صرح جوزيه غرازيانو دا سيلفا المدير العام لمنظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة "FAO"، أمام المشاركين في المنتدى العالمي للنمو الأخضر (3GF) أن رصد ضخامة وطبيعة إهدار المواد الغذائية وخسائرها لا بد منه من أجل تحجيم هذه المشكلة وتصعيد الجهود والإسراع بها لاجتثاث الجوع على الصعيد العالمي. وذكر غرازيانو دا سيلفا أن "المنظمة قدرت أن ثلث جميع المواد الغذائية المنتجة للاستهلاك البشري تهدَر كل عام فيما يعادل نحو 1.3 مليار طن. وتبلغ تكاليف هذا الهدر نحو 750 مليار دولار أمريكي سنوياً". وأضاف، "لو نجحنا في خفض مقدار الهدر والخسائر في المواد الغذائية إلى الصفر سيتوافر لدينا ما يلبّى احتياجات مليارين من البشر". وانضم غرازيانو دا سيلفا إلى رؤساء الوكالات الشريكة في في غضون اجتماعات المنتدى العالمي للنمو الأخضر المنعقد خلال 21 - 22 اكتوبر/تشرين الأول لبحث إعداد خطط من أجل تحديد معيار عالمي جديد لقياس هدر المواد الغذائية وخسائرها، حسبما أعلن المعهد العالمي للموارد (WRI). وقال المدير العام لمنظمة "فاو" أن "من بين أولوياتي لأنشطة المنظمة فتح أبوابنا أمام الحلفاء الممكنين، إذ من الواضح أن مكافحة الهدر والخسائر في الغذاء مجال يتطلب عقد الشراكات... ومن شأن تطوير بروتكول عالمي بهذا الصدد أن يساعد على توفير مقاييس ومؤشرات واضحة يمكننا الاستناد إليها كتوجيهات في كيفية الحد من إهدار المواد الغذائية وخسائر الغذاء". ويُعزى معظم فاقد الأغذية إلى مرحلة ما بعد الإنتاج، خلال الحصاد والنقل والتخزين، وترتبط الأسباب في المقام الأول بعدم كفاية البنية الأساسية لدى البلدان النامية، بينما تعود الخسائر الغذائية على الأكثر إلى مراحل التسويق والاستهلاك لدى البلدان الأكثر تقدماً. وأكد غرازيانو دا سيلفا أن "تقليص فاقد الغذاء وخسائره إلى الصفر من العناصر المكونة لمبادرة 'تحدي الاجتثاث المبرم للجوع' (صفر جوعاً) التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في مؤتمر 'ريو +20' خلال العام الماضي... ونتيجة لكل هذه العوامل فإن منظمة 'فاو' لديها مصلحة ضخمة وثابتة في إنجاز تخفيضات سريعة لفاقد الأغذية وخسائرها ولا سيما فيما يتعلق بتحسين كفاءة و شمولية نظمنا الغذائية تحديداً". ومضى قائلاً: "ونحن نعرف الكثير بالفعل عن كيفية خفض خسائر الغذاء، لكننا نظل بحاجة إلى مزيد من الاستثمار في عدد من المجالات، خصوصاً البنية التحتية مثل الطرق و سلاسل التبريد، وأيضاً تحسين معلومات الأسواق. كما نحتاج إلى سد الفجوة بين معارفنا وما يفعله المزارعون وغيرهم من الجهات الفاعلة في السلسلة الغذائية على أرضية الواقع. وحينئذ يمكننا أن نرى نتائج جيدة". وبالنسبة لهدر الغذاء في طرف المستهلِك، دعا غرازيانو دا سيلفا إلى مزيد من "التفكير الإبداعي" للحيلولة دون أن يُلقي باعة التجزئة والأسر الفردية بالمواد الغذائية هباء. وأوضح المدير العام أن "الهدر الاستهلاكي يبلغ 100 كيلوغرام في أوروبا و أمريكا الشمالية للفرد سنوياً، وفي إفريقيا يقدر بأقل من عشرة كيلوغرامات سنوياً للفرد. ويمكننا أن ننجز الكثير من المستوى المحلي إلى المستوى العالمي، ومن المنتجين إلى المستهلكين، ومن الخيارات الشخصية إلى قرارات السياسات... من أجل تهيئة بيئة مواتية للحد من هدر الغذاء وخسائره". وأضاف، قائلاً "وفيما يتعلق بإهدار الغذاء علينا أن ندرك أن الثقافات المختلفة لديها تقاليد مختلفة للطهي"، مؤكداً أن "ذلك لا بد أن يؤخذ بعين الاعتبار". وحث غرازيانو دا سيلفا المشاركين على مواصلة الالتزام بالعمل مع المنتجين، والمستهلكين، وتجار التجزئة، والحكومات، والمنظمات الدولية لخفض فاقد المواد الغذائية وخسائرها، مع مراعاة الاختلافات الثقافية التي يمكن أن تؤثر في الخيارات. اتخاذ إجراءات العمل وتعكف المنظمة على العمل في جبهات عديدة للحد من إهدار المواد الغذائية في العمليات الزراعية، وخلال مختلف مراحل النظم الغذائية من الحقل إلى المائدة. وأطلقت منظمة "فاو" مبادرة "حفظ الغذاء وإنقاذه" مشاركة مع برنامج الأممالمتحدة للبيئة "UNEP"، ومؤسسة "Messe Dusseldorf" للحد من خسائر المواد الغذائية وهدرها على طول سلسلة إنتاج الأغذية واستهلاكها. وتضم المبادرة اليوم أكثر من 150 عضواً من المؤسسات العامة، والشركاء من القطاع الخاص و تجري حالياً دراسات حالة عن خسائر الأغذية في سلاسل محددة من شأنها أن تساعد على إصدار توجيهات لاستراتيجيات رفع كفاءة القطاعات المعنية. وتتعاون المنظمة أيضاً مع برنامج الأممالمتحدة للبيئة، وبرنامج العمل من أجل الموارد والحيلولة دون الهدر "WRAP" وغيرهما من الشركاء في إطار حملة"فكر، وكل، واقتصد: الحفظ والتوسع" (Think.Eat.Save) المصممة لاستهداف ممارسات الإسراف، خصوصاً في طرف التجزئة والاستهلاك، وتغييرها على طول سلسلة الإمدادات الغذائية. وباشرت منظمة "فاو" فعلياً بالعمل لتوفير مؤشر لخسائر المواد الغذائية، من خلال استراتيجيتها العالمية للنهوض بالإحصائيات الزراعية والريفية، وتنظيم وتطوير منهجيات التقييم في غمار مساعيها إلى إرساء منهجيات لتقدير خسائر ما بعد الحصاد وإدراجها في عمليات الإحصاء الوطنية للبلدان.