د.شريف عبد العظيم يدرس مادة اسمها" الإنسانيات" في كلية الهندسة بجامعة القاهرة..وهو أيضا أستاذ في الجامعة الأمريكية..وتم ترشيحه وزيرا للتضامن الاجتماعي في حكومة الدكتور هشام قنديل لكنه اعتذر ..د.شريف هو مؤسس جمعية "رسالة" التي يراها أهم من كل الناصب الوزارية في مصر فما قصته؟! * كثيرون لا يعرفون من هو مؤسس أكبر كيان تطوعي في مصر.. فمن أنت؟ أنا أستاذ هندسة في الجامعة الأمريكية وفي هندسة القاهرة، واخترت أن أدرس مادة الإنسانيات في كلية الهندسة، لأن بها حرية نقاش أكثر ، وكنت أريد أن أدرس الأخلاقيات وهي تدرس أخلاقيات المهنة والالتزامات الأخلاقية في العمل. * وكيف بدأت حكاية" رسالة"؟ قصة "رسالة" بدأت من هندسة القاهرة، فكنت أتحدث مع الطلاب عن الصالح العام والتزامنا تجاه المجتمع وهذه المناقشات استفزتنا لنعمل حاجة، ولم أكن مخططا أي لشيء محدد ، ولكني كنت أقول إنه خارج مصر الناس مهتمة بالمجتمع أكثر من ذلك، وكنت في كندا لمدة 8 سنوات، ورأيت المسئولية تجاه المجتمع عالية عند الناس، ونحن هنا العكس تماما، فنحن لدينا المسئولية العائلية أكثر فقط، ولكن لو لدينا مشكلة في المجتمع لا نحلها بشكل جماعي، فالناس في مصر تسير على مبدأ أخدم عائلتي وأي حاجة خارج العائلة الحكومة هي المسئولة عنها، ففيه حاجة غلط في تصورنا للحياة، وبالخارج ليس لديهم هذا التفكير، فالالتزام المجتمعي عندهم عال، والناس يشعرون بأنهم يعيشون في بلدهم، وجزء من المشكلة هي الديمقراطية، فالناس هنا لا يشعرون بأنهم في بلدهم سواء كنا أو مازلنا نشعر بذلك، وكانت نتيجة مناقشاتي مع الطلاب أننا نريد أن نقدم شيئا للمجتمع، وفكرنا في عمل نشاط طلابي في الكلية، لننشر المعاني الإيجابية والحرص على الآخرين وكان ذلك سنة 1999، فأنشأنا أسرة في الكلية اسمها "رسالة" لأننا لدينا رسالة بألا نكون سلبيين، وعملنا حملة تجميل وحملات عديدة في الكلية، فوجدت أن قريبا لطالبة يعرض أرض لعمل حاجة مفيدة وأشهرنا جمعية بنفس الاسم سنة 2000، وبدأنا من هنا، وطيلة السنوات الماضية كنا حريصين على التطوع وخدمة المجتمع. * "الرجل اللي حارب عشان يعمل أكبر مشروع تطوعي رغما عن انف النظام الفاسد السابق" هذا الجملة كتبها أحد أعضاء جروب خاص برسالة.. فماذا عن هذا الكلام؟ بالفعل النظام كان يضع عينيه علينا، وكانوا مستغربين من أن المشروع يكبر وفيه شباب، فهم كانوا يخشون أي حاجة فيها شباب، فأغلقوا لنا الأسر في الجامعات، وأمن الدولة هو الذي قام بذلك، وحتى في هندسة القاهرة، وفي عملنا كانوا يعطلون لنا أشياء عديدة، ومنعوني من أن أكون في مجلس إدارة الجمعية على الرغم من أني مؤسسها، فأعضاء مجلس إدارة أي جمعية يجب أن يحصل على موافقة الأمن، وكنت أعود بالواسطة، وحتى كورس الأخلاقيات الذي كنت أقدمه في هندسة القاهرة منعوني منه وعدت أيضا بالواسطة، سواء عن طريق وساطة وزير ما أو حد كبير في البلد، على الرغم من أننا لا نتحدث في السياسة ولكن كانت الجريمة أن هذه الجمعية كبيرة وفيها شباب، وكنا حريصين على عدم مضايقة النظام أو التحدث في السياسة أو الدين حتى تسير الأمور، ومع ذلك كنا مثار قلق، فكانت هناك سخافات عديدة طوال السنوات الماضية، وما ساعدنا على تجاوز هذه السخافات أننا ليس لنا علاقة بالسياسة أو الأحزاب أو المعارضة، ولكن هذه السخافات كانت من الممكن أن تتسبب في إغلاق الجمعية. * وهل تحدثت معهم من قبل؟ مرة طلبوني في أمن الدولة عندما رفضوا اسمي ومرة طلبت أقابلهم بواسطة، وكنت أوسط وزيرة الشئون الاجتماعية أمينة الجندي أو شخصا من لجنة السياسات فالبلد كانت بايظة، وأنا ليس لي علاقة بلجنة السياسات ولكني كنت أوسط أي أحد لكي آخذ حقي فكانوا ينظرون بارتياب لنا، ولم يقضوا علينا لأننا ليس لنا علاقة بالسياسة. * ولكن ألم تشغلكم السياسة طيلة هذه السنوات؟ خالص ولم نفكر فيها حتى بعد الثورة، فقبل الثورة كان مستحيلا لأن ذلك كان من الممكن أن يقضي علينا ، وبعد الثورة ممكن نعمل توعية سياسية واجتماعية ولكن لا نمارس السياسة بمعني المنافسة السياسية والانتخابات وكل هذا الكلام فتخصصنا العمل الخيري التطوعي الأهلي فقط بكل أنواع الخير. * وما الذي تهدف إليه رسالة الآن؟ حلمنا نشر التطوع في مصر لأنه مفقود بشكل كبير، فنسبة التطوع لدينا لا تصل إلي 2%، ولكن في أمريكا تصل إلي 50%، وفي السويد 70%، فإحساسنا في المجتمع ضعيف جدا فنريد أن نصلح ذلك ومازال المشوار طويلا جدا، ونحن بدأنا ونسير في هذا الطريق وأملنا أن الأجيال التي تأتي بعدنا تصل إلي ذلك * سمعنا عن ترشيحك لأكثر من منصب وزاري وطرح اسمك كرئيس للوزراء.. فما صحة ذلك؟ طرح اسمي كرئيس وزراء كانت إشاعة، ولكن تم ترشيحي لمنصب وزير مرتين في عهد عصام شرف ورشحني لوزارة الشباب، وفي عهد الدكتور هشام قنديل مؤسسة الرئاسة كلمتني لتولى وزارة التضامن ولكني اعتذرت في الحالتين. * ولماذا الاعتذار على الرغم من أنك ناجح في إدارة "رسالة"؟ لأني أري أن "رسالة" أهم لمصر من أي حاجة في الدنيا، وقلت لهم أن هناك وزارة واحدة لن أرفضها وهي وزارة التعليم ، فرسالة تأخذ وقتا طويلا بجانب عملي في الجامعة، وأفضل دوري في رسالة، كما أني ليس لدي أي طموح سياسي ، ولو تحدثنا عن مصلحة البلد فما نقوم به من خلال رسالة لمصلحة البلد وأفيد بكثير لمصر من أي دور وزاري، وآخرون قد يكونون أكفأ مني ، وربنا اختارني في هذا العمل. * وما هي حكاية حملة "كيف تصبح مصر دولة عظيمة" التي تقوم بها؟ بلورت كل المعاني التي كنت أدرسها في مادة الإنسانيات وكل ما كنت أتحدث فيه مع الطلاب منذ عام 1999 في صورة دورة أو حملة، وهي عبارة عن محاضرات يحضرها الكثير من الشباب، وأتحدث فيها عن كيفية الوصول بمصر لأن تكون دولة عظيمة عن طريق الديمقراطية والثورة الاجتماعية، فمصر ستكون دولة عظيمة لو أصبحت ديمقراطية، وخصوصا أني عشت بالخارج ودرست الديمقراطية ، وتتلمذت وفهمتها جيدا، وفهمت المسئولية الاجتماعية أيضا وكل ذلك درسته وأنا في كندا وكنت أسأل نفسي لماذا مصر ليست بهذا الشكل ولماذا لا تكون دولة عظيمة، وبعد الثورة فكرت في أن مصر ممكن تكون دولة عظيمة من خلال المزيد من الديمقراطية والإصرار عليها، ولكن الديمقراطية لا تكفي، فيجب أن نصلح علاقات الناس ببعض، فالناس لازم تكون حريصة على بعض ويكون فيه التزام تجاه المجتمع. * وهل استطعنا أن نصل إلي هذا الطريق؟ نحن نسير في الطريق، ولكن مازال المشوار طويلا جدا، والمسيرة الأخرى هي الإصلاح الاجتماعي ويجب أن نسير فيها، فالبلد مليئة بالبلطجة والعنف، ولا يمكن أن تصبح مصر دولة عظيمة بهذا الشكل. * هناك من يقول إن وجود التيارات الإسلامية على الساحة السياسية يعوق مسيرة الديمقراطية فهل هذا صحيح؟ بالتأكيد التيارات الإسلامية لديها عدم فهم للديمقراطية، ولكن نفس الشيء بالنسبة للتيارات الليبرالية، وقليل جدا من الناس في مصر من يبحث عن الديمقراطية لذاتها ، وليس من أجل الوصول للسلطة، فكل طرف يريد الديمقراطية لكي يكسب هو، وكل التيارات في مصر مازالت لا تفهم الديمقراطية ولن تنجح الديمقراطية في ظل الروح السائدة. * شعار الحملة هو "الثورة الاجتماعية" فكيف نحققها؟ هذا يحتاج إلي التعليم، فالبلد تحتاج إلي إصلاح تعليمي من هذا المنظور، فالطالب يجب ألا يفكر فقط كيف يصل للمركز الأول، ولكن يجب أن يكون لديه معان مجتمعية ، ويجب أن يكون هناك إعادة صياغة. * بما أنك أستاذ هندسة.. فالحكومة برئيسها 40% منها هندسة بجانب رئيس الجمهورية.. فما هي حكاية الهندسة مع الإدارة ولأي مدي أستاذ الهندسة ينجح في ذلك؟ أنا أري أن سابق الخبرة في الجهاز الإداري الحكومي عامل مهم في النجاح، فلو لم تكن هناك خبرة ستكون الأمور أصعب، والهندسة في حد ذاتها مهمة، فالعقلية الهندسية مفيدة والهندسة تعلم الترتيب الذهني، وأن يكون الإنسان منطقيا في الأشياء والقرارات، فالهندسة إضافة طبعا والخبرة في المجال الحكومي أهم والدكتور هشام قنديل عنده هذه الخبرة، والدكتور مرسي ليس عنده ولكن من عنده هذه الخبرة، فالنظام السابق احتكر كل شيء ويجب أن يبدأ أي شخص من البداية وهذا ما يحدث الآن.