في مدينة القناطر الخيرية, توجد جزيرة اسمها 'الشعير' تبلغ مساحتها نحو 500 فدان, تقع بين فرعي رشيد ودمياط, تحيطها المياه من كل الجوانب, يسكن بها نحو 20 ألف نسمة ..القاهرة . وبرغم أن الكتلة الزراعية بالجزيرة كبيرة إلا أن 10% فقط من أهلها يعملون بالزراعة , نتيجة لقربها من القاهرة , فالمسافة لا تستغرق نصف الساعة , وبالتالي فمعظم الأبناء يعملون في الهيئات الحكومية , أو في المصانع المنتشرة في أطراف ' الشباب ' زارت هذه القرية , التي تحظي بجمال طبيعي , وتناقض غريب , بين الفيلات والقصور المطلة علي فرع دمياط , وهي يملكها رجال أعمال ومشاهير , أما علي فرع رشيد فتوجد بيوت أهالي القرية . يقول رمضان فوزي , أحد سكان القرية : ما يميز هذه القرية أنها محمية وتقع بين البحرين , وتقع بين فرعي رشيد ودمياط , ويسكن بها نحو 20 ألف نسمة , والجزيرة مقسمة لعدة مناطق , أهمها سن الروس , وهي المنطقة التي ينفصل فيها النيل لفرعين , ثم منطقة الهادي البشير وهي الواقعة علي فرع دمياط ويوجد بها عدد كبير من الفيلات والقصور المملوكة لعدد من المشاهير , منها فيلا لأولاد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر , وفيلا أخري كانت مملوكة لوزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان , وهناك فيلا مملوكة لأولاد الفنان إبراهيم الشامي . ويضيف محمد زكي , وهو أحد سكان القرية قائلا : هناك مناطق أخري بالقرية مثل العزبة البحرية والقبلية والغربية , وهذه يوجد بها أهل القرية الأصليون , والتي تبلغ مساحتها نحو 500 فدان , منها نحو 100 فدان مملوكة لوزارتي الزراعة والري , كما أنه يوجد بعض المشروعات التابعة للوزارة الخاصة بتسمين المواشي وتربية الدواجن , وهي بدورها توفر فرص عمل لأبناء القرية . سيد الخولي وهو أحد أبناء القرية , يقول : معظم أهالي البلد يعملون في المشاتل وزراعة نباتات الزينة , وأنا لدي 4 قراريط أزرع فيها نباتات زينة , وهي مهنة موسمية , أو بمعني آخر نحن أرزقية , فأحيانا تشتد السوق , ويكون هناك طلب كثير , وأحيانا لا يكون هناك طلب . أما أخوه أحمد الخولي , فيقول : ان سعر الأراضي الزراعية هنا مرتفع كثيرا في بعض المناطق , حيث يصل سعر الفدان علي البحر إلي نحو 4 ملايين جنيه , ويباع المتر بنحو 5 آلاف جنيه , مؤكدا أن أهالي القرية يعتمدون في حياتهم علي زراعة أشجار ونباتات الزينة , وعلي السياحة العربية التي تأتي للقناطر الخيرية , حيث يملك بعض أهالي القرية لنشات وفلوكة , يستخدمونها في الرحلات النيلية , كما أن بعضهم يملك حناطير وموتوسيكلات وعجلا يتم تأجيرها لزوار القناطر الخيرية في الموسم , ولكن الفائدة الكبري تكون من السياح العرب الذين يستفيد منهم عدد كبير من أهالي القرية , بداية من اصحاب المناحل , حيث انهم يشترون منهم العسل , مرورا بالفلاحين الذين يستفيدون من وجودهم ووصولا لأصحاب اللنشات , كما أكد أنه علي الرغم أن القرية محاطة بهذا الكم الكبير من المياه إلا أن أهلها لا يعملون في صيد الأسماك , مشيرا إلي أنهم يرون أن العمل في نباتات الزينة أفضل من صيد الأسماك .## وعند مدخل القرية وتحديدا من جهة فرع دمياط , توجد قرية سياحية اسمها قرية مرجانة , وهذه القرية تمتد لمسافة 2 كيلو أمام النيل , وهي عبارة عن نحو 15 شاليها , وحمام سباحة كبير , وعدد كبير من المحلات , وملاه , وكازينوهات وقاعات وكافتيريات , ومطاعم , علاوة علي مبني لإدارة القرية , إلا أن كل هذا مغلق ولا يوجد أحد هناك , وتحولت هذه الأماكن لخرابة برغم أنها تطل علي النيل وتحيط بها الأشجار والخضرة , ولكنها تحولت لوكر لمتعاطي المخدرات والبلطجية الذين يسيطرون عليها ليلا . قصة هذه القرية السياحية يرويها , أحمد رضا قائلا : هذه القرية مملوكة لمجلس مدينة القناطر الخيرية , وكان يأتي إلي هنا سياح عرب كثيرون , حيث ان القرية كانت مؤجرة لرجل أعمال مصري لمدة 22 عاما , إلا أنه حدث خلاف بينه وبين محافظة القليوبية , وتم فسخ العقد , وترك رجل الأعمال القرية منذ سنوات , ومن يومها