■ حرب تجارية بين امريكاوالصين منذ سنوات يتبني العالم سياسة حرية التجارة التي زادت من حجم الاستثمارات الأجنبية والتبادل التجاري بين معظم دول العالم التي تعمل جميعها في اطار تحكمه منظمة التجارة العالمية. ولكن منذ جاء ترامب رئيسا لأمريكا وهو يعمل جاهدا علي إنهاء كل اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعتها أمريكا في الماضي لعدم رضاه عن هذه السياسة وإيمانه بأن تطبيق سياسة الحماية الاقتصادية هي ما ستعيد لأمريكا مجدها من جديد. وأطلق ترامب شرارة الحرب التجارية العالمية منذ بدء هذا العام ففرض رسوما جمركية علي كل من الاتحاد الأوروبي وكنداوالمكسيك واليابان وكوريا الجنوبية وتركيا وأخيرا الصين. وأصبح العالم يواجه فكر ترامب الذي يعتقد أن حرية التجارة تكون في مصلحة الدول النامية علي حساب الدول الكبري وفقا لمبدأ » إذا ربحت أنت فلابد أنني سأخسر» ، ولم تحقق اللقاءات المتبادلة بينه وبين رؤساء العالم تقدما أو تغييرا يذكر لإثنائه عن خطوة فرض رسوم جمركية علي دول الأصدقاء والحلفاء قبل الأعداء. ولكن ينظر لخطوته الأخيرة في إشعال الحرب مع الصين علي انها الأخطر باعتبار أنها بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم وستؤثر حتما علي الكثير من الملفات السياسية المشتركة بين الدولتين. بدأت الولاياتالمتحدة يوم الجمعة في تنفيذ فرض رسوم جمركية علي البضائع الصينية بقيمة 34 مليار دولار بنسبة رسوم 25%. وردت الصين علي ذلك بفرض نسبة مماثلة من الرسوم علي 545 منتجا أمريكيا، بنفس القيمة. وينوي ترامب فرض المزيد من الرسوم لتصل إلي 50 مليار دولار. وبرر ترامب قراره بأنه سيوقف »نقل التكنولوجيا الأمريكية غير العادل، وحقوق الملكية الفكرية إلي الصين». وحذرت منظمة التجارة العالمية من إجراءات الحماية الاقتصادية التي يتبناها ترامب مؤكدة أنها تؤدي في النهاية إلي منتجين بلا فعالية يصنعون سلعا تجاوزها الزمن وغير جذابة، وينتهي الأمر إلي إغلاق المصانع وتسريح العمال وركود الأسواق العالمية. ولكن الرئيس ترامب لا يهتم بالمخاطر الاقتصادية علي المدي الطويل بقدر اهتمامه بما يحققه من هيمنة زائفة علي المدي القصير. وتتهم الولاياتالمتحدةالصين بالخداع وأنها تسعي لإنهاء الهيمنة التكنولوجية الأمريكية بإجبار الشركات الأمريكية علي تسليم التكنولوجيا في مقابل الوصول إلي السوق الصينية، فضلاً عن السرقة الصريحة للإنترنت. ورغم وجود معارضة داخلية من عواقب قرارات ترامب علي المستهلكين والعمال والشركات والمستثمرين مما سيدفع الاقتصاد الأمريكي إلي الركود إلا أن الجميع يترقب ثورة قريبة لمزارعي بعض الولاياتالأمريكية الأكثر تضررا من القرار الأمريكي وهم مزارعو الفول الصويا الذي كانت تشتري الصين 60% منه. وتسعي إدارة ترامب للحد من التأثيرات السلبية للقرار علي الأسر الأمريكية عن طريق استهداف السلع الصناعية الصينية، وليس المنتجات الاستهلاكية لكن هذه الخطوة تزيد التكاليف بالنسبة للشركات الأمريكية التي تعتمد علي الآلات والمكونات الصينية الصنع والتي ستجبرها علي رفع أسعار السلع مثل أجهزة التليفزيون والهواتف الخلوية كما ستتسبب في خسارة 400 ألف وظيفة، وتباطؤ الاستثمار. وتستهدف التعريفات الجمركية الأمريكية علي الصين أكثر من 800 سلعة، بما في ذلك الآلات الصناعية والأجهزة الطبية وقطع غيار السيارات. أما الصين فستتوقف عن شراء 545 من المنتجات الأمريكية مثل سيارات الدفع الرباعي واللحوم وفول الصويا والمأكولات البحرية. وتسعي الحكومة الصينية إلي احتواء أي تأثير سلبي قد تحدثه الحرب التجارية علي مجتمعها المغلق وتستعد أجهزة الأمن لأية مظاهرات محتملة ناتجة عن ارتفاع الأسعار أو مظاهرات غاضبة قد تصل إلي حد مهاجمة السفارة الأمريكية. لا تريد الحكومة الصينية أن يتصاعد التوتر الحالي بسبب التفاوت في توزيع الثروة وقد يؤدي مزيد من التباطؤ في الاقتصاد إلي تهديد استقرار الدولة الصينية. ويتفق غالبية الصينيين مع وجهة نظر الرئيس شي جين بينغ بأن أمريكا تستخدم التعريفات الجمركية وقيود الاستثمار لعزل الصين وهم مستعدون لخوض المعركة وقبول الصعوبات الاقتصادية التي ستأتي من حرب تجارية شاملة. وعلي النقيض من ذلك، فإن المزارعين الأمريكيين الذين يخسرون المبيعات والعمال الأمريكيين الذين يفقدون وظائفهم لن يروا المصاعب الاقتصادية كواجب وطني ولكنهم سيحتجون وبقوة علي سياسات ترامب، ويعتقد البعض أن الصين لديها أسباب للتفاؤل بنتيجة هذه الحرب لأن العواقب في الصين ستكون أقل بكثير من الولاياتالمتحدة. وعقب قرار ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% علي الصلب، و10% علي الألومنيوم علي كل من الاتحاد الأوروبي وتركياوروسياوكنداوالمكسيك، بدأت هذه الدول في فرض رسوم انتقامية مشابهة علي البضائع الأمريكية حيث فرض الاتحاد الأوروبي رسوم استيراد قدرها 25% علي مجموعة من المنتجات الأمريكية، بقيمة 2.8 مليار يورو. وفرضت كندا رسوما جمركية بقيمة 16.6 مليار دولار وكذلك المكسيك وفرضت تركيا تعريفة جمركية تشمل 20 منتجا أمريكيا، تبلغ قيمتها 266.5 مليون دولار. وفي روسيا فرضت رسوما جمركية علي الواردات الأمريكية تتراوح بين 25 و40 %».