أكتب هذه الكلمات عن اليمن الشقيق.. وفى النفس إشفاق مما يتعرض له من أخطار وتهديدات تطالعنا بها الصحف كل يوم تقريباً.. خاصة أن الاجتماع السنوى للتضامن قد تأخر عن موعده.. وهو أمر لم يحدث منذ بدأت هذه الندوات السنوية المشتركة عام .1988 وفى حوارات مع الأخوة فى اليمن حاولت تسليط الضوء على الأحداث المتلاحقة التى أصبحت تهدد الأمن والاستقرار فى القطر الشقيق.. وتبين أنها متعددة الجوانب.. وأكثرها إثارة اليوم هو مشكلة «الحوثيين» وهم فئة من طائفة «الزيدية» اتصلوا حديثاً بإيران وزعيمهم «حسين الحوثى» كان عضواً فى البرلمان اليمنى وقام بزيارة إيران . والزيدية هم مذهب فقهى إسلامى شيعى أقرب ما يكون إلى السنة.. وهم يقولون عن أنفسهم أنهم «سنة الشيعة».. وقد دار فى دوائرهم خلاف تحول من طابع فكرى إلى طابع عسكرى أحياناً. وأجهزة الأمن اليمنية ترصد حركتهم وزيارتهم لإيران ودول عربية أخرى.. ولم توجه لهم اتهاماً رسمياً واكتفت بالقول بأن إيران تدعم الحوثيين.. وفرق بين الدعم الحكومى والشعبى. ولا تقتصر المتاعب فى اليمن على نشاط الحوثيين.. ولكنه يمتد إلى الحراك السياسى فى الجنوب من حيث قامت عدة مظاهرات شعبية احتجاجاً على خروج بعض العاملين إلى المعاش ورغم أن الرئيس على عبد الله صالح قد أصدر أوامره بامتداد خدمة المحالين إلى المعاش.. إلا إنهم لم يتوقفوا عن المعارضة.. وحدث ربط بينهم وبين تنظيم القاعدة حيث تحاول كل فئة استغلال الفئة الأخرى.. رغم أن المتظاهرين هم أساساً من أصحاب الفكر اليسارى، والقاعدة هم من اليمين المتطرف. ومن القضايا التى تثير الاهتمام فى المرحلة الأخيرة.. هى قضية الطرود المتفجرة التى تم ضبطها مرسلة إلى شخصيات سياسية أوروبية.. ومتابعة هذه القضية كشفت لأجهزة الأمن اليمنية أن تنظيم القاعدة هو الجهة التى تقف وراء ذلك.. ولكن يجب التأكد من صدق هذه الحقيقة بعد أن تجاوز إرسال الطرود المتفجرة حدود اليمن إلى دول أخرى مثل دبى والعراق وإنجلترا وفرنسا وغيرها.. وبعد أن أعلنت الإدارة الأمريكية حرصها على التدخل لضرب تنظيم القاعدة فى اليمن باعتباره التنظيم المسئول عن هذه الطرود . ومن الأمور التى تثير علامات الاستفهام والتعجب أن سلطات عربية قد أبلغت أمريكا قبل أن تبلغ اليمن أن طائرة تحمل طروداً متفجرة هى فى طريقها إليها من اليمن. ومن المؤكد أن اليمن لن يقبل أى تدخل أمريكى يتجاوز حدود تبادل التعاون الفنى فى حدود التدريبات وتبادل المعلومات.. واليمن يرفض رفضاً قاطعاً وجود أى قوات أجنبية وقد أعلن الرئيس على عبدالله صالح أنه لن يسمح لأى دولة بالتدخل فى شئون اليمن الداخلية.. وأن اليمن قادر على مجابهة التحديات ولن ينال منه أى عمل إرهابى.. وتصريحات الرئيس جاءت ردا على ما نشر من أن الولاياتالمتحدة قد استأنفت نشر طائرات بدون طيار فى اليمن لتعقب مسلحى تنظيم القاعدة . وهنا نشير إلى أن اليمن كان دائماً مقبرة للغزاة.. وهو الدولة الوحيدة التى لم تسقط تحت سيطرة الإمبراطورية العثمانية . وإذا تجاوزنا الأخطار الخارجية.. وجدنا أن الجبهة الداخلية تتعرض أيضاً لخلافات فى وجهات النظر تهز الاستقرار.. وفى مقدمتها إجراء الانتخابات التشريعية المقرر لها 27 إبريل ,.2011 والتى كان مفروضاً أن تتم عام ,.2008 ولكن أحزاب المعارضة طالبت بتأجيلها، وهى المرة الأولى فى العالم التى تطالب فيها أحزاب المعارضة تأجيل الانتخابات.. وكان قبول حزب المؤتمر الحاكم لهذا التأجيل خطأً سياسياً. والمثير أن أحزاب المعارضة فى اليمن 40 حزباً سبعة منها لها أعضاء فى البرلمان تطلب تمديد البرلمان وبقاء الأمر على ما هو عليه.. وهو ما يرفضه الرئيس على عبد الله صالح الذى تنتهى ولايته الشرعية بالانتخاب عام 2013 مما خلق نزاعاً دستورياً. هذه هى صورة اليمن اليوم وهى تبشر بالعودة للأمن والاستقرار رغم ما تعرض له من خلافات داخلية ومحاولات تدخل خارجية.