متولي: نتائجنا أمام الترجي لن تؤثر على النهائي.. ولا خلافات بين الشناوي وشوبير    النيابة تعاين موقع حريق مخزن مصنع شركة الأدوية بأسيوط الجديدة (احترق بالكامل)    أستاذ تمويل يوضح كيف تنعكس أموال "رأس الحكمة" على حياة المواطن    حماس تدعو الدول العربية لاتخاذ إجراءات تجبر الاحتلال على إنهاء الحرب    حدث في 8 ساعات| الرئيس السيسي يشارك في القمة العربية.. ومصر ترفض طلبات إسرائيلية    "زراعة النواب" تطالب بوقف إهدار المال العام وحسم ملف العمالة بوزارة الزراعة    إنطلاق المشروع القومي لتطوير مدربي المنتخبات المصرية لكرة القدم NCE    جامعة بني سويف من أفضل 400 جامعة عالميا.. والرابعة محليا    بالفيديو.. كواليس كوميدية للفنانة ياسمين عبد العزيز في حملتها الإعلانية الجديدة    بالفيديو.. نصيحة هامة من الشيخ خالد الجندي إلى الأباء والأمهات    بالفيديو.. خالد الجندي: أركان الإسلام ليست خمس    باسم سمرة يعلن انتهاء تصوير فيلم اللعب مع العيال    شي جين بينغ بمناسبة قمة البحرين: العلاقات الصينية العربية تمر بأفضل فترة في التاريخ    الهلال السعودي يراقب نجم برشلونة    وزارة الصحة: إرشادات مهمة للحماية من العدوى خلال مناسك الحج    حريق في طائرة أمريكية يجبر المسافرين على الإخلاء (فيديو)    وزيرا التعليم والأوقاف يصلان مسجد السيدة نفيسة لتشييع جثمان وزير النقل السابق - صور    قرار حكومى باعتبار مشروع نزع ملكية عقارين بشارع السبتية من أعمال المنفعة العامة    نقابة المهن الموسيقية تنعي زوجة المطرب أحمد عدوية    مترو التوفيقية القاهرة.. 5 محطات جديدة تعمل في نقل الركاب    سكاي: فونيسكا الخيار الأول لخلافة بيولي في ميلان    فانتازي يلا كورة.. الثلاثي الذهبي قبل الجولة الأخيرة في بريميرليج    لجنة مركزية لمعاينة مسطح فضاء لإنهاء إجراءات بناء فرع جامعة الأزهر الجديد في برج العرب    نائب محافظ الجيزة يتابع ميدانيا مشروعات الرصف وتركيب بلاط الإنترلوك بمدينة العياط    "الصحة" تنظم فاعلية للاحتفال باليوم العالمي لمرض التصلب المتعدد .. صور    كيف تؤثر موجات الطقس الحارة على الصحة النفسية والبدنية للفرد؟    "هُتك عرضه".. آخر تطورات واقعة تهديد طفل بمقطع فيديو في الشرقية    التموين: وصول 4 طائرات تحمل خمسة آلاف خيمة إلى أهالي قطاع غزة    هالة الشلقاني.. قصة حب عادل إمام الأولي والأخيرة    جامعة الفيوم تنظم ندوة عن بث روح الانتماء في الطلاب    شرطة الكهرباء تضبط 13 ألف قضية سرقة تيار كهربائي    15 يوما إجازة رسمية بأجر في شهر يونيو المقبل 2024.. (10 فئات محرومة منها)    السفير المصري بليبيا: معرض طرابلس الدولي منصة هامة لتسويق المنتجات المصرية    تفاصيل اجتماع وزيرا الرياضة و التخطيط لتقييم العروض المتُقدمة لإدارة مدينة مصر الدولية للألعاب الأولمبية    وكيل الصحة بالقليوبية يتابع سير العمل بمستشفى القناطر الخيرية العام    التصلب المتعدد تحت المجهر.. بروتوكولات جديدة للكشف المبكر والعلاج    إطلاق مبادرة لا للإدمان في أحياء الجيزة    قطع مياه الشرب عن 6 قرى في سمسطا ببني سويف.. تفاصيل    نجم الأهلي مهدد بالاستبعاد من منتخب مصر (تعرف على السبب)    فنانات إسبانيات يشاركن في الدورة الثانية من ملتقى «تمكين المرأة بالفن» في القاهرة    الخارجية الكورية الجنوبية تعرب عن تمنياتها بالشفاء العاجل لرئيس الوزراء السلوفاكي    هل يجوز الجمع بين الأضحية والعقيقة بنية واحدة؟.. الإفتاء توضح    ببرنامج "نُوَفّي".. مناقشات بين البنك الأوروبي ووزارة التعاون لدعم آفاق الاستثمار الخاص    بمشاركة مصر والسعودية.. 