خناقات وفوضى ومشادات وانسحابات.. كانت هي أهم ملامح الجلسة الأولى لجلسة شباب 25 يناير من الحوار الوطني.. وذلك بسبب تواجد عدد من الحاضرين ممن كانوا ينتمون إلي الحزب الوطني المنحل.. والمطالبة برحيلهم قبل بدء الحوار.. نظرا للثأر البايت بين شباب الثورة والحزب المنحل.... القائمة التي كان مطلوب انسحابهم من هذا المؤتمر ضمت كلا من: محسن النعماني وزير التنمية المحلية الحالي، ومرتضي منصور، والدكتور أحمد درويش وزير التنمية الإدارية السابق، والدكتور أحمد كمال أبو المجد الأمين العام السابق للمجلس القومي لحقوق الإنسان، والدكتور علي لطفي رئيس مجلس الوزراء الأسبق، وحمدي خليفة نقيب المحامين الحالي، والدكتور حمدي السيد نقيب الأطباء الحالي، والدكتورة ليلي عبد المجيد، ومفيد فوزي، و سهير الأتربي، والدكتور عمرو عبد السميع، وتم وضع هؤلاء في قائمة لرفعها إلي اللجنة الاستشارية للمؤتمر لإبلاغهم بعدم حضور أي جلسة من الجلسات القادمة، وتم ترديد بعض الهتافات ليخرج المنتمين إلي الحزب الوطني من الجلسة، مثلما رددوا ( مش عايزين الحزب خلاص.. لو ضربونا بالرصاص)، مما جعل مرتضي منصور يخرج عن شعوره ويؤكد أن هذا المؤتمر هو مؤتمر (حمار وطني) وليس حوار وطني، وأن هناك ناس محترمة كانت تنتمي للحزب الوطني وليسوا خونة. كما هدد دكتور صفوت حجازي الداعية الإسلامي ورئيس الجلسة والدكتور عمرو حمزاوي أنه في حالة حضور أحد من الحزب الوطني المنحل سوف ينسحبوا من الحوار، ودعوا هؤلاء إلي الانسحاب فورا حتى تكتمل الجلسة، كما شهدت الجلسة انسحاب العديد من القوي السياسية على رأسها حركة 6 أبريل إلي جانب ائتلاف شباب الثورة، وذلك بسبب ما أكدوه في غياب الآليات الواضحة للحوار، وعدم مناقشة المشاكل الفعلية التي تواجهها مصر، وحدثت فوضى في الجلسة مما جعل الدكتور عبد العزيز حجازي رئيس لجنة الحوار للتدخل لتهدئة الموقف وأكد أن من يشعر أنه غير مرغوب فيه ينسحب، وأبدى رفضه في أن يتحول الحوار الوطني إلى فوضى، ومن ثم انسحب الأعضاء الغير مرغوب فيهم من الجلسة. وتقول الدكتورة ليلي عبد المجيد- العميدة السابقة لكلية الإعلام وأحد غير المرغوب فيهم اليوم-: بالرغم من حالة الاستياء مما حدث اليوم، ولكني أرى أنه شئ طبيعي أن يحدث ذلك في الفترة التي تلي الثورة، وطبيعي أن نجد أشخاصاً مع الثورة وآخرين ضدها، ولكن لم أكن أتمنى أن يحدث ذلك اليوم في مؤتمر جئنا لحضوره لنتناقش ونستمع للشباب وآراءهم، ولكننا فوجئنا بالدوشة التي حدثت وتسببت في ضياع جزء كبير من الجلسة في كلام لم يكن هدفا من المؤتمر، وناس تشتم وناس تهتف، فحتى هؤلاء غير المرغوب فيهم جاءوا لنسمع بعضنا، وليس من الشجاعة أن يقولوا لنا امشوا واتركوا الجلسة، فيجب أن يكون لدينا القدرة على التحاور، ولكن في نفس الوقت نحن مقدرين مشاعر الشباب، ومبررهم أنهم رأوا دماء زملائهم، ولا يستطيعوا أن يتخيلوا أنهم يجلسون ويتحاورون مع ناس كانت تنتمي إلى الحزب المتسبب في ذلك، ولكن أعتقد أننا في حاجة إلي وقت إلي تضميد الجراح، والمجتمع يتقبلنا مرة أخرى، وهذا حدث بعد ثورة 1952، ولم يكن أحد يتقبل أي منتمى للعهد البائد، فنحن في حاجة إلي أن نتقبل البعض ونتسامح، فنحن لسنا أعداء. وقد بدأت فى مركز القاهرة الدولى للمؤتمرات جلسات الحوار