أصوات حفرت مكانها في الذاكرة ولم تستطع الأيام رغم تقلباتها أن تمحوها، وهي أصوات ارتبط سماعها بأوقات معينة .. فلا تكاد تسمعها حتى تستعيد ذاكرتك أحداثا وذكريات ، وتوجد أصوات كثيرة ارتبطت عند المصريين بقدوم شهر رمضان ، فقد تميزت مصر بأصوات رائعة في قراءة القرآن وتفسيره وانشاد الابتهالات والتواشيح بطريقة رائعة ، وفي السطور القادمة سنتجول أياماً في حياة نجوم ظلت أصواتهم في أذهان ملايين المصريين مرتبطة بشهر رمضان ، أصوات خاشعة كانت موهبتها سر الصدق الذى مازال يفوح من نبراتها رغم رحيل معظم اصحابها منذ سنوات طويلة ، فهي أصوات كانت جسرا لكلمات السماء تنقله إلي القلوب لتطير بالأرواح إلي عنان السماء . وفي الحلقة الثالثة نتناول الشيخ مصطفى إسماعيل والذي ولد في 17 يونيو 1905 وتوفي 22 ديسمبر 1978 ، حفظ القرآن الكريم وهو لم يتجاوز الثانية عشرة ، استمع إليه الشيح محمد رفعت وتوقع له مستقبلا باهرا ، ذاعت شهرته فى أنحاء محافظة الغربية ثم عين قارئاً للقصر الملكى فى عهد الملك فاروق ، فأشتهر من يومها بلقب " مقريء الملوك " ، وهو كان معجزة التلاوة في مصر والعالم أجمع ، فهو صاحب أسلوب متميز وبديع وصاحب مدرسة فريدة من نوعها في التلاوة في مجال تلاوة القرآن الكريم ، وكان يركب النغمات والمقامات في تلاوته بشكل يفاجئ المستمع ويثير إعجابه، وكان ينتقل بسلاسة من نغمة إلى أخرى، وكان يعرف قدراته الصوتية بشكل جيد، ويستخدمها في الوقت المناسب واستطاع بصوته الذهبى أن يمزج بين علم القراءت وأحكام التلاوة وعلم التفسير وعلم المقامات بشكل لم يسبق له مثيل ، فكان ينتقل بسامعيه من عالم الدنيا إلى عالم تسوده الروحانيات ، وقد وهبه الله القدرة على استحضار حجة القرآن في صوته وبثها في أفئدة المستمعين لاستشعار جلال المعنى القرآنى ، فقد قرأ القران ب 19 مقاما بفروعها ، وسجَّل الشيخ مصطفى إسماعيل بصوته القرآن الكريم كاملاً مرتلاً، وترك وراءه 1300 تلاوه يتجلى فيها روعة وجمال الصوت والأداء، التي لا تزال إذاعات القرآن الكريم تصدح بها في العالم كله ، وزارالشيخ 25 دولة عربية وإسلامية وقضى ليالي شهر رمضان المعظّم وهو يتلو القرآن الكريم بها، وقرأ القرآن الكريم بالمسجد الأقصى في إحدى ليالي الإسراء والمعراج، قبل أن يصطحبه الرئيس الراحل السادات معه سنة 1977 في رحلة القدس الشهيرة . .. .. .. ..