5 صور من التدريب البحري المشترك (الموج الأحمر- 7)    بدء التعاقد على الوصلات المنزلية لمشروع صرف صحي «الكولا» بسوهاج    "العربة" عرض مسرحي لفرقة القنطرة شرق بالإسماعيلية    توقيع بروتوكول تجديد التعاون بين جامعة بنها وجامعة ووهان الصينية    جولة جديدة لأتوبيس الفن الجميل بمتحف الفن الإسلامي    قرار قضائي جديد بشأن سائق أوبر المتهم بالاعتداء على سيدة التجمع    أمير عيد يؤجل انتحاره لإنقاذ جاره في «دواعي السفر»    دون إصابات.. تفاصيل نشوب حريق داخل شقة في العجوزة    الطاهري يكشف تفاصيل قمة البحرين: بدء الجلسة الرئيسية في الواحدة والنصف ظهرا    أنشيلوتي يقترب من رقم تاريخي مع ريال مدريد    «الداخلية»: ضبط 13 ألف قضية سرقة تيار كهربائي خلال 24 ساعة    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟.. أمين الفتوى يوضح    محكمة العدل الدولية تستمع لطلب جنوب إفريقيا بوقف هجوم إسرائيل على رفح    نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني 2024 عبر بوابة التعليم الأساسي (الموعد والرابط المباشر)    نجمة أراب أيدول برواس حسين تُعلن إصابتها بالسرطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سؤال الكتابة العربية الجديدة
نشر في أخبار السيارات يوم 02 - 06 - 2018


نجيب محفوظ
أشار القاص والشاعر الأردني هشام البستاني في مدخل ملف الملحق الشهري الأخير لأخبار الأدب - المنشور بعنوان " قصص من الأردن" - إلي مفهوم الكتابة الجديدة وأنه نشر مقالا حول هذا المفهوم في مجلة "ذي كومون" The »‬ommon الصادرة عن جامعة آمهيرست الأمريكية، وذلك بوصفه المحرر الأدبي لقسم الأدب العربي في مجلة هذه الجامعة العريقة التي تنشر النصوص العربية مترجمة بالتزامن مع نشرها في "أخبار الأدب".
وبالرجوع إلي شبكة المعلومات وجدت المقال المنشور بالإنجليزية في 24 مارس 2015 بعنوان:
“New Arabic Writing: »‬ataclysm in Fast- Forward، وأردت أن أشارك قارئ أخبار الأدب - والكتاب الشباب بصورة عامة - بعض ما جاء في المقال من آراء، ليس بهدف الانحياز لرؤية بعينها، ولكن من أجل إقامة حوار قد يكون مفيدا وممتعا أو علي الأقل يفتح طاقة في جدار الآتي.
يطرح البستاني في بداية المقال سؤالا رئيسيا وأسئلة فرعية حول ماهية الكتابة الجديدة في العالم العربي، وهل تمثل " جيلا جديدا" من الكتاب؟ هل تقدم شكلا غير مسبوق من الكتابة؟
ويري البستاني أن الكتابة الجديدة التي يستكشفها هنا لا علاقة لها بسن الكاتب، ولا هي سقطت في فضاء الأدب الواسع فجأة بدون جذور أو أسلاف. فالكتابة "الجديدة" عبارة عن عملية تطور في تقنيات الشكل الأدبي، وفي التيمات والموضوعات المتجاوبة مع تغيرات مجتمعية تقع في الزمن المعيش، وتظهر في العلاقة بين الكاتب و"السلطة الثقافية"، وكذلك في طبيعة المجال الثقافي الرسمي الذي تحدده الحكومات والمؤسسات. والكتابة العربية الجديدة هي أيضا نتيجة صراع بين الكاتب ومحيطه المتفجر.
