المضاد الحيوي هو عبارة عن مادة أو مركب يقتل أو يمنع نمو البكتيريا ويستخدم لعلاج الالتهابات التي تسببها الكائنات الحية الدقيقة, بما في ذلك الفطريات والطفيليات, وأطلق واكسمان مصطلح " المضادات الحيوية " في عام 1942 لوصف أي مادة تنتجها الكائنات الحية الدقيقة التي تعادى نمو الكائنات الدقيقة الأخرى. هذا التعريف أستبعد المواد الطبيعية التي تقتل البكتيريا ولكن لا تنتجها الكائنات الحية الدقيقة مثل عصارة المعدة وكذلك يستبعد المركبات الصناعية المضادة للجراثيم مثل السلفوناميد . مع التقدم في الكيمياء الطبية فان معظم المضادات الحيوية هي الآن شبه صناعية ومعدلة كيميائيا من مركبات أصلية موجودة في الطبيعة مثل البنسلين التي تنتجها الفطريات من البنيسيلوم .كان أساس علاج كثير من الأمراض المعدية قبل بداية القرن العشرين وفى كثير من الثقافات الأخرى القديمة بما في ذلك قدماء المصريين والإغريق والعرب في العصور الوسطى باستخدام نباتات لها خصائص مثل المضادات الحيوية . بدا العالم الالمانى ارليش العلاج بالمضادات الحيوية المصنعة كيميائيا في أواخر القرن التاسع عشر حيث لاحظ ايرلش أن بعض المركبات تستطيع أن تربط وتلون الخلايا البشرية والحيوانية والبكتيرية والبعض الآخر لا يستطيع . وقرر ايرلش أن يستفيد من هذه الخاصية وهى الخاصية الاختيارية للخلايا . حيث من الممكن التوصل لبعض المواد الكيميائية السامة التي من شأنها أن تقتل البكتيريا بينما لا تضر خلايا الإنسان المضيف . واستهدف ايرلش المركبات العضوية الفلزية حيث أن معظم المعادن الثقيلة لها تأثير شديد السمية بينما مركباتها العضوية الفلزية المقابلة لها تأثير أقل سمية وبعد الكثير من التجارب وفرز مئات المركبات العضوية الفلزية ضد مختلف الكائنات الحية اكتشف عقار السلفارسان كأول مضاد حيوي من صنع الإنسان . ولكن بسبب الآثار السلبية للسلفارسان الى جانب اكتشاف البنسلين في وقت لا حق , أبطل استخدامه كمضاد حيوي . وبهذا الاكتشاف أفتتح ايرلش عصر المضادات الحيوية . حيث بدأ البحث العلمي عن أدوية أكثر فاعلية ومنذ ذلك التاريخ اكتشف العديد من الأدوية الفعالة ضد معظم الأمراض الناجمة عن البكتيريا والطفيليات وحيدة الخلية , وكان أهم هذه الأدوية السلفوناميدات. وعلى الرغم من أن المضادات الحيوية تعتبر عموما آمنة فقد ارتبطت بسلسلة واسعة من الآثار الضارة العديدة والمتنوعة ويمكن أن تكون خطيرة جدا على حسب استخدام المضادات الحيوية والكائنات الميكروبية المستهدفة , كما يسبب المضاد الحيوي إخلال بالتوازن الطبيعي في تعداد البكتيريا المعوية وبناء على ما سبق ونظرا للمعاناة التي يتكبدها مصابي العدوى الميكروبية من الآثار التي يسببها الميكروبات والآثار الجانبية للعلاج فان هناك ضرورة ملحة لاكتشاف مضادات حيوية جديدة أكثر فاعلية وأكثر أمان والآثار الجانبية أقل . فقد بذل كل من الدكتور سمير يوسف عباس والدكتورة مروة أحمد شهاب الباحثان بالمركز القومي للبحوث جهودا عديدة لتطوير مركبات جديدة لها نشاط بيولوجي واسع كمضادات للبكتيريا والفطريات . استهدف الباحثان تشييد مركبات جديدة يكون الهيكل الأساسي لهذه المركبات عبارة عن مشتق طبيعي وهو حمض الهيبيوريك مع احتواء جميع هذه المركبات على مجموعة الثيويوريا لما لها من نشاط واسع كمضادات للبكتيريا والفطريات وعلاوة على ذلك احتواء المركبات المشيدة على مجموعات مثبت لها نشاط بيولوجي مثل مجموعة السلفوناميد . وبإجراء التقييم البيولوجي للمركبات المشيدة كمضادات لبعض أنواع البكتيريا موجبة وسالبة الجرام وبعض الفطريات فقد أعطت المركبات المشيدة نتائج فعالة تجاه الميكروبات المستخدمة ونتائج عالية ضعف المضادات الحيوية المستخدمة للمقارنة. مما يعنى أن هذا الاكتشاف ربما يعد نقلة نوعية في مجال المضادات الحيوية, ويمكن لهذه المركبات أن تجد تطبيقات ليس فقط في البلدان النامية فحسب بل أيضا في الدول الغربية حيث أصبحت العدوى الميكروبية مصدر قلق لجميع البشر.