عملت أميرة أسعد صحفية متدربة لفترة فى مجلة " الشباب " عقب تخرجها ، كانت أحلامها المهنية كبيرة ، خاصة بعدما نشرت لها مجموعة من الحوارات والتحقيقات ، وبعد زواجها من " أمير " فوجئنا بقرارهما بالهجرة لأمريكا منذ 5 سنوات تقريباً.. ومن هناك بدأت أميرة من الصفر حتى اصبحت مع زوجها من اصحاب المشروعات الناجحة بعد رحلة كفاح تستحق الوقوف أمامها ، لكن في البداية نؤكد علي ملاحظة مهمة .. هذه القصة خاصة بأصحابها ، وبالتالي قد لا تكون الولاياتالمتحدة بمثابة " أرض الأحلام " بالضرورة .. كما أنه من الوارد جداً لأي شاب يريد تكرار التجربة أن يبدأ من الصفر .. ولكنه يظل لسنوات ايضاً عند درجة الصفر لأن التفاصيل الشخصية لا تتكرر مع الجميع . حوار-محمد عبد المجيد: بداية المشوار تروي أميرة بداية تفكيرها مع زوجها في الهجرة قائلة : تخرجت في كلية الأداب قسم إعلام بجامعة عين شمس ، وبدأت مشوارى كصحفية فى مجلة " الشباب " ، وبعد ذلك ارتبطت بزوجى أمير ، وفكرة السفر لأمريكا لم تكن فى خيالي نهائياً .. بل ولم أحلم نهائياً بالصور لأنني كنت سعيدة في مصر ومرتبطة بمجلة " الشباب " ،ولكن بالنسبة لزوجى الفكرة كانت مسيطرة عليه من قبل الزواج ،وكان في البداية يريد السفر لأيطاليا لوجود أفراد من أسرته هناك ، وبعد الزواج بدأنا بالتقديم فى اللوتري ، أى القرعة الخاصة باختيار المهاجريين عن طريق الأنترنت ، والغريب أن كثيرين يدخلون القرعة عشرات المرات ولا يتم اختيارهم .. لكن نحن تم اختيارنا من أول مرة ، وليس كما يعتقد البعض المسألة لها علاقة بكوننا " مسيحيين " .. فهناك شروط للهجرة لا علاقة لها بالدين .. بل أنني عند الحصول على التأشيرات من السفارة كان معظم الموجودين من الشباب المسلمين ، عموماً .. اللعبة اصبحت حقيقة ، وفجأة اصبح مطلوباً مني الاستعداد للسفر الذي لم أخطط له نهائياً ، وبدأنا فى جمع بعض الأموال .. لم يكن معنا سوي 1500 دولار قمنا بصرفهم فى أول شهر لأن المعيشة هناك مكلفة ،وتم تجهيز الأوراق المطلوبة والبدء فى المشوار من مطار القاهرة ، كنت فى بداية زواجى وكان معى أبنتى الكبرى .. لم أكن أتخيل اننى سأترك بلدى واسرتي ولم أكن مدركة ما هو المصير .. ولم نكن نعرف في أمريكا سوي صديق لزوجى منذ الصغر متزوج من أمريكية من اصل مصري .. وهو من أستقبلنا هناك وساعدنا على بدء المشوار وأنهاء بعض الأوراق . أرض الأحلام أميرة وصلت مع زوجها في البداية إلي مدينة كليفلاند بولاية أوهاويو ، لم يكن لهما سوي صديق الزوج الذي كان يساعدهما ايضاً في الترجمة لأن لغتهما الإنجليزية لم تكن قوية .. وكانت الصدمة الأولي عندما لم تجد أميرة وزوجها أية وظيفة سوي جرسونات في مطعم .. تقول : في أول يوم كنت محطمة نفسيا .. كنت أعمل صحفية في مصر ولي احلامي ووضعي الاجتماعي ، وزوجي كان يعمل محاسباً ناجحاً في شركة كبري ، ولذلك وأردت الرجوع مرة أخرى الى أسرتى وبلدى بعد أسبوع واحد ، ولكن بمرور الوقت بدأ تفكيري يتغير .. فأمريكا مجتمع مفتوح وثقافة مختلفة وكل وظيفة هناك حتى ولو بسيطة لها احترامها ، وأى مهنة لابد قبل العمل فيها من الحصول علي فترة تدريب ورخصة رسمية .. حتى ولو كات " ماسح أحذية " أو عامل قمامة ، كنا نعمل في مطعم يملكه لبنانيون .. ومنذ اللحظة الأولي أتفقت مع وزوجى ان نتعاون في الكفاح ، ولذلك كنت أعمل مثله ولكن عدد ساعات أقل حتى أتفرغ لتربية أبنتى ، كان راتبنا بسيط لكنه يكفي للمعيشة بالكاد . أول مشروع بعد فترة انتقل زوجى للعمل فى أحد محلات السوبر ماركت الكبيرة .. كانت منطقة محلات كثيرة ومولات وألعاب مثل الموجود هنا مثل بعض المدن الجديدة فى مصر ، وانا أنتقلت الى مطعم أخر يحمل نفس أسم السوبر ماركت بالولاية ، كنت أقضى عدداً محدوداً من ساعات العمل وارجع الى المنزل من أجل مراعاة أبنتى ، وزوجى كان يعمل حتى فى العطلة الأسبوعية ، وقتها كانت الامور بدأت تتحسن .. وبعد عامين تقريباً بدأنا نفكر فى عمل مشروع خاص بنا ، وفكرنا في حجز مساحة صغيرة " بارتيشن " وتأجيره فى أحد محلات الماركت الكبيرة .. ووقفت فيه أنا وأمير زوجى وكنا نبيع فيه بعض الفواكه ، وبعد عدة أشهر كان طموحي أنا وزوجي كبيراً .. فحاولنا شراء اسم ماركة احد المطاعم الشهيرة جداً في كليفلاند .. وأستطاعنا الحصول على أحد المحلات بعدما قمنا بتوفير مدخرات مناسبة ، وللحصول على تلك الماركة حصل امير زوجى علي بعض الدورات التدريبية فى بعض الأمور العملية والإدارية لإعطائه رخصة بالماركة .. كما قمنا بعمل شراكة مع أحد الأشخاص والحمد لله افتتحنا المطعم فى ولاية أوهايو منذ عدة أشهر ، وحالياً نقوم بالأستعداد لافتتاح مطعم أخر فى ولاية فلوريدا حيث سنقوم بالانتقال الى تلك الولاية نظرا للبرودة القاسية فى ولاية أوهايو . تفاصيل بين السطور بين السطور السابقة هناك تفاصيل لمشوار صعب .. فالحياة لم تكن وردية أو سهلة ، فقد رزقهما الله بابنة ثانية وولد ، وبالتالي اصبحت الاسرة مكونة من 3 ابناء .. وساعدهما أن السيارات القديمة والمستعملة في أمريكا اسعارها رخيص جداً ، فقد اشتريا سيارة مستعملة ثمنها ألف دولار .. وبعد سنوات عندما اشترت أميرة سيارة جديدة لم تتكلف كثيراً لأن كل شيء هناك بالتقسيط وبدون فوائد ، على ألاقل فى السنة الأولي ، تضيف أميرة : تعبنا كثيراً لأن المشوار ليس سهلاً .. يكفي الشعور بالغربة المؤلم ، هناك يوجد مصريون كثيرون مشهورون فى اعمالهم سواء كانوا مهندسين او أطباء او جامعات ، وبالمناسبة .. عند بداية مشوارنا هناك درسنا انا وزوجى بعض الامور ، بداية من تعلم اللغة الانجليزية فى بعض المستويات ، وتوقفنا عن الدراسة لفترة بسبب انشغالنا بالبيزنس .. واحياناً أتخيل لو عاد بي الزمن إلي اليوم الذي خرجنا فيه من مطار القاهرة .. هل كنت سأسافر ؟ بصراحة اشعر وكأنني اصبحت مقسمة نصفين .. حتى عندما اتكلم واتناقش مع زوجى حول فكرة الرجوع ، أنا مدركة انه لا يريد العودة حالياً لوجود مشروعنا وحياتنا اصبحت مستقرة ، وكنت اشعر بحنين غير عادي لمصر .. فخلال 5 سنوات لم ننزل إلي مصر ولا مرة ، وعندما قررنا منذ ايام العودة في زيارة سريعة .. وجدت الدنيا أختلفت كثيراً ، أولادى الصغار ، بأستثناء ابنتى الكبرى ، كانت اول مرة يشاهدون فيها مصر أو يتكلمون العربية .. فكرة الفراق صعبة جداً خاصة عندما تحدث وفيات ونحن بالخارج ، والدة زوجي ووالده توفيا وهو في الغربة ولم يكن وقتها يستطيع النزول لحضور عزائهم بسبب مواعيد حجز تذاكر الطيران ، ومهما كان النجاح .. هناك ثمن لابد من دفعه أولاً .