على هامش فعاليات مهرجان مراكش الدولي للفيلم والتي تحتضنه المملكة المغربية ويقام تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس وبحضور عدد من النجوم أبرزهم المخرج العالمي سكورسيزي والفنانة يسرا والمخرجة ايناس الدغيدي قامت ادارة المهرجان بتكريهم الفنانة الفرنسية الكبيرة "جوليت بينوش" والتي ما إن تسلمت درع التكريم حتى صرخت قائلة : أنا سعيدة للغاية. يذكر أن جولييت بينوش ولدت فى وسط عائلى فنى، فوالدها كان نحاتا، ووالدتها ممثلة وأستاذة تُدرس الآداب، تلقت على يدها أولى دروس التمثيل، ومنها أحبت الفن حبا خالصا، خاصة فن المسرح، وهو ما جعلها تقرر منذ صغر سنها ترك مسقط رأسها فى إقليم لوار وشير، والتوجه إلى العاصمة باريس لتجرب حظها، وهناك التحقت فى سن السابعة عشر بالمعهد الموسيقى بالدائرة العاشرة لمدينة الأنوار، ثم تابعت دروس "فيرا كريك"، لتبدأ بتجسيد أدوار بطلات مسرحيات تشيخوف وبيرانديلو على خشبة المسرح، قبل أن تنتقل سريعا إلى عالم الفن السابع. .. وكان أول ظهور لجولييت بينوش على الشاشة الكبرى سنة 1983، فى فيلم "ليبرتى بيل" لتُتبع ذلك بمجموعة من الأدوار الثانوية مع مخرجين كبار، أمثال جون لوك جودار فى فيلم "أحييك يا مريم"، وجاك دوايون فى فيلم "حياة عائلة"، وأندرى طيشينى فى فيلم "الموعد"، وفى سنة 1986، حصلت على جائزة "رومى شنايدر" لتصبح الأمل الواعد للسينما الفرنسية. وفى السنة نفسها، وعن عمر لا يتجاوز الثالثة والعشرين، غادرت حدود فرنسا لتجذب اهتمام المهنيين من جميع أنحاء العالم، حين لعبت جنبا إلى جنب مع دانيال داى لويس، فى فيلم "خفة الكائن" التى لا تُحتمل. فأدهش أداؤها ناقدا أمريكيا من مجلة شيكاغو سان تايمز الذى كتب عنها، قائلا: "رائعة وخفيفة فى جمالها وبراءتها". وتلت ذلك فترةٌ اكتشفت فيها جولييت سينما المؤلف مع أستاذها ليوس كراكس، الذى منحها الدور الرئيسى فى اثنين من أعماله، هما فيلم "دم فاسد" ثم فيلم "عشاق الجسر" 1991، الذى يعد عملا طموحا استغرق تصويره مدة طويلة، حيث عملت فيه الممثلة لما يزيد عن ثلاث سنوات، لتقرر بعد ذلك تغيير أدائها والانتقال من صورة البريئة فى فيلم "الفاتنة" للويس مال، من خلال العمل فى فيلمين ناطقين بالإنجليزية "ضرر ومرتفعات هيرلفون". ولعبت بعد ذلك بسنة واحدة، دور البطولة فى فيلم ثلاثة ألوان: الأزرق لكريستوف كييسلوفسكى "1993". وقد كان هذا التحول الكبير فى مسارها الفنى مصدر نجاح باهر، حيث نالت جائزة التمثيل فى مهرجان البندقية، وجائزة سيزار أحسن ممثلة. لتشارك بعدها فى بطولة أحد أضخم الإنتاجات وأنجح الأفلام فى تاريخ السينما الفرنسية فارس على السطح (1996). وفى عام1997، دخلت جولييت بينوش تاريخ السينما العالمية من أوسع الأبواب، بعد أن نالت جائزة الدب الفضى بمهرجان برلين، ثم أوسكار أحسن دور ثانوى عن تجسيدها لدور الممرضة آنا فى فيلم "المريض الإنجليزى"، لتصبح وهى فى سن السابعة والثلاثين ثانى ممثلة فرنسية تحظى بهذا الشرف. أثبتت بينوش عن موهبة عالية أخذتها إلى العالمية، وأصبحت بفضلها قادرة على تشخيص كل الأدوار من كل صنف، فبرعت بأدائها فى الأفلام التاريخية التى تعد الأقرب إلى قلبها، مثل أطفال القرن (1991)، وأرملة سان بيير (2000)، والشوكولاتة (2001) الذى ترشحت من خلاله لنيل أوسكار أحسن ممثلة، وكذلك فى الفيلم الكوميدى فارق التوقيت (2002). كما واصلت تفضيلها لأفلام سينما المؤلف، كما فى فيلم أليس ومارتن لأندرى طيشينى، ورمز غير معروف (2000) ومخفى (2005) لمايكل هانيكه، ومارى لأبيل فيرارا (2005)، وكامى كلوديل، 1915 لبرينو دومون. كما دفع بها شغفها الكبير ورغبتها فى اكتشاف عوالم جديدة، لاختيار أفلام جريئة تعالج مواضيع سياسية، كالميز العنصرى فى فيلم "فى بلدى" ومحنة اللاجئين فى فيلم "كسر الحواجز"، والصراع الفلسطينى الإسرائيلى فى فيلم "الانفصال". كما أن مشاركتها فى بطولة فيلمين فرنسيين سنة 2008، لكل من أوليفيى أساياس وسيدريك كلابيش، لم تمنعها من الحفاظ على مكانتها كممثلة عالمية عبر مشاركتها فى الفيلم الأمريكى "عشق فى جزيرة رود"، أو فى أن تحظى بأدوار فى أفلام لكبار السينمائيين العالميين، أمثال هو هسياو هسيان فى "رحلة البالون الأحمر"، وعباس كياروستامى الذى عملت تحت إدارته فى فيلم "شيرين"، وكذلك فى فيلم "نسخة مطابقة للأصل" الذى مُنحت عنه جائزة أحسن دور نسائى فى مهرجان "كان" السينمائى. وبعد فيلم "حياة أخرى لامرأة" لسيلفى تيستود، و"هُنَّ" لمالكورزاتا شوموسكا سنة 2012، عادت جولييت بفيلم "كوسموبوليس" لديفيد كرونينبرك، للمشاركة فى المسابقة الرسمية لمهرجان "كان" السينمائى فى نفس السنة، هناكَ، حين كانت فى ماى 2007، سيدة حفل افتتاح الدورة الستين.