الفائزون بجوائز الدولة 1972 .. حسبما المنشور بجريدة الأخبار .. وفي الكتاب فازوا 1970 . خطوة هامة أقدم عليها المجلس الأعلي للثقافة، بتنظيمه قبل نهاية 2018 احتفالية لتوزيع جوائز الدولة بحضور د.إيناس عبد الدايم وزير الثقافة، ود. سعيد المصري الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة. ولكن للأسف بعدما اطلعت علي الكتاب الذي وزع علي عدد من الحضور، بعنوان »جوائز الدولة ستون عاما من الإبداع»، وفي الجانب الأيمن عنوان فرعي »الحالة الثقافية في مصر» وأسفل الغلاف »التقرير الأول»، تمنيت لو لم تقم هذه الاحتفالية التي واكبها صدور هذا الكتاب، الذي جاء عكس هدفه تماما، كما أعلن عنه د. سعيد المصري في صفحة 17 ونص ما كتبه: »ومن هذا المنطلق يمثل إعداد هذا الكتاب سجلا حافلا بالإنجازات التي قدمها المجلس الأعلي للثقافة في منح جوائز الدولة عبر تاريخه الذي يربو علي ستة عقود مضت، وتوفر البيانات التي يحويها الكتاب أساسا صلبا لتقييم تجربة منح الجوائز للمبدعين في الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، ما لها وما عليها، وهناك فريق بالمجلس الأعلي للثقافة يعكف علي استكمال ما تبقي من بيانات مهمة سوف نوفرها في طبعات أخري لاحقة، ويعد هذا الجهد جزءا لا يتجزأ من مشروع كبير لتأسيس قواعد بيانات شاملة عن الحالة الثقافية في مصر نعكف الآن علي إعدادها»، وفي صفحة 18 كتب: »وفي ضوء ذلك يعرض الكتاب صورة كاملة من واقع بيانات مفصلة عن جوائز الدولة بانواعها المختلفة في الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية والقواعد المرتبطة بها منذ عام 1958 وحتي عام 2018». وللأسف ما قدمه هذا الكتاب، ليس كما ورد في كلام المصري أنه صورة كاملة عن الجوائز، بل هو صورة مشوهة وخاطئة وغير دقيقة، ولا تحترم قدسية المعلومة ومفهوم الوثيقة، خاصة أنها تصدر من الجهة المنوط بها، حفظ هذه الذاكرة، ولكي لا يكون كلامي مرسلا، سأبدأ من المعلومة الخاطئة التي وردت في تقديم المصري في صفحة 15 ونصها: وكانت الشاعرة نجوي السيد محمد عطا الله أول امرأة مصرية تفوز بجائزة للدولة ( التشجيعية ) في الآداب عام 1985 عن ديوان شعر العامية بعنوان »حبات الحروف»، وفيما يشبه »الخيال» يتم وضع اسم نجوي السيد أنها فائزة بالجائزة التشجيعية في الآداب عام 1958 في الجدول المنشور في صفحة 249 بعنوان »الحاصلون علي جوائز الدولة التشجيعية في الآداب» ، ويأتي ترتيبها رقم 4 في قائمة الحاصلين علي هذه الجائزة وهم: صالح جودت، ثروت أباظة، إبراهيم أنيس، نجوي السيد محمد عطا الله، والصحيح أن الشاعرة السكندرية الراحلة لم تحصل علي جائزة الدولة التشجيعية لا عام 1958 »كما ورد في قائمة الفائزين بالتشجيعية»، ولا عام 1985 »كما كتب المصري»، فهي من مواليد 1951، أي أنه لا يمكن وهي ابنه ال 7 سنوات تفوز بجائزة الدولة، فقد فازت نجوي بالجائزة التي أعلنت في عام 2009 عن ديوانها »حبات الحروف». ولا أدري لماذا ضرب المصري مثلا بنجوي السيد في إطار حديثه عن النصيب الهزيل للمرأة في جوائز الدولة، رغم أن أول من فاز بهذه الجوائز، وكانت الجائزة التقديرية د. سهير القلماوي 1977، ثم د. عائشة عبد الرحمن 1978، حسبما ورد في ذات الكتاب. الأمر الآخر أن الجداول التي وردت في هذا الكتاب، تمت علي عدة معايير منها سنوات المنح، وهنا لابد أن أتوقف أمام مجموعة من الأمور، أهمها، أنه من المعروف أن المجلس الأعلي للثقافة لم يمنح جوائز الدولة في عام 1967، لأن موعدها كان في أعقاب النكسة، وبالتالي لم يتم اجتماع المجلس، ولم تعلن أسماء الفائزين في عام 1967، ونطلق عليها حتي الآن سنة الفراغ، لكن المتأمل للجداول التي صممت »طبقا لسنوات المنح» مثل جدول ( 9 ) الحاصلون علي جوائز الدولة التقديرية في الآداب .. طبقا لسنوات المنح »أن هناك فائزا في هذا العام وهو المهندس يحي حقي»، بينما لا نجد فائزين في عامي 1971 و1972، وبالعودة إلي أرشيف جريدة الأخبار نجد علي سبيل المثال أن هناك موضوعا كتب في 16 يونيو 1972: »جوائز الدولة التقديرية هذا العام: لمحمد كريم في الفنون، وخلف الله أحمد في الآداب، والقللي في العلوم الاجتماعية، وجائزة الدولة التشجيعية في التمثيل للفنان محمود المليجي»، بينما في هذا الكتاب: محمد كريم يفوز بالتقديرية في الفنون 1970، و محمد خلف الله أحمد في الآداب 1970، وفي العلوم الاجتماعية محمد لطفي القللي 1970 ، ومحمود المليجي التشجيعية 1970، وقد كتب علي هذه الجداول أنه »طبقا لسنوات المنح»، ولا أعتقد أن جريدة الأخبار التي سجلت لحظة الفوز هي التي أخطأت!!، ومنحتهم الجائزة بعد عامين من حصولهم عليها. ويضاف لما سبق ماذكره د. المصري في صفحة 16 »تشير البيانات الوثائقية بالمجلس الأعلي للثقافة إلي حصول أعلام كبار علي جوائز الدولة، وكان الفنان صلاح طاهر، ونجيب محفوظ وعبد الرحمن بدوي، وطه حسين، ,أحمد لطفي السيد ومحمود سعيد رائد فن التصوير والدكتور زكي نجيب محمود، وتوفيق الحكيم، ويحيي حقي، وعباس العقاد، وحسن فتحي، وجمال حمدان، وعبد الرازق السنهوري وغيرهم، وهؤلاء جميعا كانوا في طليعة الفائزين بجوائز الدولة منذ نشأتها» لكن الواقع يقول إن الفائزين بجوائز الدولة منذ نشأتها: محمود سعيد قبل صلاح طاهر، و طه حسين قبل نجيب محفوظ، وأحمد لطفي السيد قبل عبد الرحمن بدوي، أما هؤلاء الثلاثة ( صلاح طاهر، نجيب محفوظ، عبد الرحمن بدوي ) فقد فازوا بجائزة مبارك 1999، في أول عام لمنحها، قبل أن يتم تعديل اسمها إلي جائزة النيل بعد ثورة 25 يناير 2011. وبالعودة إلي جدول رقم 9 الخاص بالحاصلين علي جوائز الدولة التقديرية في الآداب، نجد ألقابا أصبغها المجلس علي الفائزين تستحق التوقف عندها: المهندس يحيي حقي، الأستاذ صلاح عبد الصبور، في مقابل الشاعر حسن طلب. الأستاذ نجيب محفوظ، الأستاذ خيري شلبي، الأستاذ سعيد سالم، الأستاذ جمال الغيطاني، في مقابل الروائي مجيد اسحق طوبيا، الروائي أحمد عبد السلام أحمد الشيخ، الأديبة فوزية مهران، الأديب يوسف جوهر. الأستاذ الدكتور زكي نجيب محمود، الأستاذ الدكتور أحمد عبد المقصود هيكل، الأستاذ الدكتور عبد المنعم النمر، في مقابل الأستاذ مصطفي عبده ناصف، فنحن لا نعرف متي حصل الأديب الكبير يحيي حقي علي لقب المهندس والذي يثير الدهشة أن الموقع الالكتروني للمجلس نفسه يقدم تعريفا دقيقا ليحيي حقي »كاتب وروائي مصري ولد في القاهرة، لأسرة ذات جذور تركية، درس الحقوق، وعمل بالمحاماة وبالسلك الدبلوماسي»، اما الأستاذ مصطفي عبده ناصف، فهو أستاذ دكتور، ومعلوماته كاملة علي ذات الموقع، ونفس الأمر لماذا يتم استخدام لقب »أستاذ» أمام أدباء و »أديب» أمام أسماء أخري. يبقي الإشارة إلي أنه في توثيق دقيق لجوائز الدولة، علينا أن نبدأ من قانون الإنشاء، وليس من قانون التعديل، مثلما فعل د. المصري، الذي بدأ من قانون رقم 138 لسنة 2017 بإعادة تنظيم المجلس الأعلي للثقافة، ثم تبعه بالقانون رقم 8 لسنة 2017 بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 27 لسنة 1958 بإنشاء جوائز الدولة للإنتاج الفكري ولتشجيع العلوم والعلوم الاجتماعية والفنون والآداب، وقد نشر القانونين علي الصفحات من 27 إلي 32 من الكتاب، قبل أي اشارة إلي النص الأصلي الذي تم تعديله. إن ما حدث أمر يستحق التوقف أمامه طويلا، كيف لجهة منوط بها التوثيق السليم والدقيق تصدر معلومات في أمر يخص جوائز الدولة، وأن نكون في حاجة إلي تصويبها وتصحيحها!!!.