لاشك أن هناك حالة عارمة من الفوضى والارتباك تنتاب تنظيم الإخوان المسلمين الآن وهى الحالة التى لم يشهدها التنظيم منذ نحو 60 عاما عندما تفككت أوصال الإخوان عقب قرار مجلس قيادة ثورة يوليو بحل الجماعة عام 1954 .. الآن الجماعة تترنح والتنظيم الداخلى فى حالة يرثى لها .. وتشير أنباء كثيرة أن الدكتور محمود عزت المرشد المؤقت قد أصدر تعليمات بالتهدئة تجنبا لسقوط مزيد من الضحايا فى صفوف الإخوان .. ويعزى البعض ما حدث من تراجع واضح لقدرة الإخوان على الحشد إلى جملة الاعتقالات الهائلة التى طالت قادة الجماعة ومسئولو المكاتب الإدارية فى المحافظات إلى جانب اعتقال كافة القيادات العليا وغالبية القيادات الوسيطة وعودة أجهزة الأمن لنشاطها السابق فى محاصرة ومطاردة النشاط الدينى المتطرف فى المدن والقرى والمحافظات .. أيضا نجحت الخطة الأمنية وفرض حالة الطوارىء وإغلاق الميادين الرئيسية ومحاصرتها فى وقت المظاهرات والمسيرات فى إفشال مخططات الإخوان للحشد والتنظيم.. هذا بخلاف العداء الواضح الذى بات يحاصر كل مسيرات الإخوان من ناحية الأهالى فى مختلف المناطق التى تشهد حشودا إخوانية منظمة.. ورغم الفشل الواضح والتراجع الشديد فى قدرة الإخوان على الحشد خلال هذا الأسبوع إلا أن ما يسمى بالتحالف الوطنى لدعم الشرعية قد أكد فى بيان له أن جمعة الشهداء الأخيرة شهدت حشودا هائلة وأن القوى الرافضة (للانقلاب) حسب وصفه غيرت من خطة الحشد عن طريق تنظيم فعاليات صغيرة ومنتشرة فى أماكن عديدة بدلا من تنظيم المليونيات التى تتمركز فى مكان واحد . وكان هذا التحالف قد سمى الأسبوع الماضى بأسبوع الرحيل والذى بدأ بتنظيم مليونية فى ميدان رمسيس وانتهت لاشتباكات وأحداث عنف أودت بحياة أكثر من مائة قتيل وعدد من أفراد قسم شرطة الأزبكية كما لقى عمار نجل المرشد مصرعه فى هذه الاشتباكات التى أدت لاحتراق مبنيين أحدها تابع للمقاولين العرب ومبنى تابع لبنك الدم فى شارع رمسيس ووقتها اتضح للرأى العام أن الإخوان جماعة تسعى لحرق القاهرة مما زاد من النفور الشعبى تجاهها .. ثم دعى تحالف دعم الشرعية لأسبوع جديد من المظاهرات بدأ بمليونية الشهداء الجمعة الماضية تحت عنوان " الشعب يقود ثورته" وكان حجم وعدد المسيرات قليلة للغاية حتى الآن.. .. ومن جانبها سعت جماعة الإخوان المسلمين للتأكيد على انتهاجها لمبدأ السلمية فأصدرت بيانا جديدا قالت فيه أن " اللعب بورقتي العنف الطائفي والتكفير، لإعطاء صورة مغلوطة عن ثورتنا السلمية المتسامحة الجامعة، حيث تقوم الأجهزة التابعة للانقلاب بافتعال حرق الكنائس أو بعض الممتلكات لمواطنين مصريين مسيحيين، أو تدفع بعض العناصر الإجرامية للقيام بهذه الأعمال المنكرة" . وعلى الرغم من ذكل فقد كان واضحا من بعض المنشورات التى كان يتبادلها معتصمو الإخوان فى رابعة العدوية والنهضة وفى أثناء التظاهرات الأخرى أن الإخوان لا يستعجلون النصر وأنهم ربما يصمتوا فترة لكنهم سوف يعودون حيث يكشف أحد هذه المنشورات عن الإستراتيجية التى اتبعها الإخوان منذ البداية حيث يقول أن مناهضة "الانقلاب" لا تحتاج إلى تعجل الانتصار وإنما إلى انتصارات متتالية ومتراكمة تحقق استعادة الثورة". ولفت هذا المنشور أن جوهر الصراع يكمن فى التصدى للهوية العلمانية فى مواجهة الهوية الإسلامية .. دولة عسكرية أمام دولة مدنية .. أى أن الصراع بين دولة علمانية عسكرية أمام دولة إسلامية مدنية. وأكد المنشور على مواصلة التظاهر والسعى مهما كان من أجل تفكيك مثلث التحدى الذى واجه الثورة منذ البداية وهو القضاء والجيش والشرطة! هذا ويحشد الآن الإخوان بشدة لمظاهرات يوم 30 أغسطس تحت مسمى جمعة غزو القاهرة فهل سينجح التنظيم مجددا فى الحشد رغم الضربات المتلاحقة التى أصابته فى مقتل؟ ..