ألقت أحداث ميدان رمسيس، مساء أمس، بظلال كثيفة على عملية المصالحة الوطنية المأمولة، ولكنها في نفس الوقت دفعت المعنيين بالشأن الداخلي لسرعة التحرك قبل أن تتفاقم الأزمة لمستوى يصعب السيطرة عليه، في ضوء حالة العداء والاحتقان المتبادل بين التيارين المدني والإسلامي. فكل منهما يلقي بالمسئولية على الآخر في مشهد أقرب للعمى السياسي المتبادل وإنكار الآخر. فمن جانبه، أدان حزب الوفد أحداث العنف والفوضى التي حدثت بميدان رمسيس بسبب مسيرات أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي وقطعهم للطرق الحيوية بالقاهرة. وأكد أحمد عودة، مساعد رئيس حزب الوفد، أن هدف جماعة الإخوان المسلمين خلق حالة من الفوضى بالبلاد واستدراج الشعب لحرب أهلية للقفز على إرادة وشرعية الشعب التي أسقطت حكم الجماعة يوم 30 يونيه. واستبعد عودة حدوث ذلك مؤكدا أن الإخوان واهمون وعليهم الاعتراف بالأمر الواقع وانخراطهم من جديد في الحياة السياسية والمسار الديمقراطي الجديد بدلًا من اللجوء للعنف مشددًا علي أن جميع طوائف الشعب المصري تقف وتساند قواتنا المسلحة ووزارة الداخلية من أجل الحفاظ استقرار البلاد ونتائج ثورة الإرادة الشعبية في 30 يونيه. كما طالب، محمد موسي عضو الهيئة العليا لحزب المؤتمر جميع أجهزة الدولة التصدي لميليشيات جماعة الإخوان المسلمين التي تمارس العنف والإرهاب ضد الشعب في محاولات مستميتة للعودة بمصر للوراء وتعطيل مسيرة التحول الديمقراطي ومكتسبات ثورة 30 يونيه، مؤكدًا أن الأحداث التي قامت بها جماعة الإخوان برمسيس والجيزة أسلوب همجي بعيدًا تمامًا عن السلمية التي يتشدقون بها مشددا علي أن ذلك سيزيد الشعب إصرارا على استبعاد هذه الجماع. وأكد على وجهة النظر تلك، هشام أبو السعد مساعد رئيس حزب الجبهة الديمقراطية بقوله: إن تلك الأحداث تدل علي خطة الجماعة التي يتم تنفيذها منذ بداية الأسبوع لإثارة الفوضى بالقاهرة بعد محاولاتهم الفاشلة بعدد من المحافظات. وأضاف أن الهدف من تلك الأعمال نشر الفزع وترويع المواطنين رغم إدراكهم التام بان مثل هذه الأفعال لن تعيد عقارب الساعة للوراء، مشيرًا إلي أن الأهالي بمنطقة رمسيس وجامعة القاهرة تصدوا لهذه المحاولات التي تسعي الجماعة من ورائها الحصول علي أي مكاسب في ظل وجود رفض لدي قطاع كبير من المواطنين من مصالحة معهم. وطالب القوات المسلحة بضرورة التصدي بكل قوة وحسم ضد هذه الأعمال التي تجر البلاد للمجهول وتعطل مصالح المواطنين وتؤثر سلبا علي الاقتصاد الوطني. إلا أنه استبعد فكرة فض الاعتصام بالقوة التي يطالب بها البعض لكونها ستسفر عن وقوع ضحايا من المصريين مشددا علي ضرورة محاصرة تلك الاعتصامات في أماكنها فقط. وقال حسين عبد الرازق القيادي بحزب التجمع أن الإخوان المسلمين لديهم منهج واضح، فعندما يعجزون عن الحوار يلجئون للعنف، موقف ثابت لديهم لا يتغير، موضحًا أن خروجهم من أماكن الاعتصام لميدان رمسيس، استفزاز للقوي السياسية والأمنية، حيث توجهوا لمنطقة رمسيس حاملين أسلحة، ما يعني اعتمادهم للعنف منهج. وطالب عبد الرازق، الجماعة وأنصارهم العدول عن موقف العنف والقوة لان ذلك سيؤثر سلبًا عليهم، وضرورة الالتزام بسلمية التظاهرات والقانون وهو ما يحكم القوات المسلحة والشرطة وفي حالة عدم التزامهم فعلي الأمن التعامل معهم. فيما اعتبر القس إكرام لمعي رئيس المجمع الأعلى للكنيسة الإنجيلية أحداث رمسيس بمثابة رد فعل عاطفي من جانب الجماعة، ما يصعب الأمر عليهم وعلي الدولة والمتعاطفين معهم بالداخل والخارج. وأضاف أنه علي الجماعة أن تكون أكثر حكمة حتى إذا كان لديهم شعور بالظلم فقد كان مفتاح ثورتي 25 يناير و30 يونيه، السلمية في التعبير عن الرأي بطريقة مشروعة، مطالبًا الجماعة بالابتعاد عن التهديدات الانفعالية والعاطفية التي تتحول لاتهامات لهم يخسرون معها المزيد من الدعم، والعمل عوضًا عن ذلك وضع إستراتيجية جادة للتصالح مع المجتمع المصري والمشاركة بالعملية السياسية مرة أخري وقد يحصلوا علي الغالبية مرة أخرى، داعيا الجماعة