هو مهندس اتصالات يعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات منذ 22 سنة، عمل في كبرى الشركات في هذا المجال، ويعمل منذ 4 سنوات وحتى الآن كمدير إقليمي في مصر وشمال أفريقيا لشركة جوجل التي تعد أضخم الشركات التي تحدد ملامح الإنترنت في العالم، كلامنا عن المهندس وائل الفخراني الذي تحدثنا معه عن واقع ومستقبل الاستثمار الإلكتروني في مصر والشرق الأوسط وعن كبرى مشاريع شركة جوجل في المنطقة من خلال الحوار التالي.. كيف تنظر جوجل لمنطقة الشرق الأوسط بشكل عام ومصر بشكل خاص كسوق للإنترنت؟ بدأنا النظر بعمق منذ خمس سنوات لمنطقة الشرق الأوسط، لأنها كمنطقة بها عدد كبير جدا من السكان وجزء كبير منها كان وقتها غير موصل بالإنترنت، فبدأنا بفريق المهندسين العرب من مصر والأردن وكافة الدول العربية لكي نطور منتجاتنا للغة العربية وتوفير احتياجات المستخدم العربي فيها، ولذلك فالنظر إلى المنطقة كان نظر استثماري، ونحن كعرب داخل جوجل مهتمين جدا بأننا نطور الإنترنت قبل أن نجني الفلوس والأرباح التي نعلم أنها سوف تأتي ولكن بعد أن نقدم خدمة حقيقية للناس بتطوير البنية التحتية للإنترنت، وجوجل شركة غير تقليدية في هذا الموضوع فنحن لسنا مكتب مبيعات يأتي لأخذ فلوس المعلنين لوضعها على الإنترنت، ولكننا مكتب لتطوير الإنترنت في المنطقة، وفي النهاية نحن لا نملك الإنترنت بينما نمثل جزء صغير منه، فالإنترنت من الممكن أن تطور حياة البني آدم، ومئات الملايين من المستخدمين العرب يستطيعون تطوير حياتهم اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا من خلال الإنترنت، فمن قبل كان الإنترنت من الجيد أن تملك استخدامه، ولكن الآن أصبح من الضرورة أن يتم استخدامه، وقد رأينا في الأيام الأولى من الثورة كيف تعطلت المصالح وشركات التأمين والطيران وغيرها، فالإنترنت أصبح جزء أساسي في حياتنا حتى في أجازاتنا، وهذا مفيد جدا للمنطقة. كثير من الشباب ينظرون لجوجل كمثل للكسب من الإنترنت فكيف لا تنتظر جوجل إلى المبيعات؟ الإنترنت لا يعمل بهذه الطريقة، فجوجل تصنع العديد من الأموال ولديها أرباح هائلة، ولكن نحن نهتم في الدرجة الأولى بالمستخدم وتأتي الفلوس في الدرجة الثانية، فعادة حينما تصنع عملا مفيدا للناس فسوف تجد أنك تكسب أرباحا نظير ذلك، ولهذا دائما ما أنصح الشباب العاملين في التكنولوجيا ألا يفكروا في الفلوس في الوقت الحالي، بينما يفكروا كيف يكون لديهم 14 مليون مستخدم يوميا، فإذا أصبح لديك عملا به هذا الكم من المستخدمين وهذا ليس سهلا فقصة أنك تصنع منه الفلوس سوف تحل نفسها، فحينما تذهب لمعلن وتقول له أن هناك مكان ما يزوره 14 مليون شخص يوميا فبدون تفكير سوف يضع أمواله معك، وأي أحد يعمل في التكنولوجيا وهمه الوحيد هو أن يصنع أموالا فسوف يجنيها ولكن لن يجني الأموال التي يحلم بها، فالإنترنت قاعدة ل 2,3 مليار بني آدم، فإذا أستخدم 200 مليون منهم تطبيق معين على الإنترنت لابد من أن يأتي المال، ولكن من المهم أن تصنع شئ مفيد للناس حيث أن الإنترنت هدفه الأساسي هو مساعدة الآخرين بالمعلومات، فاليوم إذا صنعت معلومة أفادت 10 أشخاص سأكون سعيدا، وإذا أفادت 10 مليون شخص سأكون سعيدا وفي نفس الوقت من الأثرياء. ما هي المهمة الأساسية لجوجل التي تعمل عليها منذ بدايتها وحتى الآن؟ نحن لدينا مهمة واحدة فقط وهي تنظيم المعلومات في العالم، فالعالم ملئ بالمعلومات منها معلومات مكتوبة وأخرى مسموعة وأخرى مرئية وأخرى في أذهاننا، والبشر عموما حياتهم تكون أكثر تطورا وحياتهم تختلف تماما إذا أصبحت لديهم المعلومة، ونحن راهنا على أن بانتشار الإنترنت الرهيب أن يكون هناك كم هائل من المعلومات الذي سوف يحتاج إلى تنظيم، ومن هنا تأتي مهمة جوجل التي تأسست عام 98 لتنظيم هذه المعلومات، فمؤسسي جوجل حاصلين على دكتوراه في الرياضيات وكانا يرون هذا المستقبل منذ عام 97، فجزء من عملية تنظيم المعلومات محرك البحث وجزء آخر لتنظيم الفيديوهات من خلال اليوتيوب والمدونات وغيرها الكثير، ونحن مازلنا لم ننفذ جزء كبير من هذه المهمة وذلك لأن هناك كم هائل من المعلومات غير موجود على الإنترنت، وبما أن المعلومات ليست حكرا على أحد أردنا أن نجعلها متاحة إلى كل الناس بكل اللغات على كل الأجهزة بشكل مجاني. ولماذا قررت جوجل أن تطرح مسابقة "أبدأ"؟ قمنا عام 2009 بإمضاء اتفاقية مع الحكومة المصرية ممثلة في وزارة الاتصالات بعدما رأت أن الإنترنت هو أكبر موزع في العالم وأن مصر لديها الكثير من الأشياء التي تريد أن تصدرها للعالم من خدمات سياحية وخدمات طيران مدني والآثار والاستثمار، فكانت الاتفاقية أنهم يصرفوا 10 مليون دولار لتسويق مصر على الإنترنت في العالم كله من خلال جوجل، وأننا سوف نعيد استثمار 2 ونصف مليون دولار في بعض المجالات وتركناها مفتوحة لمشاريع التدريب ومسابقات خطط العمل وشراء الشركات، ووجدنا في عام 2011 مع الثورة وروح الشباب التي كانت موجودة أنه أحسن استثمار أن نشجع هؤلاء الشباب للبدء بشركاتهم الصغيرة يحققون من خلالها أحلام كبيرة وفرص حقيقية لبدء حياتهم، والشكل الذي خرجت عليه مسابقة "أبدأ" لم يخرج به من قبل أي مسابقة في العالم، برغم أن ما تم صرفه على جائزة مسابقة "أبدأ" التي فاز بها فريق "بيقولك" وهي مبلغ مليون و 200 ألف جنيه ما هو إلا 10% فقط من المبلغ الكلي الذي تم تخصيصه لمثل هذه الأنشطة، ولم يكن هدفنا من البداية أن يفوز أحد الفرق بهذا المبلغ بقدر أننا نستفز 4000 شخص أن يبدءوا حياتهم بنا أو من غيرنا. على أي أساس تم وضع مواصفات التحكيم للوصول إلى الفريق الفائز؟ لكي تخرج جوجل من موضوع التحكيم قمنا بتوكيل منظمة غير حكومية وهي جمعية "عصر العلم" وهي جمعية غير هادفة للربح، لتكون هي مديرة التحكيم للمسابقة، وخلال 9 شهور هي مدة المسابقة لم يكن لنا الحق في التقييم أو التأثير على رأي المحكمين، ووضعنا مجموعة من القواعد التي لها علاقة بالتكنولوجيا والتأثير الاقتصادي وعدد المستخدمين ونوع التطبيق ولكن لم نلزم لجنة التحكيم بهذه القواعد، فنحن قابلنا 12100 شاب وفتاة من جميع المحافظات منهم 4000 آلاف شاب وفتاة تقدموا للمسابقة، قامت لجنة التحكيم بتصفيتهم في المرحلة الأولى إلى 200 متسابق حصلوا على تدريب وتم تصفيتهم في المرحلة الثانية إلى 50 متسابق حصلوا على توجيه لمدة شهرين وقمنا بعمل معرض لمنتجاتهم، حتى فاز فريق "بيقولك" وبالتالي حتى من خسر في المسابقة ففاز خبرة كبيرة وتدريب عملي على التسويق وتدريب مالي . ما الرسالة التي أردتم توصيلها للشباب من خلال "أبدأ"؟ أن الإنترنت مهم وتستطيع من خلاله أن تكسب لقمة عيش جيدة وتفيد به مجتمعك، وتستطيع من خلاله أن تجري عملك دون أن يكون من الضرورة أن تصبح موظفا، فيوجد شريحة من الشباب لديها تحدي كبير للوضع الموجود في مصر، ولا تريد أن تقف عند الوظيفة، فالحقيقة أن هذه البلد حقها أن تكون في مكانة أكبر من التي عليها بكثير، فنحن لدينا حضارة كبيرة وشباب لديه أفكار ممتازة، فلماذا ليست لدينا شركات بمئات الملايين من الدولارات، وشركات تصدر خدمات، ولذلك فأملنا أن نبدأ أو مرحلة بمبلغ ال 2 ونصف مليون دولار لبناء منصة للشباب بأن يبدءوا شركاتهم في منظومة ريادة الأعمال، فالاقتصاد الأمريكي 14 ترليون دولار و 20% منه شركات مثل "بيقولك" رفضوا أن يكونوا موظفين وقرروا المغامرة برأس المال، ولذلك أردنا أن يجري آلاف الشباب التجربة مرة وأكثر حتى يصلوا لتحويل أحلامهم إلى شركات. ما هي إسهامات جوجل في مساعدة الشركات المصرية الصغيرة التي تعمل في مجال التكنولوجيا؟ كل ثلاثة شهور نجلس مع هؤلاء الشباب لنطرح عليهم نصائحنا بالأدوات الجديدة رؤيتنا لطبيعة كل ما هو جديد في مجال التكنولوجيا، ونعطي لهم خبراتنا في كيفية النجاح وتصوراتنا لشكل المستقبل، فإذا كان هدفهم أن يكون لديهم 12 مليون مستخدم وحققوا 50% فقط من النجاح سيكون لديهم 6 مليون مستخدم وهذا رقم رهيب، وفي النهاية كلما يزيد عدد هذه النوعية من الشركات جوجل سوف تستفاد لأنهم يدفعون قطاع جديد للدخول على الإنترنت، لأنه من خلال تطبيقاتهم سوف يجد المستخدم فيديو على اليوتيوب فيلعبه أو سيريد البحث عن معلومة فسوف يدخل إلى محرك البحث وهكذا. وكيف ترى مستقبل ثقافة التعامل مع المنتج المصري الذي تنتجه مثل تلك الشركات؟ المستقبل مبهر، وأنا متفائل جدا خصوصا وأن من يقفون وراء هذه الحركة التكنولوجية شباب صغير لأنهم لا يخافون من أي شئ فهم يثقون في النجاح بنسبة 100% دون النظر لأي عقبات تقف أمام طريقهم، خصوصا أن التعلم يأتي من عدد المرات التي يفشل فيها الإنسان، وهذا ليس مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي، فكل الناس التي نجحت وقعت من قبل في حياتها مئات المرات، وأنا أول مرة أعلن عن تفاءلي بالمستقبل حيث أن هناك اهتمام شديد من الشركات العالمية بالسوق المصري فالعديد من المستثمرين الذين يتصلون بنا ويرغبون في أن يضخوا استثمارات بمئات الملايين من الدولارات في السوق المصري ولكنهم ينتظرون استقرار الأوضاع، فلا يوجد أحد يترك سوق به 90 مليون مستخدم على الإطلاق. هل يوجد فرص للشباب المبتدئ ممن يريدون الكسب من خلال الإنترنت؟ بالتأكيد هناك فرصة، فيمكن لأي شخص أن يبدأ بالبحث على جوجل بسؤال "كيف أربح المال من على الإنترنت؟" ولكن ما أريد أن أقوله أن من لديه المثابرة والمجهود سوف يصلون لما يردونه، فهذه المنظومة بها الكثير ممن يلعبون بها، فيوجد معلنين وشركات دعاية وإعلان وناشرين كبار ومبتكرين ومتخصصين في الفيديو ومتخصصين محركات بحث ومسوقون ومدونون، باختصار هذه المنظومة بحر كبير من العلم، ونحن مازلنا نتعلم، وبالتالي لابد من التخصص لأننا في حاجة إلى متخصصين على مستوى عالمي، لأن من الممكن أن يكون المستخدم من المكسيك وبالتالي سيكون مضطلع على منتجات المنافسين، فنحن نريد صنايعية سوفت وير على مستوى عال. كيف يتم ذلك بحال التعليم الذي نحن عليه الآن؟ يوجد طريقتين للتعامل مع هذه الأزمة، إما أن ننتظر أن ينصلح حال التعليم ونبقى على ما نحن عليه، وإما أن نتعلم بالوضع الحالي ونعلم أنفسنا بأنفسنا وهو ما قرره الكثيرون، واليوم العائق الوحيد لتعلم أي شئ هو كيفية استخدام الإنسان لوقته، فإذا قام كل شاب بالتركيز في أن يتعلم من غرفته اللغة اليابانية سوف يتعلمها وكأنه يعيش في اليابان بسبب الإنترنت، الموضوع فقط يحتاج إلى مثابرة واستخدام جيد للوقت. هل ترى أن ثقافة المجتمع تجاه الانترنت تغيرت بشكل عام بعد الثورة؟ بالطبع، فقبل الثورة تحديدا كان أولياء الأمور يقولون لأولادهم أترك الانترنت وأجلس لمذاكرة دروسك، ولكن اليوم الأبناء كسبوا احترام أهاليهم، فإذا قالوا لهم اليوم اتركوا الانترنت فسيردون عليهم أتركوا أنتم أعمالكم وافعلوا في البلد مثلما فعلنا، فالشباب الصغير غيروا البلد بالانترنت، وبالتالي المجتمع كله تغير تفكيره نحو الانترنت، بل وأصبح هناك الفرصة لأن يحقق الشباب أنفسهم من خلاله. كيف تعاملت جوجل مع وائل غنيم في الأيام الأولى للثورة بصفته موظفا فيها؟ وائل كان من ضمن الفريق الذي يعمل معي، ولكن في هذا التوقيت كان يعمل في مكتب دبي، وما كنت أعرفه أن وائل خارج جوجل كان يعمل في أشياء لا أعرف عنها شئ، مثل كلنا خالد سعيد وغيرها، فهو زميل لديه طاقة جيدة وأخلاق عالية جدا، وبالطبع فوجئنا بما حدث وبالطبع كلنا وقفنا بجانبه وقت اعتقاله حتى خرج بالسلامة، ولكن ما أريد أن أقوله هنا أن من المفروض أن تقف المؤسسة التي يعمل بها الإنسان بجواره في وقت الشدائد، وأن يكون هناك الحق في تداول المعلومات وحرية الرأي والتعبير أيا كان والشفافية، فبالطبع وائل تعرض لموقف في منتهى الخطورة وتعامل مع الموقف بمنتهى الشجاعة حيث أن المسألة دائما ما تقاس بنبل الهدف.