بعد سقوط نظام القذافي، لمن ستكون الغلبة، هل يسيطر الإسلاميون على الحكم؟ أم سيكون لحلف الناتو كلمة أخرى؟ وما هو الأفضل لمصلحة مصر في جميع الأحوال؟ لا أحد ينكر أن الجماعات الإسلامية " المسيسة " لعبت دورا كبيرا في إسقاط حكم القذافي في ليبيا، ومثلما الحال في مصر، فبعد إسقاط نظام مبارك نشبت خلافات بين التيارات الإسلامية والليبرالية، سيحدث نفس الشيء في ليبيا، وكالعادة سيدعم حلف الناتو التيارات ذات التوجهات الليبرالية والعلمانية، برغم أن الإسلاميين لعبوا دورا كبيرا في المعارك مع قوات القذافي، وبالتالي فمحاولة استبعاد أي حركات ذات توجه إسلامي في المرحلة السياسية المقبلة في ليبيا سيؤدي الي عدم استقرار للنظام السياسي في ليبيا، خصوصا أن كل القوي مسلحة والطبيعة القبلية تحسم الصراعات بالقتال في كثير من الاحيان. وإذا نظرنا إلى خريطة الحركات الإسلامية المسيسة في ليبيا سنجدها كالتالي : الحركة الإسلامية الليبية برزت الحركة في أوائل الثمانينيات، برغم أن فكرتها تعود إلى السبعينيات، ثم انقسمت إلى مجموعتين، استمرت إحداهما تحت اسم (الجماعة الإسلامية الليبية) والتي أصبحت فيما بعد تُعرف باسم(جماعة الأخوان المسلمون)، بينما واصلت المجموعة الأخرى العمل تحت اسم (الحركة الإسلامية الليبية)،ويذكر الشيخ محمد بن غالي-عضو في الحركة- أن سبب الانفصال هو الاختلاف في أسلوب العمل لا في أهدافه. ويركز منهج الحركة الإسلامية الليبية على الواقع القطري، كما تتميز الحركة حسب طرحها النظري بالانفتاح على الجماهير، والابتعاد عن النخبوية، وتميل إلى علاج قضايا يومية معاصرة، كما تقلل من خطاب الوعظ والإرشاد، مقابل التركيز على الجانب الفكري. ويسيطر الصوت الجماهيري على خطابها، فالحركة أكثر مرونة من غيرها من الحركات الإسلامية الليبية، فيما يخص الانضمام إلى صفوفها، وهي أيضاً أقل تشدداً فيما يخص انفتاحها الثقافي والسياسي على الهيئات والتنظيمات الأخرى، كما أن ارتباطها بالقطرية، تنظيمياً وليس فكرياً، امتن وأقوى من ارتباطها بالعالمية. الجماعة الإسلامية الليبية الأخوان المسلمون حالياً منذ عام 1993 عُرفت باسم (الجماعة الإسلامية الليبية)، وهي امتداد للحركة الإسلامية التي أسسها حسن البنّا في مصر، ولذلك هي تتبع منهج جماعة (الأخوان المسلمون)، بدأ نشاطها كجماعة أخوان مسلمين في ليبيا بعد قدوم عدد من المعلمين لأخوان مصر للتدريس في ليبيا. تؤمن الجماعة إن الإسلام دين ودولة، وغايتها إزالة النظام الحالي وإقامة نظام إسلامي بدلاً منه، حيث تعتبر ذلك واجباً شرعياً. ويركز خطابها على تاريخ الإسلام ومسيرته المعاصرة في ليبيا، واهتمت الجماعة بمحنة الإسلام والمسلمين في ليبيا، ودعمت وتعاطفت مع مواقف الأحزاب والجماعات والتيارات والشخصيات الإسلامية، كما ركز خطابها على عالمية الإسلام عبر استعراض ساحات العمل الإسلامي في العالم، ثم تطور خطابها أواخر السبعينيات وسيطر عليه الصوت الوعظي المباشر، ثم قللت من ذلك أواسط الثمانينات، ورجت بدلاً من الجانب السياسي. وهناك أيضا الجماعات المسلحة في ليبيا وهي: الجماعة الليبية المقاتلة وهو تنظيم مسلح يحمل فكر السلفية الجهادية، أنشأه مجموعة من الشباب الذين شاركوا في الحرب الأفغانية السوفييتية، قام بعمليات مسلحة في مواقع مدنية وأمنية في ليبيا في تسعينيات القرن العشرين بهدف إسقاط النظام، تعتبر