لواء أ.ح. سيد غنيم »الأمن القومي»، مصطلح أصبح الأكثر شيوعاً بين المتخصصين والعامة، وهو مع مختلف تعريفاته يستهدف ضمان بقاء مجتمع يتمتع بالرفاهية والحرية والمقدرة علي التطور، والذي يتحقق بإجراءات تتسم بالابتكار والإبداع، أي تتسم بالعلم والتعلم والبحث والمعرفة والفهم والوعي والإدراك الكامل، وليس بالجهل والخوف والأخذ بالمسلمات. ما الذي حققه لنا الحديث المُكرر عن المؤامرات والمكائد الأوروأمريكية علينا؟ ماذا نتج عن خطاب الكراهية ضد الآخر والخوف ممن ومما نجهله؟ الإجابة »لا شيء». وصل بنا الحال أن هناك من يخيف الشباب من الشبكة العالمية (الإنترنت) ومن الوسائل التكنولوجية التي تتواصل بها كالكمبيوتر والآيباد، والتي تعتبر أيقونة التطور في العالم كما أنها تساعد علي المزيد من التطور في شتي المجالات. كما وصف البعض جهاز التليفون المحمول أنه أخطر أسلحة الجيل الرابع التي تهدم الشعوب، حيث أن البرامج والتطبيقات الموجودة بتلك الأجهزة تحمل أسلحة الجيل الرابع الفتاكة. دعك من أن أهم الدول التي اخترعت أجهزة الهواتف المحمولة مثل كوريا وفنلندا واليابان والصين ليس لها شأن بأجيال الحروب ولا بالتآمر علي بلادنا، وناهيك أن الأكثر نصحاً لشبابنا يصعب علي معظمهم التعامل مع الهواتف الذكية التي في أيديهم والتي بها شاشات متطورة باللمس (التتش)، في الوقت الذي نري فيه الشباب متلقي النصح يعيشون حياتهم (أونلاين).. الظريف أن هؤلاء الشباب الذين نعاملهم كأطفال لا يعلمون شيئاً ونخيفهم من كل شيء حتي من الهواتف الذكية وتطبيقاتها التي أصبحت حالياً بالآلاف، هم أنفسهم من يشرحون لهؤلاء الناصحين كيف يشغلون التطبيقات علي هواتفهم، فعلي أي أساس تنصحونهم؟. أتمني أن أسمع من خبرائنا وعلمائنا ومثقفينا علي كافة وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي خطاباً جديداً يحث الشباب علي العلم والمعرفة والبحث وحب التعلم، يحثهم علي الجرأة نحو الابتكار والإبداع، خطاب يتحدث عن مزايا الآخر وكيف أصبح الأفضل والأقوي بدلاً من خطاب يحث علي كراهيته والخوف منه. يتحدث مثلاً عن بيئات وأسباب التفوق الأمريكي والروسي والأوروبي والآسيوي، عن رؤاهم وأساليب وآليات وأدوات تخطيطهم الاستراتيجي في كافة المجالات لتحقيق أهدافهم التي تعمل علي ضمان بقاء دولهم، عن كيف بالعلم نجحوا في صناعة الصاروخ وتفتيت الذرة، وكيف صعدوا إلي الفضاء وهبطوا لقاع المحيطات وتوصلوا لأعمق طبقات الأرض. أتمني أن أسمع خطاباً جديداً عن كيف يصنع الآن شبابهم وطلاب مدارسهم وجامعاتهم السيارة والطائرة والروبوت والكمبيوتر والآيباد وجهاز المحمول، وليس الخطاب المُكرر الذي يخيف شبابنا منها. • زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا