في فترة الانتخابات البرلمانية، تكثر الشائعات، ويتباري مؤيدو ومناصرو كل مرشح في إطلاق الشائعات والأقاويل التي تحاول النيل من المرشح المنافس، بهدف إضعافه، والتقليل من نسبة مؤيديه. نرصد 10 شائعات تهزم مرشح البرلمان.. بالتأكيد ليست كل الشائعات تصيب هدفها أو تحدث تأثيرا في جماهيرية المرشح المنافس، فهناك بعض الموضوعات التي يمكنها أن تطيح بأي مرشح، وتنقله من قائمة الرابحين لتضعه في قائمة الخاسرين أو تفقده الكرسي الذي حلم به وأنفق الكثير من أجله...وفيما يلي 10 شائعات رصدناها في الأيام التي تسبق انتخابات البرلمان الجديد.. 1 الفلول في مقدمة هذه الشائعات في الوقت الحالي، تأتي تهمة كونه "فلول" أو أنه أحد أنصار نظام مبارك والحزب الوطني، وهي تهمة رغم أنها قد تعطي المرشح الكثير من الأصوات، إلا أنها كفيلة بأن تسحب منه نسبة أخرى ليست بالقليلة، من الناقمين على نظام مبارك، أو بشكل أدق من الذين تضرروا من هذا النظام وخرجوا ضده في ثورة 25 يناير، البعض يرى أن "الفلول" ليست تهمة هذه الأيام، وتحديدا في القرى والأقاليم، لأن صاحبها قد يحظى بمساندة قوية من العائلات الكبيرة التي كانت بالأساس أحد أعمدة الحزب الوطني، ولكن على الجهة الأخرى نجد الشباب الذين يسعون للتغيير ويريدون وجوها جديدة تعبر عن وجهات نظرهم وتطلعاتهم في البرلمان الجديد وهذا لن يتوافر في رجال الحزب الوطني أو حتى في الصف الثاني من شباب هذا الحزب، فهم يبحثون عن نائب تشريعات وليس نائب خدمات، اللافت للنظر أن أعضاء الحزب الوطني المنحل، والذين سيخوضون انتخابات البرلمان تخطى عددهم ال100 مرشح، وهو عدد ليس بالقليل. 2 الإخوان أما التهمة الأكبر التي يمكنها أن تبعد المرشح عن أي منافسة هي اتهامه بالانتماء لجماعة الإخوان، أو حزب الحرية والعدالة، وهي من أكثر التهم التي يمكن أن تقضي على آمال وطموحات أي مرشح في الوقت الحالي، فهناك الكثيرون ممن يركبون الموجة وينضمون لكل التيارات، أو بمعنى أدق ينتسبون ويحسبون أنفسهم على من يجلس على الكرسي أو يملك السلطة، وهؤلاء هم كثيرون ظهروا بشكل كبير في عهد الإخوان، وحاولوا مساندتهم ليس حبا في الجماعة ولا أعضائها ولا إيمانا بأفكارهم، بل محاولة منهم لتحقيق مكسب شخصي من خلال الحزب الأقوى في هذه الفترة، وهذه العصا يستغلها بعض المرشحين في الفترة الحالية لشن حملات على منافسيهم حتى لو لم تكن لهم علاقة بالإخوان في أي وقت، ولكن هذا لا يمنع أن جماعة الإخوان تحاول التسلل للبرلمان من خلال البحث عن التواجد لها، وهذا سيكون من خلال الصف الرابع والخامس لها، أو من خلال الوجوه غير المعروفة على الساحة السياسية. 3 اللصوص وتجار المخدرات على الجهة الأخرى تجد بعض الشائعات التي تتعلق بسمعة المرشح وثروته، وعن مصادرها، حيث تخرج الشائعات التي تتهم بعض المرشحين بظهور الثراء الفاحش عليهم مرة واحدة، وإنفاقهم لأموال كثيرة على الانتخابات بشكل يطرح تساؤلات، كما أن بعض الشائعات تسرد القصص عن كونه مرشحا لصا أو سارقا أو أنه شارك في اختلاسات، أو أن مصدر ثروته من تجارة المخدرات، وأنه يستغل الترشح بالبرلمان للتغطية على نشاطاته المخالفة للقانون، كل هذه بالطبع شائعات يمكنها أن تؤثر بشكل كبير على مرشح، في حال إذا استغلها الطرف الآخر بشكل واسع وحاول نشرها بين أبناء الدائرة. 4 ضد الدولة أو النظام الحالي وهي تهمة أو شائعة لن تقل بأي حال من الأحوال عن تهمة الإخوان، لأن من يقف ضد النظام الحالي يحسبه الناخبون على أنه يكون مؤيدا للإخوان، حتى لو لم يكن كذلك، وهي تهمة يستغلها البعض، خاصة فيما يتعلق بالقوائم، فكل قائمة تسعى لتطرح نفسها بأنها هي القائمة المؤيدة من مؤسسة الرئاسة، رغم أن مؤسسة الرئاسة نفسها لم تعلن عن علاقتها بأي قائمة انتخابية ولم تعلن دعمها لمرشحين دون غيرهم، لكن في النهاية اللعبة الانتخابية والتي لا يهتم فيها بعض المرشحين بمسألة الضمير والأخلاق تفتح الباب لأي شائعات من شأنها أن تضعه في مقدمة السباق الانتخابي، وتزيح منافسه.
