ادعي التيار الإسلامي أن لديه مشروعه الإسلامي الذي يريد تطبيقه عقب ثورة 25 يناير.. واستغلوا الدين في الوصول للسلطة.. سواء إخوان أو سلفيين أو أتباعهم.. ولكن عقب وصولهم للحكم لم نجد أي مشروع إسلامي سوى ذقون تستحوذ على كل مؤسسات الدولة.. بل وصلت الأمور لأكثر من ذلك عندما رأينا التهديد والعنف والقتل والترويع ومحاصرة المؤسسات، ورأينا من يكذب ومن يقبض عليه في قضية آداب، مما جعلنا نتأكد أنه المشروع الإسلامي الذي يتحدثون عنه ما هو إلا وهم، ولكن وللحق لديهم من يؤمن بهذا المشروع.. ولكن يتساءل البعض عقب سقوط الإخوان.. هل سقط المشروع الإسلامي إن كان هناك مشروع من الأساس. لم نجد أفضل من كلام د. ناجح إبراهيم والذي يعتبر أفضل شخصية وسط أنصار التيار الإسلامي والذي قال: المشروع الحضاري الإسلامي أكبر من كراسي السلطة.. وأكبر من الجماعات والدول.. وهو فى الأصل مشروع هداية ورشاد، وتعبيد الناس لربهم وربطهم بخالقهم ومولاهم الحق سبحانه.. وهو يخاطب القلوب والنفوس والضمائر ويهتم ببناء الإنسان فى الأساس. المشروع الإسلامى ليس مشروع سياسة وسلطة فحسب.. حتى وإن احتوى ذلك.. وهو أكبر من أن يحتل الإسلاميون أنفسهم مقاعد السلطة، حتى وإن كان بعضهم لا يملك الكفاءة اللازمة لمثل هذا المنصب.. وهو أكبر من مجرد صناعة ثورة للتغيير إلى الأحسن.. أو تصدير هذه الثورة للدول الأخرى. وهناك فرق كبير بين تصدير الثورة وتصدير القيم الحضارية الرائدة بعد إنتاجها والعمل بها والاقتداء بقيمها وبناء المجتمعات على أساسها. وهذا ما صنعه الخليفة العظيم عمر بن الخطاب، الذى صدر القيم الحضارية العظيمة بعد إنتاجها والعمل بها والاقتداء بقيمها وبناء المجتمعات على أساسها، وهذا ما قدمه ابن الخطاب، الذى قدم ثم صدر القيم الحضارية العظمى للعالم كله، مثل العدل السياسي والعدل الاجتماعي.. ومحاسبة الحاكم لنفسه وتضييق الحاكم على أسرته وتوسعته على رعيته. المشروع الحضاري الإسلامي له ثلاث أذرع رئيسية: أهمها: الذراع الدعوية التربوية الإصلاحية. وثانيتها: الذراع الاجتماعية.. والذى يعنى برعاية اليتيم والفقير والأرملة والمسكين والمرأة المعيلة لوجه الله وحده.. وليس من أجل جمع أصواتهم لحزب معين أو انتخابات معينة. وثالثتها: الذراع السياسية التى تعنى بإيصال الحركة الإسلامية للسلطة، لتنفيذ مشروعها السياسى، الذى يهتم بتطبيق الشريعة الإسلامية ظاهراً وباطناً فى مجتمعاتها.. وليس تطبيقاً شكلياً. وإذا كانت الذراع السياسية المصرية قد فشلت أو أفشلت فى تجربتها الوليدة فى الحكم.. فلا يعنى ذلك فشل الذراعين الأخريين. الفشل فى ميدان السياسة ليس عيباً أو عاراً.. بل إن التاريخ الإسلامى حافل بفشل الكثير من حملة الدين، فى حالة صراعهم مع أهل السياسة والحرب. وما تجربة عبد الله بن الزبير الصحابى الورع التقى الزاهد فى صراعه مع عبد الملك بن مروان منا ببعيد. والفشل قد يكون بداية للنجاح إذا تعلمنا من التجربة واستفدنا منه.. ولم نقدم نظرية المؤامرة على نظرية المراجعة. المشروع الحضارى والإسلامى يسع المسلم والمسيحى واليهودى والبوذى والاشتراكى والليبرالى واليسارى وكل الملل.. وإن لم يستطع كسب المجتمع فقد فشل تماماً، حتى وإن وصل إلى السلطة والحكم. المشروع الحضارى الإسلامى لم يسقط بموت النبى «صلى الله عليه وسلم» ولا بزوال دولة الخلافة أو الدولة الأموية أو العباسية أو الأيوبية أو العثمانية.. ولا بموت أعظم القادة والعلماء والزعماء.. فمن زعم أنه مات بعزل مرسى أو لغياب السلطة من الإسلاميين، فقد وقع فى مبالغة ممجوجة.