هل المصري عصيّ علي الانضباط؟ هل يكره المصري بفطرته النظام، ويعشق العشوائية والهرجلة؟ هل هناك عداء بيننا كمصريين، وبين النظافة؟ هل فكرة القانون، أي قانون، ونسعي دائما إلي التحايل عليه، واكتشاف أية ثغرة تفرغه من مضمونه؟ لا أنتظر الاجابة، ربما أعرفها وتعرفها سلفا، ولكن بداية أي انسان، سواء في مصر أو في أية دولة أوروبية مثلا إذا لم يجد سيف القانون فوق رقبته فقد يتصرف بنفس التصرفات التي نراها في بعض المجالات في مصر.. وبقدر تطبيق القانون علي الجميع سواسية بقدر نجاح المنظومة، أيا كانت. منذ أن جاء م. كامل الوزير وزيرا للنقل، وهو يسعي بالدرجة الأولي إلي بث روح الضبط والربط بين الجميع سواء القائمون علي خدمة السكة الحديد أو مستخدمو الخدمة.. هذا الأمر ربما لا يحتاج بالدرجة الأولي إلي ميزانية جديدة، هو فقط يحتاج إلي تفعيل أدوات الرقابة، وانفاد القانون علي المخالفين، وهو في العادة كان قانونا معطلا علي الرف.. يحاول الوزير أن يقضي علي مظاهر السلبية التي استشرت، وتفاقمت في المرفق وبعد أن كانت سكك حديد مصر في طليعة السكك علي مستوي العالم في المظهر والجوهر، أصبحت خبرا يتصدر نشرات وكالات الأنباء من آن إلي آخر بسبب وقوع حادث مأساوي.. لأول مرة منذ أن جاء »الوزير» أصبحت محطات المترو »براقة» وعمال النظافة يعملون بهمة بدلا من الاختفاء هنا أو هناك، لأول مرة تتم محاصرة ظاهرة التزويغ المتأصلة في أكثر من 40٪ ممن يستخدمون القطارات أو المترو، وكأنه مال مستباح. لو دققنا في كارثة محطة مصر الأخيرة، سنكتشف أن عدم الانضباط والتسيب والاستهتار كانت السبب الرئيسي في سقوط هذا العدد من الضحايا.. القطارات الجديدة سوف تدخل الخدمة تباعا مع نهاية هذا العام، ولكن الأهم من القطار الجديد.. التفعيل الصارم للقانون.. وإذا تحقق هذا فسوف يكون م. كامل الوزير هو الاستثناء من كل وزراء النقل خلال العقود الخمسة الأخيرة. قد يبدو أن ما يقوم به م. كامل سهلا، والحقيقة هي أنه اختار الملف الأصعب: البشر.. لانه من السهل بناء الحجر، أما اعادة بناء البشر فالأمر يحتاج بجد إلي معركة.