وهي مهجورة ولم يحدث فيها أي شيء , وكان محافظ القليوبية في هذا الوقت هو المستشار عدلي حسين , وكل ما حدث بعد ذلك أنه تم بناء شاليهين خاصين مجاورين للقرية علي النيل تابعين للمحافظ , بالإضافة إلي بناء قاعة مؤتمرات فخمة وعلي مستوي عال وتم إنفاق أموال طائلة عليها , ومنذ بنائها لم يعقد بها أي مؤتمر حتي الآن . وأضاف أحمد رضا قائلا : منذ عدة سنوات وهذا المكان كان مهجورا , وفقد جزءا مهما وهو السياحة العربية التي تأتي إلي هنا , ولم يكن السياح العرب ينقطعون عن المكان , ودائما كانت هذه الشاليهات مشغولة , ومحجوزة لفترات طويلة , ولكن كل هذا تغير الآن , بعد أن تحول حمام السباحة لخرابة مليئة بالقاذورات , وتحولت أيضا الشاليهات لخرابات وأوكار لمدمني المخدرات , وهجرت المحلات والكازينوهات والمطاعم والكافتيريات , وتحولت الحياة هنا للأسوأ , المشكلة الكبيرة أنه كانت هناك نحو 500 أسرة يعيشون من هذه القرية , وهؤلاء الأشخاص هم من أهالي قرية الشعير الذين يعملون في تأجير الحناطير والخيول والدراجات والموتوسيكلات والعجل , كل هؤلاء تحولت حياتهم تماما وتوقف مصدر دخلهم الوحيد , صحيح أنه لم يتوقف تماما ولكنه قل عشرات الأضعاف عن السنوات السابقة , وازداد الأمر سوءا بعد الثورة , حيث قلت أيضا السياحة المحلية وقل عدد المراكب التي كانت تاتي إلي هنا بالسياح المصريين بعد الثورة , بسبب حالة الانفلات الأمني التي تعيشها البلاد . ويضيف أحمد رضا : كل شيء تأثر الآن حتي الخيول التي نمتلكها وتعتبر مصدرا لرزقنا مات معظمها , والباقي أصبحت صحته هزيلة , لأنه لم يعد هناك دخل , ولم يعد لدينا مال كاف لنطعمه , حيث ان أكل الحصان الواحد يتكلف نحو 30 جنيها يوميا , بالإضافة لأجرة من يعمل عليه وهي نحو 25 جنيها , وهو لم يعد يكسب هذا المبلغ يوميا . وهناك وجدنا عددا كبيرا من الأشخاص يجلسون أمام القرية ينتظرون الفرج , منهم من يقوم بتأجير اللنشات , حيث يقول محمد ابراهيم , متزوج ولديه 3 أولاد : أعمل علي هذا اللنش منذ 15 سنة تقريبا , واثناء عمل قرية مرجانة كان يأتي سياح عرب للمنطقة , وكانوا يستأجرون اللنشات , وكانت الحالة المادية جيدة , علاوة علي أن المصريين ايضا كانوا يستأجرون اللنشات , وسعر الساعة 50 جنيها , إلا أن الصورة تغيرت تماما , وتغيرت للأسوأ بعد الثورة , حيث كنا نعتمد علي الرحلات الطلابية والأسر والتي قلت كثيرا مما أثر علي دخلنا , ولكن نتمني أن تعود الحياة لطبيعتها وأن يتم فتح المدينة مرة أخري , ولكن أشك أن يحدث هذا خاصة بعد الحالة السيئة التي أصبحت عليها القرية حيث انها تحتاج لأموال طائلة لتجديدها . وبجواره وجدنا خالد نبوي , وهو يعمل علي أحد الأحصنة , ويقول : الحصان يتم تأجيره لجولة مقابل 10 جنيهات , ولكن لم يعد الإقبال عليه كبيرا , في الأيام الحالية , فنحن نعيش أصعب أيامنا , بعد أن كان الجميع يحسدنا علي مهنتنا , والتي كان يعمل بها العشرات غيري ولكنهم تركوها بعد أن عجزوا عن إطعامها , ومنهم من ماتت خيله , فذهبوا للعمل في مهن أخري حتي لا يموت أبناؤهم أيضا من الجوع , ولكنه أكد أنه برغم حالة الضنك إلا أن الأمل موجود ومازال هناك بعض المصريين يأتون لهذا المكان من وقت لآخر نتيجة للطبيعة الجميلة التي يتميز بها , ويركبون الخيل ويقضون أوقاتا ممتعة . أما سيد عبد المنعم , وهو يقوم بتأجير الموتوسيكلات , فيقول : إيجار الموتوسيكل الصغير لمدة ساعة 10 جنيهات , وهذه لم تتأثر كثيرا لأنه تقريبا معظم الشباب يهوون ركوب الموتوسيكلات الصغيرة وتأجيرها , وأنا زبوني مازال موجودا من صغار الشباب الذين يأتون الي مخصوص لركوب الموتوسيكلات , ويستمتعون بها في الأماكن الخالية من الزحام والسيارات , ولكن أنا مثل زملائي تأثرت كثيرا بعد غلق قرية مرجانة . ويقول عبد الحميد أحمد , وهو يقوم بتأجير العجل : العجلة يتم تأجيرها لمدة ساعة بجنيهين , وهذه المهنة مريحة , ولكن قل الاقبال عليها , وأصبحت لها مواسم في الأعياد و شم النسيم , ولكن الحمد لله علي كل حال , وربنا يديمها نعمة .