5 مرشحة سيئة السمعة أما فيما يتعلق بالمرشحات من السيدات، فهناك شائعة جاهزة وتم استغلالها بشكل كبير في كل الانتخابات، وهي سوء السلوك، وهذه تستخدم على نطاق واسع لمحاولة الإطاحة بمرشحة تحظى بأي شعبية أو يكون لها نصيب كبير بالفوز بأي مقعد، وهي إحدى الشائعات التي لم تسلم منها اي مرشحة، وهي شائعة تدفع الكثير من السيدات لعدم خوض المغامرة حفاظا على سمعتها التي قد يستغلها بعض المغرضين ومنعدمي الضمير من اللاهثين خلف المقعد النيابي، فهي من الشائعات التي لا تفقد المرشحة لكرسي البرلمان فقط، بل تمثل إهانة لأسرتها.
6 عميل وبتاع تمويل التمويل الأجنبي والعمالة لأي جهة خارجية هي إحدى الشائعات التي تطلق على بعض المرشحين، وهي بالفعل شائعة يمكنها أن تنال من أي مرشح مهما كانت قوته، فالتمويل من اي جهة أجنبية يعتبرها الناخبين تهمة لا تغتفر فهو إضرار بالأمن القومي للدولة، ويدفعهم للتساؤل عن مصلحة دولة أخرى في دعم مرشح للانتخابات البرلمانية، إلا إذّا كانت هناك مصلحة لهم تضر بمصلحة مصر، وهي إحدى الشائعات التي تنتشر بشكل كبير في الانتخابات الحالية.
7 علماني وضد الإسلام وهي من الشائعات التى يمكن أن تستغل بشكل كبير ضد بعض المرشحين، وهو سلاح تستخدمه بعض الأحزاب لتخويف الناخبين من بعض المرشحين وإيهامهم بأن هذا المرشح أو ذاك ضد الإسلام، وأن وصوله للبرلمان يعني مشاركته في بعض التشريعات، وهو سلاح قوي ويستخدم على نطاق كبير وتحديدا في الأقاليم وفي دوائر الصعيد.
8 "ديل لمرشح آخر" هي واحدة من الشائعات التي توجه لأحد المرشحين، والهدف منها هو أن المرشح ليس هدفه النجاح والفوز بمقعد برلماني بل إن ترشحه ليفتت أصوات في منطقة معينة لمصلحة مرشح آخر مقابل مبلغ مالي، وهذه تحدث كثيرا، ولكن في بعض الأحيان لا تكون حقيقة ويتم الترويج لها لإضعاف صورة المرشح في أعين مؤيديه وليظهر أنه بلا شخصية أو رؤية، وبالتالي لا يتم التصويت له.
9 شاذ أو مريض إيدز هي واحدة من الشائعات التي يمكنها أن تدمر أي مرشح ليس في مشواره السياسي فقط، ولكن في حياته بأكملها، فهي لا تتعلق بالشرف فقط، ولكنها تتعلق أيضا برجولته، في مجتمع لا يقبل بالأساس مثل هذه النوعية من الشذوذ ويعتبر صاحبها منبوذا بشكل كبير من المجتمع.
10 عبده مشتاق.. وبتاع مصلحته وهي تهمة موجهة للكثير من المرشحين أو الشائعة الأسهل، التي توجه للمرشح لكونه يبحث عن المقعد ويكون مستعدا أن يقدم أي شيء من اجل بلوغه والوصول إليه، وأنه بمجرد حصوله على المقعد لن يراه أى أحد ولن يظهر إلا بعد انتهاء الدورة البرلمانية.
