رحلة الإسراء والمعراج لم تكن رحلة تسرية وتسلية لقلب النبي صلي الله عليه وسلم من إيذاء المشركين فحسب بل كانت رحلة تربية وتهذيب لنا من خلال رؤي الرسول في رحلته التي تعد من معالم الإسلام الكبري لتكون تحذيراً من بعض السلوكيات الخاطئة وتبشيراً بركن من أركان الإسلام وهو الصلاة، فكيف وصف الرسول صلي الله عليه وسلم الواقع بكل ما فيه من آلام وارتكاب للمعاصي علي المستويين الفردي والاجتماعي ورسم لنا منهجاً للاصلاح والتغيير لمستقبل أرشد لإعادة تربية الاخلاق لتكون عونا لنا ليضحي مجتمع الاسلام مجتمعاً صلباً لا ينال من هيبته المصائب والمحن. عن الدروس المستفادة من رؤي الرسول صلي الله عليه وسلم في رحلة الاسراء يقول الشيخ دكتور محمد خلف أبو رحاب كبير أئمة بالاوقاف حول خلق الامانة: هناك أناس يكثرون من الاستدانة ويسارعون في تحملها غير أنهم يتباطأون في أدائها والرجل الصادق يحترم الأمانة تحملاً وأداء وهؤلاء الذين يعجزون عن حفظها وردها إلي أهلها وصفتهم المرئية برجل يجمع حزمة من حطب عظيمة لا يستطيع حملها ثم هو يزيد عليها فسأل الرسول صلي الله عليه وسلم جبريل عليه السلام ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الرجل من أمتك تكون عنده أمانات الناس لا يقدر علي أدائها ويريد ان يتحمل عليها. ويضيف د. أبو رحاب الامانة لا تقتصر علي مجرد أداء الديون ورد الأموال الي اصحابها ولكنها معني شامل يتسع ليشمل التكاليف الشرعية وكذلك من الأمانات تولي الوظائف العامة وأداء متطلباتها والنهوض بأعبائها فينبغي علي من يتصدي للعمل العام أو الخاص أن يكون لديه المؤهلات والقدرات بما يمكنه من ذلك وإلا كان مضيعاً للأمانة. حق اجتماعي واقتصادي ويضيف د. أبو رحاب ومن المرئيات ما تبين آثار منع الزكاة المفروضة وهو جانب اجتماعي واقتصادي كبير وحق شريحة غير قليلة من المجتمع هي فئة الفقراء والمساكين والمعاويز الذين الجأتهم الحاجة إلي مد ايديهم وتمثلت مرئية مانعي الزكاة بحال قوم علي اقبالهم رقاع وعلي أدبارهم رقاع يسرحون كما تسرح الإبل والغنم ويأكلون الضريع »وهو اليابس من الشوك» والزقوم »وهو ثمر شجر مر» ويأكلون من حجارة جهنم المحماة فقال الرسول صلي الله عليه وسلم من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذي لا يؤدون صدقات أموالهم. وفي مجال خطورة الكلمة وردت مرئيات الاولي بحال خطباء الفتنة الذين يعظون الناس ولا يتعظون ووصفهم الله بأنهم لا يعقلون قال تعالي: »أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ» وروت المرئية أولئك بقوم تقرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من حديد كلما قرضت عاد كما كانت فقال الرسول صلي الله عليه وسلم من هؤلاء يا جبريل؟ فقال: هؤلاء خطباء الفتنة من أمتك يقولون مالا يفعلون فأداة الكلمة اللسان والشفتان وهما من نعم الله وبدونهما لا يستطيع الانسان ان يتكلم قال تعالي: »أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ» عطية ربانية ويضيف الكاتب الإسلامي دكتور عبدالله المصري ان من مشاهد رحلة الاسراء والمعراج العظيمة يعلمنا النبي صلي الله عليه وسلم كيفية الثبات علي الحق والتزام المبدأ يتضح ذلك من رؤية الرسول صلي الله عليه وسلم لماشطة فرعون حيث قال: لما كانت الليلة التي أسري بي أتت عليّ رائحة طيبة فقلت يا جبريل ما هذه الرائحة الطيبة قال رائحة ماشطة فرعون وأولادها فقلت ما شأنها؟ قال: بينما تمشط ابنة فرعون يوماً سقط المشط من يديها فقالت بسم الله فقالت الابنة أبي فرعون قالت لا ولكن ربي ورب أبيك قالت أأخبره بذلك فقالت نعم فأخبرته فدعاها فقال لها فرعون ألك رب غيري؟ قالت نعم ربي وربك الله فأمر ببقرة من نحاس فأحميت ثم أمر بها أن تلقي هي وأولادها فيها. فقالت له اني لي حاجة. قال وما حاجتك قالت أحب ان تجمع عظامي واولادي في ثوب واحد وتدفننا قال فرعون لك ذلك.. فأمر بأولادها فالقاهم واحدا واحداً الي ان انتهي الي صبي لها رضيع وكأنها تقاعست من أجله فنطق الرضيع قائلا يا أمه اقتحمي فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة فالثبات علي المبدأ منحة وعطية ربانية يمن الله بها علي من يشاء من عباده. ويؤكد د. عبدالله المصري أن النبي صلي الله عليه وسلم يرشدنا أيضاً الي الاستفادة من الخبرات السابقة وذلك من خلال استجابته صلي الله عليه وسلم لنبي الله موسي عليه السلام بالمراجعة في أمر الصلوات بعد أن اخبره كليم الله موسي عليه السلام بأنه جرب الناس قبله فأصبحت خمس صلوات في اليوم والليلة بدلا من خمسين صلاة.. فالصلاة أول ما يحاسب عليها العبد فجاءت فرضيتها من السماء.