد من دورات التدريب بالتعاون مع وزارتي الشباب والتعليم العالي، ونحاول في الفترة القادمة توفير فرص عمل. ويضيف محمد إبراهيم قائلا: من الممكن أن يبحث خريج كلية عن فرصة عمل في محل، وإذا يأس يلجأ للسفر، وهناك طرق للسفر إما من خلال شراء تأشيرة أو عمل معادلة للشهادة بدفع 100 ألف جنيه من أجل السفر إلى دولة أوروبية، أو من خلال الزواج بأجنبية، وهناك مكاتب تسفير في بلطيم وكفر الشيخ بهذه الطرق، أما عن الزواج فأسعار الشقق هنا عالية ويبدأ سعر الشقة من 400 ألف جنيه لأن مساحة أراضي المحافظة صغيرة، ولذلك يلجأ أي شاب إلى الزواج والإقامة مع أسرته، والشبكة حسب التقديرات من الممكن أن تصل إلى 50 ألف جنيه، فالظروف بالمحافظة- بالطبع- سيئة، ونحتاج إلى توفير فرص عمل لجميع التخصصات بدل الهروب من هذه الظروف بطرق غير قانونية. رجب فوق صفيح ساخن الفلاح فى قرى هذه المحافظة يتميز بالبساطة والتلقائية بشكل غير طبيعى، ففى قرية محلة القصب التى تقع على بعد عدة كيلو مترات من المحافظة التقينا المزارع أحمد عبد السميع بكير- 55 عاما- من الشقاء والتعب والعناء داخل الأرض، فمنذ أن جاء للحياة لم يخرج من القرية سوى مرات معدودة، لا يعرف طريق "مصر" وإذا حضر إلى القاهرة سوف "يتوه" ، فهو يشبه في قصته بطل فيلم "رجب فوق صفيح ساخن".. أحمد عبد السميع أكد لنا أنه يستقيظ مبكرا ويذهب للأرض ثم ينام مبكرا، لا يشاهد التليفزيون ولم يسمع من قبل عن نجوم برامج التوك شو.. قال لنا بتعبيرات بسيطة: " طول عمرى عايش فى الغُلب.. ولا عمرى رحت مصر وممكن أتوه على المحطة ويمكن ماعرفش أجى بلدنا تانى.. ممكن أتفرج شوية بالليل على أفلام بس، لكن البرامج والبتاع مش سكتى.. زمان كنا نزرع الفول الصويا والقطن والفول البلدى الحراتى، وكانت محلاها عيشة الفلاح، لكن دلوقتى القطن لو زرعته ماعرفش أبيعه، صحيح القنطار ب1200 جنيه لكن الحكومة لا تشتريه من الفلاحين، وإنما يذهب للسوق السوداء، وفى أحيان كثيرة نجمعه ونركنه أمام البيت حتى يأكله السوس، ولا نزرع اليوم سوى الأرز والذرة والبرسيم والقمح، وأيامنا ماكانش فيه مشاكل وكنت تروح الغيط تجد 10 أنفار قاعدين يأكلوا ويشربوا سوا مع بعض تحت الشجرة.. النهارده الأرض فاضية، والشباب ترك الفلاحة وراح يتغرب.. والجيل بتاعنا عندما يموت سوف ينقرض الفلاحون لأن الجيل الجديد لن يتحمل الشغل والشقا، والشباب عايز يشوف عيلة يرمح وراها أو يشوف عيلة يجرى وراها.. والحكومة بتضحك على دماغ الفلاحين.. وغالبية الفلاحين غلابة جدا وماعندهمش أرض، ولا يزال هناك وسية، يعنى مثلا هناك بعض الملاك يمتلكون أكثر من 50 فدانا، وبقية الفلاحين ليس عندهم أراضٍ، ويعمل كل الفلاحين فى العزبة كأجراء باليومية عند البيه ، كل واحد اللى عايز يعمله يعمله والحكومة لا تسمع لأحد، وإحنا هنا مش عايشين فى مصر.. مصر أم الدنيا لكن هنا مش مصر إحنا فى صحرا .. مهما تزعق محدش راح يسمعك". من جانب آخر تشير الأرقام والتقارير إلى أن كفر الشيخ تسجل أعلى معدلات الإصابة بفيرس سي، وخاصة فى المناطق الريفية، وتصل النسبة وفقا لبعض التقديرات إلى 60%، وهناك 3 ملايين ونصف المليون نسمة بمدن وقرى