كذلك يؤكد البستاني حقيقة أن ما من كاتب يستطيع أن يزعم أنه منفصل تماما عن مجتمعه وتاريخه الثقافي. فالجديد مولود من رحم القديم، لذلك فإن الممارسة الناجحة للتجريب تقتضي معرفة وثيقة بالأشكال الأقدم. إن شرعية التجريب تعتمد علي تحديد غرض واضح، فمن خلال الوضوح والتمكن يمكن أن تحقق النزعة التجريبية أهداف التغيير الجذري. فالتجريبية ليست "طلقة في الظلام"، ليست التدرب علي استخدام الشكل، بل استكشاف إمكاناته: إنه التعبير عن غرض تؤكده معرفة فنية عميقة. فالكاتب التجريبي يفهم بعمق طبيعة التقنيات التي يتبناها والأشكال المستخدمة لتحقيق هدفه. إن فضاء التجريب يتشكل من رفض البقاء داخل حدود التعريفات الضيقة للنوع الأدبي، والتمرد علي رتابة التكرار، وبعدم الخوف من اجتياز الحدود والتداخل مع فنون أخري.
يستعرض الكاتب في لمحات سريعة، موجهة للقارئ الأجنبي، خصائص ما يسميه الكتابة الكلاسيكية الحديثة لدي جيل نجيب محفوظ وعبد الرحمن منيف وجبرا إبراهيم جبرا وسهيل إدريس، ويصفها بصورة عامة أنها كانت تميل إلي الواقعية والرومانسية، وأنهم اهتموا بموضوعات التحرر والتقدم، لأنهم كانوا أبناء " النهضة العربية" التي واكبت بداية القرن العشرين، والحقبة المناهضة للاستعمار، وأفضت إلي بروز النزعة القومية في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي. ويري أن هؤلاء الكتاب كان يحكمهم تناقض يتمثل في إعجاب عميق غير معلن - لكن يمكن تقصيه في أدبهم - بالغرب وإنجازاته وتقدمه، وسيادة النظام فيه، وبناء الدولة الحديثة من جانب، وخطاب معلن من جانب آخر، صريح في مناهضة الاستعمار والدعوة إلي تحرر وطني يعمل علي تغذية أملهم في الاستقلال والسيادة. وهو الأمل الذي لم يتحقق، بل تعثر في اتجاه معاكس، نتج عنه سلسلة إخفاقات، شكلت الرحم الذي نمت فيه الكتابة الجديدة اليوم.
وخلال الحقبة التي ورثت الهزيمة والتمزق، وهي الحقبة التي تهاوت فيها الآمال، وسقطت وراء أسوار دائبة الارتفاع،تتمثل في الفقر والظلم والاضطهاد والاستعمار وتوابعه، إزاء هذا الوضع لجأ الكتاب الجدد - أصحاب النزعة التجريبية - إلي التراجع داخل حدود أنفسهم بوصفها المساحة المحررة الوحيدة المضمونة. ومن داخل هذه المساحة شنوا هجومهم الأدبي علي العالم الخارجي.
تلمست الكتابة الجديدة طريقها بين آثار الانهيار والاكتئاب، فيما تحولت شعارات الماضي التي كانت مقدسة- مثل الوحدة، الحرية، السعي لتحقيق حياة أفضل- إلي أشلاء مزقتها أنياب العالم الحديث، وأبنية القوة السائدة فيه. ومن أجل البحث عن معني انسحب الكتاب الجدد إلي الداخل، إلي فضاء يتمكنون فيه من التأمل والكتابة، الشعور بالغضب والكتابة أو إثارة أسئلة والكتابة. الكتاب الجدد يسعون إلي التعامل مع الحالة الكلية الجامعة للجوانب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية،الممتدة إلي أقصي أطراف السؤال الوجودي. إنهم يتعاملون مع هذه الحالة،ولكن من نقطة بداية يجسدها الصراع الداخلي: التساؤل والهواجس والخسائر والهزائم.
