بالرغم من طقس الشتاء.. فتيات الإسكندرية أثناء الاستمتاع علي الكورنيش »في الإسكندرية الشتا جنة.. والموج في بحرها يتغني.. لما العيون بتودعها والمطرة تحضن شوارعها.. بتقول لقلبي ويسمعها.. هتسيبني ولا هتستني«.. بتلك الكلمات وصف إيمان البحر درويش سحر معشوقته الإسكندرية في الشتاء..أمواج بحرها تلاطم الصخور، شوارع هادئة غسلها المطر، رائحة اليود تعطر هواءها، قوس قزح ومبان بطراز معماري مميز علي كورنيشها العريق.. عناصر لوحة فنية يرسمها الشتاء تجعل من الإسكندرية قطعة من أوروبا.. وهناك 18 نوة تتعرض لها عروس البحر المتوسط في الشتاء- قد تتأخر أو تتقدم أياما- إلا أنها لا تغيب، ويعرفها الصيادون والعاملون في بحر إسكندرية بأسماء معينة مثل «قاسم» و«السلوم» و«الفيضة الصغري والكبري» و«الشمس» وغيرها، و«للنوات علامات ودلائل يعرفها الصيادون».. هكذا يقول مجدي أبو شنب، شيخ صيادين أبو قير، مشيرا إلي أن الصياد كان يعرف مواعيد النوات قديما عن طريق حركة النجوم والشمس والسماء، وكان يعرف بعلامات مثل تساقط النجوم من السماء أو هياج طائر النورس وغروب الشمس وسط هالة حمراء أو قدوم رياح غربية»، ومن أصعب النوات والتي تتوقف فيها حركة الصيد والملاحة هي الفيضة الكبري وقاسم لشدة رياحها، ويذكرنا ابو شنب أن فصل الشتاء يشتهر بأسماك القاروص واللوط والدراك. وفي أيام الشتاء يهوي الإسكندرانية السير علي كورنيشها للاستمتاع بالهواء العليل المحمل باليود، غير عابئين بهطول الأمطار أو موجة عالية تتجاوز الصخور، فيما يفضل آخرون استقلال الترام أو الأتوبيس «أبو دورين» الذي يصحبهم في جولة بطول الكورنيش بدءا من المندرة وحتي قصر رأس التين مقابل تذكرة للفرد الواحد 10 جنيهات. وعلي كورنيش الإسكندرية بمنطقة محطة الرمل، يوجد آخرون لم يمنعهم المطر من البحث عن الرزق، بينهم «أشرف صابر» والذي انشغل في دفع عربته الصغيرة قليلا بالقرب من تجمع بعض الأشخاص ينادي بصوت جهوري «آيس كريم»، وعلي الرغم من برودة الطقس إلا أن أشرف لم يستطع المكوث في منزله للوفاء بالتزاماته فالشاب العشريني يستعد للزواج ويبحث عن رزق حلال، ويشير إلي أنه يبدأ عمله من الساعة الثامنة صباحا حتي غروب الشمس حتي لو كانت هناك نوة والأمطار غزيرة، مشيرا إلي أن الكثير من الشباب يفضلون تناول الآيس كريم في الشتاء، ويقول أشرف: «أنا داخل علي خطوبة ومحتاج كل قرش فأنا مش هستني حد يديني فلوس.. ربنا مش بينسي حد وأنا بجري علي أكل عيشي». وبالقرب من «أشرف»، قرر «الحاج فتحي» الرجل الستيني الاختباء بالقرب من إحدي البنايات القريبة من البحر، هربا من الأمطار بينما يلتف حوله الزبائن لشراء البطاطا، ويقول لنا: «ليا 40 سنة وأنا شغال في المهنة دي في الصيف ببيع الترمس والشتا ببيع البطاطا وهي مهنتي أبا عن جد». وفي جو فريد يجمع بين البحر والأشجار والتاريخ.. تعد حدائق قصر المنتزه بأشجارها العتيقة وشواطئها ومساحتها الشاسعة التي تتجاوز ال 365 فدانا، ملاذا لعدد كبير من أهالي المدينة الساحلية في الشتاء، خاصة من الباحثين عن الهدوء والخصوصية والتنزه بين القصور التاريخية كالسلاملك والحرملك بتذكرة دخول للفرد 25 جنيها.. وإلي جانب الكورنيش يفضل آخرون، الإسكندرية القديمة حيث رائحة الأسماك والمساجد الشهيرة مثل المرسي أبو العباس وياقوت العرش والبوصيري، ومحطة الرمل وقلعة قايتباي، حيث تحيط بالميناء الشرقي في مشهد بانورامي يندر وجوده في أي مدينة ساحلية علي أرض مصر. وفي الحي اللاتيني، وتحديدا شارع فؤاد، أقدم شوارع مدينة الإسكندرية بعد النبي دانيال، وقف الشاب «علي السعيد» يلتقط سيلفي تحت الأمطار بينما تظهر المباني العريقة التي تجاوز عمرها ال 100 عاما خلفه، قائلا:» مدينتنا أجمل في الشتا». ويضيف «السعيد»: «سحر إسكندرية في الشتا ما يتوصفش.. بس تقدر تقول إنها مدينة أوربية علي أرض مصرية.. هي إسكندرية العشق.. وجمالها في الشتا له سحر تاني».