تستند رعاية الطفل في شكلها الطبيعي والشمولي على رعاية الطفل في أحضان والديه الذين يرتبط بهما طبيعيا وعاطفيا واجتماعيا ويعتمد عليهما في إشباع حاجاته من خلال ما يقدمانه له من رعاية وعناية وتعتبر رعاية الطفل من قبل أبويه قاعدة طبيعية بداية من مرحلة الحمل وحتى اعتماده على نفسه في مستقبل حياته وتتصل أهمية رعاية الطفل من جانب والديه بعلاقات الأبوة والأمومة حيث إن الإنسان الذي خلقه الله وكرمه لا تليق ولاتنا سب طبيعته وكرامته إلا الأمومة الطبيعية وان ينشأ في أسرة فيها أبوه وأمومة طبيعية. بالرغم من أهمية الأسرة الطبيعية ودورها في رعاية أطفالها واعدادهم للحياة وتنشئتهم تنشئة صالحة تمكنهم من الاعتماد على أنفسهم والقيام بدور ايجابي في مجتمعهم إلا إن بعض الأسر قد يحدث بها اضطرا بات مما يؤدى إلى حدوث خلل في رعايتها لأبنائها ويكون الطفل تبعا لذلك عرضة للحرمان من الرعاية الطبيعية داخل هذه الأسرة . ومن هنا نجد إن المفهوم العام للطفل المحروم هو كل طفل يرفض أو يهمل من قبل أبويه أو احدهما أو كلاهما حيث لا يحصل على الرعاية والعناية المناسبة والذي قد يتعرض لمظاهر متعددة من إساءة المعاملة الجسمية والنفسية والاجتماعية . إن هدف الأبوين من الإنجاب قد يوضح بصورة جيدة البعد الحقيقي لوجود الحرمان مع وجود الأبوين حيث إن عددا كبيرا من الآباء والأمهات يريدون إن يرزقوا بأطفال لا من اجل صالح الأطفال بالدرجة الأولى بل من اجل صالحهم أنفسهم . إن عدم الإنجاب قد يكون سببا مباشرا للطلاق كما إن كثيرا من المتزوجين حديثا يجدون أنفسهم مدفوعين تحت ضغوط اجتماعية ونفسية لا تقاوم للإنجاب ولبلوغ درجة الرضا التي يطلبها المجتمع من المتزوجين . إن هناك العديد من الأسباب المرضية وراء عملية الإنجاب بين المتزوجين حديثا يمكن ذكرها 1 – المرآة التي تخاف إن يتركها زوجها تريد طفلا لتحافظ على استمرار علاقتها الزوجية . 2 – المر أه التي خاب أملها في زوجها عموما تريد طفلا كي يكون سندا لها . 3 – المراه التي كان هدفها من الزواج هو إثبات قدرتها على أداء دورها كأنثى وفي إقامة علاقة تزاوجية واثبات قدرتها على الإنجاب . 4 – رجل يشعر بالغيرة على زوجته فيريدها إن تنجب حتى تستقر . 5 – رجل يطلب الأولاد لإمكانية الاستفادة بهم عند الحاجة وتحقيق العزوة والفخر لنفسه . 6 – رجل يطلب الأولاد إثباتا لرجولته كذكر على الإخصاب . إن كل هذه النماذج وغيرها ترتبط بقضية ومفهم الحرمان فان حرمان الطفل من الأب أو غيابه يؤثر سلبا في تنشئة الطفل لان الأب هو السلطة في المنزل فهو يلعب دورا رئيسا في تكوين الذات العليا والضمير الخلقي لأبنائه عن القدوة الحسنة والمثل الصالح الذي يضربه لطفله يقلده بطريقة شعورية وغير شعورية حيث أن الطفل أثناء اتصاله بالعالم الخارجي تكون الانا لديه متصلة شعوريا بمصادر السلطة الثابتة وأهمها سلطة الأب التي توجه السلوك . كما أن حرمان الطفل من عطف الأم له خطورة كبيرة لا