كفر الشيخ يعانون من تلوث المياه؛ بسبب مصرف يسمى "كتشنر" الذي يبلغ طوله أكثر من 68 كم، منها 46 كم في نطاق المحافظة، وتصب أكثر من 50 منشأة صناعية مخلفاتها به، رغم كونه مصرفًا زراعيا فقط؛ مما يجلب جميع الملوثات والأوبئة للمواطن فى نهاية المطاف، وكان من مظاهر هذا التلوث نفوق كميات هائلة من الأسماك. حكايات الولى والتمساح فى سيدى إبراهيم الدسوقى شيء من الشعور النادر بالراحة النفسية عندما تدخل إلى مقامه العامر بمدينة دسوق، وهو المقام الذي يزوره مئات الآلاف سنويا من داخل مصر وخارجها، إنه مقام سيدى إبراهيم الدسوقى والذى يصنف مسجده بأنه أحد أكبر عشرة مساجد على مستوى العالم. يتصدر المسجد ساحة كبيرة تشبه ساحة السيدة نفيسة يفترشها البسطاء بحلوى المولد والحمص ولعب الأطفال، كما يكثر بها الدراويش والصوفيون وعشاق الأولياء، أما داخل المقام فعلى اليمين تجد حجراً يقال: إن عليه آثار كف الرسول- عليه الصلاة والسلام-، وهى الآثار التى محيت مع الزمن من كثرة اللمس تماما كما حدث مع الحجر الأسود بالكعبة، ولهذا حرصت إدارة المسجد على وضع الحجر داخل إطار من الحديد والنحاس لحمايته.. أما مقام سيدى إبراهيم فيستقبل المريدين والعاشقين بهيئته الموقرة .. الشيخ حاتم فوزى البرى- إمام وخطيب المسجد- قال لنا: إن سيدى إبراهيم الدسوقى من أولياء الله الصالحين، توفى عن عمر يناهز 43 عاما فقط، ويرجع نسبه إلى سيدنا الحسين- رضى الله عنه-، وله كرامات شهد بها الناس، وكان يعرف فى عصره بحجة الإسلام، ومن أشهر كراماته أن سيدة جاءته وقالت له: إن التمساح خطف صبيها من على شاطىء النيل فأرسل سيدى إبراهيم الدسوقى أحد رجاله إلى النيل ونادى الرجل: "يا معشر التماسيح، من ابتلع صبياً فليخرج به"، فخرج التمساح ومشى معه إلى الدسوقي، فأمره أن يلفظ الصبي فلفظه حيا في وجود الناس، واستخرج جزءا من عنق التمساح، وهذا الجزء لا يزال موجودا للذكرى فى المقام، وكرامة أخرى تروى أنه أوفد أحد تلامذته إلى الإسكندرية فتشاجر هذا التلميذ مع أحد التاجر وذهبا الاثنان معا إلى قاضى المدينة، فظلم تلميذ إبراهيم الدسوقى، فقام الدسوقى بإرسال رسالة تتضمن عددا من أبيات الشعر إلى قاضى الإسكندرية الظالم، قال له فيها: "سهام الليل صائبة المرامي .. إذا وترت بأوتار الخشوع، يفوقها إلى المرمى رجال.. يطيلون السجود مع الركوع، بألسنة تهمهم في دعاء .. وأجفان تفيض من الدموع، إذا أوترن ثم رمين سهما .. فما يغني التحصن بالدروع". وبينما كان الرجل يقرأ الرسالة ويستهزئ بها مات فى الحال، وروى أن سهما خرج من الرسالة وتسبب فى مقتله. ويضيف الشيخ حاتم: إن الشيخ إبراهيم الدسوقى يتبع طريقته الصوفية ما يقرب من 5 ملايين شخص على مستوى العالم، وخاصة من مصر والسودان وبعض الدول الأوروبية والآسيوية وتسمى طريقته بالطريقة البرهامية، ويتبعه أيضا عدد لا بأس به من الطرق، وتأتى إليه وفود من ألمانيا وإندونيسيا والهند فهو من أكثر أولياء الله الذين يتمتعون بالزيارة فى مصر لمكانته وحب الناس له، ويقام للشيخ الدسوقى مولدان، أحدهما فى أبريل ويسمى بالمولد الرجبى، والثانى فى أكتوبر ويشهد ميلاده مئات الآلاف من البشر.