الواقع يؤكد أن تاريخ الشائعات الانتخابية قديم قدم الانتخابات، ولكنه يختلف من وقت لآخر ويتطور بتطور الزمن، وكلما كان لدى المرشح القدرة على الترويج لشائعة وإقناع الناس بها كانت الاستفادة منها أكبر.. ففى كتابها "قمم أدبية" قالت الدكتورة نعمات أحمد فؤاد: إن أحمد لطفى السيد المفكر والفيلسوف المصري، ورائد من رواد حركة النهضة والتنوير فى مصر سقط فى انتخابات 1913 فى السنبلاوين بالدقهلية، لأن منافسه كان رجلا ماكرا، استغل سذاجة الناخبين وجَهْلَهُم، فقال لهم: إن لطفى السيد ينادى بالديمقراطية، ومعناها أن تتزوج المرأة بأربعة رجال، كما يتزوج الرجل بأربع نساء.. وقد اعتبر الناخبون هذا خروجا عن الدين، وأكد هذا لديهم أنهم عندما التقوا ب لطفى السيد وسألوه: هل ينادى حقا بالديمقراطية؟ فقال لهم: نعم دون أن يسألوه عن معنى الديمقراطية، فأيقنوا أن ما قاله خصمه يعتبر صحيحا، ومن هنا سقط فى الانتخابات. لكن يظل السؤال.. هل تؤثر الشائعات فى المصريين، وهل يمكنها أن تغير من وجهة نظرهم فى مرشح ما؟ الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية يقول: إن إدارة العمليات الانتخابية في مصر تختلف في الريف عنه في الحضر، فهناك اختلاف في الثقافة والوعي وممارسة العملية السياسية والبيئة الحاضنة لها ومناخ الانتخابات وإدارتها. وأشار إلى أنه بناء على ذلك، فإن الشائعات الانتخابية تكثر بشكل كبير في الريف المصري عن الحضر، وهناك قابلية كبيرة لتصديق الشائعة نظرا لارتفاع نسبه، خاصة أن هناك نوعية من الشائعات تكون هناك قابلية لانتشارها، كأن يتم اتهام مرشح بعلاقاته النسائية أو تورطه في قضية نصب وما شابه ذلك، مؤكدا أن مثل هذه الشائعات تزداد بقرب موعد العملية الانتخابية، وهناك قياسات لرد فعل الشائعة ومسارها وما يمكن أن تحدثه من تأثير سلبي على المرشح. مؤكدا أن هناك مرشحين يعتمدون فيما يتعلق بإطلاق الشائعات على بعض المراكز البحثية الخاصة، لتوجيه الشائعة المناسبة في وقت محدد، لكي تحقق أهدافا معينة من إحراج للمرشح المنافس وتشويه صورته، وهنا لا يجب أن نغفل أن الشائعتين الأكثر تواجدا على الساحة الآن، هي شائعتي الإخوان والفلول. وأضاف: إن الشائعات الانتخابية لها تأثير كبير في تغيير نتيجة الانتخابات، لأن المرشح المنافس يستخدم كل الأساليب حتى لو كانت غير محترمة أو غير مشروعة، والشائعات غالبا ما تستخدم ضد المرشحين المحترمين، والأقوياء الذين لديهم فرص كبيرة للنجاح، وفي الغالب تطلق من مرشحين ضعفاء لا يملكون أي فرص ولا شعبية ويسعون من خلالها للظهور على الساحة، ولكن هذا لا يمنع من وجود استثناءات. ويقول الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي: إن الشائعات الانتخابية قد يكون لها تأثير، وقد لا يكون لها أى تأثير، وهذا يتوقف على ذكاء الحملة الانتخابية للمرشح وكيفية توظيف الشائعة، سواء كانت شائعة متعلقة بالمرشح نفسه فتكسبه تعاطفا أو بالمرشح الخصم فتفقده ذلك التعاطف. وأكد أن أكثر الحالات التى تلعب فيها الشائعات دورا كبيرا عندما يكون هناك تكافؤ بين مرشحين، ويكون هناك نوع من التساوي النسبي بين أنصار كل مرشح، فى هذه الحالة قد تلعب الشائعة فيه دور كبير لترجيح كفة مرشح على آخر. مشيرا إلى أن الشائعة الانتخابية قد تكون مفيدة للمرشح عندما يحسن اختيار البيئة التى يطلق بها هذه الشائعة. وأضاف سعيد صادق: إن الشائعات قد يستخدمها أيضا بعض المرشحين المغمورين، والذين لا يملكون أى شعبية أو تأثير فى الانتخابات، ولكنهم فقط يطلقون الشائعات من أجل تسليط الضوء عليهم، وليس من أجل التعاطف، هم فقط