اشتهر ملك التواشيح نصر الدين طوبار بمسحة حزن فى صوته كانت تنال إعجاب المستمعين، وهو ما دفعه إلى التركيز بقوة على الابتهالات والأدعية التي اتكأ فيها بشدة على الخشوع أكثر من التلوين النغمى والأداء الطربى، فجاء أداؤه مستدرًّا للدمع من العيون أكثر منه مرضيًا لأصحاب المزاج الطربى ومحبى الابتهالات. ولد الشيخ نصر الدين طوبار بقرية المنزلة بمحافظة الدقهلية في 7 يونيو 1920، وحفظ القرآن في صغره، ولاحظ كل من حوله عذوبة صوته، فحثه أصدقاؤه على التقدم للإذاعة لاعتماده قارئًا فيها. ورغم تميزه وحلاوة صوته، رسب خمس مرات متتالية، فنصحه المقربون بأن يتعرف على المقامات الموسيقية ويتعلم فنونها. التحق الشيخ بمعهد الموسيقى العربية، ودرس فيه مبادئ الموسيقى، وكان من الأوائل على دفعته، ووجد تشجيعًا كبيرًا من موسيقار الأجيال الراحل محمد عبد الوهاب وكوكب الشرق أم كلثوم، وبزغ نجمه فى الابتهالات والتواشيح، فتقدم مرة أخرى لاختبارات لجنة قراءة القرآن والإنشاد الدينى ونجح فيها. وتم اعتماده قارئًا فى إذاعة القرآن الكريم عام 1956، أى وهو فى السادسة والثلاثين من عمره، وكان أول تعيينه مقرئًا للقرآن ومنشدًا للابتهالات بمسجد الخازندار بشبرا، وهو المسجد الذى شهد فترة تألق وشهرة الشيخ. صدح صوت طوبار فى أماكن عديدة أهمها قاعة "ألبرت هول" بلندن، وذلك خلال المؤتمر الإسلامى الدولى فى السبعينيات، وكان إنشاده هناك سببًا فى شهرته العالمية؛ فقد كتبت عنه صحيفة ألمانية تعبيرًا شهيرًا ترجمته الصحف المصرية آنذاك، حيث قالت "صوت الشيخ نصر الدين طوبار يضرب على أوتار القلوب". ويعتبر طوبار أول من أنشد ابتهالاً مخصوصًا لأبطال حرب أكتوبر خلال حرب 1973 وهي: "سبح بحمدك الصائمون"، و"انصر بفضلك يا مهيمن جيشنا". واخترق طوبار بصوته أجواء بيت المقدس يوم أنشد فى حفلة بالمسجد الأقصى، حيث كان ضمن الوفد الذى اختاره الرئيس الراحل محمد أنور السادات فى الزيارة التاريخية عام 1977إلى القدس، وكان ذلك يوم العيد، فأخذ الشيخ نصر الدين يكبر للعيد بنفسه، بينما يردد بعده المصلون بالمسجد الأقصى. وأصبح أحد أضلاع مثلث رمضان الشهير المكون منه ومن الشيخ محمد رفعت والشيخ سيد النقشبندى، وقدم خلال رحلته الطويلة مع الإنشاد ما يقرب من مائتى ابتهال ومدح، منها "يا مالك الملك، ومجيب السائلين، وما بين زمزم، وإليك خشوعى، وهو الله، ويا ديار الحبيب". فاضت روح الشيخ نصر الدين طوبار إلى رب العالمين فى السادس من شهر نوفمبر عام 1986.