الجودة تعني أن تؤديها علي وجهها الصحيح حين لا يراقبك أو يراك أحد... مقولة لهنري فورد مضي عليها أكثر من خمسين عاماً ومازالت سليمة. والأمر ليس بخافٍ أن من يدخل في دائرة الجودة يعلم أكثر من غيره أن الرضاء الكامل للعميل هو محور تطور أداء المنتج والعنصر الحاكم في نجاح أي منشأة. وواقع الأمر أن أي سوق ذا فكر تقدمي يضع توقعات العميل من المنتج نصب أعينه علي الدوام باعتباره السقف العلوي للتوقع منه ليبني استراتيجيته للمدي القريب والمتوسط والبعيد ليستثمر دون تحفظ في مجال البحوث والتطوير تحقيقاً لهذه الغاية. ونحن في عصر التقنيات الهائلة والتطور العلمي المتسارع لم يعد إنتاج سلعة ما غاية في حد ذاته فقد أصبح العميل وما يحكم مزاجه وأنماطه الشرائية وتطلعاته الشخصية المحرك الأساسي لجهود وتوجهات أية مؤسسة إنتاجية. وإذا دخلنا في منطقة التعامل مع العميل وهو محور منظومة الجودة فإن ذلك قد يكون مدخلاً لوضع سياسة للحفاظ علي توجه المؤسسة نحو الاستمرارية ومواكبة ركب التطور المستمر، فنري اهتماماً بجودة إدارة ملف الشكاوي من قبل الإدارة العليا للمؤسسة بدءاً من الاهتمام بجودة تلقي مكالمة تليفونية - الاهتمام برصد الأخطاء واتخاذ الحلول التصحيحية لها وكذا الإجراءات المانعة لتكرار نفس الخطأ - الاهتمام بطرق قياس ورصد درجات رضاء العميل علي مختلف مناطق السوق علي اتساعها. ولا شك أن الإرضاء الكامل للعميل يمثل الحد الأدني من حقوق المستهلك من ناحية والخط الطموح من الشركات الرائدة الساعية للاستحواذ علي درجة من الريادة وهو ما يتماشي مع المستقر في الأعراف والسلوكيات التسويقية الدولية. ولعلنا نذكر ما أتت به وسائل الإعلام العالمية منذ سنوات من سحب شركة فورد لأكثر من 450 ألف سيارة من الأسواق لإجراء تعديلات عليها رأتها الشركة ضرورية لتبرئة ذمة الشركة من قصور اكتشفته بعد البيع واقتضاء الثمن ولم تجد في ذلك غضاضة تمس سمعتها،إذ إن إصلاح خطأ ما وإن كان طفيفاً رغم تكلفة ذلك الباهظة بمقياس المال لا يقاس بالخسارة الناجمة بمقياس السمعة والرضاء الكامل للعميل الذي قد يتحول لسلعة منافسة أخري. كما نذكر ما قام به جهاز حماية المستهلك في ألمانيا لأول مرة منذ تاريخ إنشاء السكك الحديدية التي يزيد عمرها علي 150عاماً بتطبيق نظام يلزم هيئة السكة الحديد الألمانية العريقة والأفضل سمعة عالمياً بأن ترد للراكب جزءاً من ثمن التذكرة يتصاعد تدريجياً مع زيادة فترة التأخير عن الموعد المحدد للوصول بدءاً من 5 دقائق تأخيراً إلي أن ترد قيمة التذكرة بالكامل إذا وصل التأخير إلي ساعة أو أكثر. أيضاً التفاوض بين جهاز حماية المستهلك الألماني وشركة لوفتهانزا كإحدي شركات الطيران العاملة في سماء ألمانيا لإلزامها بغرامات تأخير عن الرحلات الداخلية تتصاعد لحد أقصي إلي 600 يورو عن التذكرة بغض النظر عن قيمتها وهو الأمر الذي يعلي من شأن وقت الراكب وقيمته ويلزم شركات الطيران بمستوي أعلي من الانضباط. وهناك صناعة السيارات وما تطلقه من طرازات جديدة تراعي فيها التصميمات المختلفة لرفع الكفاءة وخفض استهلاك الوقود ورفع معدلات الرفاهية،كما تولي اهتماماً خاصاً بشكل عجلة القيادة وعصا تغيير السرعة وذلك لأنها الجزء من السيارة التي يتعامل معه قائدها من منطلق التفاهم والتلامس المباشر،علي الجانب الآخر فإن تلك الشركات الناهضة في صناعة السيارات تحرص علي أن تطلق منتجاً جديداً كل دورة دون انتظار لتحافظ علي استمرار الإقبال علي منتجاتها والتي تطبقها في دورات متعاقبة تتفوق فيها علي نفسها قبل أن تكون منتجاتها السابقة قد تخلي عنها عرض تفوقها وهي تؤدي بذلك سلوكاً قيادياً يأخذ بالمبادأة"Leading Attitude"وهي صورة من صور حسن استثمار النجاح والوصول إلي الرضاء الكامل للعميل. • رئيس مجلس الأعمال المصري الألماني