في ديسمبر من عام 2009 خرج معهد بحوث الأمراض والمياه والبيئة بدراسة تقول نتائجها إن طن القمامة في مصر يبلغ ثمنه 6 آلاف جنيه وأنه من أغلي أسعار الزبالة في العالم. والمضحك أن في ديسمبر 2010 يظل مشهد الزبالة في القاهرة الكبري كما هو.. وتظل البيانات الحكومية تتوالي علينا حول قيمة القمامة وأسعارها الباهظة وتكون النتيجة «فقع مرارة المواطن» الذي يعاني يوميا من الروائح الكريهة والمناظر القبيحة فتخرج عليه هذه النوعية من الدراسات التي تقول له إنه يعيش وسط ثروة لا يعرف قيمتها فيزداد غيظه.. فعندما يرتكب أحدهم غلطة عمره ويقرأ نتائج لوزارة البيئة تقول فيها إن «استغلال القمامة في مصر من الممكن أن يحقق عائدا قدره مليار جنيه سنويا وتشغيل 250 ألف شاب أبسط سؤال من حقه أن يطرأ علي ذهنه هو: «لماذا إذن يأخذون منا كل هذه الرسوم مقابل فعل إزالة القمامة الذي لا يفعلونه»؟ وإليكم لقطات التقطتها عدسة «روزاليوسف» من مختلف الأماكن في العاصمة الكبري.. فما بالكم بحال المحافظات؟ في مساكن شيراتون التي من المفترض أنها منطقة راقية لا تدفع كل الشقق إلي الزبال العادي في حين أن معظم سلات القمامة اختفت من الشوارع فكانت النتيجة أن كثيرا من السكان أصبحوا يلقون بقمامتهم عارية أسفل العمارات تنتظر مصيرها إما علي أيدي شركات النظافة التي قد تأخذها وقد لا تأخذها أو يكون مصيرها بين براثن القطط المنتشرة في تلك المنطقة بكثرة. في منطقة الدقي يضطر أصحاب المحلات إلي استئجار عربات ربع نقل لإزالة القمامة من الأرصفة المجاورة لمحلاتهم فتقول مي إبراهيم 30 سنة صاحبة أحد محلات الملابس هناك: نضطر للتخلص من الزبالة عن طريق حملها إلي أقرب صندوق زبالة والذي تجده دائما مغطي بأضعاف الكمية التي يتحملها، لذا فإن المنطقة المجاورة للصندوق تتحول إلي مقلب للزبالة فنضطر إلي استئجار سيارات ربع نقل وعمال للتخلص من هذه القمامة». إمبابة.. أغني مدينة مصرية حسبما يذكر في تقارير وزارة البيئة حول قيمة ثروة الزبالة فإننا يمكن أن نعتبر إمبابة أغني منطقة في مصر، حيث تجد تلالا من القمامة تعيق وصول بعض الأهالي إلي منازلهم فيقول الحاج حسين بركات: القمامة أصبحت تعوق عبورنا الطرق أو انتظار الأتوبيس أو سيارة السيرفيس علي الرصيف. وتساءل الحاج حسين عن ذنبه كموظف علي المعاش يدفع قيمة التخلص من هذه القمامة من أمام منزله علي فاتورة الكهرباء ولا يأتي أحد لحملها من أمام المنزل فيضطر إلي حملها إلي الشارع. المعادي.. التخلص من القمامة بعد منتصف الليل الحاج أشرف عبد المنعم صاحب أحد الأكشاك في منطقة المعادي قال إن مشكلته مع الزبالة هي معاناه يومية تبدأ عند فتح الكشك في الصباح، حيث يجد أكياس القمامة متراكمة في جميع الاتجاهات حول الكشك وعلي الرصيف وأمام المحلات المجاورة ،وأضاف إن الناس في المنطقة ينتظرون إلي الساعات المتأخرة من الليل بعد غلق المحلات وبعد أن يخلو الشارع من المارة ثم يقومون بإلقاء أكياس الزبالة سواء من المنافذ أو البلكونات أو بقيام أحد أفراد الأسرة بالنزول وإلقائها في أقرب مكان خارج العمارة. في مصطفي النحاس.. الزبالة أمر غير مخجل! كون أن سعر المتر في شارع مصطفي النحاس وصل إلي 6 آلاف جنيه لا يعني إطلاقا أن يكون خاليا من القمامة المنتشرة علي طول الشارع وأمام المحلات.. فلم يعد عيبا