■ الجدار العازل بين المكسيكوالولاياتالمتحدة في خطوة تمثل أقوي هجوم من الرئيس الأمريكي علي النظام الدستوري الذي أقسم للحفاظ عليه وحمايته والدفاع عنه، أعلن ترامب، أول أمس، حالة »الطوارئ الوطنية» في محاولة لاستكمال تمويل جدار علي الحدود علي المكسيك، قال إنه »سيوقف الغزو الذي تتعرض له بلاده!.» ويحذر بعض الخبراء القانونيين من أنها ستكون انتزاعا قويا للسلطة من قبل الرئيس فيما يتعلق بقضايا التمويل، فالدستور يخصص سلطة منح الأموال للكونجرس، لكن الأخير رفض دفع مقابل الجدار الحدودي الذي يريده ترامب، ولذا يبدو أن ترامب يحاول استغلال سلطة الاعتمادات. جاء هذا بعد أن مرر مجلسا الشيوخ والنواب تمويلا للحكومة يوم الخميس، يحتوي فقط علي 1.3 مليار دولار لبناء جزء من الحائط، بدلا من المبلغ الذي طلبه ترامب، وهو 5.8 مليار دولار. كل هذا بعد أشهر من المفاوضات وبعد إغلاق حكومي استمر خمسة وثلاثين يوما وكان الأطول في التاريخ الأمريكي. فماذا تعني حالة الطوارئ وكيف سيحصل ترامب علي الموارد التي يريدها؟ إعلان حالة طوارئ، للغرض الذي يريده ترامب، يسمح له باستخدام أموال خصصها الكونجرس لتمويل مشاريع معينة، واستخدامها بدلا من ذلك لتمويل الحائط. فهناك حوالي واحد وعشرين مليار دولار مخصصة لمشاريع بناء عسكرية خلال العام الماضي والحالي، يمكن أن يستخدمها ترامب. وهناك أموال أخري خصصت لمكافحة المخدرات، وأموال خصصت لبناء مستشفي للقوات الأمريكية في ألمانيا. كلها ينظر البنتاجون في توجيهها لبناء الحائط. بشكل أوسع، الإعلان عن حالة طوارئ يمكن الرئيس من الحصول علي صلاحيات معينة لفترة معينة، منها: الاستيلاء علي الممتلكات، نشر القوات العسكرية خارج البلاد، إنشاء الأحكام العرفية، الاستيلاء علي وسائل النقل والاتصالات وتقييد السفر وغيرها من قائمة طويلة بالسلطات المؤقتة. لكن الرؤساء، في إعلانهم لحالات طوارئ في السابق، لم يمارسوا جميع هذه الصلاحيات. من الناحية القانونية، يحق للرئيس الإعلان عن حالة الطوارئ هذه تحت قانون مرره الكونجرس عام 1976، الأمر الذي يتطلب مراجعة من مجلس الشيوخ والنواب كل ستة أشهر، حيث بإمكان المجلسين تمرير قرار مشترك ينهيها. هذا القانون جاء بعد عهد الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون، وبعد فضيحة وواترجيت التي كشفت عن تنصت البيت الأبيض علي مقر الحزب الديمقراطي. وتم إقراره كنوع من الرقابة علي سلطات الرئيس. الإعلان عن حالة طوارئ هو شيء معتاد، لكن الإعلان عنها بسبب رفض الكونجرس تمويل مشروع رئاسي هو غير مسبوق. ففي العادة حالات الطوارئ هذه تفرض حول قضايا خارجية، غير مثيرة للجدل إطلاقا بين الحزبين، وانية جدا، ولا يتم الإعلان عنها لأنها مثيرة للجدل ولأن الرئيس وضع في زاوية محرجة من الناحية السياسية.» وهناك حالات أخري من الممكن فيها إعلان حالة الطوارئ، ولكن يتم تحديدها في ولاية معينة حال حدوث »أعاصير أو عواصف ثلجية» أو الكوارث الطبيعية بشكل عام، أو حالات الكوارث القومية الصحية مثل »انتشار الأوبئة». هناك حاليا 31 حالة طوارئ مستمرة في الولاياتالمتحدة أحدها يعود إلي عهد الرئيس كارتر وتم الإعلان عنها منذ أزمة الرهائن. ولا تزال الولاياتالمتحدة في حالة طوارئ ناتجة عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر. وآخر حالة طوارئ تم الإعلان عنها كانت قبل شهر وتتعلق بتجميد أموال بعض الأشخاص الذين تسببوا في تفاقم الأزمة في نيكاراجوا. ومن المتوقع ان تكون هناك ردود فعل سلبية بشكل عام تجاه الإعلان، حتي بين المشرعين الجمهوريين. ماركو روبيو، وهو عضو مجلس شيوخ جمهوري من فلوريدا يري إن الرئيس ربما يكون في مخالفة للدستور بإعلانه حالة طوارئ. وهناك ردود سياسية وأخري قانونية، ستصل علي الأغلب إلي المحكمة العليا. فمن الناحية القانونية يستطيع الأشخاص المتضررون من قراره - مثلا أمريكيون يملكون أراضي يريد الرئيس استخدامها لبناء جداره، أو حتي أعضاء كونجرس - مقاضاة الرئيس.حيث أثبتت دراسة للكونجرس تم إصدارها الأسبوع الماضي أن غالبية الأراضي التي يريد ترامب بناء جدار عليها هي ليست أراضي تملكها الحكومة الفدرالية. ويحق للكونجرس، التصويت ضد قرار ترامب، خلال فترة أقصاها 15 يومًا، شرط تحقيق أغلبية الثلثين لوقف القرار الرئاسي. ومجلس النواب، يسيطر عليه الحزب الديمقراطي بعدد 235 عضوًا مقابل 200 عضو للجمهوريين، بنسبة لا تتخطي ال55%. بينما يسيطر الجمهوريون علي مجلس الشيوخ بأغلبية 53 مقعدًا مقابل 47 للديمقراطيين.ولوقف القرار يحتاج الكونجرس، وصول عدد المعارضين إلي 66 عضوًا في مجلس الشيوخ و287 عضوا في مجلس النواب.