يريدون أن يكونوا فى دائرة الضوء، لأنهم يعرفون أن فكرة الفوز بالنسبة لهم تبدو مستحيلة. الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي، أشار إلى نقطة أخرى وهي أن الشائعات أنواع، مثل الشائعة الخبيثة وهي التي تطلق ضد شخص معين في ظروف معينة بهدف تشويه سمعته، كأن يقال إن هذا المرشح شاذ أو مصاب بالإيدز مثلا، وهي مثلما يحدث في الوقت الحالي من شائعات انتخابية، وهناك شائعة غائصة، وهي الشائعة التي تظهر وتختفي من وقت لآخر وتظهر حسب الحاجة، بحيث يتم تغذيتها في الوقت المناسب كما يحدث أيضا في أيام الانتخابات، وهناك أنواع أخرى منها الشائعة الموسمية وغيرها، وأضاف، أن سيكولوجية الشائعة تعتمد على قائل الشائعة والمتلقي، فالشائعة تعتمد على من يطلقها ومدى مصداقيته لدى من يستمع إليه، فهناك أشخاص لديهم استعداد لسماع اي كلام وتصديقه، ليس هذا قط بل هناك أيضا من لديهم القدرة على تزكية الشائعة وإضافة توابل لها ونقلها من شخص لآخر بحيث تتحول لشائعة أخرى مختلفة تماما، ولكن هذا لا يمنع أن هناك عقلاء يحكمون عقولهم قبل تصديق أو رفض أي شائعة تطلق. وتقول الدكتورة منال زكريا أستاذة علم النفس بكلية الآداب جامعة القاهرة: إن هناك مجموعة من الاعتبارات والظروف مرتبطة بانتشار الشائعات، والمناخ المصري في الوقت الحالي يعتبر مهيئا لاستقبال أي شائعة خاصة التي تتعلق بالمرشحين للانتخابات البرلمانية. وأضافت: إن انتشار الشائعة وتأثيرها مرتبط أيضا باختلاف الشائعة وطبيعتها، فإذا كانت تمس تدين المرشح فإنها قد تلقى رواجا كبيرا، فإذا قلنا مثلا إن أحد المرشحين علماني أو ماسوني وتم تدعيم ذلك بالصور أو ببعض المعلومات التي يتم تداولها على الفيس بوك، فهذا بدوره يمكنه أن يؤثر على شعبية المرشح. وأكدت الدكتورة منال زكريا أن الشائعة بمفهومها البسيط يجب أن تحتوي على جزء من الحقيقة، لأنه إذا تم بث شائعة من الفراغ فإنها لن تصدق، ولكن يجب أن يكون هناك خلفيات تؤكدها، مؤكدة أن الفترة الحالية والمقبلة ستنتشر الشائعات بشكل كبير بين المصريين فيما يتعلق بمرشحي البرلمان، وستكون هناك حرب قوية، سينجح في النهاية من يمكن إدارتها واستغلالها ومن يرد بسرعة وبحرفية على ما يثار ضده من شائعات. وعن رأي الدين يقول الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر: إن الرسول "صلى الله عليه وسلم" قال "كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكلِّ ما سمع"، وأضاف: من المعلوم أن أي إنسان إذا اتهم إنسانا بما ليس فيه فقد ارتكب البهتان، وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز "فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ"، ومعلوم أن عثرات اللسان أشد وقعا من السهام، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضى الله عنه "كُفَّ عَلَيْكَ لسانك". فَقُال معاذ يَا نَبِىَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ فَقَالَ "ثكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِى النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ". وأكد الدكتور كريمة أن الذين يلصقون التهم بالأبرياء ويفترون عليهم النقائص ويروجون الشائعات لأعراض الدنيا أولى بهم أن يذكروا أن عرض الدنيا زائل وعند الله تقف الخصوم، فالإنسان إذا أراد الوصول لمبتغاه فالأولى به أن يسلك طريق الشرف والصدق والنزاهة والأمانة ليبارك الله له ويعينه في مسعاه، أما إذا سلك مكائد الشيطان فإن الله ينزع عنه البركة ولا يعينه في أعماله كما قال تعالى "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".