أن تكون هناك قمامة أمام محلك أو بيتك لأن أي شخص يزورك لديه نفس المشكلة. جريمة شارع الميثاق أثناء تجولنا بين المعادي ودار السلام لفت انتباهنا دخان متصاعد برائحة عنيفة فبحثنا عن مصدر الدخان حتي وجدنا مساحة شاسعة من القمامة في شارع سألنا عن اسمه فعرفنا أنه شارع الميثاق التابع لمنطقة الوحدة. سألنا الأهالي هناك فعرفنا أن الأرض ملك لوزارة الأوقاف. تحدثنا مع «ماجدة حسين» وزوجها «محمد أبوالسعود» إحدي الأسر التي تسكن في هذا الشارع الذين يعانون يوميا. عرفنا منهم أن هذه الأرض شهدت نزاعات كثيرة وقضايا وضع يد حتي عادت إلي وزارة الأوقاف التي لم تستغلها. والنتيجة «بلطجية» يأتون يوميا بعربات كارو يلقون كميات مهولة من القمامة ومن يعترضهم يهددونه بالسنج والمطاوي. المحزن - كما يقول «محمد» - أن هذه الأرض كانت عبارة عن 6 حدائق جميلة جدا لتتحول من جنة إلي كابوس والسبب غير معلوم! اكتشاف مفاجئ لم يكن مفاجأة أن يتسبب ذبح الخنازير في تفاقم مشكلة القمامة. فالمؤكد لدينا أننا لم نكتشف فجأة أن الخنازير كانت تتغذي علي القمامة! لكن المسئولين يتحدثون عن الأزمة وكأن المشكلة لم تكن علي البال ولا الخاطر. يقول الدكتور مصطفي الخطيب رئيس المجلس الشعبي المحلي بمحافظة الجيزة: «بعد عملية التخلص «الآمن» من الخنازير ظهرت مشكلة ارتفاع معدلات القمامة والمخلفات بصورة واضحة. «وأصبح جامعو القمامة - والكلام للدكتور مصطفي - يقومون بفرز القمامة في الشوارع وعلي الأرصفة فيأخذون المكونات التي يمكن الاستفادة منها مثل البلاستيك والزجاج والورق ويتركون الفضلات العضوية التي تسبب الروائح الكريهة والأمراض، فضلا عن أن جامعي القمامة من العمال تركوا المهنة أصلا لأنها لم تعد مجدية وامتنعوا عن جمع القمامة من المنازل والمساكن». المشكلة خرجت من أيدي الحكومة يقول رئيس المجلس الشعبي المحلي إن محافظة الجيزة بادرت بالاتصال بالقوات المسلحة وشركة المقاولون العرب لإمداد المحافظة بالمعدات اللازمة لرفع القمامة ونقلها إلي المدفن الصحي الموجود في شبرامنت. وكذلك تعيين 700 عامل بمرتبات تصل إلي 1000 جنيه شهريا، لكن كل هذه الإجراءات ساهمت في تقليل حجم الأزمة ولم تقض عليها. وعندما سألناه عن صناديق القمامة التي اختفت من الشوارع قال إن هذه المعدات يتم سرقتها. الشركتان الأجنبيتان أما عن الشركتين الأجنبيتين المسئولتين عن «عدم نظافة» الشوارع فالتقارير التي تعدها وحدة المراقبة تشير إلي تحسين الخدمة في المناطق التابعة للشركة الإيطالية بعد أن تم تعديل بنود العقد المبرم معها وهي المسئولة عن المنطقة الغربية، حيث تم تطبيق بنود العقد الجديد في 8 أحياء في القاهرة من أصل 14 حيًا. أما الشركة الإسبانية المسئولة عن المنطقة الشرقية مازالت تعمل وفقا للعقد القديم المليء بأوجه القصور. وأشار رئيس هيئة النظافة والتجميل في القاهرة المهندس «أحمد علي» إلي أن العقد المبرم مع هذه الشركة سوف يتم تعديله خلال الشهر المقبل، حيث ستتم إضافة العديد من البنود مثل تجميع القمامة من الشقق وعدم وضع القمامة في الصناديق والزيادة في المعدات والعمالة، بالإضافة إلي محاسبة هذه الشركات عن طريق الكمية التي يقومون برفعها. هل نصدق أن الحل في فبراير 2011؟ المهندس أحمد علي قال إن أزمة القمامة في القاهرة سوف تنتهي في غضون شهرين.