ويُعد من أكبر احتفالات الموالد في مصر فمن مظاهر الاحتفال، أن يمتطي خليفة المقام الإبراهيمي حصاناً، ويُزف به في معظم شوارع دسوق بعد صلاة العصر في اليوم الختامي للاحتفال.
سرقة الآثار البحث عن الثراء السريع يجعل البعض يلجأ إلى سرقة الآثار في كثير من قرى ومدن كفر الشيخ.. وخصوصا أن بها العديد من المناطق الأثرية ومنها قرية" ابطو" أو تل الفراعين.. وقد كانت تعرف باسم" بوتو" وهي عاصمة الوجه البحري في عصور ما قبل التاريخ، وكانت هي المدينة التي تضفي الشرعية على الفراعين الذين يأتون إليها لإتمام مراسم تتويجهم، وبها العديد من الآثار.. توجهنا إلى هناك لنعرف ما يحدث بها، وعندما دخلنا المنطقة الأثرية المحاطة بسور لم نجد سوى موظف يجلس في مدخل البوابة، وصلنا إلى هناك في الثانية ظهرا ولكن الموظف رفض دخولنا لأن مواعيدهم تنتهي الساعة الواحدة والنصف، واتصل بمدير المنطقة ولكنه رفض أيضا دخولنا. سألنا العديد من الأهالي حول المنطقة، حيث قال محمد عادل: لا أحد يأتي لزيارة المنطقة، والقرية تحدث بها العديد من عمليات التنقيب عن الآثار وسرقتها، وقد تعرضت المنطقة الأثرية للعديد من عمليات النهب لدرجة أن مفتش الآثار بالمنطقة قبضوا عليه بسبب اختفاء 9 قطع أثرية من المخزن، ومنذ فترة قام 50 مجرما بسطو مسلح على المخزن وسرقوا العديد من الآثار، وهناك عدد من الأهالي يقومون بالحفر من أجل التنقيب عن الآثار سواء في القرية أو قرى كفر الشيخ الأخرى، وقد قام البعض بالبحث عن الآثار في منزل مهجور تابع لوزارة الزراعة بعزبة الصناع، وقاموا بالحفر حتى 17 مترا أسفل المباني المجاورة للمنزل المهجور؛ مما أصابها بتصدعات خطيرة تهدد بانهيارها فوق رؤوس سكانها، ومن بينها كنيسة العذراء مريم الأثرية والتي تعد من الآثار الدينية بالمحافظة. وبعيدا عن بوتو.. تتعرض مناطق أخرى لسرقة آثارها.. حيث يقول إبراهيم رشاد: لدينا مناطق أثرية في البرلس، وهي جزيرة المحجرة والكوم الأخضر وجزيرة سنجار، وهي مناطق مليئة بالآثار، وهناك من يأتي للتنقيب دون أي رقابة، ولا أحد يستطيع أن يقترب من هؤلاء، كما أن متحف الآثار بحديقة صنعاء التابعة لديوان عام المحافظة تعرض للسرقة والتخريب، كما قام عدد من الأشخاص بالحفر والتنقيب في منزل ملاصق لأحد التلال الأثرية في كوم العرب التابعة لمركز سيدي سالم.