وعلي الرغم من لجوء الكتاب الجدد أحيانا إلي استخدام بعض خصائص لغة رواد الكتابة الكلاسيكية الحديثة، إلا أنهم -بعكس أسلافهم -لا يهدفون إلي تقديم مقولات وعظية أو مقولات تسعي إلي بناء الأمل أو العثور علي حلول مُرْضِية. إنهم قد رحلوا إلي أرض جديدة تسكنها آمال مهشمة وأحلام محبطة. فبعد تسلق سفح الأمل والتطلع إلي نبوءة التقدم التي تغني بها التراث الأدبي السابق، وجدوا أنفسهم يطلون علي حقول محروقة.
ويري الكاتب أن ظروف البلاد بعد المرحلة الاستعمارية أدت إلي سيطرة الأجهزة الحكومية علي مجال الثقافة برؤيتها البيروقراطية، وذلك بالإضافة إلي صعود مفهوم السوق،وسيادة مفهوم عصر الرواية، وظهور عدد من الجوائز الأدبية المجزية، مما جعل الرواية هي السلعة الأكثر انتشارا في عالم النشر. ولقد أدي تضافر هذه العوامل إلي عدم الاعتراف بالكتابة الجديدة،ربما بسبب أنها تكشف تواضع مستوي الإنتاج الصادر عن مؤسسات حكومية أو لأنها لا تخضع لتجنب الموضوعات المحظورة، وتناول التابوهات المعروفة، مما تخضع له إصدارات الجهات الحكومية. وربما نجحت بعض الكتابات الرائجة في كسر تابو الجنس، لكنها فعلت ذلك بطرق فجة تُرَوّج الإثارة بهدف زيادة المبيعات بدون مراعاة معايير فنية.
الكتابات الجديدة لا تخشي التابوهات،ولا تستخدمها بدافع الإثارة، بل تتحداها، فيما يحدد كتابها موقعهم في الهامش، مستفيدين بما يتيحه هذا الموقع من موقف متمرد ومستقل ونقدي.
وينوه البستاني أنه وجد الكتابة الجديدة خارج مجال الرواية بصورة أساسية مثل القصة القصيرة والشعر، ولا يقتصر الأمر علي واقعنا العربي فحسب، بل يظهر ذلك في الواقع العالمي أيضا. ويعطي أمثلة من أعمال بورخس، وإيتالو كالفينو،وستيفن لندكفست، وشارليز بوكوفسكي، ومارجريت آتوود، والقصة الومضة لدي ليديا ديفيز.
ويفرد الكاتب جانبا من المقال للحديث عن إشكالية التجريب، ففي الأدب - وكذلك في الفنون كلها - يمثل التجريب طريق التقدم نحو أشكال جديدة. لكن ما هو جديد الآن يصبح مع مرور الوقت بالضرورة جزءا من الكلاسيكي. فالأشكال الجديدة والتيمات الجديدة تستنفد إمكاناتها مع تغير الزمن، والمجتمع، والتاريخ، وأبنية القوة، وتغير اللغة أيضا. لذلك لا بد من بروز أشكال مختلفة في التعبير تستجيب لهذه التحديات والتحولات الجديدة.
يستعرض الكاتب لقارئه الأجنبي محطات تاريخية مر بها العالم العربي خلال 150 سنة، بدءا من الحكم العثماني، مرورا بنكبة 1948، ونكسة 1967، وانتهاء بثورات الربيع العربي القريبة، وذلك في موازاة التحول السريع الذي حدث في مجتمعات عربية كانت شبه مكتفية ذاتيا،حيث كان يقوم بين قطاعاتها الريفية أو البدوية نوع من الاعتماد المشترك،قبل تحولها إلي مجتمعات معتمدة كليا علي الخارج، تسودها كيانات سيئة التنظيم لتكوينات شبه حضرية في عالم تجتاحه التكنولوجيا المتقدمة،والنزعة الاستهلاكية الطاغية.
إن البحث عن معني وسط جائحة التغيير السريع، والتصدي للمؤسسات المقيدة للحرية، هو "الجديد" في سياق الكتابة العربية المعاصرة، وهي السمات التي لا نجدها في أشكال الكتابة التجارية و المؤسساتية.