لتلك المصالحة. وشدد علي أنه في حالة استمرار الإخوان المسلمين وأنصارهم في السير باتجاه العنف سيدفع لرفض الجماعة عالميا وداخليا. وأكد أن القوات المسلحة والشرطة ستجد نفسها مضطرة للتعامل مع المظاهرات الغير سلمية وأعمال العنف بالقانون في حالة تهديد أمن المواطنين. على الجانب المقابل، واستنكر "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب" ما سماه باعتداء البلطجية على مسجد الفتح وعلى المصلين أثناء صلاة التراويح، منددا بتعمد ضرب الشرطة لمتظاهرين في أثناء الصلاة، كما وقع في صلاة الفجر عند الحرس الجمهوري وفي صلاة الجمعة بسيناء مما يدل على أنها منهجية متعمدة وليست مصادفة أو حادثة عابرة، وكأنه لا حرمة عندنا لمسجد أو صلاة. وحمل التحالف – المكون من قوى وأحزاب وحركات سياسية إسلامية وغيرها دعما لمرسى والشرعية- الشرطة والمسئولين مسئولية قتل المصلين السلميين وإصابة المئات بالرصاص الحي وقنابل الغاز للدموع مؤكداً في الوقت نفسه أن مظاهراته سلمية وبعيدة عن العنف وستظل سلمية حتى تتحرر إرادة الشعب ، كما حمل الجيش والشرطة مسئولية سلامة المصلين المحاصرين بمسجد الفتح، وحذر مما بات يروّج له إعلاميًا عن حدوث أعمال عنف وتفجيرات واتهامات للتحالف الوطني لتشويه صورته وإعاقة مسيرة استكمال الثورة. وأضاف أن تلك الأعمال التي يدبر لها بليل ويشرف على ترويجها والدعاية لها إعلاميان بارزان عرف عنهما الترويج لحريق المجمع العلمي وإعلان ذلك عبر وسيلتهما الإعلامية قبل حريقه بساعتين، كما أعلنوا عن حريق مبنى الضرائب العقارية قبله ب24 ساعة ثم تمت عملية الحرق في اليوم التالي؛ مما يؤكد على ارتباطهما بخلايا الإرهاب والحرق والتفجير والعنف ويؤكد على مؤامرة مسبقة يعد لها لترويع الشعب المصري وإهدار ممتلكاته بعد الاستهانة بدمائه. ورفض التحالف البيانات التي تلقيها طائرات الجيش على المعتصمين بميداني رابعة العدوية النهضة، وحذر من المساس بالسلميين خلال الفعاليات المقبلة، حيث سينظم التحالف مليونيات جديدة. فيما اعتبر الدكتور عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة أن الاعتقالات ومصادرة الأموال والقتل بالرصاص الحي، لن تثني إرادة الشعب المصري الذي يناضل من أجل الشرعية، وقال: "حاصرونا.. اعتقلونا.. صادروا ما شئتم من أموالنا الحلال التي كسبناها بعرق الجبين.. حاكمونا أمام قضاة منحازين أو مجالس عسكرية.. اسجنونا سنوات طويلة.. اقتلونا برصاصكم الحي.. لن تهزموا إرادتنا أبدًا، وسيطاردكم الدم في نومكم ويقظتكم، ولن تقدروا على رفع أعينكم في وجوه أولادكم وأهليكم". وأوضح العريان، أن هذا المخطط أكثر حماقة مما قام به الانقلابيون -حسب وصفه- عندما هاجموا المصلين في ميدان رمسيس بقنابل الغاز والخرطوش وبأسلحة نارية أصابت أحد المتظاهرين السلميين. وأضاف: لن تفلحوا، وحراكنا كله سلمى، ومظاهراتنا لها أكثر من 18 يوما سلمية، لم يحدث فيها عنف، ولن تستدرجونا إلى عنف أبدا. كما استنكر جلال مرة أمين حزب النور بشدة ما حدث اليوم وأمس من إراقة لدماء أروح وأنفس بريئة. وتساءل أين دور الدولة والأجهزة المعنية لحماية المتظاهرين السلميين الذين يعبرون عن رأيهم، مشيرا إلي أن ذلك حق كفله القانون والدستور من قبل 30 يونيه وبعدها.. وأين دور الأجهزة المعنية في كشف حقيقة الأمر الإجرامي الذي قام به مجرمون مطالب بسرعة كشف الحقيقة وتقديم الجناة للعدالة قبل تفاقم الأمر. كما أدانت الجماعة الإسلامية تدين اعتداءات الشرطة على المتظاهرين السلميين بميدان رمسيس. والاعتداءات التي قامت بها الشرطة على المتظاهرين السلميين بميدان رمسيس، وذكرت بيان الجماعة الشعب المصري بما أسماه الموقف الشرطة المتخاذل قبل 30 يونيه تجاه من كان يقذف المولوتوف على قصر الاتحادية، ما يكشف كثيرا من خيوط المؤامرة التي حيكت ضد الرئيس محمد مرسي. فيما اعتبر نائب رئيس حزب الوسط الدكتور محمد محسوب أن بلد يُضحي لأجلها كل هؤلاء الشهداء لا تموت فيها الحرية ولا تنبت فيها الديكتاتورية ولا تقوم لظلم فيها قائمة.