الوطنى تحت رعاية الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء، وبرئاسة الدكتور عبدالعزيز حجازى، وسوف تستمر الجلسات على مدار 3 أيام لمناقشة مجموعة من القضايا التى تهم مصر فى المرحلة المقبلة . افتتح الدكتور عبدالعزيز حجازى رئيس لجنة الحوار الوطنى ، الجلسة بكلمة قال فيها: ان الحوار الوطنى رسالة تؤكد لكل مواطن على أرض مصر ضرورة توفير المناخ الملائم للتعبير عن آماله وطموحاته دون التطرق إلى العنف وعدم التجاوز على الاطلاق فيما يطرح من أفكار. كما أكد حجازى فى كلمته بالجلسة التى حضرها الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء : إن الحوار الوطنى اليوم هو رسالة نعرض من خلالها السياسات التى نراها مناسبة فى ضوء المتغيرات العالمية الراهنة وذلك طبقا للامكانيات المتاحة لدينا ، مؤكدا أنه لا حظر على أى أفكار أو آراء طالما التزمنا بآداب وشفافية الحوار التى ليس لها حدود. مؤكد على ضرورة أخذ التغيرات العالمية من حيث تأثيرها على مسيرة العمل الوطنى، وذلك طبقا للامكانيات المتاحة من المواد والأموال والتى يمكن توفيرها وعرض بعض البرامج والاليات التى تحقق للمواطن ضروريات الحياة من سكن ومشرب ومأكل. وأوضح حجازى أنه بدون الأمن والسلام تصبح الحياة فوضى وعنف وتطرف وتضيع الأمال ويسود الخوف ويصبح خطرا على كل مواطن وهو مالا نبتغيه. كما أشار إلى أن هذا الحوار هو رسالة للمواطن بضرورة أن يقدم للوطن جهدا منتجا يضيف به إلى المجتمع قدرا من العطاء الذى يرفع به قدر هذا الوطن إلى الدول الصاعدة والمتقدمة لانه بدون رفع معدلات النمو والتنمية التى تعود بالنفع على المواطن لا نكون قد حققنا أهداف الثورة نحو بناء مجتمع منتج يسود فيه العدل فى توزيع الثروات والدخول ولا يسمح فيه لفئة قليلة أن تحتكر الثروة بما تملكه من جاه ومال وسلطان ولكن يعتمد فيه على المنافسة الشريفة ويعمل الكل فيه من أجل توفير كل مقاومات الحياة الكريمة. وتعهد فى نهاية كلمته بتشكيل هيئة من كل حركات التحرر الثورية لتشارك فى متابعة وتحضير الجلسات الختامية لهذا الحوار. وأضاف أنه تم تحديد المحاور الخمسة لهذا الحوار الوطنى وتتمثل فى الديمقراطة وحقوق الانسان ، التنمية البشرية والاجتماعية، التنمية الاقتصادية والمالية والخروج من الأزمة الراهنة، الثقافة وتعايش الاديان والاعلام ، ومصر فى علاقاتها بالخارج بعد ثورة 25 يناير. وأعرب عن تطلعاته فى أن يقوم الشباب بعرض تصوراتهم فى الحاضر والمستقبل ومطالبهم، كما شدد على ضرورة التجاوب معهم.وطالب المجلس الأعلى للقوات المسلحة والحكومة بضرورة السماح للمواطنين فى المشاركة فى إبداء الرأى فى القوانين والقرارات التى ينوون إصدراها، كما طالب بضرورة تفعيل كل القوانين والقرارات التى تعيد الانضباط والامن والامان إلى الشارع المصرى حتى لا يتعطل دولاب العمل ودوائر الاعمال. كما دعا حجازى الاحزاب وكافة منظمات المجتمع المدنى بالقيام بحملة توعية للمساهمة فى عرض المشاكل ووضع الحلول اللازمة لها، وتفعيل دور الالاف من الجمعيات والمنظمات الاهلية فى تنفيذ مجموعة من البرامج تؤدى إلى تقديم قيمة مضافة. حتى هذه اللحظة كانت كل الأمور تسير بشكل يليق باسم المؤتمر والحاضرين وحجم التغطية الاعلامية له .. لكن جلسة الحوار الوطنى الثانية والتى كانت مخصصة لاستعراض آراء شباب الثورة ونظرتهم المستقبلية لهذا الحوار شهدت أحداثا مؤسفة بين شباب الثورة وبعض ضيوف المدعوين للحوار والذين ينتمون إلى الحزب الوطنى " المنحل" ، فقد أصر شباب الثورة خلال إلقاء الداعية الإسلامى الدكتور صفوت حجازى كلمته أمام الجلسة الثانية على خروج بعض أعضاء الحزب الوطنى المنحل المدعوين من القاعة ، وحدث هرج ومرج كبير داخل القاعة مما دعا الدكتور عبدالعزيز حجازى رئيس لجنة الحوار للتدخل على إثر ذلك وتهدئة الموقف ، حيث قال: إن كان هناك أخطاء فى قائمة المدعوين فيمكن تداركها ونحن نعرب عن الأسف لهذا الخطأ، ومن يشعر بأنه غير مرغوب بوجوده داخل القاعة فليتفضل بالخروج، ولكن نحن لا نخرج أحدا بالقوة. وأضاف الدكتور عبدالعزيز حجازى قائلا: أننى أرفض أن يتحول الحوار الوطنى إلى فوضى، مشيرا إلى أن هذه الفوضى ستقضى على هذا الحوار وتدخلنا إلى نفق مظلم يضيع على أثرها أشهر من الإعداد والاجتماعات للخروج بحوار مفيد للشعب المصرى. وشدد على ضرورة أن تبدأ جلسات الحوار على الفور دون تباطؤ، وإذا كان هناك خطأ فسيتم مراعاته على الفور. كما أكد الدكتور عمرو حمزاوى عضو لجنة الحوار الوطنى: إنه يرفض أن يتحول الحوار الذى تنتظره مصر إلى فوضى، موضحا أنه إذا كان هناك خطأ فمن الممكن علاجه، مشيرا إلى أنه سيتم تشكيل لجنة على الفور للنظر فى كشوفات المدعوين لتلافى هذا الخطأ. وأكد حمزاوى على ضرورة التركيز على الحوار والبعد عن المهاترات الآن لأن سياسة الإبعاد غير ديمقراطية ولا نريدها مشددا على ضرورة ألا يأخذ الاختلاف كل الوقت ولكنه يجب أن نبدأ على الفور جلسات الحوار التى تفيد الوطن . كما أكد السيد عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية أنه جاء اليوم إلى جلسات الحوار الوطنى ليستمع إلى الآراء والحوارت التى تطرح داخل جلسات الحوار الوطنى . كما وصف موسى جلسات الحوار الوطنى بالبناءة والجيدة والمفيدة للمرحلة القادمة. وأضاف قائلآ: إنه يتوافق مع رؤية رئيس لجنة الحوار الوطنى الدكتور عبدالعزيز حجازى وما طرحه أمام جلسة الحوار الوطنى فى كلمته ، مشيدا بما طرح حتى الآن. وأعرب موسى عن قلقه للمرحلة الحالية ، ولكنه قال إنه قلق مشروع لمستقبل أفضل لمصر وخاصة نحن ننتقل من مرحلة إلى مرحلة جديدة . وأضاف موسى أنه يجب أن نبدأ بمرحلة ديموقراطية سريعة وأن لانضيع الوقت ، مشيرا إلى أن المرحلة القادمة تتسم بالدقة ويجب أن يكون فيها الجميع لديه القدرة على إتخاذ القرارات السليمة التى تخدم المواطنين. وطالبت اللجنة الاستشارية لاتحاد شباب الثورة والتى تضم الدكتور صفوت حجازى والدكتور عمرو حمزاوى وأحمد نجيب بالكشف عن أسماء المشاركين من الوطنى ومطالبتهم بالخروج بشكل لائق ، وقال صفوت حجازى، إن بعض شباب الثورة انسحبوا من الحوار بعدما وجدوا أنفسهم يجلسون فى مؤتمر للحزب الوطنى، بكافة رموزه وأطيافه ووجدوا الأشخاص الذين تلطخت أيديهم بدماء شهداء ثورة 25 يناير، وسط الحضور"، أما المستشار مرتضى منصور فعبر عن حزنه الشديد بسبب "حالة الفوضى" التى تمر بها مصر هذه الأيام، مؤكدا على أن الحوار الوطنى الموجود الآن عبارة عن "مشتمة" وفوضى وسوء استعمال للحرية والديمقراطية التى تقتضى احترام الرأى والرأى الآخر .