وفي عنوان فرعي نصه "الرواد: الكتابة "الجديدة" كاستمرارية" يعدد الكاتب أسماء رواد الكتابة الجديدة من وجهة نظره، مع الاعتراف أن الأسماء المذكورة لا تقدم صورة شاملة للمشهد الأدبي، لكنه يُقْدِم علي هذه المغامرة بهدف تسليط بعض الضوء علي إنجاز أدبي طالما عاني من غياب تقديمه إلي ساحة الأدب العالمي، كما عاني من الإهمال أكثر من معاناة الضياع في الترجمة.
ويذكر الكاتب ضمن هذه الأسماء زكريا تامر، ومحمد زفزاف، ومحمد خضير، وحيدر حيدر، ومحمد المخزنجي. وسواء اتفقنا علي هذه الأسماء أو تلمسنا غياب غيرهم ممن تركوا بصمة قوية لكتابة مختلفة، إلا أن كاتب المقال يري أن هؤلاء الكتاب قدموا حساسيات جديدة، وأساليب جديدة، وتقنيات جديدة - وإلي حد ما-لغة جديدة في الأدب. فمن الرؤية الديستوبية القاتمة إلي النزوع التأملي رسم هؤلاء الكتاب ملامح فنية جديدة يعمل كتاب اليوم علي دفعها إلي الأمام.
إن الروائي العظيم نجيب محفوظ نفسه، الذي لم يختم حياته الأدبية برواية، وإنما بست مجموعات قصصية قصيرة، قد قارب أشكالا جديدة في مجموعته البارعة التي تنتمي إلي القصة الومضة، وهي المجموعة التي نسبت خطأ في الغرب إلي غير الأدب القصصي بسبب عنوانها " أصداء السيرة الذاتية".
ويختم الكاتب مقاله بقوله إنه يفسر مفهوم " الجِدة" أو الجديد بوصفه تعبيرا عن اهتمام الكاتب بالأشكال الفنية المبتكرة، وانخراطه في الشؤون الراهنة. فالحاضر بالنسبة للكاتب الجديد هو النقطة المركزة التي يلتقي فيها الماضي بالمستقبل حيث يحدث تصادم أو ارتطام حساسيات مختلفة في بقعة غليان، هي العالم العربي اليوم. ويري أن وجوده ككاتب في هذه اللحظة من الزمن مجرد صدفة، لكنه قرر أن يأخذ علي عاتقه تحدي تناول هذه اللحظة من جوانب مختلفة، ومن منظورات مختلفة. إن التعامل مع صدفة الوجود في هذه النقطة الصاخبة الحافلة بالغليان في الحياة العربية ليس يسيرا، فهي نقطة محملة بالآمال والأحلام المبددة لأجيال سابقة، وبالتحولات المتسارعة، وبالحاجة إلي مساءلة الماضي/ الحاضر الراكد، وتأمل انتقال ما إلي الحاضر/المستقبل، هذا ما يسميه البستاني منطلق " الكتابة الجديدة".
وأخيرا أود أن أقول إننا هنا أمام وجهة نظر تتشاركها قطاعات واسعة من الكتاب والنقاد والقراء علي امتداد الساحة العربية، نجدها خصوصا لدي الكتاب الشباب الذين تمردوا علي طرق الكتابة ذات المواصفات المألوفة الجاهزة، لأنها لا تعبر عن رؤيتهم للعالم الذي يعيشونه هنا والآن، لذلك ابتكروا أسئلتهم، وتقنياتهم، وجموحهم العجائبي،وأجوائهم الكابوسية الغامضة،وشفراتهم اللغوية الخاصة، الموهوب منهم اختار بعد بحث وتأمل واستيعاب للمنجز السابق، ورفضه كليا أو جزئيا بوعي، لكن موهبته تدفعه أيضا لتقديم كتابة جديدة لها منطقها الرؤيوي والجمالي الخاص، الذي يمكن للقارئ المتأمل أن يصل إليه، دون الغرق في الغموض. أما المقلد الذي يمتطي الموجة الجديدة بدافع الاستسهال، وافتعال الغموض المصطنع المستغلق أو طلب الشهرة والرواج بجرأة فضائحية مبتذلة،فسيلفظه بحر الكتابة أو سيدخل المتاهة دون رجوع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.