سيما إذا علمنا أن أساس الصحة النفسية للطفل يكون مستمدا من علاقته الوثيقة بأمه نظرا للارتباط الكبير بينهما في المراحل الأولى من عمره . وتتمثل الآثار المترتبة على حرمان الطفل من الرعاية الطبيعية داخل الأسرة : تعطيل النمو الجسمي والذهني والاجتماعي إن حرمان الطفل من الرعاية الو الدية الطبيعية يمكن أن يعطل نموه في النواحي الجسمية والعقلية والاجتماعية مما قد يؤدي إلى العديد من الاضطرابات النفسية مثل نوبات القلق والحزن العميق بالإضافة إلى رفض الطفل لمشاركة الآخرين من حوله في الأنشطة الاجتماعية المختلفة . ثانيا : تأثير الحرمان على شعور الطفل بالأمن النفسي : إن الحرمان بصوره المختلفة له خطورته الشديدة على حياة الطفل وأمنه النفسي وتكيفه مع المجتمع فان ما يعانيه الطفل من ضروب الحرمان المختلفة له دور كبير وهام في اضطراب شخصيته وخلق حالة من عدم الاتزان الوجداني لديه بل إن الطفل الذي يعاني من الحرمان يحاول الإفلات من حالة عدم الاتزان الانفعالي والوجداني لديه ولا يجد شعوريا أو لا شعوريا إلا احد طريقين إما الجناح أو الاضطراب النفسي . ثالثا : أسلوب الرفض والإهمال : إن قيام الوالدين بالابتعاد عن الطفل وعدم محاسبته على السلوك الخاطيء أو عدم مكافئته على السلوك الطيب يؤدى ذلك غلى العدوانية لدى الطفل والرغبة في الانتقام وعدم الشعور بالانتماء للأسرة . رابعا : الحماية والرعاية الزائدة : إن قيام الوالدين بالإفراط في الحماية والرعاية مثل قيامهم بالأعمال والواجبات نيابة عن الطفل ينتج عنها عدم تحمل المسئولية فيعجز عن التوافق الاجتماعي وتتسم شخصيته بالضعف والخضوع وعدم الاتزان كثرة المطالب ولا يستطيع إشباع حاجاته ويتعرض إلى كثير من الاحباطات والصدمات حينما يعجز عن تحقيق مطالبه . خامسا : الإفراط في العقاب والقسوة : يقصدبه استخدام الاسره لأسلوب العقاب البدنى والنفسي مع الأطفال والتعامل معهم بالشدة والصرامة وتوقيع العقاب الأليم عليهم لأتفه الأسباب مما يشعرهم بعدم التقبل مما يؤدي إلى إن يكون الطفل ذو شخصية انسحابية منطوية تتسم بالاستسلام والخضوع ونقص المبادأة والخوف عدم القدرة على الإنجاز . سادسا : التذبذب في المعاملة : وهو عدم اتفاق الوالدين وثباتهما على أسلوب موحد للتربية في معاملة الأطفال فيتقلبون بين القسوة واللين أو الحماية والرفض مما يؤدى إلى إصابة الطفل بحالة من القلق الدائم وتهتز ثقته بوالديه ولا يستطيع التفرقة بين السلوك السوي وغير السوي . مما سبق يتضح أن الحرمان من الرعاية الأسرية الطبيعية له أثاره المختلفة على الطفل في النواحي الجسمية والنفسية والاجتماعية ويعطل في كثير من الأحيان نموه الذهنىوالعقلي لذا فان ما قدمناه هو صرخة من الأطفال في وجه الآباء والأمهات لتحقيق الرعاية والعناية اللازمة لأبنائهم حتى يتمكنوا من تحقيق النمو السوىوتنشئة جيل قادر على مواجهة التحديات المستقبلية وتحقيق أمل الأمة . – استشاري العلاج النفسي