لقد حضرت وشاركت ونظمت فاعليات ومناسبات علمية وثقافية وترفهية عدة على مدار ما يقارب ثلاث أعوام، هي مدة عملى خبيرا في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها من طرف الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية – بوزارة الخارجية المصرية، وذلك في كلية الدراسات الشرقية بجامعة الفارابي الوطنية "كازنو"، وقد لاحظت أن الجامعة تعمد إلى استحضار مفردات الثقافة القازاقية التقليدية في كل مناسبة، وفي كل احتفال، وفي أي تجمع سواء علمي أوثقافي أو ترفيهي، ويعد هذا ضربا من ضروب الإحياء التراثي وآلية من آليات إحياء الثقافة القازاقية، وهذه ميزة من ميزات الثقافة القازاقية، حيث تتميز في كل جزءٍ منها بإيجاد الآليات للحفاظ على نفسها وتقاليدها وآليات تناقُلها من جيلٍ إلى جيلٍ.. حيث يُنْظَر إلى إحياء التقاليد القازاقية –خاصة في المجتمع الجامعي والأكاديمي- اليوم في قازاقستان باعتباره استعادة للاستمرارية التاريخية.. ومن أهم الملامح خلال الفاعليات الجامعية بجامعة الفارابي الوطنية، هي استحضار الموسيقى التقليدية الوطنية، ومعلوم عن الشعب القازاقي عشقهللموسيقى وخاصة الموسيقى القازاقية التي هي جزء من موسيقى آسيا الوسطى، وهي واحدة من المراكز الرئيسية لموسيقى شعراء السهوب التركية،فرغم النفوذ السوفيتي في بعض الفترات فإنها احتفظت بأصالتها، بكونها انعكاسًا للحياة اليومية، تحمل ملامح الماضي والتراث مع الانفتاح على العالم، وقد انتشرت الموسيقى القازاقية عن طريق الرعاة تنتشر عن طريق الرعاة الرحل، ولها صلات مع الموسيقى الشعبية في البلدان المجاورة أوزبكستان وقيرغيزستان. وهناك العديد من القازاق لديهم المهارة في أداء الأغاني القازاقية التقليدية، والعزف الموسيقي. إن الموسيقى التقليدية الكازاخية خزينة من أكبر خزائن التراث الروحي القازاقي، والتي صمدت لقرون، وانتقلت من جيل إلى آخر، لتجسد كل المواهب الإبداعية، وكل التراث الروحي للأمة تطور حتى بداية القرن العشرين في شكل شفوي من الأب إلى الابن، ومن المعلم إلى الطالب، ومن الماضي إلى الحاضر.. وقد انتشرت في السهوب الكازاخية منذ قرون صنوف من الشعر الروحي، والبلاغة، والعظات والأغاني الرقيقة، وكانت الموسيقى تتخلل كل مناحي الحياة الكازاخية: في الأعياد، وفي الاحتفالات والطقوس، وفي العمل اليومي.. إلخ. وعلى مر القرون، والناس أنفسهم هم الحارس الرئيسي للثقافة الموسيقية، وتناقلها مع الإضافة إليها بما يتناسب مع كل جيل وثقافته. ويتميز الشعب الكازاخي بمواهبهم الموسيقية غير العادية، ففي كل أسرة تقريبًا هناك شخص بارع في الغناء أو العزف الموسيقي. وهناك قدرة الناس على الإبداع والارتجال الموسيقي والشعري السريع، والذي يزهل الجميع، وما يثير العجب المشاركة في الإبداع الموسيقي لجميع القازاق. حتى نقل عن بعض العلماء أنهم قالوا: "يمثل الكازاخي دليلا جديدا على أن الشخص يمكن أن يولد شاعرا أو موسيقيا". وقال آخر: الأغاني الكازاخية التي يقوم بها الجميع من صبي إلى رجل عجوز، الفتيات والنساء، هي ... له كنز لا يمكن لمسه، وكتب ثالث: يبدو لي أن السهوب الكازاخستانية كلها تغني.. وعلى مد ى طويل كون الشعب الكازاخي طبقة لا تقدر بثمن من الثقافة الموسيقية.. والآلات الموسيقية، والتقاليد الموسيقية والشعرية الأصلية، التي وجدت لها مكانا في العصر الحديث.. وهكذا، أصبح إحياء الثقافة التقليدية القازاقية في جميع مجالات الحياة سمةٌ مميزةٌ من سمات قازاقستان الحديثة.