عزيزي القارئ! إنه لأمر غريب أن أتواصل معك باللغة العربية... أتساءل: هل كان لي وحدي، بلغة عمر الخيام وعبد الله الرودكي، دون عون من مترجم، أن ألقي التحية وأقول »شكرًا». لكني فعلت من خلال مترجمي. شكرًا لك، عزيزي أحمد صلاح الدين، لأن بإمكاني الآن، من خلال صوتك، أن أقول الكثير باللغة العربية. من الصعب أن أنسي توجيه الشكر والتقدير لمعهد موسكو للترجمة والمركز القومي للترجمة في القاهرة، فبدون دعم مادي وتنظيمي، لم يكن للقائي بالقارئ العربي أن يحدث، شكرًا لكم! أتمني أن توفقوا دائمًا في تقديم كتاب مميزين وترجمات رائعة. إن الحكم علي القيمة الفنية لهذا العمل أمر يرجع للقارئ. لكني أثق في شيء واحد: بالتأكيد سيعثر أي معاصر من العالم العربي هنا علي صدي لأفكاره ومشاعره. إلي أي مدي تؤثر البيئة المحيطة، التي ننشأ فيها، في تشكيل هويتنا الشخصية؟! إن قراراتنا ومصائرنا هي طرح المجتمع الذي نحن فيه، كيف يمكن أن نصون المشاعر التي نسميها »الوطن»، حال اجتياح آلة الدولة الجهنمية العمياء سكينة المهد، حاضن الثقافة، بوحشية. أشعر بسعادة للقائك، أيها القارئ العزيز. ولا يسعني سوي قول إن تجاوز حاجز اللغة الأم أمر عظيم الأهمية بالنسبة لأي كاتب يمنحه أجنحة تحلق به خارج حدود هذه اللغة. في هذا شيء طفولي إلي حد ما – كأن تطلق سراح طفل، وتتركه دون رقابة. كما أن هناك الكثير مما هو راشد جدًا - مفعم بعزيمة تقتطع بطريقتها ذلك الفضاء، الذي قضي علينا أن نولد ونعيش في رحابه. ومهما بلغت مهابة التقاليد وعظمتها، حيث تمنحنا الدعم في المرحلة الأولية للفراغ الإنساني »هنا والآن» – فلا شيء يفوق أهمية الاندماج الذي يتجاوز الحواجز والحدود. ما من وسيلة نجاة أكثر من التوحد القائم علي المجريات وتصاريف الأمور التي تبدو عابرة وغير ذات شأن، مثل خفقة جناحي فراشة– علي مقدرة الإنسان أن يتعاطف مع آخر، يفكر، ويحب، ويكابد في واقع مغاير بلغة أخري. نهاية، مهما قمنا بمحاولات مضنية للتجذر والاستقرار سنبقي جميعًا غرباء زائرين في هذا الفندق غريب البناء، الذي يبدو سيده جافًّا في أغلب الأحيان، لكن هناك احتمالا في لقاء أرواح الرفاق، التي يحملها ريح مجنون. دينيس جوتسكو، يناير 2019