من أهم و أقوى التنظيمات الإسلامية الليبية التي اعتمدت خيار التغيير بقوة السلاح. ففي عام 1982 قام علي العشبي بتشكيل النواة الأولى برفقة 8 آخرين، إلا أن أجهزة الأمن الليبية قضت عليهم، وفي عام 1989 قام عوض الزواوي بإعادة تشكيل التنظيم فاعتقل ولا يزال مسجوناً هناك ،فأسس محمد المهشهش الملقب ب(سيّاف ليبيا) عام 1989 حركة الشهداء الإسلامية . وفي 18 أكتوبر 1995 صدر أول بيان بشأن الإعلان عن قيام الجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا ، وجاء فيه عدة نقاط توضح السياسة العامة لها: - جماعة مسلمة تعد العدة لجهاد أعداء الله وعلى رأسهم الطواغيت الحاكمين بغير ما أنزل الله حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله. - الاعتقاد والفهم والمنهج: عقيدة أهل السنة والجماعة وما كان عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين. - الغاية والهدف: مرضاة الله عز وجل والعمل على إقامة دينه والتمكين له في الأرض. - الوسيلة: إتباع أمر الله تعالى بالجهاد في سبيله والدعوة إليه من خلال جماعة ذات أمير وعهد على السمع والطاعة والجهاد. - أسلوب العمل: إعداد الأفراد إعدادً شاملاً .الاستفادة من مبدأ السرية في العمل وفق ما تمليه المصلحة الشرعية. نشر الوعي وبث روح الجهاد وتحريض المؤمنين على القتال. الوقوف موقف النصرة والموالاة من كافة الطوائف المجاهدة في أي بقعة من البقاع . عدم الركون إلى أي جهة طاغوتية والاعتماد بعد الله على الموارد الذاتية في تمويل المسيرة الجهادية. وقد انخرطت الجماعة في القتال صفاً واحداً مع تنظيم القاعدة ضد السوفييت والمجموعات الأفغانية المعادية لطالبان، إلا أن ثمة تباين فكري حال دون اندماجهما، حيث أن هدف الجماعة الليبية هو إسقاط نظام الحكم في ليبيا، بينما كانت أولويات أسامة بن لادن تتجه صوب أهداف أخرى لا تساعد الجماعة على تحقيق هدفها، وبرغم ذلك بقي الاحترام متبادل بينهما، إلى أعلن الرجل الثاني في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري نوفمبر 2007 عن انضمامهما. الدكتور أحمد يوسف القرعي الكاتب الصحفي والمتخصص في الشئون العربية يقول ما يجري في ليبيا الآن حدث في العديد من الدول العربية والإفريقية، فما يحدث يترك فراغا دستوريا وسياسيا، ويبقى السؤال، من يملأ هذا الفراغ؟، هناك عدد من رجال الحكم المتعاونين مع القذافي قد يسارعون بملء هذا الفراغ، ولكن بالتأكيد هناك قوى أخرى تتربص وتحول دون ذلك، تجهز أنفسها لاعتلاء كرسي الحكم، فالرؤية في ليبيا لن تظهر الآن، ولكن السؤال هل تتكرر تجربة ثورة 1952 في ليبيا، ويتكرر ما قام به الضباط الأحرار عندما صدروا اللواء محمد نجيب المشهد، بحكم سنه ورتبته كلواء بالجيش، وبعد سنتين أطاحوا به وسيطروا على الحكم. وأضاف القرعي، أن سيطرة القوى الإسلامية على الأمور في ليبيا لن يتوقف فقط على قوتها أو عددها ولكن على حجم علاقاتها بالجماعات الأخرى والجماعات المسيحية وتربيطاتها معهم، ولكن مشكلة التيارات الإسلامية في ليبيا أنها لا تشمل كوادر سياسية مثل باقي التيارات الأخرى. وأكد القرعي، من مصلحة مصر في هذه اللحظة أن تقف في موقف الحياد الكامل والتام في هذه المرحلة، لأن مصر دولة كبيرة وهي عليمة بكل الأمور المعلنة والخفية، وعليها أن تتابع كل الأمور بجدية وحيادية ولا تشعر أي قوة أنها تميل إليها.